الأحد، 23 ديسمبر 2018

ميناء الصيد بعزبة البرج



ميناء الصيد بعزبة البرج



سميت عزبة البرج بهذا الاسم لوجود برج بها تم بناؤه عند مدخل بوغاز دمياط في عام 1215م في عهد الملك الكامل قبيل الحملة الصليبية الخامسة ، وهناك برج أخر في منطقة الجربى يربط بينهما سلسلة تمنع البوارج الحربية من الاقتحام .
وتقع المدينة في الطرف الشمالي لمحافظة دمياط عند نهاية مصب نهر النيل فرع دمياط ويحدها من الناحية الغربية نهر النيل ومن الناحية الشرقية بحيرة المنزلة ومن الناحية الشمالية البحر الأبيض المتوسط ومن الناحية الجنوبية الحدود الإدارية لمركز دمياط .
تبلغ مساحة المدينة 634 فدان وعدد سكانها يبلغ  35382 نسمة منهم 18388 ذكور و16994 إناث .. يعمل معظم سكان المدينة في مهنة صيد الأسماك وباقي السكان يعملون في خدمات معاونة لقطاع الصيد وتتميز المدينة بوجود أسطول لصيد الأسماك يمثل 60% من حجم أسطول الصيد بالبحر الأبيض المتوسط .
كما توجد ستة عشر سفينة شراعية بموتور مساعد تعمل في نقل البضائع في رحلات ساحلية ودولية بين المواني الدولية بالبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر علاوة على وجود 62  لنش نزهة وركوب مسجلة بميناء دمياط وتعمل بحواجز الغردقة وشرم الشيخ .
ولأن المنطقة كلها بيئة مائية غنية بثروتها السمكية فقد نشأت حرفة الصيد وامتهنها أغلبية السكان فمنهم من يصطاد بالشباك أو بالسنار أو بالقوارب ثم بسفن الصيد المتعددة الأحجام والتي تطورت بفعل تطور عابرات البحار وبطبيعة الحال نشأت بجانب كل ذلك حرف ومهن كثيرة تخدمها في المقام الأول كحرفة صناعة السفن والقوارب وصناعة شباك الصيد ولوازمها المختلفة ومع زيادة الاهتمام بتلك الصناعات ضمت عزبة البرج حوالي 60% من أسطول الصيد المصري في البحار الداخلية والخارجية علي السواء .
ومع زيادة حركة ذلك الأسطول في نهاية مصب النيل بين عزبة البرج ورأس البر أدي ذلك إلي زيادة أعباء التلوث من جراء تموين السفن وتفريغها لذا فقد انتهت الدراسات في عهد الدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط الأسبق إلي وضع مخطط متكامل لإنشاء ميناء جديد للصيد علي بعد 8 كم شرق مدينة عزبة البرج علي ساحل البحر الأبيض المتوسط علي مساحة 1200 فدان ومن المقدر أن يتضمن هذا الميناء أرصفة  لسفن الصيد وصيانتها وتموينها وتجهيزها وأرصفة أخري لتصنيع السفن واليخوت ومعدات الصيد ومنطقة صناعية ومنطقة تجارية تضم مصانع للثلج وحفظ وتعليب الأسماك ومنطقة سكنية وقرى سياحية وسوف يتم ربط الميناء بسوق السمك بشطا وكذلك بالطريق الدولي الساحلي . وقد بدأ الدكتور البرادعي في نهاية أيام توليه المسئولية كمحافظ لدمياط ضمن مشروعه الكبير للتنسيق الحضاري مخططا متكاملا لهذا الميناء وكان علي وشك البدء في تنفيذه بعد موافقة كافة الجهات المسئولية والمعنية بالأمر وكان آخرها موافقة القوات المسلحة علي الموقع والمشروع إلا أن أحداث يناير 2011 وما تلتها ترتب عليها نقل الدكتور البرادعي والاستعانة به كوزير للإسكان وتعاقب علي محافظة دمياط عدد كبير من المحافظين شغلت الأحداث أنظارهم عن هذا المشروع الحيوي والهام وبرغم أن المؤتمر الاقتصادي الأول الذى عقد في شرم الشيخ في 13 مارس 2015 قد ناقش العديد من المشروعات التنموية لدعم الاقتصاد المصري وإنقاذه وعرضت فيه محافظة دمياط ضمن مشروعاتها الحيوية المهمة مشروع ميناء الصيد وكانت دراساته المقدمة شبه متكاملة إلا أنه عند البدء في وضع مشروعات الاقتصاد القومي بدأت الحكومة بتنفيذ مشروع آخر لم يكن مخططا له وهو مشروع مدينة الأثاث الذى يجري تنفيذه حاليا في منطقة شطا بدمياط وأعتقد أنه لو وجهت الاستثمارات التي أنفقت في مدينة الأثاث إلي مشروع ميناء الصيد لكان مردوده الاقتصادي والمجتمعي قد ظهر بشكل أسرع وأكبر تأثيرا ولاجتذب عمالة أكثر وأكبر من بداية تنفيذه وحتي يكتمل بناؤه .


