الجمعة، 20 سبتمبر 2019

14 - صفحات من تاريخ الثقافــــة الجمـــاهيرية - زيارات للخارج



14 - صفحات من تاريخ

الثقافــــة الجمـــاهيرية


زيارات للخارج

قمت من خلال عملي بالثقافة الجماهيرية بعدة زيارات لبعض الدول بدأت عام 1974 بزيارة إلي ألمانيا الشرقية مع الزميلة ليلي صلاح الدين لتمثيل وزارة الثقافة في احتفالاتهم بعيد العمال أيامها ثم رئيسا لوفد فني في مهرجان للفنون الشعبية ببلجيكا مع فرقة الشرقية للفنون الشعبية ثم اليونان مع فرقة المحلة للفنون الشعبية ثم تركيا مع فرقة التنورة أما الرحلة إلي أمريكا فقد كانت  من 27 يوليو إلي 27 أغسطس 1990 وكانت بدعوة من المركز الثقافي الأمريكي بالإسكندرية وكان معي الزميلة ليلي مهدي وكانت في ذلك الوقت مدير عام الثقافة بالإسكندرية وكنت مديرا عاما للثقافة بدمياط وكان معنا سعيد الهمشري مدير قصر ثقافة كفر الدوار بالبحيرة في ذلك الوقت فقط وكانت الدعوة لثلاثتنا بناء علي أنشطة مشتركة تمت بيننا وبين المركز الثقافي الأمريكي بالإسكندرية وكان مديره أمريكي من أصل لبناني يدعي الدكتور نبيل خوري ، فبالنسبة لنا في دمياط كان الدكتور جويلي وهو محافظ لدمياط قد وجه الدعوة للسفير الأمريكي فرانك وايزنر بالقاهرة لزيارة دمياط وأقمنا له حفلا ثقافيا فنيا بناء علي طلب المحافظ قدمنا فيه بعض الأنشطة الثقافية بدمياط التي أعجبتهم ورأي الجانب الأمريكي أن هذا الجهاز الثقافة الجماهيرية جهاز مهم ويجب عليهم أن يعرفوه أكثر فكانت الدعوة ورتبوا لنا برنامجا يتفق مع اتجاهات كل منا فتضمن برنامج الزيارة زيارة متاحف عن نشأة الصحافة وتطورها في أمريكا من منطلق دراستي الصحفية وتضمن زيارات لمعارض فنون تشكيلية ومتاحف فنية بحكم اهتمامات ليلي مهدي كخريجة فنون جميلة وتضمن زيارة بعض المراكز العلمية في مجال الزراعة حيث أن سعيد الهمشري كان خريج زراعة إلي جانب زيارة المراكز الثقافية في سبع ولايات بأمريكا في الشرق والوسط والغرب والجنوب فبدأت من واشنطن وانتهت بنيويورك ومن المصادفات الغريبة أن يقع غزو صدام حسين للكويت ونحن في منتصف الزيارة وتتهافت علينا وسائل الإعلام للتسجيل معنا حول الموقف من هذا الغزو ومعرفة معلومات أكثر عن المنطقة فالرأي العام هناك في الولايات المختلفة لا توجد لديه أي معلومات أو اهتمامات بأخبار المنطقة إلا من خلال ما يبث لهم من أخبار في نشرات الأخبار حني أنني مرة كنت أستقل المترو في نيويورك وكنت جالسا بجوار شاب أمريكي وفتاة أمريكية وكان يتصفح النيوبورك تايمز وتتصدرها صور الغزو والاستعدادات الأمريكية