الاثنين، 28 أكتوبر 2019

وداعا سيد الموجي




وداعا سيد الموجي 



أحلى كلامنا اللى ماقلناهشى
وأحلى أيامنا اللى لم تنعاش
أحلى نجومنا اللى ماشفناهشى
وأحلى أولادنا اللى لسه ماجاش ! 
( سيد الموجي )

حقيقي أحلي أيامك ما عشتهاش 
ولكن كلامك حكم ما تتنساش
وأحلي نجومنا غابت وضاعت
يوم فراقك يا سيد نهاره ما جاش
عرفت السيد الموجي وهو في عمر الزهور طالبا في الزرقا الثانوية وكنت ما زلت حديث عهد بالعمل في منظمة الشباب الاشتراكي كسكرتير تنظيم لمركز فارسكور بصحبة السيد شمس الذى كان أمين الشباب في المركز وبطبيعة الحال كان السيد الموجي وأسامة الغندور في طليعة مجموعة من الشباب الإيجابيين الذين تم تكليفهم بقيادة مجموعات المنظمة في تلك المدرسة وسريعا تمضي الأيام ويتخرج الشباب الثوري من الجامعة ويلتحقون بوظائفهم وتجمعنا الأيام مرة أخري عندما أجريت انتخابات مجلس الشعب عام 1978 بين المنابر الثلاثة التي أسسها السادات اليمين والوسط واليسار فكنت مرشحا لليسار بينما كان عبد الرؤوف شبانة مرشح الوسط وكانت الدائرة كوضعها الحالي تضم مركزي فارسكور والزرقا قبل أن يكون مركز الزرقا قد أنشيء إداريا وفي الجولة الانتخابية والحملة الدعائية التي قمت بها منفردا كان إلي جواري في كل قرية وكل جرن وكل شارع في مركز فارسكور السيد الموجي حاملا عوده حيث كان ينبري في كل لقاء لإلقاء بعض قصائده الشهيرة ويغني بعضها علي العود فقد كان عازفا ماهرا وملحنا لأغانيه التي يكتبها بنفسه إلي جانب براعته في شعر العامية والأزجال والرباعيات وقد عاني وظيفيا من جراء وقوفه معي في تلك الحملة التي كانت متفوقة إعلاميا وجماهيريا علي مرشح الحكومة حتي أن موسي صبري رئيس تحرير أخبار اليوم في ذلك الوقت قد أفرد عموده في الأخبار أكثر من مرة لمهاجمتنا واتهمنا بالشيوعية كأسرع اتهام ينفر الجماهير ممن يلصق به ورغم ذلك لم تلن للسيد إرادة بل ظل صلبا في موقفه واستمرت صداقتنا بل أخوتنا الروحية قوية مهما باعدت بيننا الأيام وحتي وإن فارقنا بغتة اليوم إلي مستقر رحمة ربنا إلا أنه وداع علي لقاء نرجو أن يجمعنا به الله في فسيح جناته بين عباده الصالحين .

من أشعار سيد الموجي :

شوف برلماناتك وعمايلها فيك
ووجودها فى وادى بعيد عن واديك
راجع حساباتك وفكّر فى ناس
تمثِّلك ، مش ناس تمثل عليك !


                                                                     **********


نوابنا من كتر إخلاصهم لدوايرهم

بيناموا فى الجلسة بعد ما هجروا سرايرهم

يا ريت تبادلوهم الإخلاص بالإخلاص

وتريحوهم بقى وتجيبوا ناس غيرهم ؟!


                                                                   ***********
ومن أشعاره :    يا عم بيرم 

يا عم بيرم يا شاعر والجميع شاعر

إن البلد دى بتولد كل يوم شاعر

لكن رخيص الكلام 

قدّف مع الموج وعام

وتاه فى وسط الزحام

الشاعر الشاعر !

**** 

يا عم بيرم يا إيد مصرية حاضنة القلم

بتحكى مصر التاريخ وبتبكى مصر الألم

غنيتها صحرا وعمار

غنيتها بندر وريف

صورتها للصغار

نسمة وهدمة ورغيف !

****

يا عم بيرم يا تونسى يا مصرى يا إنسان

ولا يجرح الخاطر الا الغربة فى الأوطان

ومهما بعّدنا

أشواقنا بتلمنا

غربتنا ف بلادنا

هىاللى بتهدّنا !