الجمعة، 16 نوفمبر 2018

مظاهر منقرضة للاحتفال بالمولد النبوي في قرانا


مظاهر منقرضة للاحتفال بالمولد النبوي في قرانا 








انقرضت مظاهر كثيرة من مظاهر الاحتفال الشعبي بالمولد النبوي كل عام في المجتمعات الدمياطية سواء في الريف أو في المدن ففي الأزمنة القديمة كانت قرى محافظة دمياط تستعد مع بداية العام الهجري كل عام بالترتيب للاحتفال بالمولد النبوي في أشكال مختلفة فكانت القرى تتنافس فيما بينها علي التميز في أشكال الاحتفال سواء في الزفة كما كان يطلق عليها والتي كانت غالبا ما تتم يوم الثاني عشر من ربيع الأول أو في إقامة الموالد الدينية وحلقات الذكر أو في إحياء ليالي المولد بقراءة القرآن وتوزيع القرفة باللبن داخل المساجد ففي قريتي الزرقا كنا ننتظر بشغف قدوم ابن الزرقا المغترب في القاهرة الحاج أمين موسي الزرقاوي ليقوم بتنظيم وتنسيق إقامة زفة المولد حيث يقوم أصحاب الحرف المختلفة يتجهيز مشاركاتهم في تلك الزفة التي تأخذ مسارها في شوارع القرية بطولها كلها لكي يشاهدها جميع سكان القرية من أقصاها إلي أقصاها وقد بلغ التنافس منتهاه فيما بين الحرفيين للفوز بأحسن عربية في الزفة وكانت تلك العربات عبارة عن عربات كارو يجرها حصان ذات عجلتين من الخشب يحكمهما إطار حديدي فيقوم المكوجي مثلا بتجهيز منضدة لكي الملابس وإعداد وابور جاز لتسخين المكاوي الحديد وفي الزفة يقوم بكي قطع ملابس أعدها خصيصا للزفة ويقوم بملء فمه بالمياه ليبخها علي الملابس قبل كيها ومن باب المداعبة لا مانع من أن يبخ بعض المياه علي الواقفين علي الجانبين للفرجة علي الزفة وكذلك يقوم نجار السواقي بنصب منشار الطويل علي العربة ويقوم اثنان من النجارين بشق قطعة من خشب الشجر المستخدمة في صناعة السواقي ونري الحلواني الذى يكون قد أعد كثير من قطع الحلوي العسلية والسمسمية والحمصية ويلقي بها علي المتفرجين من أهل القرية بينما أبدع صاحب مقهي ذات مرة وأعد منصة علي عربته يجلس عليها عروسة وعريس وغالبا ما تكون العروسة شابا جميل الطلعة يتم عمل مكياج بسيط له عبارة عن بدرة وروج فاقع ويلبس فستان الزفاف ويضع طرحة علي رأسه وإلي جانبه عريس كوميدي يرتدي جلبابا وعليه بالطو وفوق رأسه طربوشا ذو زر معووج من باب التندر والكوميديا بينما يقوم الجزارين بزفاف بعض مواشيهم وأغنامهم ولا مانع من أن يشارك الفلاحين بتسيير نورج تجره بهيمة ويقوم الفلاح بقيادتها وفي يده الكرباج يداعب به الجماهير ؛ ويتقدم الزفة فرقة للموسيقي النحاسية التي تعزف الإاغاني المشهورة ليتغني معها الناس وفي وسط الزفة أو في نهايتها تشارك فرق من الطرق الصوفية الرفاعية والشاذلية والبرهامية وغيرها ببعض أعضائها يحملون الأعلام التي تمثل الطائفة أو الطريقة ويتقدمهم كبيرهم وكان يسمي الخليفة الذى ينال احتراما وتقديرا من بني طريقته يلبس عباءة مطرزة ويضع شالا أبيض فوق رأسه ويمسك في يده مسبحة طويلة ومن خلفه أتباع طريقته يذكرون ويتلون بعض الأناشيد الصوفية المعروفة لديهم التي تشيد بشيخ طريقته في أغلب إنشادهم متضمنا صلاة وتسليما علي النبي الأمين صل الله عليه وسلم وفي وسط هذه الفرق الصوفية موسيقي شعبية تتكون من عازف الناي أو المزمار البلدي مع دقات الدفوف الكبيرة التي يلوحون بها مع الذكر والتمايل يمنة ويسرة وتنتهي مسيرة زفة المولد عادة بقافلة من الحمير والأحصنة وربما الجمال للاطفال الذين تأجلت طهارتهم لكي تكون بالمولد ويزفون فيه كنوع من الاحتفال بهم ؛
ولم يكن الاحتفال قاصرا علي الزفة ولكن هو بداية لاحتفالات شعبية كثيرة بالمولد النبوي يتباري فيها أبناء القرية فتقوم بعض الأحياء فيها أو بعض الأسر الكبيرة كل منها بإحياء ليلة المولد بإقامة حلقات الذكر التي يتباري مقيموها في الاتفاق مع منشد شهير من خارج القرية يتقاضي أجرا كبيرا لينشد مع حلقات الذكر القصص الشعبية التي تنبني علي الأساطير والخرافات المتوارثة عير الأجيال والتي يختلط فيها الموروث الشعبي بالطقس الديني ويتم الاتفاق بين كبار القرية علي تقسيم الليالي بين المشاركين بإقامة هذه الليالي والتي كانت تبدأ عادة بعد صلاة العشاء وتمتد لساعات طويلة من الليل ؛
بينما يلجأ بعد المعتدلين من الأسر العريقة في القرية بالتنافس علي إحياء المولد بطريقة أخري داخل المسجد الكبير بإحياء الليلة بقراءة القرآن الكريم عن طريق مقرئ شهير ومنشد مع توزيع قطع الحلوى من السمسمية والحمصية وغيرها أو أكواب القرفة باللبن علي الحاضرين للاحتفال داخل المسجد ويحرص الكثير من أرباب الأسر في القرية علي شراء حلوي المولد التي تتكون من السمسمية والحمصية والجزارية وعرائس المولد للبنات وأحصنة الحلوي للصبيان ويوزعونها علي أسرهم أو أقاربهم ؛
كل هذه المظاهر قد اختفت تقريبا من مجتمعاتنا في القرية التي اقتربت كثيرا في عاداتها من المدينة بعد دخول الكهرباء للبيوت واقتناء أجهزة الراديو والتليفزيون ولم يبق من هذه العادات الشعبية للاحتفال بالمولد النبوي سوي شراء حلوي المولد وتوزيعها علي الأهل والأقرباء . 




الاثنين، 8 أكتوبر 2018

كنت مع سعد وهبة في رأس العش


كنت مع أول من زاروا نقطة رأس العش بعد تحريرها في حرب أكتوبر
بعد قرار وقف إطلاق النار بأيام قليلة 