العسكرية لمواجهته وسألت الفتاة الشاب من هو صدام هذا وأشارت إلي صورته في الصحيفة فكانت إجابة الشاب ( هذا حاكم لإحدى الدول العربية تسمي العراق تحوي ثلث البترول بتاعنا في منطقة الشرق الأوسط ) - إجابة كافية لتحليل موقف الرأي العام هناك من الأزمة البترول في الشرق الأوسط خاص بأمريكا ومن يهدده سيكون مصيره هو نفس مصير  صدام حسين  ،  وكانت رحلة ممتعة ومفيدة جدا ذلك أنني رأيت المجتمع الأمريكي الحديث النشأة فعمره وقتها كان 500 عام فقط وكانوا يحتفلون في ولاية أوهايو بذكرى اكتشاف كولميس لأمريكا منذ 500عام وحضرنا جانبا من هذا الاحتفال في جامعة مدينة كولمبس  عاصمة ولاية أوهايو التي تحفل بعدد غير قليل من العلماء والأساتذة المصريين أما الانطباع عن هذه الرحلة فقد سجلته يومها في سجل زيارات مركز كنيدي الثقافي بواشنطن والذي يعد أكبر مركز ثقافي في العالم حيث كتبت ( إن الشعب الأمريكي يستحق ما هو فيه من حضارة وتقدم ونحن في الشرق نستحق ما نحن فيه من تخلف )  لأنهم يعملون بجد ويعطون للعمل حقه ويعطون للترفيه يومي الأجازة الأسبوعية حقها أيضا بترتيب وجدية ولم أجد ما نعرفه هنا عن المجتمع الأمريكي من أنه مجتمع منحل خلقيا ودينيا وتلتهمه أمراض فتاكة مثل الإيدز كل هذا لم أره هناك علي أرض الواقع ولكن وجدنا مجتمعا عاملا منظما رغم اختلاف الثقافات الشديد هناك فقد هاجر إلي هذا المجتمع الجديد مهاجرين من كل بقاع الأرض وكل فئة تحاول أن تحتفظ بثقافتها وتراثها في المجتمع الجديد بالإضافة إلي ثقافة السكان الأصليين للأمريكتين من الهنود الحمر إلا أن الجميع قد ذاب في ولاء شديد للأم الجديدة أمريكا ونشأت ثقافات جديدة من خليط هذه الثقافات الأسبانية والبرتغالية في الجنوب الشرقي في ولايات فلوريدا ونيويورك والأوربيين في الشمال والسكان الأصليين في الوسط والشرقيين عموما عرب وفرس وصينيين ومن جنوب شرق آسيا في ولايات الغرب خاصة في سان  فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا وكان من الغريب أن تجد في كل مدينة زرناها لابد من وجود الحي الصيني وعادة ما يكون هذا الحي أسفل المدينة (down town ) ويتميز برخص الأسعار حيث استطاعت المنتجات الصينية هناك أن تنافس وبشدة المنتجات الأمريكية في عقر دارها جودة وسعرا غير ما تعارفنا عليه هنا حيث أن ما يصلنا من منتجات صينية عادة منتجات رديئة الصنع ورخيصة الثمن وذات عمر استهلاكي قصير إلا أن ما تصدره الصين لأوربا وأمريكا غير ما تصدره لنا وبالقطع كانت هناك دروس مستفادة من هذه الزيارة وغيرها ربما يكون لها لقاء آخر .