**** 

يا عم بيرم يا نيلى اللى ارتويت منه

يا معهدى اللى نسج أحاسيسى من فنه

بيقول يا عايز تقول

درب الكلام واعر

للكلمة حكمة وأصول

ما يصونها غير شاعر !

****

وكنت يا عم بيرم للأصول صاين

لا كنت صاحب قلم مهزوز ولا خاين

لا القصر أثر عليك

ولا أثر النفى فيك

ولا كل كل الكنوز

قدرت فى يوم تشتريك !

**** 

يا عم بيرم يا زهرة حب ريّانة

بعيد بجسمك وروحك عايشة ويّانا

فى شدو ست الطرب

فى لحن زكريا

عايشين فى أرض العرب

أسطورة أبدية !

**** 

يا عم بيرم وغيرك مين يكون عمى

واحكى لمين ما بى والا اشكى لمين همى

محتاجة مصر لكلام

ميت ألف بيرم أصيل

لكن خلاصة الكلام

الحلم  دا مستحيل !

يا عم بيرم

                        يناير 1978 م




رابط مدونة السيد الموجي عليه رحمة الله 

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

( لم تعد كما كانت )



قراءة سريعة في المجموعة القصصية

 ( لم تعد كما كانت )

للكاتبة  دعاء البطراوي




في السرد تتلاشى الحاجة لشرح الأفكار أو لتلخيص المراد توصيله أو لإعطاء مواعظ، وذلك لأنّ السرد يظهر كل ما هو مطلوب ، وإن حصل غير ذلك فهو زيادة وحشو لا فائدة منه، بل قد يُسبّب ضعفاً لهذا الأسلوب، وله تأثير سلبيّ على بُنية النص وتركيبته. وللسرد صيغ متنوّعة؛ حيث يمكن أن يُروى شفهياً أو كتابةً، أو أن يكون عن طريق الصور والإيماءات، ويكون أيضاً بصيغٍ أخرى. وهنا يصبح السرد الثمرة التي نتجت بعناية الكاتب لفكرته وطرحها للناس ليتلقاها كل منهم بطريقته
وبعيدا عما يحاول الأكاديميين أن يصيغوه بطريقتهم لتحديد أنواع السرد من خلال ملاحظاتهم ومتابعاتهم لما وقع بين أيديهم من إبداعات الكتاب والساردين فوجدوا أنه إما أن يكون  من زاوية المخاطب السارد أو من زاوية المخاطب بفتح الطاء أي المتلقي وأخيرا من زاوية الخطاب نفسه نجد أنفسنا محاصرين بتقسيمات لا يمكن الجزم بأن كل كاتب قبل أن يهم بالكتابة قد اختار الشكل أو الزاوية أو نوع ما سيكتب ولكنه بعد أن انصهرت الفكرة في يقينه يبدأ بوضعها علي الورق لتنساب من بين أصابعه لتصبح في نهاية الأمر صنفا أدبيا له مقومات ومواصفات لم يقصدها في أغلب الأحوال وإن كانت محكومة برصيده المعرفي وذخيرته اللغوية والحياتية
وشاء الكاتب أم أبي فهو محكوم أيضا في كتابته بوحدة الزمان والمكان فيتلازمان دوما مع اختلاف مكانة كلا منهما في ترتيب وصياغة الأحداث التي تبقي دوما متلازمة مع الزمن تلازما منطقيا يقنع المتلقي