كان الراحل الكبير سعد الدين وهبة رئيس جهاز الثقافة الجماهيرية التابع لوزارة الثقافة قد عينني مديرا لقصر ثقافة دمياط في خريف عام 1971 وكان عمري وقتها 27 عاما بعد حصولي علي المركز الأول في الدورة الثالثة لمركز إعداد الرواد للثقافة الجماهيرية في نادي الغابة بمصر الجديدة والتي استمرت لثمانية أشهر وبالمناسبة كان من زملائي في تلك الدورة محمد غنيم رئيس العلاقات الثقافية الخارجية لوقت طويل وكان قد عين وقتها مديرا لقصر ثقافة الحرية بالإسكندرية  وبعد أن قامت حرب أكتوبر المجيدة وصدر قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار ووضح للعالم أجمع أن قواتنا الباسلة قد غسلت عار نكسة يونيو وحققت انتصارا كبيرا ومعجزا بكل المقاييس وبسبب الروح المعنوية العلية جدا لكل أفراد الشعب نظمت إدارة الشئون العامة والتوجيه المعنوي بالقوات المسلحة يومها رحلة للفنانين والكتاب لزيارة النقطة الحصينة في رأس العش جنوب بور فؤاد التي تم تحريرها في بداية المعركة وجاء أتوبيس الفنانين والكتاب إلي دمياط وكان من بينهم شكري سرحان وعزت العلايلي وصلاح ذو الفقار وعبد الرحمن ابو زهرة وحمدي غيث وعبد الله غيث وغيرهم وكانت تعليمات سعد الدين وهبة أن أعد لهم إفطارا في دمياط لأنهم كانوا قد تحركوا عند الفجر من القاهرة ورتبت مع المحافظة أعداد هذا الإفطار في نادي المحافظة وطلب مني أن أرافقهم في الرحلة لأن السائق لم يكن يعرف الطرق جيدا إلي بورسعيد وبور فؤاد وفرحت بذلك حيث كان الطريق الوحيد إلي بورسعيد من دمياط فقط عبر الساحل بطول البحر الأبيض المتوسط بعد مدينة عزبة البرج وكان طريقا خطيرا لأن البحر كان عندما يرتفع المد تطغي المياه علي الإسفلت وشيئا فشيئا تكسر فيما بعد وأنشيء طريق آخر لبورسعيد من دمياط مارا بقرية شطا بعيد عن ساحل البحر وصلنا إلي بورسعيد وصحبتنا الشرطة العسكرية وعبرنا بالأتوبيس المعدية إلي بور فؤاد واتجهنا جنوبا بقيادة الشرطة العسكرية ومندوب التوجيه المعنوي إلي النقطة الحصينة التي تم تحريرها وفي الطريق إليها أصابنا الهلع جميعا من هول ما رأينا فقد كان الطريق الذى أعده المهندسين العسكريين لا يسمح إلا بمرور سيارة واحدة فقط بين حواجز علي الجانبين من أعمدة خشبية متصلة يبعضها بالحبال ونري فيما وراء هذه الحواجز علي الجانبين كثير من أحذية البيادة الضخمة ا لتي كان يرتديها جنودنا في الجيش المصري فأصابنا الهلع علي كثرتهم ظنا منا أن أصحابها قد لقوا حتفهم فقد كانت تلك البيادات وسط حقول ألغام من الجانبين وعندما وصلنا إلي بداية الموقع كان هناك كوبري صغير أعده أيضا سلاح المهندسين لعبور المركبات والمدرعات الصغيرة أول الأمر إلي داخل النقطة الحصينة  وقبل هذا الكوبري بأمتار قليلة فجوة كبيرة وحفرة قطرها يصل إلي حوالي عشرة أمتار قبل لنا من مندوب التوجيه المعنوي أن هذه الحفرة قد خلفتها دانة ألف رطل من طائرة فانتوم إسرائيلية تشاء عناية الله أن تسقط بعيدا عن الكوبري الذي استخدمه جنودنا في اقتحام تلك الدشمة الهائلة ويبقي الكوبري سليما وتنجح القوات في الاقتحام
الدشمة نفسها تقع علي مساحة كبيرة تحيطها تلال مرتفعة من الرمال والحديد والطوب والخرسانة وكلها تحيطها مياه الملاحات وأرضها الرخوة من كل جانب ومقسمة من الداخل إلي تقسيمات كان بداخلها ثلاث دبابات سنتوريون الضخمة ثم ملاجئ للأفراد مجهزة علي مستوي عالي من الرفاهية وداخل الملاجئ تلاجات وأطعمة راقية معلبة ومبردات مياه وتكييف مركزي  ودورات مياه علي مستوي عال من النظافة وعلي التباب العالية كانت المدافع الضخمة الموجهة ناحية بورسعيد بالأساس والتي دمرت معظم مبانيها في حرب الاستنزاف وللوهلة الأولي عند الدخول للموقع شاهدنا أول دبابة كانت تتأهب للضرب حيث خرجت من ملجئها إلي تبة عالية لا يظهر منها إلي برجها ولكنها كانت بلا برج وشاهدنا برج الدبابة منزوعا منها ومرمي علي الأرض وبه ماسورة المدفع الخاص بها بعيدا عن جسم الدبابة بحوالي 30 متر وتكرر المشهد مع الدبابتان الأجرتان أما المدافع الضخمة المثبتة في تبابها فكانت مواسيرها كما لو كانت من البلاستيك وقد طوتها قوة هائلة وفي جانب بعيد من التبة بجوار دورة المياه كانت هناك بضع أكياس من البلاستيك القوي المغلق بإحكام قيل لنا أنها جثث الإسرائيليين الذين كانوا بالموقع معبأة في انتظار وفد من الصليب الأحمر لاستلامها ونقها إلي الجانب الإسرائيلي وكانت المفاجأة التي سررنا لها أننا وجدنا كل جنودنا المصريين الذين حرروا الموقع واستقروا به يرتدون سويترات كاكي  مبطنة بالفرو من الداخل وتغلق بسوسته قيمة ويرتدون النظارات الريبان وأحذية رشيقة خفيفة هاف بوت بسوسته قال لنا مندوب التوجيه المعنوي أحذية البيادة التي شاهدتموها وأنتم داخلون للموقع كانت تخص هؤلاء الرجال استبدلوها بأحذية وملابس الإسرائيليين الرشيقة وكان الجميع يجمع علي أننا لم ننتصر بقوتنا ولكن بقوة الله وعونه ومدده فلك أن تتصور كيف انتزع هذا البرج الضخم للدبابة وطار بعيدا عنها أي قوة جبارة استطاعت أن تفعل ذلك ليست قوة الصواريخ المضادة فقط ولا الأرباجيهات ولكن بدعم ومدد من الله حيث كان المقاتلون الصائمون يرددون في كل حين صيحة النصر المبين الله أكبر
من جلال المشهد خر كثير من الفنانين المرافقين وكان أولهم شكري سرحان وعزت العلايلي وعبد الرحمن أبو زهرة وغيرهم علي الأرض ساجدين شكرا لله علي توفيقه ونصره وانهمرت الدموع في عيون الفنانات المرافقات وكان منهن الفنانة الكبيرة سهير البابلي وسميحة أيوب ومحسنة توفيق وأخريات

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018

لا عتب علي المسئولين في هيئة قصور الثقافة

حول حفل التكريم الذي أقامه صالون دمياط الثقافي
لا عتب علي المسئولين في هيئة قصور الثقافة
وفي إقليم شرق الدلتا الثقافي
فهم بالفعل يستحقون أن نرثي لحالهم

منذ فترة طويلة وبعد خروجي من الخدمة للمعاش طلب مني الزملاء في فرع ثقافة دمياط أن أكرم فيما يسمي صالون دمياط الثقافي وكنت أرفض لعدة أسباب أولها وأهمها أنني لا أعتبر نفسي قد ابتعدت عن ممارسة العمل والفعل الثقافي الذي لا يرتبط بوظيفة بأي حال من الأحوال وثانيا لأنني لا ألمح كيانا اعتباريا محترما يحمل اسم صالون دمياط الثقافي بل هو اجتهاد شخصي من الزميل ناصرا لعزبي يشكر عليه وهذا الاجتهاد مرتبط بشخصه لا بالكيان الثقافي المفترض فيه تولي المسئولية الكاملة عن كل ذلك بدليل أنه في الفترات التي انتقل فيها الأستاذ ناصر للعمل في جهات أخرى توقف الصالون عن مسيرته التي بدأها ولم يستأنف نشاطه القاصر علي تكريم بعض الشخصيات دون أن يكون له أي فعالية ثقافية أخري إلا بعد عودته مسئولا عن إدارة الفرع :

ومع هذا قبلت هذه المرة التكريم بالشكل المعهود إرضاء له ولكنني في قرارة نفسي لم أكن مرحبا بفكرة التكريم خاصة أن يأتي ممن هم لا يعرفون للناس أقدارها لأنهم في البدء لم يعرفوا قدرهم الشخصي فأني لهم أن يقدروا الآخرين ؟ ! ومن هذا المنطلق فقد كان يمكنني الاعتذار بعد أن علمت أن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لن يحضر ولم ينيب أحدا للحضور نيابة عنه واكتفي بإرسال ما يسمي درع الهيئة الذى لحسن الحظ لا يحمل اسمه وكذلك بعد أن علمت أن الدكتورة محافظ دمياط قد أنابت السيد السكرتير العام للحضور نيابة عنها وقد سعدت بالتعرف عليه شخصيا فهو رجل مثقف ومحترم ولكن ما يحفز الإنسان دائما علي تقديم التنازلات فيما يخص شخصه هو أن ما يعوض كل ذلك حضور بعض المهتمين والأصدقاء محل التقدير والاحترام فهو أثمن عندي ممن دونهم واعتزازي بحضورهم يفوق عندي حضور أي مسئول آخر وكلماتهم عندي أغلي مئات المرات من أي درع أو شهادة ؛