الأربعاء، 18 سبتمبر 2019


13 - صفحات من تاريخ

الثقافــــة الجمـــاهيرية



نحن  وأمن  الدولة


في منتصف عام 1975 تقريبا كان سعد وهبة قد انتقل إلي ديوان عام وزارة الثقافة وكيلا أول للوزارة وعين سعد عبد الحفيظ رئيسا للثقافة الجماهيرية وكانت قد ظهرت اتجاهات لتحويل كيانات الثقافة الجماهيرية في المحافظات إلي مديريات وكان المهندس سعد الكسار( دمياطي أصلا ) قد رقي مديراعاما في الثقافة الجماهيرية وكانت هي الدرجة الوحيدة للمدير العام بعد الراحل محمود سامي ومحمد يوسف وكانت نوايا سعد الكسارالإيحاء إلي سعد عبد الحفيظ بتعيين أحد أبناء المنصورة رحمه الله مديرا للثقافة في دمياط بعد كل ما بذلته في المحافظة فذهبت إلي سعد وهبة في الوزارة بالزمالك في شارع شجرة الدر وقابلته وحكيت له ما يحدث فهاج وثار وطلب سعد عبد الحفيظ تليفونيا وأمره بإعطائي حقي وبالفعل صدرالقراربتعييني مديرا لمديرية الثقافة بدمياط وظل الوضع علي ما هوعليه حتى تم تعيين عبد المنعم الصاوي وزيرا للثقافة واعتكف سعد وهبة في مكتبه الخاص بشركة الفجر للإنتاج الفني وجاء الصاوي بعبد الفتاح شفشق ليتولى رئاسة الثقافة الجماهيرية عام 1977 وجاء الرجل محملا بقرارات جاهزة لنقل جميع المديرين الموالين لسعد وهبة خارج محافظاتهم واستدعاني شفشق لمكتبه وقال لي بأن معه قرارا بنقلي إلي الوادي الجديد فقلت له لماذا فقال لأنك مصنف عند الوزير أنك شيوعي وحولت القصر إلي خلية شيوعية فقلت له لو كنت شيوعي في دمياط فسوف أكون بعد النقل أكثر خطرا بشيوعيتي في الوادي الجديد ثم أن الفيصل في هذا التصنيف هو جهاز أمن الدولة وكان علي رأسه في دمياط اللواء إبراهيم الشيخ وكان رجلا أمينا وحكيما وكانت قد حدثت أزمة الأدباء في بورسعيد واعتقل محمد السلاموني ثم قبض علي كامل الدابي هنا في دمياط كشاهد علي السلاموني وكان موفدا إلي بورسعيد مع وفد أدبي من دمياط للمشاركة في احتفال بورسعيد بعيدها القومي وهذا الموضوع وحده يحتاج لصفحات طويلة للكلام عنه فخباياه كثيرة حتى الآن المهم اقتنع شفشق بكلامي ووعدني بإرجاء القرار حتى يأتي إلي دمياط ويقابل المحافظ ورئيس أمن الدولة لسؤالهم عني وبالفعل قدم إلي دمياط والتقي بالمحافظ المهندس محمد عبد الهادي سماحة وكان معه سكرتيرا عام من القلائل المحترمين الذين عملوا بالمحافظة اسمه محي عبيد وحضر اللقاء إبراهيم الشيخ مفتش أمن الدولة وأجمع الكل علي شهادة إيجابية لصالحي خرج بعدها شفشق وكان بصحبته الزميل العزيز الفنان عبد الرحمن الشافعي وعاد وقرر الإبقاء علي في موقعي ، كان قد سبق ذلك انتخابات لمجلس الشعب عام 1976 في عهد ممدوح سالم وكان السادات قد حاول انتهاج منهج أقرب إلي الديمقراطية بدلا من الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي بعد حادثة مراكز القوي وما أطلق عليه بعد ذلك ثورة التصحيح فأنشأ ثلاث منابر يسار ووسط ويمين وانضممت بطبيعة الحال إلي منبر اليسار وكان رئيسه خالد محي الدين وكان معنا في البداية بدمياط محسن الليثي ومحمد حبيب الشناوي وبعض كوادر منظمة الشباب التي كانت قد حلت وأقنعوني بالترشيح لمجلس الشعب في دائرة فارسكور وكان المنافس هناك عبد الرءوف شبانة صاحب معامل الجبن  المعروف رحمه الله مرشحا للوسط وفي دمياط كان مرشحا محمد عبد السلام الزيات و في منافسة مع حمدي عاشور وكان طبيعيا أن يلتف المثقفون حول الزيات فاتهم الجميع بالشيوعية وتفرغ موسي صبري في الأخبار لمهاجمة الجميع وفاز حمدي عاشور وشبانه وهزم سعد وهبة في الأزبكية في مواجهة عبد المنعم الصاوي يومها قال لي سعد وهبة ( أنت وصابر بخيت مدير البحر الأحمر اللي وديتوني في داهية ) بسبب انتمائنا لمنبر اليسار والتصقت بنا من يومها تهمة الشيوعية وانعكست علي العمل في الثقافة الجهاز الحكومي والذي أصبح مطاردا ومحاصرا ومراقبا من أجهزة الأمن بعد ذلك باعتباره قد تحول بقصور الثقافة إلي خلايا شيوعية .




