حوار صريح جدا
كتبهامحمد عبد المنعم إبراهيم ، في 17 ديسمبر 2012 الساعة: 17:24 م
* ظل سعد الدين وهبة داعما قويا لي في بداية مشواري الإداري فكنت ألقي منه كل الدعم والرعاية والاستجابة لكل مطالبي للموقع .
* العمل مع المثقفين يحتاج إلي كوادر مثقفة وليس إلي موظفين وهذا ما تطلب الاعتماد بشكل كبير علي الرواد في إدارة شئون الثقافة
* بسبب وشاية من زميل بجريدة الجمهورية نقلت إلى مصلحة الاستعلامات بالقاهرة وحكم علي نهائيا بالبعد عن ميدان الصحافة .
* من خلال ما أصدرناه من مطبوعات تمكن الراسخون من شعرائنا من تحقيق ذواتهم علي مستوي الساحة الأدبية المصرية .
* ما حدث في يناير 2011 لا يرقي في نظري لأن يكون ثورة بالمعني المعروف تاريخيا وعلميا .
أجرى الحوار : سمير الفيل
من موقعه كمدير لثقافة دمياط نجح مع مجموعة من الأدباء في جعل دمياط نقطة مضيئة على خريطة الثقافة المصرية الجادة. حوار طويل ، لا يخلو من الصراحة ، ربما هي ما جعل هذا الحوار يتأخر لالتقاط الأنفاس قبل أن نخوض في سجال ثقافي متقاطع مع السياسي ومتشابك مع الإداري . الحديث لا يحتاج إلى مقدمات ، فهو أشبه بمبارزة سريعة جدا ، خطرة للغاية .
ـ أستاذ محمد. عرفنا على سيرة ذاتية قصيرة لكم ؟
* تخرجت من قسم الصحافة بآداب القاهرة عام 1964 وكنت أعمل أثناء الدراسة محررا في جريدة المساء عام 1963 ثم في الجمهورية عام 1964 ثم حرمت من التعيين بالصحافة رغم أنني كنت الثاني علي دفعتي لسبب أنني كنت أعمل مع عبد الحميد سرايا مدير التحرير ووشي بي ناصف سليم لحلمي سلام بعد مذبحة الصحفيين التي تم فيها الاستغناء عن كثير من الصحفيين ومنهم سرايا وعينت في الاستعلامات فطلبت نقلي لدمياط بعد أن كنت أعمل مع دمياطية متميزة في مصلحة الاستعلامات هي سوسن مشرفة رئيسة قسم الرأي العام بمصلحة الاستعلامات وفي مركز الثقافة والاستعلامات عملت أول الأمر مع الراحل سعد الدين عبد الرازق كأخصائي ثقافي وبعد فصل الاستعلامات عن الثقافة تم توزيعي عشوائيا علي الثقافة ثم تم تفرغي للعمل كأمين تنظيم منظمة الشباب الاشتراكي بفارسكور لمدة تصل إلي 3 سنوات وبعد خلافات تم إنهاء تفرغي وفصلي من المنظمة فندبت للعمل مدرسا للغة الإنجليزية بمدرسة الزرقا التجارية لمدة عامين دراسيين ثم ألغي انتدابي مع تولي سعد الدين وهبة رئاسة الثقافة الجماهيرية وألحقت بمركز إعداد الرواد بالقاهرة لمدة 7 شهور في دورة إعداد الرواد الثقافيين وحصلت علي ترتيب الأول علي الدورة وعينني سعد وهبة مديرا لقصر ثقافة دمياط عام 1971 ومنحني جائزة مالية ورحلة إلي ألمانيا الشرقية لمدة ثلاثة أسابيع عام 1975 ثم عينت مديرا لمديرية الثقافة بدمياط عام 1980 وحتي نقلت مديرا عام للشرقية ثم مديرا عاما للثقافة بالغربية فوكيل وزارة ورئيس لإقليم شرق الدلتا الثقافي عام 2001 وحتي خروجي للمعاش . ثم عملت مستشارا إعلاميا لمحافظ دمياط لمدة سبع سنوات ثم اخترت بعد تعيين البرادعي وزيرا للإسكان الركون للراحة والتقاعد خاصة بعد تكرر المظاهرات وحصار مبني المحافظة في دمياط ومحاولات التهجم علي المبني أكثر من مرة .