والسرد في مجموعة دعاء البطراوي ( لم تعد كما كانت ) له مذاق خاص يجمع بين المتناقضات في رشاقة ملحوظة وفي نفس الوقت دون تكلف مصنوع فالكتابة من خلال 14 قصة هي محتوي هذه المجموعة جمعت بين التكثيف الدرامي في الحدث وبين ضخامة التفاصيل التي تصل للمتلقي دون ملل من خلال تصوره الذاتي وليس من خلال النص المكتوب وتجمع بين البساطة اللغوية التي تسلك أقصر الطرق الموصلة إلي القارئ وبين قوة التعبير التي تضعك أمام النص مشدودا دون ملل وتجبرك علي احترام المضمون وتجمع بين تجاهل الشخوص فلا أسماء مطلقا لأبطال الأعمال الأولي في المجموعة ولكنها كانت قادرة علي أن تجعلك مضطرا لاختيار موقعك بين أبطالها وحتي عندما لجأت الكاتبة إلي اطلاق أسماء بعينها علي أبطال قصصها مع قلتها لا تجد أن هذه الأسماء لا تعني شيئا لأنك كما قلت تجد نفسك واحدا منهم فيمكن أن يكون البطل أو البطل هو هذا أو تلك بأعداد وفيرة من المجتمع الذي يضج بنفس الأحداث ونفس المشاعر التي تختلج في حوار كل شخصية مع نفسها من خلال أحداثها وزمانها
وقد استطاعت الكاتبة أن توصل ما أرادت بسرعة شديدة وفي وقت وجيز ومن خلال أقل الكلمات التي يمكن أن يستخدمها كاتب للتعبير عن المضمون المراد بينما تجد نفس المضامين التي صاغتها في صفحة ونصف لكل قصة من قصصها يحتاج كاتب آخر مخضرم إلي أضعاف هذا العدد من الصفحات لتوصيل ذات المضمون
مما يذكر للكاتبة إجمالا أن قصص المجموعة الأربعة عشر كل منها تحمل مضمونا مختلفا عن شقيقاتها الأخرى ولم تتكرر عندها الصور ولا الأفكار بينما نجد كتابا آخرين يكررون أنفسهم ويكررون الصور التي يستخدمونها دون وعي في جل ما يكتبون والعبرة هنا ليست بكثرة ما يكتب السارد أو كثرة ما ينشره فهي قد تكون كثرة مكررة ومعادة ولكن العبرة دائما في التجديد وعدم الوقوع في براثن التكرار الذي مع الزمن يصبح مخلا أو متناقضا في بعض الأحيان
ومن الملاحظ أن الكاتبة قد تأثرت بلا شك بما درست من أدب غربي فهي خريجة آداب قسم اللغة الفرنسية كما ذكرت وبلا شك فقد درست بعضا من الأدب الفرنسي حتي لتكاد تلمح بعضا من خصائص كتابات البعض خاصة موباسان الذى تفرد في قصصه القصيرة وكان سباقا بها لعصره مستشرفا آفاق القص الحديث من خلال الجمل البسيطة سريعة التواصل مع المتلقي في جو مثير من الرشاقة والرومانسية وأيضا مع الاهتمام بالنفس البشرية وسبر أغوارها بحوارات داخلية وهواجس معلنة لا تكتمها في مواجهتها مع نفسها في النص الأول ولا من خلال مراقبتها لأحوال الآخرين وغبطة أقلهم شأنا كما في حذاء نظيف أو من جزعها عندما اكتشفت صديقتها بتشفي شعرة بيضاء تشي بالزمن وتقدمه أو في تصورها لمنزل الزوجية مع عريس غير مرغوب فيه رغم ثرائه أو حتي في معادلة الفساد الخلقي بمعني كما تدين تدان وهكذا وهي لا تفتأ تلقي بمواعظها الخلقية والسلوكية من خلال تناول تلك الأحداث والتي تجسدها في قصتها التي تحمل المجموعة اسمها لم تعد كما كانت عندما يقع في حياة كل منا حدثا مهما يغير بوصلة الحياة ربما في اتجاه مضاد لتوجهها الأول دون تعمد ودون رصد حتي ليتفاجأ المرء ويكتشف هذا التغير الهائل ولا يعي متي ولا كيف حدث لتري في المرآة وجها لا تعرفه ثم تكتشف أنه وجهها القديم