الأحد، 15 سبتمبر 2019

12 - صفحات من تاريخ الثقافــــة الجمـــاهيرية - المسرح في الثقافة الجماهيرية



12 - صفحات من تاريخ

الثقافــــة الجمـــاهيرية



المسرح  في  الثقافة  الجماهيرية








سمير سرحان


سأحاول بإيجاز شديد استكمال الحديث عن المسرح في الثقافة الجماهيرية – حيث كنت قد توقفت عند مرحلة سمير سرحان ولا أستطيع من بعد هذه المرحلة أن أضع باقي المراحل الإدارية التي تلته في مستوي المقارنة بينهم جميعا وبين سرحان ووهبه فقد كان المسرح في بدايات الثقافة الجماهيرية هو النشاط الرئيسي والأب الفعلي لجميع الفنون وكان الفنانون متحمسون ويقدمون مسرحا بسيطا يعتمد علي الموضوع ولا تشغله الكماليات من ديكور وإضاءة وصوت وغير ذلك من تقنيات لذلك كانت العروض المسرحية سهلة الحركة والانتقال بين القرى والمدن المختلفة بعد ذلك تراجع الاهتمام بالمسرح مع زيادة الاعتمادات المالية التي خصصت له فكيف تزيد الاعتمادات وكيف يقل الاهتمام هذين النقيضين قد اجتمعا في كل العهود الإدارية بعد ذلك فهدم مسرح السامر بالعجوزة قبلة المسرحيين في الأقاليم وغرقت الإدارة في المهرجانات الإعلامية فقط وليست الفنية مستهدفين الإعلام وكتبته الذين سيطروا شيئا فشيئا علي كل مقدرات الهيئة بدءا من المسرح فالأدب فالنشر ومن خلال جنون رؤساء الهيئة اللاحقين بالإعلام لزوم البروباجندا لتغطية الإفلاس الفني والثقافي بالتغطية الإعلامية ومهرجانات المناسبات والمواسم وقد واكب ذلك غرق المخرجين المحليين في استخدام التقنيات الفينة الحديثة التي أصبحت موجة هادرة في فترة ما وربما امتد تأثيرها إلي اليوم فصار الكل يتنافس مع كبار المخرجين في استخدام تلك التقنيات مثل الفلاشر والألترافايلوت والديكورات المعمارية الضخمة كل ذلك وغيره حكم علي العروض المسرحية بالسجن داخل مسارحها لصعوبة نقل هذه التقنيات وتلك الديكورات ربما كان البعض يحاول أن يثبت مقدرته علي التعامل مع تلك التقنيات والآخرين كانوا يغطون بها ضعف أعمالهم الفني وصار الاهتمام بالشكل علي حساب المضمون هو الأغلب والأعم من هنا قل الاهتمام بالكلمة واختيار النصوص مع ظهور موجة جديدة من الكتاب العاملين بالثقافة الجماهيرية وكان علي الإداريين والمخرجين أن يجاملوهم بإنتاج نصوصهم حتى يقبضوا ثمنها كل موسم بالإضافة إلي التحكم الإداري فيما بعد الذي رأى أن الميزانيات الضخمة التي تنفق علي المسرح دون عائد فني يذكر أو دون تحقيق نسبة مشاهدة مناسبة مما قد يكون من الأفضل معه توفير هذه الأموال لحساب أشياء أخرى مما أدي إلي أن الشئون المالية والإدارية بالهيئة وصلت إلي تقسيم الميزانية علي لسان أحمد مجاهد إلي 85% مصروفات إدارية مكافآت وحوافز إلي آخره و15% فقط وأعتقد أنه أقل من ذلك بكثير للنشاط الثقافي فانقلبت الموازين واختل البناء الثقافي كله لأن القيادات أصبح همها عقد اجتماعات أكثر لصرف بدلات أكثر ورفع قيمة الحوافز الخاصة بهم حتى وصلت فيما سمعت إلي حوالي 400% بينما العاملين بالفروع انخفضت حوافزهم عن ذي قبل وأصبح الصراع حول المغانم هو الشغل الشاغل للهيئة ومازال علي حساب رسالتها التي أنشئت من أجلها ومن المفارقات الغريبة باستثناء سعد وهبة وسمير سرحان أن كل من قادوا الثقافة فيما بعد كوزارة وكهيئة لا يتمتعون بأقل قدر من الثقافة وإدراك أهميتها باعتبار أن الثقافة الجماهيرية كانت قد وصلت في العهود الأولي إلي أن تكون جهازا  من أخطر أجهزة وزارة الثقافة علي الإطلاق رغم ضآلة ميزانيتها وفقرها التقني بمعني أن مبانيها وبنيتها التحتية لم تكن بالفخامة التي هي عليها الآن ولكن المصيبة الكبرى التي تواجه مصر كلها وليس الثقافة وحدها هو تآكل الكوادر الفنية القادرة علي صنع القرار وصاحبة الرؤية والقادرة علي التخطيط والتنفيذ لمصلحة المواطنين وفي نفس الوقت تآكل الانتماء للوطن والأرض والناس فأصبح الجميع يحس أن البلد ليست بلده وتراجع مستوي قيادة إدارة المسرح أهم الإدارات الفنية بالهيئة العامة لقصور الثقافة ( الثقافة الجماهيرية من قبل ) فبعد حمدي غيث وحسن عبد السلام وعلي الغندور ومحمد سالم ورؤوف الأسيوطي ومصطفي المعاذ ويسري الجندي ومحمد أبو العلا السلاموني وصلنا إلي قيادات هشة ضعيفة البنية فنيا وثقافيا وإداريا لا يكاد المرء يذكر حتي أسماءهم إلي أن قامت تلك الثورة فأحسسنا أن هناك جيلا تربي بعيدا عن أعين الفساد من خلال الاتصال العالمي واكتشف حقيقة الحياة الزائفة التي نحياها ولكن تنقصه الخبرة فتمرد وخرج ثائرا رافضا كل شيئا ولكنه لم يكن قد خطط لما بعد إسقاط النظام فلم تكن هناك أهدافا محددة ولا قيادة يلتف حولها الجميع لذلك فما زلنا نترقب المستقبل ونأمل أن يكون أفضل في كل مجالات الحياة في مصر ومنها الثقافة والمسرح وعلينا أن نحسن الظن والتفاؤل برغم انقضاء زمن طويل في أعقاب تلك الثورة ومازال الخط البياني لكل شيء آخذ في الهبوط عن ذي قبل وهذه هي طبيعة الثورات تاريخيا وعالميا .