ـ كإداري متميز كيف ترى عوامل نجاحك من موقعك كمدير لثقافة دمياط؟
* العمل في الثقافة يحتاج إلي إلمام معقول بأبجديات الثقافة وممارسة العمل بها من منطلق الهواية وليس الاحتراف ومن ثم الإيمان بأن العمل مع المثقفين يحتاج إلي كوادر مثقفة وليس إلي موظفين وهذا ما تطلب الاعتماد بشكل كبير علي الرواد في إدارة شئون الثقافة .
ـ كيف كنت ترى العلاقة بين الكاتب والإداري لصنع ثقافة حقيقية، وأصيلة ؟
* طالما كانت العلاقة متوازنة وندية حقق الاثنان ما يأملان فيه من نجاح أما إذا تعالي أحدهما علي الآخر فالفشل ينتظرهما بمعني أن الإداري الذى بطبيعة الحال يملك مقومات الإنسان المثقف لا ينبغي أن يتعالي إداريا علي الأدباء والمثقفين لأنه يخدمهم ويعمل علي إتاحة سبل تحقيق الذات بالنسبة لهم وفي نفس الوقت ينبغي علي المثقفين ألا يتعاملوا مع الإداري علي أنه فنيا في مرتبة دونية باعتباره مجرد موظف لا يملك ما يمتلكونه من أدوات الإبداع في حين أنه لابد أن يكون مبدعا في مجاله الإداري وهي ملكة مثل ملكة الإبداع في الأدب أو الفن .
ـ ما رأيك في فكرة الثقافة الجماهيرية؟ ومن هو أساتذتك في هذا المجال؟
* الثقافة الجماهيرية فكرة عبقرية أتاحت أدوات الثقافة للجميع في كل ربوع مصر بعد أن كانت حكرا علي العاصمة وبعض المدن في مصر فقط وإلي الثقافة الجماهيرية يرجع الفضل في خلق جيل كبير رائد في مدن وقرى مصر في الأدب والمسرح والموسيقي والفن التشكيلي ومع أن فكرة الثقافة الجماهيرية أصلا فكرة يسارية منقولة عن الكتلة الشرقية إبان تطبيق قرارات يوليو الاشتراكية في مصر في عام 1960 كحل بديل لحصار واحتكار العلم والثروة للغرب فقد أصبحت تلك الفكرة ضرورة حياة بالنسبة لكل أطياف الشعب الذى عرفوا من خلالها الأدب والمسرح ومختلف ألوان الفنون . أما بالنسبة لي فأدين بالفضل إلي الراحل الكبير سعد الدين وهبة ولو أن سعد كامل قد سبقه في تنفيذها إلا أن سعد وهبة هو من نشرها في كل ربوع مصر.