الشكر كل الشكر لمن حضر حفل التكريم وأخص به الأب بندلايمون والمهندس محمد حلمي درة وصديق عمري ابن الزرقا البار أسامة الغندور وأدباء دمياط الذين أفنينا عمرنا في خدمتهم عن قناعة والفنان الملتزم توفيق فوده والزميل المحترم جدا سعد الصياد حارس الأمن والفنان الشعبي القدير فما قام به عندي أثمن كثيرا من درع هيئة قصور الثقافة الذي أرسله رئيسها والذى أعلن الآن عدم قبولي إياه وسأرده لهم عن طريق من أرسلوه له ليرده إليهم ولست عاتبا علي الزملاء في إقليم شرق الدلتا الثقافي لعدم حضورهم أو إيفاد من ينوب عنهم كما يفعل المسئولون المحترمون عادة لأنهم حقيقي في محنة فهم كيان منهار بلا رئيس ولا مدير عام منذ أشهر طويلة لأن هناك في الهيئة مجلس إدارة ولجنة قيادات لا يقدرون المسئولية وينبغي أن يحاسبوا علي هذا الاهتراء وهذه الفرضي والتدهور الذي ساد في عهدهم أغلب المواقع الثقافية

الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

محروس الصياد


محروس الصياد



آخر الأعمال التي شاركت في طباعتها لأدباء دمياط أثناء قيادتي للعمل في ثقافة دمياط كان ديوان فارس البحر لمحروس الصياد الذي صدر يحمل رقم 56 في إصدارات الرواد والتي أفخر أنها وصلت إلي هذا الرقم في ذلك العام قبل أن أنتقل للعمل مديرا عاما لثقافة الغربية ، ومحروس الصياد الذي تعرفت عليه بعد العودة من رحلة الغربة للعمل في لبنان كان رحمه الله عضوا أساسيا في حركة أدبية كبيرة نشأت في دمياط في أوائل الستينيات وظلت تمارس دورا كبيرا في إحداث فعاليات أدبية وثقافية كبيرة علي مستوى مصر كلها حتي أدمجت سياسيا في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة في منتصف الستينيات إبان تولي الراحل سعد الدين عبد الرازق إدارة مركز الثقافة والاستعلامات بدمياط وحتي أواخر عقد الستينيات وأوائل السبعينيات حيث استلم منه راية القيادة الزميل ممدوح بدران ابن بورسعيد الذي لم يدم طويلا حيث عينت مديرا للثقافة بدمياط في أواخر 1971 وبدأت في تفعيل دور جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط لتعويض العجز البشري في كوادر العمل الثقافي بدمياط عن طريق كوادر أهلية متطوعة من رواد قصر الثقافة وواجهت مقاومة كبيرة من الأدباء في تلك الآونة دفاعا عن استمرار كيانهم الأدبي المعتدي عليه بالدمج في تلك الجمعية وكان في قيادة تلك الحركة محمد النبوي سلامة ومصطفي الأسمر وعبد الرحمن عرنسة وأنيس البياع والسيد النماس وطاهر السفا ومحمد العتر ، وجيل الشباب في ذلك الوقت ومنهم سمير الفيل ومحسن يونس ومحمد علوش ومحمد الزكي وكان في طليعتهم الزميل كامل الدابي وكانت الحركة في ذات الوقت تضم مجموعة من الأدباء الراسخين من أمثال يوسف القط ومحمد أبو سعده وعيد صالح ومجموعة أخري من الشعراء الشعبيين البسطاء الذين يملكون موهبة لها شأنها وإن قل حظ أصحابها من التعليم كان منهم عبد القادر السالوس والسيد الغواب وعلي ظلام وحسين البلتاجي وحسنين لبيب ومحروس الصياد وغيرهم وكانت هذه المجموعة تتميز بغزارة الإنتاج ورصانته وتلقائيته منهم الدءوب الباحث عن المعرفة دوما في فنون الشعر وكتابته مثل محروس الصياد وعبد القادر السالوس وكنا في حفلاتنا الثقافية دوما نعتز بتقديم شعراء تلك المجموعة من المبدعين الذين ارتبطوا بقصر الثقافة ارتباطا وثيقا مشاركين بفعالية في كل مناسباته الأدبية والفنية من ندوات ومؤتمرات وعروض مسرحية وغنائية وكان محروس الصياد الأويمجي ( كمهنة ) شاعرا متميزا في الكتابة عن البحر والصيادين فلم يكن مولعا بأسرار مهنته التي احترفها في النقش علي قطع الأثاث كأغلب أبناء مهنته ولكنه كان مولعا بالكتابة عن البحر وقسوته وعن الصيادين ومشاق عملهم ومخاطر حرفتهم وقد تميز شعره وفنه بالإبحار في هذا العالم حتي كان من لا يعرفه ويستمع له يظن أنه من أبناء عزبة البرج ومن طائفة الصيادين بها .
محروس الصياد إلي جانب كونه شاعرا تمكن من أدوات فنه فقد كان أيضا إنسانا ألوفا محبا للآخرين بشكل كبير لم نعهد فيه أنه أغضب أحدا أو انخرط في صراع ضمن جماعة ضد أخرى وما أكثر ما وقع من صراعات في تاريخ الحركة الأدبية في دمياط إلا أن هذه الصراعات والتي كانت في أغلبها سياسية وليست أدبية لم ترق إلي حد التمزق والانقسام بل زادت الحركة تماسكا وترابطا فيما بين أعضائها حني وقتنا هذا رغم التباين الفكري والسياسي الشديد فيما بينهم ، وعلي الرغم من أن حركة أدباء دمياط قد بدأت في أوائل الثمانينات تبحث عن حل لمشكلة النشر متجاوزة طموحات الأدباء الشبان في ذلك الأوان فاستطعنا أن نقتني لنا في ثقافة دمياط مطبعة جديدة ( للماستر ) واستطعنا بها أن ننطلق في آفاق الحركة الأدبية في كل ربوع مصر من خلال تلك المطبوعات النشطة رغم تواضعها فنيا وكان من أوائل ما صدر من المطبوعات ديوان للراحل محروس الصياد بعنوان ( مسافر يا بحر) عام 1983 حيث كان يحمل ذلك الديوان رقم 12 في سلسلة إصدارات الرواد ، وقد كان تميز ودأب محروس الصياد دافعا للاستعانة به في كتابة كثير من أغنيات المسرحيات التي أنتجت في قصر ثقافة دمياط لفرقة دمياط المسرحية أو لتجارب نادي المسرح بدمياط مع كل من سمير الفيل وطه شطا ومحمد الزكي الذين برعوا جميعهم في هذا الفن وقد ارتبطوا جميعهم رغم تنافسهم الشديد في التصدي للكتابة في هذا المجال بروابط وثيقة فيما بينهم وفيما بينهم وبين الحركة الثقافية التي كانت قد بدأت تنطلق لتشهد طفرة كبيرة في عهد الدكتور أحمد جويلي محافظ دمياط اعتبارا من بدايات عام 1984 وكما تعرفت علي محروس الصياد فجأة بعد عودته من لبنان فقد رحل عنا فجأة أيضا وبلا مقدمات لأفاجأ برحيله في شهر رمضان قبل الماضي رحمه الله وحشره راضيا مرضيا في زمرة عباده المرضي عنهم فقد عاش محروس الصياد راضيا قنوعا بحياته غير عابئ بزخارف الحياة ومغانمها .