السبت، 14 سبتمبر 2019

11 - صفحات من تاريخ الثقافــــة الجمـــاهيرية بداية حركة مسرحية في دمياط

في هذا الفصل من كتابي ( صفحات من تاريخ الثقافة الجماهيرية ) أتحدث عن بداية خلق حركة مسرحية مستقرة ومحترمة في قصر الثقافة بدمياط والتي لم تكن موجودة من قبل حيث كان الاعتماد في دمياط علي فرقة المحافظة المسرحية والتي كانت تحتكر العمل فوق خشبة المسرح القومي الذى تم إزالته  وصار موقعه ( خرابة )

11 - صفحات من تاريخ

الثقافــــة الجمـــاهيرية


بداية حركة مسرحية في دمياط


 







أذكر أنه عندما توليت أمر الثقافة في دمياط في خريف عام 1971 كان لا يوجد مسارح بدمياط إلا مسرح مجلس المدينة وكان يطلق عليه المسرح القومي وكانت معظم المحافظات التي بها نشاط مسرحي أو فنون شعبية علي قلتها كانت تلك الأنشطة تابعة للمحافظات نفسها هي التي تنفق عليها وتديرها وكانت فرقا متميزة ولكن نشاطها كان قاصرا علي عواصم المحافظات في مسارحها الخاصة بها وكانت الثقافة الجماهيرية في الغالب تدعم هذه الفرق في العامين الأخيرين قبل تولي سعد وهبه رئاسة الثقافة الجماهيرية بالمخرجين وبعض التقنيات مثل البروجيكتورات وكان هناك مواكبا لهذه الفترة كتاب كبار للمسرح مثل توفيق الحكيم وميخائيل رومان ونعمان عاشور ومحمود دياب وسعد وهبه ونجيب سرور ولم يكن جيل الشباب من الكتاب قد تبلور بعد وصاحبهم جيل من المخرجين الكبار مثل سعد أردش ونبيل بدران ونبيل الألفي وكرم مطاوع وجلال الشرقاوي وحسن عبد السلام وعلي الغندور وغيرهم وفي دمياط كان الوضع مختلفا بعض الشيء فكانت لها فرقة مسرحية وفرقة أخرى للفنون الشعبية تابعين للمحافظة تبعية كاملة ولهما مجلس إدارة وكانت الثقافة ممثلة فيه بمديرها ولم يكن لها أي صلاحيات تجاه هذه الفرق ولمع علي خشبة المسرح القومي نجوم محليين كان منهم عبد الكريم عبد الباقي ونبيل عمر ومحمد ناصف والسيد مسحه ومعاطي حبة وغيرهم وفي الفنون الشعبية لمعت وجوه كان لها تأثيرها في الحياة الفنية في دمياط ومنهم الملحن العبقري وفيق بيصار وأحمد شبكة ومحمود أمين ومصطفي السنباري والسيد الغطاس ومحمد محفوظ وغيرهم كثيرين لا تسعفني الذاكرة لذكرهم جميعا أما في قصر الثقافة فلم يكن هناك اهتمام مباشر بأن يكون له فرقة مسرحية أو أن يقوم بالدور المفروض أن يقوم به بشكل أكبر في فرقة المحافظة مكتفيا بدور الوسيط أحيانا في مصاحبة بعض العروض خارج المحافظة فكثيرا ما قمت وأنا أخصائي ثقافي بمصاحبة فرقة دمياط للفنون الشعبية إلي القاهرة في رمضان للعرض في سرادق الثقافة الجماهيرية بالحسين أو في مسابقة التليفزيون حيث حصلت فرقة دمياط في منتصف الستينات علي كأس التليفزيون في أحد أعوام تلك المسابقة متقدمة علي فرق كبيرة كانت تشارك في تلك المسابقة منها فرقة البحيرة الأقدم والأشهر وفرقة الشرقية التي ذاع صيتها فيما بعد وكانت هناك محاولات جادة من بعض الفنانين في دمياط لتقديم أعمال مسرحية بجهودهم الذاتية وكان علي رأسها فرقة المسرح العمالي بقيادة حلمي سراج والتي كانت تقدم عروضها علي مسرح مدرسة الزراعة في غيط النصارى وفرقة الإستاد الرياضي بقيادة أحمد جبر وفرقة أخرى في الساحة الشعبية بقيادة نادر شحاتة ورضا حسني وسارعت فرقة المسرح العمالي الأكثر إنتاجا ونضجا بالعمل في إطار قصر الثقافة سعيا للعثور علي كيان رسمي يقدمها ويحتضن أعمالها واستطاعت هذه الفرقة أن تقدم كثيرا من العروض المسرحية في مختلف المواقع بالقرى والمدن برعاية قصر الثقافة.