ـ هناك لغط كبير حول موضوع إنشاء جمعية رواد قصور الثقافة ودمج " جمعية رواد " بها. ما شهاداتكم حول الموضوع ؟ كذلك ما شهادتكم حول جمعية " ضفاف " الادبية ؟
* جمعية رواد الأدبية نشأت في أحضان الثقافة في مركز الثقافة والاستعلامات بدمياط وبدعم كبير من أحد الزملاء من العاملين بالثقافة وهو كامل الدابي أمين المكتبة وظلت الجمعية تمارس نشاطها في مقر مركز الثقافة وهو مقر الإشهار ثم ما لبثت أن دخلت في معارك سياسية بدأت عندما اشترك عبد الرحمن عرنسة رئيس مجلس إدارتها في ندوة كانت بعنوان الفراغ الفكري حيث انتقد بشدة تجربة القطاع العام وبعض التطبيقات الاشتراكية التي كانت تأخذ بالشكل دون المضمون كما رأي وكان الاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت في طور قوته كتنظيم سياسي له أساليبه والتي كان من بينها تنظيم سري يسمي التنظيم الطليعي لم يكن أعضاؤه معروفين للعامة وكان أحدهم مكلفا بمتابعة نشاط مركز الثقافة فكتب تقريرا أدي إلي وقف عبد الرحمن عرنسة عن العمل لفترة طويلة فكانت مضاعفات هذا الإيقاف وردود الأفعال المختلفة لدي الجماعة مرصودة من ذلك التنظيم واستمرت التقارير عن الجماعة في الاتحاد الاشتراكي تزيد من رصيدها السلبي لدي قيادات هذا التنظيم بالإضافة إلي وقوع الكثير من المشكلات الإدارية بين الجماعة وبين إدارة المركز في ذلك الوقت وهم سعد الدين عبد الرازق الذى حدث في تلك الفترة أن تم تفرغه للعمل في الاتحاد الاشتراكي وأوكل قيادة العمل بمركز الثقافة إلي الراحل محمد السروي وقد كان رجلا فاضلا إلا أنه كان سريع التبرم بآراء المبدعين وفقد صبره إزاء تمردهم ومن باب خوفه علي نفسه من أن ينسب إليه رعاية ما يقولون أو يكتبون من أفكار رافضة ومعارضة بشكل أو بآخر كل ذلك أدي في النهاية إلي صدور قرار من الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت بدمج الجماعة ( جماعة الرواد الأدبية ) في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بمحافظة دمياط وقد كان صدور هذا القرار بإيعاز من الاتحاد الاشتراكي وأمن الدولة وتم تعميمه في باقي المحافظات تحت شعار دمج الجمعيات المتشابهة في النشاط في جمعية واحدة وقد لاقي هذا القرار معارضة شديدة من الأدباء واستمرت المعارضة حني قدمت مرة أخرى للعمل بدمياط كمدير لقصر الثقافة بها عام 1971 بعد إنهاء ندبي إلي الاتحاد الاشتراكي بفارسكور كأمين تنظيم لمنظمة الشباب بها ومن بعدها بالتربية والتعليم حيث كنت أعمل مدرسا للغة الإنجليزية بمدرسة الزرقا الثانوية التجارية وكانت معارضة الأدباء لقرار الدمج ما زالت قائمة وقد تزعم البعض تلك المعارضة التي كانت عائقا كبيرا في بداية مشوار حياتي بالثقافة في دمياط حتي تمكنت بمساعدة بعض الأدباء الكبار سنا في اجتياز هذه الأزمة التي لم يكن لي فيها ناقة ولا جمل ، أما جمعية ضفاف فقد نشأت منشقة عن جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط ( نادي الأدب ) في أحضان حزب التجمع الوطني وقد قام بها بعض الأدباء من الشباب ذوي الميول اليسارية في ذلك الوقت وأعتقد أن أسباب قيامها كانت سياسية ولم تكن أدبية وهذا ما عجل بنهايتها إلا أنها كانت تجربة ثرية ضمت بعض الأدباء الشباب إلي جانب بعض السياسيين الذين لم يعجبهم في ذلك الوقت استقالتي من منبر اليسار حيث كنت من مؤسسي هذا المنبر في دمياط وكنت أول مرشح له في انتخابات مجلس الشعب بمركز فارسكور عندما كان محمد عبد السلام الزيات مرشحا يساريا مستقلا في دمياط أمام حمدي عاشور ورغم أنني رفضت عرضا من المهندس حسب الله الكفراوي محافظ دمياط في ذلك الوقت بالانضمام إلي منبر الوسط ( حزب مصر ) فيما بعد إلا أن بعض اليساريين المتشددين فيما بعد قد ظلوا في شكوكهم تجاهي أنني علي علاقة بأمن الدولة وأجهزة السلطة وهو ما دحضته الأيام فيما بعد .