محمد عبد المنعم إبراهيم
دمياط في 12 ديسمبر 2012


الثلاثاء، 4 سبتمبر 2018

مهرجان الطبول .. هل جاء في موعده ؟


مهرجان الطبول .. هل جاء في موعده ؟

نظمت مكتبة مصر العامة في دمياط مهرجانا للطبول في رأس البر بدأ بالأمس  السبت 3 سبتمبر 2018  ويبدو أنه انتهي في نفس الوقت ورغم أن الاسم علي غير مسمي فلا هو مهرجان ولا هو للطبول فتحسرت علي زمن الجاهلية عندما كنا نبدأ مع بداية شهر يوليو من كل عام تنظيم الموسم الترفيهي برأس البر علي مدار شهرين ونصف من أول يوليو وحثي منتصف سبتمبر بتضمن عروضا مسرحية وعروضا للفنون الشعبية علي مسرح 6 أكتوبر الذي هدمه البرادعي احتراما لاسمه ولم يعد بناءه لحساب توسعة كورنيش النيل الذي تم لحساب الباعة الجائلين فيما بعد وحفلات موسيقية وغنائية علي مسرح صغير علي الكورنيش أسموه مسرح الشلال وأحيانا ندوات شعرية وكان هذا نشاطا مقدسا ثابتا لا يتغير بدعم مالي هزيل من هيئة تنشيط السياحة بدمياط بالتنسيق مع الثقافة الجماهيرية وهيئة المسرح واليوم أسمع كلمة مهرجان الطبول ولا أري سوي فرقة واحدة تضم ثلاثة طبول وثلاثة مزامير بلدي وتروميه نحاس وطبعا ولا واحد منهم من دمياط فتزيد الغصة فعندنا في دمياط طبالين كثر لا ينافسهم أحد دعمتهم المحافظة وظلوا مواكبين لمحافظها السابق أرجو أن يتواروا مع مقدم المحافظ الجديد

                                     الصورة من صفحة حمادة سعد 

الأربعاء، 8 أغسطس 2018

في مسألة تطوير التعليم بدمياط


في مسألة تطوير التعليم بدمياط 










في إطار تنفيذ توجيهات وتوصيات مؤتمر الشباب ورئيس الجمهورية فيما يخص التعليم وتطويره وانطلاقا من توجيهات السيد المحافظ في اجتماع عقده لهذا الغرض من رؤساء التربية والتعليم والجامعة والشباب والثقافة بدمياط أري ما يأتي :
·      السعي حثيثا نحو إلغاء كافة أوامر التكليف في التربية والتعليم والتي تعتبر الباب الرسمي للمجاملات والمحسوبية في إسناد وظائف قيادية لأشخاص لا تنطبق عليهم شروط التعيين في تلك الوظائف والمبرر يكون عدم وجود كفاءات وكوادر مؤهلة ويكون شغل الوظيفة هنا لمن لا يستحق بشكل مؤقت لحين تعيين من يستحق بالمسابقة ولا يتم ذلك في أغلب الأحوال وهذا ينطبق علي مديري المدارس ووكلائها وكذلك مديري الإدارات ووكلائها أيضا .
·     فيما يخص الشباب والرياضة كيف تمارس الأنشطة الرياضية للطلاب في إستاد خرب طالته يد الإهمال لأكثر من عشر سنوات حتى الآن رغم كثرة التصريحات باعتماد ميزانية تطويره بل والتي تضمنت يوما إسناد أعمال التطوير بالفعل للهيئة الهندسية ولا يمكن أن يكون مبرر استمرار الإستاد علي حاله المتدهور هو بقاء وحدات من الجيش للحماية الشعبية فيه فلا يمكن بحال من الأحوال أن يقبل الجيش وقياداته هذا الوضع
·     أما فيما يخص الثقافة فكيف تمارس الأنشطة الثقافية في قصر الثقافة بوضعه الراهن حيث تدهورت مرافقه وخدماته وتراكمت أكوام القمامة في جنباته لعدم وجود عامل خدمات واحد في كل هذا المبني أي عقلية إدارية في الدولة تقبل أن تتدهور النظافة في مبني يفترض فيه أن يكون عنوانا للنظافة قبل أن يكون عنوانا للفكر والثقافة أدعو السيد المحافظ لزيارة غير مرتبة لمبني القصر وتفقد أرجاءه وأثق أن النتيجة ستكون شديدة الإيجابية وكذلك الحال في داخل إستا دمياط

