 مما سبق يتضح أن المسرح في الثقافة الجماهيرية في السبعينيات لعب دورا مهما في ريف ومدن مصر كلها ويتضح أيضا أن البداية انطلقت من هواية محببة لبعض الشباب حتى أن الفرقة كانت تحمل الديكور فوق سيارة نقل أو جرار زراعي معار من أي جهة حكومية ثم يركبون فوق الديكور ويذهبون إلي قرية وينصبون ديكوراتهم ويقدمون عرضهم ويعودون في ساعة متأخرة من الليل إلي بيوتهم بكل الحب والترابط وكانت الرابطة بين أعضاء الفرقة رابطة صداقة متينة ومحببة فكانوا يحتفلون بأعياد ميلاد بعضهم البعض علي خشبة المسرح ويقفون إلي جانب بعضهم في الملمات والأفراح وعرف الناس في بلدنا يعني إيه مسرح لأول مرة فماذا نريد من المسرح غير ذلك علاوة علي ذلك لم يكن يكلف ميزانية الدولة شيئا يذكر ولعب المسرح دورا تنويريا مهما اعتبارا من نكسة 67 إلي أواخر الثمانينيات بتقديم عروض متفاعلة مع الواقع المعاش ومع القضايا الوطنية المثارة علي الساحة فلا زلت أذكر الدور الذي لعبته مسرحية أغنية علي الممر بعد النكسة في العروض التي قدمتها الفرق لفترة طويلة وفي حرب الاستنزاف ، ولم تكن الحركة والحياة وردية علي طول الخط بل كانت هناك معوقات ومنغصات اعترضت الطريق كثيرا ولاقينا فيها الكثير من المعاناة ولكن بالترابط الذي كنا نحرص عليه وروح الأسرة التي كانت تضم الجميع لعبت دورا مهما في الاستمرار والاستقرار وكانت قهوة العزوني الملاذ الهام الذي يجمع الجميع في نهاية الليل بعد كل عرض لتستمر الحوارات حول العمل الذي قدم نقدا وتحليلا بسيطا دون تراكيب أو تقعير بينما كانت الحركة الأدبية هي الأخرى تلعب نفس الدور وبعد نشاطها يجتمع الكثيرون في صالون النبوي سلامة المقابل لذلك المقهى وهكذا إلا أن أهم المواقف التي يجب الإشارة إليها موقف أجهزة الدولة من هذا النشاط الذي كان يزعج البعض أحيانا كثيرة فحدث مثلا وبعد افتتاح القصر أن تصادف إعجاب حلمي سراج والجميع معه بكتابات علي سالم المسرحية فظل لفترة طويلة يخرج أعمالا له ومن باب المصادفة الغريبة أن أغلب مسرحيات علي سالم وغيره تحمل أسماء تثير الاعتراض دينيا لأول وهلة مثل مسرحيات زيارة عزرائيل ثم الناس اللي في السما الثامنة والراجل اللي ضحك علي الملائكة وقد أثار ذلك حنق وغضب بعض التيارات الدينية وكان منهم فضيلة الشيخ البواب حفظه الله فكانت معظم خطبه في الجمعة بمسجد المعيني القريب من قصر الثقافة وكان هذا كافيا لإثارة الرأي العام ضد الثقافة فظهر اتجاه قوي مضاد لحركة الثقافة في دمياط فكان لابد أن نتجه إليه ونحاوره في مسجد المعيني حيث كان الرجل يتمتع بشعبية كبيرة وحب كبير من المواطنين وأنا منهم ودعوته إلي القصر ليلقي فيه محاضرة أو يجري حوارا ولكنه أبي في حين نجحت بعد ذلك في عقد علاقة ورابطة مع جماعة أنصار السنة بدمياط التي كان ينتمي إليها ونجحنا في إقامة سلسلة من المحاضرات الدينية بمسرح القصر الذي لم يكن قد اكتمل وبأجهزة إذاعة بدائية فأذكر محاضرات ناجحة لفضيلة الشيخ الراحل عبد الحميد عرنسة إمام ومؤسس تلك الجماعة ومصطفي برهام والدكتور السيد رزق الطويل وغيرهم وقد لعب ذلك دورا كبيرا في تحسين صورة الثقافة أمام الرأي العام وكان ذلك ردا علي ما أثارته بعض أجهزة الدولة ومنها أمن الدولة أن قصور الثقافة قد تحولت إلي خلايا شيوعية وهو ما كان يردده موسي صبري في كتاباته بأخبار اليوم في أعقاب انتخابات مجلس الشعب الشهيرة بين حمدي عاشور ومحمد عبد السلام الزيات في دمياط وسعد وهبه وعبد المنعم الصاوي في الأزبكية بالقاهرة ، بعد