ـ كما أعلم كانت هناك صدامات بينك وبين قيادات في القاهرة . هل كان الباعث سياسيا أم إداريا أم تنظيميا ؟ أم شيء آخر.
* في ظل قيادة سعد الدين وهبة للثقافة الجماهيرية كان الرجل مقتنعا بقدراتي وكان داعما قويا لي في بداية مشواري الإداري فكنت ألقي منه كل الدعم والرعاية والاستجابة لكل مطالبي للموقع وفي ظل رعايته حققت بعض النجاح الإداري مما أثار حفيظة زملاء كثيرين وغيرتهم التي وصلت في بعض الأحيان إلي محاولة الانقضاض علي كلما وجدوا أن الفرصة متاحة وظل ذلك مطلبا ملحا لبعضهم لم يتنازل عنه ومنهم علي أبو شادي الذى كان رغم صداقتي له أكثر هؤلاء حنقا فانتهز الفرصة في عهد حسين مهران أول رئيس للهيئة العامة لقصور الثقافة فأوغر صدره فأبعدني من منصب نائب رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة والذى كان الدكتور عبد المعطي شعراوي رئيس الثقافة الجماهيرية قد عينني فيه بدلا من علي أبو شادي نفسه وظلت هذه المشاعر كامنة في صدر علي أبو شادي إلي أن تم تعيينه رئيسا لهيئة قصور الثقافة في الفترة التي كنت فيها مديرا عام لثقافة الغربية فصرح لي في طنطا بأنه لن يتم التجديد لي كمدير عام في المرة القادمة في عام 2000 وكنا نحتفل بذكري محمد فوزي أن جيل القيادات الموجودة في ذلك الوقت ستحال للمعاش خلال عامين أما هو فما زال أمامه سبعة أعوام وبدأ في تصفية بعض القيادات بينما جامل أصدقاء السهرات الخاصة مثل سيد عواد الذي تولي منصبين في عهده، مدير عام المهرجانات ورئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد، أي أنه أصبح مسئولا عن ثقافة خمس محافظات: القاهرة، القليوبية، الجيزة، الفيوم، وبني سويف، كذلك محمد كشيك الذي تولي أربعة مناصب، مدير عام الجمعيات والمساعدات الثقافية، مدير إدارة الثقافة العامة، أمين عام النشر، ورئيس تحرير مجلة قطر الندى.
يشاء الله أن يطاح به من الهيئة بعد شهرين فقط بعد فضيحة الروايات الثلاث التي نشرها في الهيئة تحت شعار التنوير ولكنه قبل أن يرحل نجح في إبعادي عن الهيئة وندبي مديرا عاما لمكتب محافظ دمياط في ذلك الوقت في منتصف عام 2000 وصدر القرار في غضون ساعات بالتليفون . .
