الأربعاء، 30 يونيو 2021

كاهنة الأوراس كاهنة أم قديسة ؟!




كاهنة الأوراس

كاهنة أم قديسة ؟! 

 



عندما يتعرض الفن والأدب للتاريخ فهناك محاذير كثيرة أهمها هو عدم الانحياز للرؤي والاتجاهات السياسية المعاصرة للأحداث وإنما ينبغي أن يكون التعرض متجردا وموضوعيا بقدر المستطاع ، وإلا وقع المؤرخ أو الفن والأدب في هوة تزييف التاريخ لصالح اتجاه سياسي معين .

وفي التناول الذى قام به المخرج حسن النجار لمسرحية ( كاهنة الأوراس ) لفرقة دمياط القومية المسرحية تعامل بحساسية شديدة مع معطيات النص التاريخي الذي سرده عبده الحسيني ( المؤلف الواعد ) عن رواية الكاتب الجزائري البشير الإبراهيمي  فقد تعرض العمل الدرامي لشخصية ديهيا زعيمة البربر ( الأما زيغ ) التي نجحت في الوصول إلي زعامة قبائل  البربر في شمال أفريقيا وقامت بتوحيد صفوف تلك القبائل في مواجهة حملات في صد الغزاة الرومان وفي التصدي للفتوحات الإسلامية التي جاءت لتفتح الشمال الأفريقي عدة مرات وفي البداية نجحت في هزيمة جيوش المسلمين بقيادة حسان بن النعمان بعد مقتل القائد الإسلامي عقبة بن نافع علي يدي زوجها أكسل ولكن عاد حسان بعد أن مده الخليفة عبد الملك بن مروان بإمدادات كبيرة ليقتص من ديهيا وقواتها وتقتل ديهيا في تلك المعركة الحاسمة ؛

وهنا يختلف المؤرخون في حديثهم عن ديهيا فكتب الإسلاميون عنها أنها كانت كاهنة تستخدم السحر والكهانة في حروبها التي لم تخلو من الغدر والخديعة بينما كتب عنها المؤرخون من البربر أو المتعاطفون معهم يروون بطولاتها وتضحياتها كقائدة منتصرة في أغلب حروبها دفاعا عن أرضها وشعبها .

دعونا من التاريخ وحقيقة ما جري فيه ونعود للعمل الفني الذى قدمه لنا حسن النجار مع نجوم وأبطال الفرقة القومية المسرحية بدمياط وهو أول عمل له مع تلك الفرقة بعد نجاحه المتكرر والمتنامي مع فرق القصور ونوادي المسرح وقد استطاع المخرج في كاهنة الأوراس أن يحشد فريقا ضخما من الفنانين الشبان والمخضرمين وقد صنع منهم جميعا فريقا متجانسا متفاعلا وقدم بهم عملا فنيا ناضجا وأيضا بتوظيفه للدراما الحركية للمبدع كريم خليل مع موسيقي ناعمة وليست صاخبة بالمرة بالرغم من أنها تواكب عنفا وحروبا اللهم إلا في توظيف الفرقة التراثية السورية التي استطاعت أن تضيف لمسات عنف وصلابة في تعاملات المتحركين علي المسرح ليصوروا لنا الحدث ؛

والشيء المخيف هنا هو أن الجمهور المتلقي قد تعاطف مع شخصية ديهيا الغامضة التي قتلها القائد الإسلامي حسان بن النعمان واختلف الرواة وأيضا جمهور المتلقين حول عقيدة ديهيا فإن اتفق الجميع علي أنها كانت زعيمة مخلصة لأرضها وشعبها ودافعت عنهم ببسالة ضد جحافل المعتدين ومنهم الإسلاميين الفاتحين والرومان ولكن اختلف الجميع علي عقيدة ديهيا الدينية هل هي يهودية أم مسيحية أم وثنية أم اعتنقت الإسلام قبل مقتلها ؟


وبينما يري بعض الرواة أنها كانت شخصية ماكرة غادرة يري آخرون في المقابل أنها كانت شديدة الذكاء ولكن المؤلف والمخرج وعناصر العرض زادوا الغموض حدة حول شخصيتها بعد أن ركزوا جميعا حول تبنيها لبعض الأسري المسلم خالد بن يزيد والمسيحي والوثني واليهودي في رسالة من كاتب الرواية الأصلي ليتجاوز معها فكرة أنها كانت معادية للإسلام ولكنه أبرزها بتعاملها مع الأسري من مختلف الأديان علي سمو تعاملها وإنسانيتها الفائقة وبرغم ذلك كان لخيانة الأسير المسلم لها خالد بن يزيد دورا كبيرا في هزيمتها ونهايتها ومقتلها .