السبت، 21 يوليو 2018

هل تراجع دور النقد العلمي ؟


هل تراجع دور النقد العلمي ؟








                                                                                                                                                                                          الدكتور محمد مندور

أخرج لنا مرة الفنان إبراهيم الدالي مسرحية باسم ( القرش الأزرق ) وبعد التصفيات الأولي رشحت المسرحية للعرض علي مسرح السامر بالقاهرة في المهرجان الختامي للمسرح علي ما أتذكر في عهد الدكتور سمير سرحان صاحب مهرجان المائة ليلة مسرحية وقد حدث قبل العرض أن نسي أحد نجومه الفنان الراحل محمد ناصف زيه المرسوم والمنفذ للعرض فارتدي جلبابا عاديا أبيض  اللون من جلابيبه المنزلية وبعد العرض فوجئنا بأحد النقاد الذى انبري لمناقشة العرض المسرحي يشيد علي وجه خاص بالجلباب الذي ارتداه ناصف وظل يستفيض في دلالة الجلباب ولونه واختياره العبقري من قبل المخرج وقد كان إبراهيم الدالي علي وشك أن يعاتبه علي نسيان زيه المسرحي وعدم ارتدائه أسوة بباقي الزملاء في العرض .
أي أن الناقد قد يري في العمل الفني ما لا يراه المبدع أو المتلقي ويستخرج منه مالا يقصده الفنان ويستدعي برؤيته الخاصة من العمل إضافات أخرى كثيرة غير واضحة للمتلقي العادي فلعلاقة بين الناقد والمبدع أو الفنان هي علاقة تبادلية، قد يأخذ فيها الفنان برأي الناقد في إنتاجه الفني. وقد يلتقي الناقد بالفنان فيتم تبادل الرأي مباشرة، أو قد يتناول الناقد عمل الفنان بالدراسة والتحليل، ويكتب عنه مقالاً نقدياً ينشر في الصحافة ليقرأه الفنان كما يقرأه أي قارئ آخر. وقد تصل العلاقة بين الناقد والفنان إلى حد الخلاف والشد بين الطرفين بسبب تضارب الآراء أو عدم رضى الناقد عن عمل الفنان، كذلك عدم رضى الفنان عن ما يكتبه الناقد. ومهما كان نوع العلاقة بين الفنان والناقد إلا أن الفنان والفن في حاجة إلى النقد الفني. فالناقد ينقد العمل الفني من خلال فهمه وخبرته الفنية ومعرفته الثقافية. فنجد أن لبعض النقاد قدرة على أن يرفع بكتابته النقدية من مكانة فنان أو قد يؤثر في المتلقين من الجمهور حــول أهمية أعمــال بعض الفنانين،
ويؤكد باريت (Barrett 1994) أن على الناقد أن لا يكون في موقع المراقب الذي يبحث عن الأخطاء في الأعمال الفنية، بل يجب أن يبحث عن الإيجابيات. كما أن عليه أن لا يضع نفسه في موضع المتحدي للفنان مما يجعل عملية النقد ذات صفة شخصية وليست موضوعية، بل أن على الناقد أن يتجرد من الأهواء الشخصية، وأن يحكم على الأعمال الفنية من غير تحيز أو تشدد في الرأي.
ويرى بقشيش (1997) أن النقد يشارك في صنع الفنانين والأعمال الفنية، "فقد يربط الناقد بعض المؤثرات بعمل فني ما، لا يكون الفنان نفسه قد تأثر بها، وقد يتوقف الفنان في مرحلة سياسية مرتبكة... فيسارع الناقد إلى الربط الآلي بين الارتباك العام والتوقف الخاص، وربما كان هذا التوقف عائداً لسبب فردي بحت لا علاقة له بذلك الاضطراب العام، ولأن معظم فنانينا، إن لم يكن كلهم، لا يمارسون الكتابة الإعترافية عن سيرتهم الذاتية، أو الكتابة الموضوعية عن تجاربهم في الإبداع، لذلك يتحمل الناقد الذي لا يجد أمامه إلا وثيقة العمل الفني عبء التفسير الذي يظل ناقصاً على الدوام."
فالنقد الفني يفسر ويوضح ويحلل الظاهرة الفنية، ويدعو إلى أن يتعايش الناس مع الفن بموضوعية وحيادية. ومما يسهل على الناقد مهمته في رفع مستوى الذوق العام في المجتمع، وتوضيحه لمعاني الأعمــال الفنيــة وبنائهــا وقيمتهــا التــعبيرية والــرمزيـــة إلى المتلقــين.
ويعتبر البعض أن المغالاة في مدح الفنانين قد تؤدي إلى الخداع لهم وجعلهم يحسون بأنهم وصلوا لمستويات عالية مما قد يقلل من الاجتهاد، كما أن الهجوم والهدم المستمر قد يثبط من هممهم، ويقلل من فرصهم، لذلك يؤكد على الحاجة إلى نقد متزن لا مغالاة فيه ولا هدم. يقول: "يجب أن تبرز المحاسن والرؤى الكلية، ويقل الاهتمـام بالهفــوات كيــلا تضيــع المعــالم الرئيسيــة في العنــاية غير المحدودة بالتفاصيل."
ويعد النقد الفني عملية تحليلية تمكن الناقد من جعل الأشخاص غير القادرين على تذوق الأعمال الفنية، قادرين على إدراك القيم التي تؤدي إلى الرؤية الفنية الصحيحة، وقد ينقل الناقد من خلال نقده رؤية جديدة لم تكن واضحة لدى الفنان الذي أنتج العمل الفني.
وتعتبر وظيفة الحكم هي أهم وظائف النقد الفني حيث يحتاج النقاد إلى مبررات تدعم هذا الحكم لتكون آراءهم وأحكامهم مبنية على أسس واضحة ومحددة. فلا يمكن الوصول إلى الحكم دون أن يحيط الناقد بظروف العمل الفني أو بالسيكولوجية المحيطة بالفنان وظروفه الاجتماعية. كما أن عليه أن يتتبع البناء الشكلي والجمالي ويفسر دلالته التعبيرية أو الأيديولوجية أو الاجتماعية أو التراثية أو السياسية... وغيرها من الدلالات. ولابد للناقد من أن يقيم نوع من العلاقة الإنسانية مع الفنان، يستطيع من خلالها أن يستنتج بعض المبررات للأحكام التي يطلقها على أعمال ذلك الفنان. فالناقد هو من يستشعر الصفات الإبداعية في الأعمال الفنية ويكشف النقاب عنها ويوجه النظر لرؤيتها وتذوقها .
ولا يستطيع أي ناقد مهما كانت قدرته ومهارته النقدية أن يفرض أي مقاييس مسبقة على الأعمال الفنية، ولكن هناك معايير عامة للقياس ولإصدار الأحكام على أساسها. وحتى هذه المعايير ليست مطلقة بل تعتبر مساعدة للناقد، فلكل عمل فني مبتكر قوانينه ومعاييره الخاصة التي تصلح في وقت ما، بينما قد لا تصلح لعمل مختلف ووقت آخر. وينظر النقد المعاصر بمرونة إلى الأعمال الفنية وبأسس مختلفة في كل عمل فني، حيث يوجه النقد الانتباه إلى الشكل الظاهري للعمل الفني والطريقة التي تم بها بناؤه الشكلي، ثم ينتقل إلى معاني الرموز، والروح التعبيرية للعمل ككل، ويزيل الغموض ويوضح المضامين الفكرية داخل العمل الفني في سياق الأحداث التي تدور في المجتمع.
من هنا أصبح النقد علما يدرس في المعاهد والكليات له أسس وقواعد وهو علم حديث ولكن له تاريخ ويعود الفضل في مصر إلي شيخ النقاد وأول من حدد للناقد الفني ملامح ومعايير علمية وهو الدكتور محمد مندور في أن قنن للعملية النقدية ووضع لها أسسا ومعايير وأهداف ولم يعد النقد فهلوة أو ارتجالا شخصيا يخضع لمهارة البعض ممكن استحلوا لأنفسهم أن يكونوا نقادا بلا دراسة وبلا مقومات ولكن مع بروز دور الميديا في فرض سيطرتها علي الأحوال الفكرية والثقافية والفنية عدنا مرة أخرى إلي تكريس الفهلوة والانطباعية وتلاشي دور العلم والأكاديميين النقاد في زحمة فرسان الفهلوة والارتجال وسط استحسان حملة المباخر والمطبلين والمجاملين ,