ـ اشترى القصر في عهدكم ماكينة ماستر وقمتم بتبني فكرة النشر قبل تعميمها في عموم مصر . حدثنا عن هذه التجربة
* بداية هذه التجربة لم تعمم علي مستوي الجمهورية وحثي الآن هي المطبعة الوحيدة الموجودة بكل فروع الثقافة علي مستوي مصر كلها ، وأقول إنه من خلال قراءاتي في التاريخ المصري علمت أن رفاعة الطهطاوي بعد أن بعثه محمد علي إلي فرنسا لكي يبني مصر الحديثة علي أساس علمي كان من أول الأشياء التي أصر علي إحضارها معه بعد بعثته في فرنسا هي المطبعة التي بها طبع أول رزنامة في تاريخ مصر المعاصر التي عرفت من بعد باسم الوقائع المصرية والتي ما زالت تصدر حتي الآن لذلك وبعد لقاءات متعددة مع أدباء دمياط كانت الشكوى المتكررة من الجميع هو انعدام منافذ النشر بالنسبة لهم وتصادف أن بدأت ترد إلي مصر في تلك الآونة الجيل الأول من مطابع الماستر فتوجهت ومعي بعض الأدباء والفنيين إلي إحدى الشركات المستوردة بالمنصورة ومن عائدات سينما الثقافة بدمياط اشترينا مطبعة الماستر وكان سعرها في ذلك الوقت خمسة آلاف جنيه تقريبا وكان يعد مبلغا باهظا في أوائل الثمانينيات حتى أن فؤاد عرفة رحمه الله وكان مديرا عاما في الثقافة الجماهيرية قد اعترض من خلال الجمعية المركزية لرواد قصور وبيوت الثقافة علي قيام جمعية دمياط بشراء تلك المطبعة واعتبره ترفا لا مبرر له ولكني أصررت بدعم من مجلس إدارة الجمعية في ذلك الوقت علي شرائها وقمت بنفسي بالتدريب علي تشغيلها وبدأنا طباعة إصدارات الرواد ومجلة عروس الشمال وأغاني للأطفال وأعلام دمياط وازدهرت حركة النشر مواكبة لازدهار المؤتمرات الأدبية والمهرجانات الفنية والمسرحية .
ـ هناك محطة لا يعرفها البعض حول نزولك كمرشح لمنبر اليسار في أول انتخابات تعددية بمصر. كيف كانت التجربة؟
* بعد نجاح السادات فيما سمي بعد ذلك بثورة التصحيح والتخلص من مراكز القوى واتجاهه بعد انتصار أكتوبر 1973 إلي الانفتاح الاقتصادي وسعيا لهدم ما تبقي من فكر عبد الناصر والاتحاد الاشتراكي أحد أهم ملامحه فكر في أول تعددية سياسية تحت مسمي المنابر فأنشأ ثلاثة منابر يمين ووسط ويسار وأعلن عن الانضمام إليها وبطبيعة ا لحال كان فكر المثقفين عموما ينحاز لليسار فانضممت لهذا المنبر وبدأنا في تأسيسه ومنحنا حجرة في مبني الاتحاد الاشتراكي لممارسة هذا العمل وكان علي رأس المؤسسين الصديق محسن الليثي زميل قديم في منظمة الشباب الاشتراكي وصديق آخر رحمه الله من فارسكور هو محمد حبيب الشناوي وبعد الإعلان عن انتخابات مجلس الشعب لأول مرة في ظل تلك المنابر شجعني الكثيرون علي الترشح عن دائرتي فارسكور والزرقا وكانتا دائرة واحدة تضم المركزين الحاليين وكان عبد الرءوف شبانه يحتكر من قبل كرسي الفئات في تلك الدائرة بعد ضياء الدين داود رحمه الله وقد كان ما يزال مسجونا في ذلك الوقت في وزارة ممدوح سالم والتي أشيع عنها أنها كانت أنزه انتخابات جرت في مصر وأشهد أنها كانت أسوأ انتخابات علي الإطلاق ذلك أن نتيجة فوز عبد الرءوف شبانه في ذات يوم الانتخابات تمت في نفس اليوم الساعة 11 مساء بعد غلق باب التصويت بحوالي 6 ساعات فقط لم تكن كافية لفرز صناديق الانتخابات في قرية واحدة من قرى المركزين ولم يسمح لنا نحن المرشحين جميعا بحضور الفرز في مجلس مدينة فارسكور . لأصبح بعد ذلك وبعد سقوط محمد عبد السلام الزيات هو الآخر في دمياط وسقوط سعد الدين وهبة في دائرة الأزبكية بالقاهرة أمام عبد المنعم الصاوي لأتهم من قبل أجهزة الأمن أنني شيوعي حولت قصر الثقافة إلي خلية شيوعية وعانينا الكثير من جراء هذه التجربة التي فرضت علينا ولم نسع إليها.
