محمد عبد المنعم إبراهيم يكتب:
ثقافة بلا توجه..
حصان أعمى
الأربعاء، 21 أبريل
2010 - 22:
كنا فى الثقافة الجماهيرية أيام سعد الدين وهبة يرحمه الله نجتمع سنويا
مع كبار المثقفين فى مصر لوضع خطة لهذه الإدارة الصغيرة، وتحديد ملامح لأنشطتها المستقبلية
من خلال ورش عمل كما يسمونها الآن، لذلك كان للثقافة الجماهيرية أهداف واضحة ومحددة
تسعى لتنفيذها وقد نجحت إلى حد كبير فى إطار ذلك من إحداث حراك ثقافى كبير فى كل بقاع
مصر لم نكن نعهده من قبل، بينما تخلفت وزارة الثقافة عاما بعد آخر عن صياغة إستراتيجية
ثقافية أو حتى خطة محدودة ذات أهداف محددة تسعى إليها للحفاظ على الهوية المصرية فى
مواجهة الزحف، بل الغزو الثقافي الخارجي، لاسيما وأن مصر مستهدفة من الجميع حتى من
دولة قطر العظمى فما هي خطة وزارة الثقافة ووزيرها الفنان لمواجهة هذا الغزو الشرس
الذي تأخرنا كثيرا في الاستعداد له لغياب تلك الإستراتيجية الثقافية واضحة المعالم
لتلك الوزارة، وفى حالة غياب رؤية متكاملة تضم كل هيئات تلك الوزارة على الرغم من تضاعف
ميزانياتها بشكل كبير، ولكنها ميزانيات مهدرة، لأن كل هيئة من هيئاتها صارت جزيرة ثقافية
منعزلة تعمل منفردة فى سياق منفصل عن الآخرين فصار عزف الجميع نشازا وتعددت الأدوار
وتناقضت فيما بينها، فأصبح الناتج كله ضجيجا بلا طحن فى صورة مهرجانات موسمية روتينية
مملة تبرق وتتلاشى ولا تحدث تأثيرا، وتترك الساحة خالية لكل من هب ودب يلعب فيها كيف
يشاء، مما جعل خيرة المثقفين ينصرفون عن أجهزة تلك الوزارة وينفرون منها ليأسهم من
إمكان تحقيق شيء، وكان آخرهم الكاتب والإعلامي الناجح بلال فضل الذي انتقد وزارة الثقافة
ممثلة في وزيرها الفنان فاروق حسنى، واتهمه بالتقصير فى رعاية المشروعات الثقافية الجادة،
مقابل إنفاق العديد من الأموال على الأنشطة "التافهة" على حد قوله فى برنامجه
الأسبوعي "عصير الكتب"، من ثم قامت جريدة اليوم السابع باستطلاع اقتراحات
المثقفين حول المشروعات الثقافية التى يأملون أن تقوم بها وزارة الثقافة، فقال الكاتب
محمد البساطى إن وزارة الثقافة لا تهتم إلا بإقامة مؤتمرات لتظهر بمظهر أنها تسعى لتنشيط
الحركة الثقافية، وفى الحقيقة، فإن هذه المؤتمرات "تافهة" ولا تقدم جديدًا،
وتساءل البساطى ماذا فعل المترجمون فى مؤتمر الترجمة؟ مضيفًا "المؤتمر كان زمبليطة"،
(بقيادة مايسترو الثقافة والمسئول بعد إحالته للتقاعد عن الترجمة الدكتور جابر عصفور
الذي اتهم الرأي العام بأنه قطيع أعمى بعد تركه لمنصبه في المجلس الأعلى للثقافة)،
وأكد البساطى أن إصدارات المركز القومي للترجمة لا تقرأ، وبها أخطاء سيئة جدًا، ومترجموها
موجودون في العتبة الخضراء الخمسة بقرش"، ودعا البساطى وزارة الثقافة إلى الاهتمام
بمستوى الكتاب والمسرح والسينما، مؤكدًا على أن حالتهم سيئة جدًا.
وأنا هنا أنقل عن اليوم السابع قولها فيما دعت الكاتبة والناقدة الدكتورة
أماني فؤاد وزارة الثقافة إلى الاهتمام بمؤتمر المثقفين القادم، متمنيةً أن يهتم المؤتمر
بمناقشة علاقة المثقف بالسلطة، وما يواجهه المبدعون من ردع وهجمات من الجماعات الدينية،
ومناقشة دور مصر الثقافي فى الوطن العربي، كما أكدت على أن أهم القضايا التى يجب مناقشتها
وتفعليها هى قضايا التعليم ووضعه الحالي الذي يسيء لمصر فى العالم والوطن العربي، لافتةً
الانتباه إلى مناقشة تعليم المثقفين المتعلمين فى الخارج، ودورهم فى المشهد الثقافي
في مصر، كما دعت فؤاد المشاركين فى المؤتمر القادم لوضع حد لصراعات الأجيال، والتأكيد
على أن علاقة الأجيال يبعضها علاقة استمرارية تواصلية.
بينما لم يلتفت أحد إلى ضرورة أن يكون مؤتمر المثقفين المزمع إقامته ينبغي
أن يكون مؤتمرا مفتوحا لكل المثقفين بلا تحديد أيا كانت توجهاتهم أو اتجاهاتهم، وأن
يكون به مساحة لتمثيل المثقفين فى مختلف أقاليم مصر بعيدا عن تدخل هيئة قصور الثقافة،
وأن يكون جدول أعمال هذا المؤتمر بند واحد فقط (إستراتيجية الثقافة فى مصر خلال السنوات
الخمس القادمة).