والعرض في مجمله إضافة كبيرة لتاريخ الفرقة والمخرج بفضل إخلاص وتفاني المخضرمين رأفت سرحان ومحمد الشريف ونادر مصطفي وهشام عز الدين وأشرف الرصاص مع جهود وفيرة من الشباب المبشر المحب  للمسرح وعلي رأسهم المتألقة أمل موسي نجمة العرض بلا منازع والتي كانت مفاجأة فنية كبيرة تنبئ عن موهبة كبيرة ليتها تستمر ومعها محمد ندا الذى جسد شخصية خالد بن يزيد وعلاء زيان ومحمد أسامة ومختار ممدوح وأمير احمد وإسراء عاطف ومحمد شعلان ووئام محمد وجميلة فوزى ووفاء البياع وتحية للمبدع دائما كريم خليل الذى نجح كالعادة في توظيف ناجح للدراما الحركية لخدمة العرض وتصوير الحالة النفسية التي اكتنفت الأحداث مع صعوبة المكان والزمان .


كلمة أخيرة للمؤلف عبده الحسيني الذي يمتلك باقتدار ملكة الكتابة للمسرح وقد نجح في استنباط مناطق خطيرة من التاريخ لم يتعرض لها أحد من قبل فجبال الأوراس في الجزائر وشخصيات العمل شخصيات تاريخية تنتمي إلي قبائل الأمازيج أو البربر في الشمال الأفريقي فالمكان والشخصيات بعيدة عن مجتمعاتنا وغريبة علينا ولكنه نجح في جعلنا نعيش الأحداث كما لو كانت عندنا إلا أنني أتمني في التجارب القادمة أن يخرج من إطار الإعداد عن الآخرين أو الاستنباط من التاريخ كما فعل يسري الجندي والسلاموني لأن هذا المعين شديد الحساسية في التعامل معه إلي جانب أنه محدود بدليل توقف الرائدان السابقان في هذا المجال عن الاستمرار وأرجو في القادم أن نري إبداعا كاملا ومتكاملا في عمل مسرحي من بنات أفكار عبده الحسيني الذي يملك أدواته بكل تأكيد 







الثلاثاء، 8 يونيو 2021

كاهنة الأوراس .. كشفت عن مجموعة من التناقضات الغبية

 


كاهنة الأوراس .. كشفت عن مجموعة من التناقضات الغبية





فرقة دمياط القومية المسرحية تقدم عرضها الجديد المنتج من ميزانية هذا العام ( كاهنة الأوراس) للكاتب عبده الحسيني إخراج حسن النجار علي مسرح قصر ثقافة دمياط الجديدة اعتبارا من الأحد 6 يونيو والأيام التالية

أقيمت بروفات مسرحية كاهنة الأوراس علي خشبة مسرح قصر ثقافة دمياط علي مدار أكثر من أربعة أشهر وكان هناك اعتراض شديد من الإدارة علي دخول الفرقة لخشبة المسرح خوفا من سقوط المسرح علي رؤوسهم ولم يسقط

كل الأنشطة الثقافية الأخرى تستغل خشبة المسرح دون خوف من السقوط أو الانهيار ومنها الندوات الأدبية والحفلات الموسيقية وحفلات الأطفال

انهيار المسرح يخشي منه في حالة تقديم عروض مسرحية فقط فقد رفضت الإدارة تقديم عرض كاهنة الأوراس علي مسرح قصر الثقافة وتم نقله إلي مسرح قصر ثقافة دمياط الجديدة وحرم جمهور دمياط من فرقته القومية

في نفس الوقت الذى يقدم فيه عرض مسرحية كاهنة الأوراس علي مسرح قصر ثقافة دمياط الجديدة أقيمت حفلة موسيقية في المسرح المهدد إداريا بالسقوط والانهيار في ذكري الفنانة سعاد محمد بحضور جماهيري




من تكون كاهنة الأوراس وأين تقع مملكتها ( الأوراس ) ورغم أن إعلان المسرحية ذكر أن المؤلف هو عبده الحسيني الفائز بجائزة التأليف المسرحي الأولي في مهرجان المسرح الشبابي بشرم الشيخ العام الماضي إلا أنه حقيقة الأمر  ليس المؤلف الأول للمسرحية فهي مأخوذة عن رواية لكاتب جزائري يدعي محمد بشير الإبراهيمي وهي من تراث الأمازيغ والبربر في شمال الجزائر بل والشمال الغربي الأفريقي كله فكان يجب أن يشير المؤلف إلي العمل الأصلي الذى اقتبس منه المؤلف فكرة مسرحيته بخط واضح بدلا من الإشارة المتعمد طمسها تحت اسم المسرحية .

لماذا تكرر هذا الموقف العدائي من النشاط المسرحي في دمياط عدة مرات بحرمانهم من خشبة مسرح قصر ثقافة دمياط بحجة المشكلة المعمارية في المبني في حين أن المشكلة تتركز في مدخل القصر فقد دون المسرح والمدخل مغلق والمسرح لها مدخلان آخران أحدهما مستغل والآخر مغلق