ـ تخرجت في كلية الإعلام. واشتغلت فترة بالصحافة القومية فهل أنت نادم على هذا القرار القديم؟
* تخرجت من قسم الصحافة بآداب ا لقاهرة عام 1964 الذي تحول فيما بعد إلي كلية للإعلام وكنت وأنا طالب في الصف الثاني أعمل صحفيا تحت التمرين كما كان يسمي في جريدة المساء مع الفنان الصحفي كمال الجويلي والذى كان مسئولا عن تحرير باب في المساء يسمي ( كل الناس ) وكنا في صالة التحرير جنبا إلي جنب مع الصحفي والأديب الراحل عبد الفتاح الجمل وعبد الوهاب دنيا وغيرهم ثم انتقلت عن طريق عبد الحميد سرايا مدير تحرير الجمهورية إلي الجمهورية عام 1963 حيث كان منتدبا لتدريس الترجمة الفورية لنا ولما لاحظ تفوقي في الترجمة ألحقني معه بقسم التيكرز بالجمهورية إلي جانب العمل في باب حديث المدينة ا لذي كان يحرره في ذلك الوقت عبود فوده ثم حدث عام 1964 أن تم إقصاء عبد الرحمن فهمي من قسم الرياضة بالجمهورية وأسند الإشراف عليها إلي ناصف سليم الذى كان مصححا في مطبعة الجمهورية ولأنه لم يكن علي دراية بالإخراج الصحفي طلب مني عبد الحميد سرايا أن أساعده في إخراج صفحة الرياضة وكان ناصف يشعر بالقلق من وجودي معه حيث أنني علي أبواب التخرج والتثبيت وربما يعهد إلي سرايا بالإشراف علي قسم الرياضة فانتهز حدوث مذبحة الصحفيين في عام 1964 وإقصاء عبد الحميد سرايا وسعد وهبة وإسماعيل الحبروك وإبراهيم نوار والحيوان وجيل كبير من كبار الكتاب بالجمهورية في ذلك العام فأوعز إلي رئيس التحرير حلمي سلام بأنني من رجال عبد الحميد سرايا وكان متهما من قبل النظام أنه من الإخوان المسلمين فكانت النتيجة أنني نقلت وعينت بمصلحة الاستعلامات بالقاهرة وحكم علي نهائيا بالبعد عن ميدان الصحافة الذي كنت أحبه وأحلم به .
ـ عملت فترة في الشرقية لكن يبدو أنه كانت هناك مشاكل من نوع آخر. حدثنا عن ذلك.
* في عام 1992 كنت علي علاقة طيبة ووطيدة بحسين مهران رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة في ذلك الوقت وكانت هذه العلاقة الطيبة مصدر قلق لبعض الزملاء في القاهرة وفي المنصورة حتي أن حسين مهران قال في أحد الاجتماعات أمامهم أنه لو كان هناك خمسة مثل محمد عبد المنعم في الثقافة الجماهيرية لفجر جميع محافظات مصر ثقافة وفنا مما أوغر صدور البعض وبدأت حملات مكثفة منهم للوقيعة بيني وبينه ونجح علي أبو شادي في ذلك فأصدر حسين مهران قرارا مفاجئا بإبعادي عن منصب نائب رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة وانفرد به علي أبو شادي وكنت مختارا من حسين مهران في ذلك العام للمشاركة في مؤتمر الأدباء في أسوان وخصصت لي تذكرة بالطائرة للسفر مع المسافرين إلا أنه بعد هذا القرار أوعز إليه بإلغاء سفري إلي أسوان إلا أن بعض الزملاء توسطوا فيما بيننا لاستمرار سفري وهناك في أسوان كانت المفاجأة بتكشف كل خطوط المؤامرة وعدت من هناك وأنا مصمم علي الرحيل فسعيت للسفر إلي السعودية للعمل كمترجم بإحدى الشركات بالرياض