ومن الأشياء اللافتة للنظر أن الكاتبة تمتلك ناصية لغتها بقوة وبلا تردد لدرجة توحي بالثقة فنجد لها مصطلحات جديدة غير مطروقة تقف أمامها متشككا في لغتك ومعلوماتك فقد توقفت كثيرا عن لفظة ( لحظتئذ ) وتشككت في مدي صحتها لغويا وراجعت بعض الأصدقاء من أساتذة اللغة العربية وراجعت القواميس ولكني للأسف لم أتلق ردا شافيا ومؤكدا حتي الآن إلا أنه مع الاجتهاد والقياس وجدت أن حرفي ( ئذ ) يضافا إلي ظرف الزمان أو المكان مثل حينئذ أو عندئذ ولما كانت ( لحظة ) هي بمثابة ظرف زمان فلم لا تضاف لها كما أضيفت لسابقاتها
يتحدث الأدباء كثيرا فيما بينهم عن ماهية المعادل الموضوعي ( OBJECTIVE CORRELATIVE  (    ونتيجة لالتباس المعني لهذا المصطلح ومغزاه فقد يساء الفهم وبالتالي يساء التعبير عند محاولة تقييم عمل ما وقد استخدم هذا المصطلح قديما علي يدي تي إس إليوت عند نقده اللاذع لمسرحية شكسبير ( هاملت ) وإليوت يري أن وظيفة المعادل الموضوعي تكمن في التعبير عن عواطف الشخصيات عن طريق العرض أكثر من وصف المشاعر، كما وضحه أفلاطون وأشار إليه بيتر باري في كتابه نظرية البداية وعندما أراد أستاذنا الراحل الدكتور محمد مندور أن يوصل لنا معني المعادل الموضوعي ويبسطه علي أفهامنا ضرب مثلا بمسرحية توفيق الحكيم ( بيجماليون ) حيث أن الكاتب قد اختار شخصية بيجماليون الذي جسد صراعه النفسي مع حبيبته التي كان يحبها وخانته جالاتيا ولكنه هروبا من الصراع الخارجي صنع لها تمثالا وظل يخاطبه وبدلا من أن يهب التمثال الحياة ويعيد إليها الروح في نهاية الموقف يبادر إلي تحطيم التمثال وتدميره ليعادل بين التمثال وبين الحبيبة ويعادل بين تحطيمه له وبين رفضه للعودة إليها
بمعني أن الكاتب يلجأ أحيانا إلي اختيار معادل موضوعي لفكرته يصف من خلاله مشاعره تجاه الحدث ويفسر من خلاله موقفه الذى قد لا يستطيع التصريح به مباشرة وهنا في مجموعة لم تعد كما كانت لا أري أن الكاتبة كانت في حاجة إلي استخدام أي معادل موضوعي لتفسير أحداثها التي فسرتها بشكل مباشر وسريع دون تعقيدات شكلية أو موضوعية .
وبلا شك فهناك بعض المآخذ في تناول تلك المجموعة القصصية التي نحت فيها الكاتبة ناحية الميلودراما في معظم قصصها فالتحول المفاجئ والتغييرات الكبيرة التي تعتري الأحداث في مواجهة أبطال معظم قصصها كانت أشبه بالتحولات الميلودرامية المثيرة للشجن والعواطف بشكل فيه تصنع وقد بدا ذلك واضحا ومتلازما في كثير من قصص المجموعة مع استخدام لفظ ( فجأة ) فهذا اللفظ وشي بكثير من الأحداث منذ الصفحة الأولي في قصة ( مواجهة ) وفي التحول المفاجئ في شعرة وحيدة بيضاء وفي كان هناك وخربشات حتي في آخر قصة بالمجموعة لم تعد كما كانت
برغم كل ذلك أري دون مجاملة أن دعاء البطراوي ككاتبة كانت مفاجئة لي بموهبتها وعلمها وثقافتها وتمكنها من أدواتها بما فيها اللغة وأتوقع أنها في الزمن القريب ستكون من أهم كتاب القصة القصيرة في مصر بل وربما في العالم العربي إذا قدر الله لها الاستمرارا 