الاثنين، 2 يوليو 2018

سعد الدين وهبة ابن البصارطة دمياط







2- سعد الدين وهبة ومذبحة الصحفيين




مذبحة الصحفيين التي وقعت عام 1964 لم تكن في نظر السلطةعقابا لأحد ولكن ( شدة أذن ) بناء علي تقارير أمنية كيدية صنفت بعضهم علي أنه يساري والبعض علي أنه يميني والبعض الآخر علي أنه لم يكن مواليا تماما للنظام وتفاوتت درجة شد الأذن من كاتب إلي آخر فمنهم من أقصي إلي شركة باتا ومنهم من أقصي إلي نقابة الصحفيين للقيام بأعمال إدارية أو علاقات عامة ولك أن تتصور مثلا أن أستاذنا عبد الحميد سرايا صنف علي أنه موالي للإخوان في حين أنه كان من المعروف أنه متزوج من فنانة المسرح القومي الكبيرة نعيمة وصفي وكان وراء تلك المذبحة مراكز القوي التي ظهرت في تلك الفترة وكان أوفر الكتاب المبعدين من دار التحرير وجريدة الجمهورية تحديدا حظا كان سعد الدين وهبة حيث أقصي إلي وزارة الثقافة ولأنه كان قد فرض نفسه ككاتب مسرحي متميز بعد كتابته لمسرحيات المحروسة وسكة السلامة وكفر البطيخ وغيرها فوجدوا في إبعاده عن الصحافة والاستفادة به في موقع أكثر ملاءمة فقد عمل بوزارة الثقافة في كثير من المناصب بين عامي 1964 وعام 1980 ، فشغل أول الأمر منصب رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للإنتاج السينمائي ،ثم رئيس مجلس إدارة دار الكتب للطباعة والنشر.ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون. ووكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية. ووكيل وزارة للثقافة الجماهيرية. وسكرتير المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ، ووكيل أول وزارة الثقافة.ونائبا للوزير من عام 1975 وحتى عام 1980.ورئيس مجلس إدارة صندوق رعاية الأدباء والفنانين .ثم انتخب نقيباً للسينمائيين عام 1979.ثم رئيسا لاتحاد النقابات الفنية. ثم انتخب رئيسا لاتحاد كتاب مصر عام 1997. واختير رئيسا لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1985.ورئيسا لمهرجان القاهرة لسينما الأطفال 1990.ورئيسا للاتحاد العام للفنانين العرب وفي كل تلك المناصب نجح في أن يصنع من تلك المواقع شيئا كبيرا لافتا بنجاحه النظر إلي قدراته الكبيرة فرشح أكثر من مرة كوزير للثقافة إلا أنه لم يفز بثقة النظام الساداتي في ذلك الوقت فلم يتم اختياره ولكن تمت الاستفادة به في كل الأجهزة التي عمل بها اعترافا بقدراته ولكن في حدود ما يخدم النظام السياسي فلم يسمح له مثلا بأن يفوز في انتخابات مجلس الشعب عام 1975 في عهد السادات وممدوح سالم رئيس الوزارة عندما ترشح عن دائرة الأزبكية وفضل عبد المنعم الصاوي عليه (كان الصراع الشخصي بينهما كبيرا وتلك قصة أخري كبيرة ) وحتي لا أطيل أكثر من ذلك فقد كان النظام السياسي يتعامل معه بمنطق لا بحبك ولا أقدر علي بعدك وعندما يئس سعد الدين وهبة من التعامل مع النظام انزوي أخيرا يدير أعماله الخاصة في شركة الفجر للإنتاج الفني والسينمائي التي كان شريكه فيها الصحفي الكويتي الشهير أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية وظل كذلك حتي لقي ربه .
رحم الله سعد الدين وهبة الذى رحل عن عالمنا في 11 نوفمبر عام  1997 

سعد الدين وهبة ابن البصارطة دمياط


 
1- سعد الدين وهبة ابن البصارطة دمياط







سعد الدين وهبة أستاذي وأستاذ جيلي في الثقافة الجماهيرية رحمه الله كان قائدا مثقفا فذا موسوعي الثقافة وهو من مواليد دميرة مركز طلخا 1925 وكان أبوه من عائلة بعيت من البصارطة وأمه من عائلة شاهين من نفس القرية ألا أن مولده كان في دميرة حيث كان يعمل أبوه في الإصلاح الزراعي بتلك القرية ونشأ فيها وتلقي تعليمه في طلخا والمنصورة وتخرج من كلية الشرطة عام 1949 وعمل بمرور الإسكندرية عندما قامت ثورة يوليو 1952 ولكنه بعد 7 سنوات من تخرجه بالشرطة درس في آداب الإسكندرية وحصل علي ليسانس الفلسفة واتجه إلي الأدب يقرأ ويكتب وبدأ بكتابة القصة القصيرة ثم الرواية والمسرحية وكتب العديد من سيناريوهات الأفلام الكبيرة وعندما بدأ نجمه يلمع بعد الثورة التي لعب معها دورا كبيرا في تأمين طوابير الدبابات والسيارات التي اتجهت إلي قصر رأس التين والمنتزه حني أجبر الملك فاروق علي الرحيل إلي إيطاليا وتقديرا لموهبته ترك الشرطة وعين كاتبا صحفيا في الجريدة التي أنشأتها الثورة الجمهورية وبدأ يكتب مقالات وتحقيقات وينشر بعض أعماله الأدبية وذاع صيته ككاتب مع نصر الدين النشاشيبي وإسماعيل الحبروك وعبد الحميد سرايا وإبراهيم نوار ومحمد الحيوان وغيرهم ثم تعرض للفصل من الجمهورية في مذبحة الصحفيين التي وقعت عم 1964 وأقصي مع من أقصي من الجمهورية وكان حظه أن عين رئيسا لجهاز الثقافة الجماهيرية الوليد خلفا للكاتب الصحفي الشهير سعد كامل فنهض بها نهضة كبري وأصبحت وزارة مصغرة للثقافة في سائر ربوع مصر أما عن انتمائه لدمياط فلم يكن يجاهر به وعندما كان يسأل عن موطنه كان ينتسب للدقهلية بحكم مولده وشهادة ميلاده إلا أنني شخصيا مع أستاذنا الراحل سعد الدين عبد الرازق مدير الثقافة الأسبق قد حضرنا وبعض من زملائنا جنازة والدته في البصارطة وكانت المرة الأولي التي نعلم فيها جميعا انتماء أسرته إليها فقد كان خاله الحاج حمدي شاهين الكبير وكان دائم التواصل معه إلي أن لقي ربه