ذلك نجحنا في اعتماد فرقة قصر الثقافة كفرقة قومية واستقدمنا لها مخرجين كبار كان لهم فضل كبير في التثقيف المسرحي مثل عباس أحمد وحافظ أحمد حافظ وماهر عبد الحميد ومحمد توفيق وسعد أردش وناصر عبد المنعم وغيرهم واستضفنا كثيرا من العروض الهامة بدءا من مسرحية بيومي أفندي ليوسف وهبي وأمينة رزق ومحمد صبحي وسعيد صالح ونجوم المسرح القومي والطليعة في عصرهم الذهبي وتصاعد نجم المسرح في مصر من خلال الثقافة الجماهيرية في عهد سعد وهبة وازداد تألقا في عهد سمير سرحان عندما تولي رئاسة الثقافة الجماهيرية ، وفي تلك البداية الصعبة كانت هناك جهودا كبيرة قد بدأت وقبل أن يكتمل بناء القصر حيث سار العمل علي عدة محاور لتنشيط الحركة الثقافية ، الانتهاء من تشطيب المبني ، الحيلولة دون استيلاء المجلس الشعبي علي واجهة القصر وقد تم بحمد الله وتوفيقه ومعاونة رواد القصر في ذلك الوقت تنشيط الحركة الثقافية بإنشاء فرقة للسمسمية علي مستوي رائع جابت المحافظة كلها وخارج المحافظة تنشد عن بطولات القناة وحرب الاستنزاف وتم اعتماد فرقة المسرح بقصر ثقافة دمياط كفرقة قومية بعد أن كانت الفرقة المعتمدة هي فرقة بالسرو يقودها أحمد عبد الغني العاصمي وكان دعم الثقافة الجماهيرية المالي والفني يوجه في الأغلب لفرقة المحافظة وكان مقرها مسرح دمياط القومي وبعد اعتماد فرقة قصر ثقافة دمياط أمكننا في البداية الحصول علي بعض الدعم حني تم في نهاية المطاف اعتمادها كفرقة قومية للمحافظة خاصة بعد توقف فرقة المحافظة في تلك الفترة بعد آخر عمل قدمته وكان مسرحية بنسيون الأحلام إخراج محمود شركس وأغلقت الفرقة نهائيا وتم إنتاج عدد كبير من المسرحيات بلا أي ميزانيات لفرقة قصر الثقافة المسرحية التي كانت فرقة المسرح العمالي بقيادة الفنان حلمي سراج هي اللبنة الأولي لإنشائها ومن هذه المسرحيات التي تكلف بعضها 9 جنيه ميزانية للديكور مثل مسرحية القفل والزوبعة وأبو زيد في بلدنا وغيرها وكانت الفرقة تنتج من مسرحيتان إلي ثلاثة في العام الواحد وكانت تقدم عروضها علي المسرح وهو غير مكتمل بلا إضاءة وبلا كراسي وبلا ستائر بعد أن قدمت عروضها علي مسرح مجلس المدينة وأحيانا علي مسرح مدرسة الزراعة في بداية غيط النصارى وفي كثير من أفنية المدارس والأجران وملاعب مراكز الشباب بالقرى والمدن المختلفة بالمحافظة وكان من نجوم الفرقة في ذلك الوقت مجموعة كبيرة من الحرفيين منهم رضا عثمان وزغلول البابلي  وعبده الجنتيري والسيد العناني والسيد ألفناجيلي وأخيه صلاح ومن شباب المثقفين كان أحمد عجيبة وشوقي بكر وفوزي سراج وغيرهم وكان لها ملقن ثابت لا يتغير إلا نادرا هو مجدي الغندور والماكيير المتخصص علي زهران الموظف ببنك التسليف ثم المهندس محمد عتمان مدير محطة مياه الشرب بدمياط وهو أحد مؤسسي فرقة دمياط المسرحية القومية وفي مجال الأدب نشأت بدايات الحركة الأدبية الأولي بالتعاون مع الشاعر الراحل محمد النبوي سلامة حثي اندمجت بعد ذلك جمعية الرواد الأدبية في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بمحافظة دمياط وتبلور عنها بعد ذلك حركة أدبية كبيرة ذات صوت مسموع علي مستوى مصر كلها من خلال المطبوعات التي صدرت عنها مطبوعة علي الماستر أو من خلال المؤتمرات التي بدأت تنطلق من دمياط في أعقاب المؤتمر القومي الأول بالمنيا للأدباء في الأقاليم حيث كانت تلك النهضة الأدبية سندا قويا للحركة المسرحية في دمياط من حيث اختيار النصوص وكتابة الأغاني والمساهمات النقدية .