الاثنين، 21 أكتوبر 2019

النقد الفني




النقد الفني باختصار هو التذوق فكل من يتلقى العمل الفني فهو يتذوقه بطريقته في حدود خبراته المعرفية وموهبته وذائقته الخاصة ووظيفة الناقد بعد ذلك هي إيضاح العمل الفني ليفهمه الآخرين. فـدور الناقد في تحديد أسلوبه النقدي هو أنه في هذا المجال يربط بين المدارس والتيارات ويحدد المصادر والأصول ويعين خصائص كل اتجاه ويقارنه بالواقع أو بالقواعد الكلاسيكية وبالفلسفات الشائعة.
وللناقد دور آخر يتلخص في أنه دور تـاريخي فهـو يسـترجع الاتجاهات والطرز ويتحدث عن تأثير الفن من حضارة ما على فن حضارة أخرى.
أمـا الدور الثالث فهو دور إرشادي ليس كون الناقد معلما ولكن في بعض المراحل يكـون للناقد دور في تغذية اتجاه شئ معين وتوجيهه وتشجيعه.
وقد نشأ النقد الفني بمفهومه الحديث في الغرب ليس في أكاديميات الفنون، كما نشأ تاريخ الفن، بل كانت بدايته في الصحافة ووسائل الإعلام، التي كانت تقدم الأعمال الفنية إلى الجمهور.وكانت وسائل الإعلام هذه تستعين بنقاد متخصصين لتفسير تلـك الأعمال ووصفها وتقييمها وعمل المراجعات النظرية الفلسفية لها بأسلوب صحفي يخاطب كل الثقافات المتباينة
وقد عرف الدكتور محمد مندور أب علم النقد الفني في الجامعات المصرية قاطبة وظائف النقد الفني وهي : - الوصف(Describing)   -التفسير(Interpreting)    -التقييم(Evaluating) - التنظير(Theorizing) حول فلسفة العمل الفني، بغرض زيادة فهم وتقدير الفن ودوره في المجتمع.
ومن عجب في مجتمعاتنا المحلية عندما يفلس المبدع في ميدان معين يحاول أن يطرق أبواب ألوان أخري من فنون الأدب وتصور بعضهم أن أسهلها وأكثرها ارتيادا هو باب النقد ليصف نفسه ويصفه الآخرون من أصحاب المصلحة بأنه قد أصبح ناقدا دون أن يكون له خلفية دراسية أو علمية في هذا  المجال ولأن النقد ليس ( فهلوة ) بل هو علم وفن له أصوله وقواعده كما وأن الناقد يجب أن يتمتع بخلفية تاريخية ومعرفية بمدارس  الفن ونظرياته وأشكاله عبر التاريخ ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإن كثيرا من الفهلوية الذين يرون في أنفسهم أنهم نقادا وهم لا يملكون من تلك القواعد شيئا اللهم إلا بعض القراءات من هنا وهناك وثروة محدودة من المصطلحات يوظفها كلما عن له أن ينقد عملا ما تنحصر في بعض الرؤي الفنية والصور الشعرية أو التخيلية ليوهم المتلقي بأنه أمام ناقد متمكن في حين أن ( الفهلوة ) هي الطابع الذي أصاب هذه الحرفة كما أصاب بعض الحرف الأخرى المتصلة بها بشكل أو بآخر كحرفة الصحافة وأصبحت تلك الحرف هي حرفة لمن لا حرفة له .
من هنا أصبح لدينا  ثلاثة أنواع من النقاد :
أ / الناقد الفنان : هو من لدية الموهبة الفنية وينقد العمل بشكل فني من ناحية التكوين ومن ناحية العناصر والأشكال وهو أقرب إلي ما يسمي بالنقد الانطباعي
ب / الناقد الاكاديمي : هو من ينقد العمل تقنياً على أسس أكاديمية من ناحية الادوات والاعدادات المستخدمة في إطار الأسس العلمية والتاريخية للفن محل النقد
ج / الناقد الفنان الاكاديمي : وهو من يتكون فيه جميع الصفات الموجودة بالفنان الموهوب وبالاكاديمي الدارس  ويكون نقده على جميع عناصر العمل الفنية والتقنية.

ولا يحق لكائن من كان أن ينسب لنفسه صفة من هذه الصفات أو أن يصنف نفسه حسب تلك التقسيمات إلا بما يملك من مقوماتها دراسة وعلما وموهبة حتي وإن ملأ جميع صفحات الصحف والمجلات بما يمكن أن يطلق عليه نقدا أو دراسة فالعبرة دائما ليست بحجم ما ينشر ولكن بالقيمة الفنية الراسخة التي تبقي كلما بقي العمل الفني وليس أدل علي ذلك من الدكتور مندور نفسه فقد كان مقلا في طباعة الكتب ولكنه مع قلة ما نشر أكثر قيمة علميا وفنيا من كثير من الأدعياء ممن تبعوه وعاشوا في فتاة مائدته العلمية . 