السبت، 21 أبريل 2018

الحمار في قصر ثقافة دمياط






الحمار في قصر الثقافة
( أنثي الحمار لا تستطيع أن تلد إنسانا بينما أنثي الإنسان تستطيع أن تلد الحمار ... ) هكذا قدم المخرج المجتهد سمير زاهر مسرحيته الجديدة مع فرقة دمياط القومية المسرحية ( قضية دهب الحمار ) التي كتبها سعيد حجاج وكتب أغانيها سعيد شحاتة ولحنها المبدع توفيق فوده ووزع الألحان عبد الله رجال وصمم الديكور عبد الحميد الكوفي وصمم الرقصات أحمد الغزلاني وقد نجح هذا الطاقم الفني في تقديم فرقة دمياط في شكل جديد يبهج المتابع فقد سعدت وسعد الجمهور الكبير الذي ملأ المسرح لأول مرة في عرض مسرحي منذ سنوات طويلة بتلك الفرقة التي ضمت مجموعة كبيرة متناغمة ومتحابة ومصممة علي تقديم متعة فنية لجمهورها برغم التحديات الكبيرة التي واجهتهم ومنها وأهمها تلكؤ الإدارة في توفير متطلبات العرض بسبب العودة في قصور الثقافة مرة أخرى إلي مركزية الإدارة فيما يتعلق بميزانية الإنتاج والتحكم القاهري في صرفها مع تعمد تهميش دور الأقاليم مرة أخري وهذا شأن مصري قديم أن نحن دائما إلي مركزية السلطة والإدارة وبرغم ذلك فقد نجح سمير زاهر بامتياز في تجميع مجموعة من الشباب المثقف والمحب حقيقة لفن للمسرح فقدموا فرجة مسرحية ممتعة ومبهجة لمسرحية سعيد حجاج ؛
تقوم مسرحية دهب الحمار علي فكرة سبق تناولها مرات عديدة سابقة في كثير من الأعمال الدرامية وهي فكرة التاجر اليهودي الشرير الذي يتفنن في جمع ثروته من الحرام بالغش والتدليس والربا بدأها ربما لأول مرة الكاتب كريستوفر مارلو في مسرحيته يهودي مالطة ثم تبعه شكسبير في رائعته تاجر البندقية والتي قيل أنها مأخوذة من مارلو هي وبعض أعمال شكسبير الأخرى فقدم شكسبير شيلوك التاجر الرباوي اليهودي الخبيث ولكنه قدمه في قالب صراع الخير مع الشر مع التاجر الإيطالي أنطونيو كمعادل موضوعي ومن خلال هذا الصراع ينجح الخير في نهاية الأمر علي يدي شكسبير في الانتصار علي الشر وهنا تناول سعيد حجاج فكرة التاجر اليهودي بصورة مختلفة قليلا فبدلا من أن يقدمه كرباوي قدمه علي أنه نصاب يعتمد علي طمع ضحاياه وغبائهم وهو ما جري بالفعل علي ساحة الصراع العربي الإسرائيلي منذ أربعينيات القرن العشرين وإلي اليوم وهو ما جسده مخرج العرض النابه سمير زاهر في كلمته ببامفلت العرض بقوله إن أنثي الحمار لا يمكن أن تلد إنسانا بينما أنثي الإنسان يمكن أن تلد حمارا فما أكثر الحمير الذين قادوا الصراع مع العدو الصهيوني ورغم أن فكرة المؤلف قد قدمت التاجر وهو يضحك علي ضحاياه البلهاء مرة ببيعهم حمارا طنوا أنه مع نهيقه يتساقط الذهب من فمه ومرة أخرى يؤكد علي نفس الفكرة ببيعهم كلبا يقوم بالمهام المنزلية كاملة ومرة ثالثة وغير أخيرة ببيعه لهم مزمارا يعيد الحياة للموتى وفي جميع الأحوال لم يتعلم قادة المجتمع ففي كل مرة لا يستوعبون الدرس ويقعون بسبب طمعهم وغبائهم مرة بعد مرة في حبائل التاجر اليهودي الخبيث فطمع الشاهبندر في الحمار وعندما لجأ للقاضي وقع الأخير فريسة الطمع في كلب اليهودي وبعد أن لجأ إلي وزير الشرطة وقع هو الآخر بدوره فريسة الطمع في مزمار اليهودي وقتل زوجته وينتهي المطاف إلي الوالي الذي يطمع ببلاهة في ذهب جنية البحر كما أوهمه به اليهودي الخبيث الذي ينتهي به الأمر إلي التخلص من الجميع بدفعهم إلي إغراق أنفسهم جميعا طمعا في ذهب جنية البحر ولكن يؤخذ علي المؤلف سعيد حجاج تجاهل صاحب المصلحة الحقيقي وهو الشعب فلم يتضح لنا موقف هذا الشعب مما يحيط به من ألاعيب الصراع مع العدو التقليدي الذي دائما ما ينتصر علينا لا بفضل قوته ولكن بسبب فرط غباء الحكام وطمعهم المستمر .
وإن كان مالرو ومن بعده شكسبير قد قدما التاجر اليهودي الطامع الجشع في مواجهة التاجر الخير الذى يقاوم أطماعه ثم ينتصر عليه في نهاية الصراع إلا أن سعيد حجاج في تناوله هذا فقد انحاز للواقع بأن أنهي الصراع بانتصار الشر في النهاية بغرق الجميع وفرار التاجر فائزا بملابس ومقتنيات الغارقين جميعا . وقد نجح سمير زاهر في تقديم هذا الصراع التاريخي الدموي في قالب كوميدي أضحك فيه الجماهير الغفيرة التي ملأت صالة المسرح وهي المفارقة التي تجسدها مقولة أساتذة المسرح في تعريفهم للكوميديا بأنها تطبيقا للحكمة القائلة: شر البلية ما يضحك فكثيرا ما يضحك الإنسان في مواجهة أشد الأحداث مأساوية .
والنجاح الأكبر لسمير زاهر هو في بلورة مجموعة محترمة من الفنانين الشبان في عددها وقدراتها الفنية وهنا حقق المعادلة بنجاح بين تقديم فرجة شعبية في قالب كوميدي فانتازي وبين خلق كيان مسرحي من شباب محب لفن المسرح برغم تفاوت ثقافاتهم واختلاف مستوياتهم العلمية والفكرية والاجتماعية فاستحقوا منا التحية والاحترام مع فرقة دمياط القومية المسرحية في شكلها الجديد متمنيا لها الاستمرار والنمو والتقدم ومسجلا إعجابي وتقديري للعناصر النسائية الخمسة من بنات دمياط وهو أمر غير مسبوق لم ننجح فيه من قبل ، ولا يفوتني هنا أن أكرر الإشادة بالفنان المبدع توفيق فوده الذي قدم هنا ألحانا ينطبق عليها صفة السهل الممتنع وكذلك بالفنان أحمد الغزلاني الذي نجح في ترجمة الحركة برقصاته وحركاته البسيطة المعبرة ، أما الديكور وهو هنا من تصميم مهندس ديكور شاب علمت أنها تجربته الأولي في عالم المسرح بقصور الثقافة فقد جاء دون مستوي باقي العناصر الفنية التي قدمها لنا سمير زاهر فجاء الديكور خليطا بين الواقعية والطبيعية والرمزية التي تصل حد السذاجة في البانوراما الخلفية التي قيل إنها دلالة علي البحر بقيت ملاحظات ليست كثيرة علي أداء بعض نجوم الفرقة الذين قدموا جهدا كبيرا جديرا بالاحترام خاصة رزق العزبي ومحمد السعيد فقد نضجت موهبتهما نضوجا كبيرا مع توصيتي للأخير بأن يكون نفسه ولا يلجأ إلي استحضار الشخصيات المسرحية القديمة .


الاثنين، 19 فبراير 2018

قصور الثقافة بعد ثورتين هيئة يتعملق فيها الأقزام











هي هيئة مستباحة ، كيانها متهرئ ، وساكنيها خانعون راضون بما يفرض عليهم ، ينتظرون دوما أن يأتي من يهبهم حقهم المسلوب ، مثلها مثل فروعها الغريب الذي يولي عليها يقدس ، وابنها فيها يهان ، لا عبرة فيها لكفاءة ، والبقاء فيها لصاحب الحظوة والواسطة والمحسوبية ، واللص فيها شريف عالي الصوت ، والمدنس فيها طاهر يرمي الآخرين بما هو فيه ، والمتخلف فيها عليم لا يصدر عنه إلا الحكم والأمثال ، والمدعي فيها ينال التشجيع والتسبيح طالما هو الجالس علي كرسي القيادة ، والعيي فيها ينطق دوما عن الهوى وكل ما ينطق به هو لدي الرعية لب المنطق وأصل البيان ، غابت شموسها فصاروا يسبحون بحمد الأقمار ثم غابت الأقمار فإذا بهم يسجدون لكويكبات آفلة ، هو زمن يتعملق فيه الأقزام فاقدو العلم والمعرفة وناضبي الموهبة والإبداع
ولا حول ولا قوة إلا بالله