الخميس، 12 سبتمبر 2019

10 - صفحات من تاريخ الثقافــــة الجمـــاهيرية المطبعة وبداية الانطلاق

بعد توقف دام عشرة أيام تقريبا بسبب إجراء جراحة في عيني اليمني أعود لاستئناف نشر فصول كتابي صفحات من تاريخ الثقافة الجماهيرية المنشور حاليا بمكتبة ألفا بيتكا بدمياط

10 - صفحات من تاريخ

الثقافــــة الجمـــاهيرية


المطبعة وبداية الانطلاق

أعود إلي بداية عملي لأتحدث عن تجربة فريدة لم تعمم علي مستوي الجمهورية وحثي الآن هي أنني قمت في منتصف الثمانينيات بشراء مطبعة ماستر بفرع ثقافة دمياط من إيرادات السينما التجارية وكانت هي المطبعة الوحيدة الموجودة بكل فروع الثقافة علي مستوي مصر كلها ، وأقول إنه من خلال قراءاتي في التاريخ المصري علمت أن رفاعة الطهطاوي بعد أن بعثه محمد علي إلي فرنسا لكي يبني مصر الحديثة علي أساس علمي كان من أول الأشياء التي أصر علي إحضارها معه بعد بعثته في فرنسا هي المطبعة التي بها طبع أول رزنامة في تاريخ مصر المعاصر التي عرفت من بعد باسم الوقائع المصرية والتي ما زالت تصدر حتي الآن لذلك وبعد لقاءات متعددة مع أدباء دمياط كانت الشكوى المتكررة من الجميع هو انعدام منافذ النشر بالنسبة لهم وتصادف أن بدأت ترد إلي مصر في تلك الآونة الجيل الأول من مطابع الماستر فتوجهت ومعي بعض الأدباء والفنيين إلي إحدى الشركات المستوردة بالمنصورة ومن عائدات سينما الثقافة بدمياط اشترينا مطبعة الماستر وكان سعرها في ذلك الوقت خمسة آلاف جنيه تقريبا وكان يعد مبلغا باهظا في أوائل الثمانينيات حتى أن فؤاد عرفة رحمه الله وكان مديرا عاما في الثقافة الجماهيرية قد اعترض من خلال الجمعية المركزية لرواد قصور وبيوت الثقافة علي قيام جمعية دمياط بشراء تلك المطبعة واعتبره ترفا لا مبرر له ولكني أصررت بدعم من مجلس إدارة الجمعية في ذلك الوقت علي شرائها وقمت بنفسي بالتدريب علي تشغيلها وبدأنا طباعة إصدارات الرواد ومجلة عروس الشمال ثم مجلة رواد وأغاني للأطفال وأعلام دمياط وازدهرت حركة النشر مواكبة لازدهار المؤتمرات الأدبية المهرجانات الفنية والمسرحية وعن طريق المطبعة أصدرنا قرابة الخمسين عنوانا لمطبوعات للأدباء أبناء دمياط كانت سببا في تقديمهم لمجتمع ا لأدب في مصر وبدأ الراسخون منهم في الانتشار بعد تلك الخطوة المهمة وعن طريق المطبعة طبعنا كل مطبوعات المؤتمرات السبعة التي عقدناها في دمياط من أبحاث ونشرات وكذلك طبعنا كل نشرات المهرجان الأول لنوادي المسرح بمصر في يناير 1990 وللأسف الشديد من بعد رحيلي من دمياط إلي الغربية منقولا للحصول كرها علي درجة المدير العام توقفت المطبعة إلي الأبد ولا يعرف مصيرها حثي الآن ومع وجود المطبعة ارتفع سقف طموح الأدباء في دمياط فبدأنا نتوجه إلي الطباعة التجارية في مطبعة الأمل في بور فؤاد فطبعنا أولا كتاب دمياط الشاعرة الذي شارك في تحريره طاهر أبو فاشا وسعد الدين عبد الرازق وفاروق شوشة وكامل الدابي ومصطفي الأسمر والعبد لله ويعد أحد أهم المراجع عن الشعر في دمياط ثم أصدرنا  شعر العامية في دمياط والقصة القصيرة في دمياط