من أسباب تدهور الهواية والإبداع في قصور الثقافة





من أسباب تدهور الهواية والإبداع في قصور الثقافة


وجهت لي الكاتبة الواعدة دعاء البطراوي الدعوة لحضور مناقشة مجموعتها القصصية ( لم تعد كما كانت ) في قصر الثقافة بدمياط ورغم أنني في دور النقاهة بعد عملية جراحية في عيني لا يزال أمامي بعض الوقت لكي أتمكن من عمل نظارة طبية تساعدني في قراءة ما أحب قراءته إلا أنني بادرت بشراء نظارة مكبرة من السوق بدون استشارة طبيب لكي أتمكن من قراءة تلك المجموعة والمشاركة في مناقشتها في ذلك اليوم تقديرا واحتراما لتلك الكاتبة وموهبتها وقد أنجزت المهمة بالفعل إلا أنني الليلة الماضية وقبل الندوة المشار إليها بيوم واحد فوجئت بنشر خبر عن مناقشة المجموعة علي الفيس بوك يتضمن أسماء النقاد الذين سيشاركون في مناقشة المجموعة ولم يكن اسمي بينهم أو آخرهم علي الأقل وهم عادة من يناقش أي كتاب يناقش في نادي الأدب بقصر ثقافة دمياط وهم أربعة من الأدباء الأعزاء دون غيرهم لا يمكن أن يتخلف أحدهم ولو مرة عن أي مناقشة كما وأنه لا يسمح لغيرهم باقتحام هذا الميدان وعند مراجعة الأمر مع الكاتبة أقرت بأنها لم تكن تعرف قوانين ولوائح نادي الأدب بدمياط في مثل هذه الأمور واعتذرت عما جري وعند مناقشة الأمر مع الكاتب القصصي والمسرحي والشاعر سابقا والناقد المتحقق ( كما قال ) صديقي الأعز سمير الفيل برر ذلك بأن لوائح العمل المالية بنادي الأدب بقصور الثقافة تمنح مكافأة مالية للناقد عند مناقشة أي كتاب في حدود ثلاثة نقاد فقط بينما أضيف الناقد الرابع وهو لن يصرف تلك المكافأة وكذلك مدير الندوة لا يصرف له شيء أيضا علي اعتبار أنه عضو مجلس إدارة وأكد أن ذلك يجري العمل به في الثقافة منذ 30 عاما في حين أنني فقط منذ خمسة عشر عاما عندما كنت رئيسا لإقليم شرق الدلتا الثقافي ومن قبلها عندما كنت مديرا عاما لثقافة الغربية ودمياط لم تكن تلك السبوبة مسموحا بها لأنها بلا شك تقتل الإبداع والهواية والأمر في نظري يبرر سبب تدهور الثقافة والأدب بشكل عام في فروع الثقافة وقصورها فقد تحول الأمر برمته إلي سبوبة وصراع علي التكويش علي كل ما يمكن التكويش عليه من مال في شكل مكافآت عن المحاضرات الوهمية لمحاضرين بعينهم ثابتين في محاضرات تلقي للكراسي الخاوية عادة أو اللجان الوهمية للنشر والتقييم وتحكيم المسابقات أو إدارة الجلسات في المؤتمرات أو مناقشة الكتب في الندوات المغلقة فعلا علي قلة من المريدين والمحبين ولأن اللائحة تمنع عضو مجلس إدارة نادي الأدب من التربح من وراء عضويته فقد نأي بعضهم بأنفسهم بعيدا عن الانتخابات لكي يسوغ لنفسه الهيمنة والتكويش في حين أنه من يدير بالفعل أنشطة تلك النوادي من وراء الستار وصرنا نري رؤساء نوادي من طراز ( خيال المآته ) بديرون أنديتهم بالتليفون ويكتفون بأن يظل اسمهم مكتوبا علي بطاقات التعريف كرئيس لمجلس الإدارة


الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

رأي حول الدوري الثقافي


رأي حول الدوري الثقافي

مع احترامي للجهود الكبيرة في مجال ما يسمي بالدوري الثقافي الذى اخترعه رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي فإني أراها جهودا ضائعة وغير مثمرة بلا عائد ولا مردود علي الطلاب ولا علي مدارسهم ناهيك عن أن هذا الدور هو تسطيح للبرنامج القديم ( أوائل الطلبة ) الذى كانت تقوم به إدارات التربية والتعليم وأعتقد أن دور الثقافة الجماهيرية ينبغي أن يكون أكثر رحابة وفاعلية من ذلك فقد انتهي منذ زمن بعيد الثقافة المقولبة ( المصبوبة في قوالب ) وينبغي مع ارتفاع شأن الفضائيات والإنترنت أن يكون هناك مبادرات أكثر فاعلية تجتذب المواهب نعم ولكن لا تغفل الدور الأهم في محاربة الأمية الثقافية السائدة الآن بمعني أن تستهدف الفعاليات الثقافية الجمهور الأوسع من اثنين أو سبعة أو حتي مائة من الموهوبين فقط