وقبل سفرى أعد بعض الزملاء حفلا لتكريمي في رأس البر حضره بعض من قيادات المحافظة وتطوع البعض لتسجيل فقرات ذلك الحفل ونقل التسجيل لحسين مهران فأوغر صدره أكثر من ذى قبل وحدث بعد ذلك أنني لم أنجح في تحمل متاعب الغربة فعدت بعد شهرين فقط لألغي أجازتي وأعود إلي عملي إلا أن حسين مهران أصر علي عدم عودتي لدمياط حيث كان يراها بالنسبة لي جمهورية مستقلة أناوئه منها وعرض علي الترقية كمدير عام للثقافة بالشرقية فقبلت مكرها وبدأت في العمل بالشرقية خلفا لصلاح مرعي الذي كان قد نقله إلي إقليم القناة وسيناء وبدأت أنطلق في العمل بالشرقية سريعا متحملا مشاق السفر ومتاعبه يوميا إلي الزقازيق انتظارا لاستراحة وعدت بتدبيرها هناك إلا أنه بعد شهرين من المتاعب اكتشفت أن هذا الوعد وهما وأنه لن يتم تدبير أي استراحات وعلي أن أبحث لنفسي عن سكن خاص بمعرفتي فطلبت إعفائي وعودتي للعمل بدمياط حتى ولو لم أكن مديرا فأعادني تحت ضغط إصراري للعمل بدمياط مديرا لمكتب رئيس الإقليم بدمياط وهي وظيفة كانت وهمية فلا مكتب ولا عمل ولا اختصاصات وزيادة في التنكيل حرمني من الحوافز وكنت أتقاضي راتبي فقط إلي أن أعادني مرة أخرى مديرا لفرع ثقافة دمياط بعد سبعة أشهر معلنا في اجتماع رسمي أقامه بالقاهرة أنه أعادني بمزاجه ولم يرضخ لضغوط الدكتور محمد حسن الزيات ولا المهندس حسب الله الكفراوي ولم أعلق واستأنفت عملي مرة أخرى بدمياط حتى عام 1999 .
ـ قضيت فترة كرئيس إقليم شرق الدلتا. ما شهادتك عن تلك الفترة ؟
أنشئ إقليم شرق الدلتا الثقافي عام 1992 بعد أن تم اعتماد هيكله الإداري لأول مرة وعين الزميل الراحل محمد سويلم أول رئيس له وكانت المنافسة فيما بيننا شديدة إلا أنني ضحيت بكثير من الفرص للترقي سواء في الهيئة بالقاهرة أو في ا لمنصورة في بادئ الأمر لأنني كنت شديد الارتباط بدمياط كمنزل وأسرة وكعمل وكنت أرى أن خروجي من دمياط مهما كانت المغريات هو الموت بعينه لذلك كنت زاهدا في ذلك المنصب عندما أغراني حسين مهران بقبول الشرقية كخطوة لن تطول حتى يعيدني مرة أخرى لإقليم شرق الدلتا بعد التخلص من سويلم علي حد قوله إلا أن عدم استمراري في الشرقية كان مبررا كافيا له في استمرار سويلم في هذا المنصب حتى رحل حسين مهران وجاء مصطفي الرزاز رئيسا للهيئة وأحاطت به شلة الإدارة بالهيئة وتحكمت في قراراته الكثيرة والتي كان منها ترقيتي بالغربية لكثرة وخطورة ما كان يقع بها من مشكلات حتى أنغمس فيها ويثبت فشلي إداريا وفي نفس الوقت تعليق ترقيتي رئيسا للإقليم إذا ما نجحت في الغربية وقاموا في مقابل ذلك بعد إحالة سويلم للمعاش بندب مدير شئون العاملين بالهيئة عثمان برعي رئيسا للإقليم إلي جانب عمله كمدير عام لشئون العاملين وفي الغربية بدأت في تحقيق نجاحات إدارية وثقافية وفي الوقت الموعود لنقلي إلي إقليم شرق الدلتا نقل الرزاز وعين علي أبو شادي فثبت برعي في الإقليم وهربت إلي محافظة دمياط مديرا عاما لمكتب المحافظ الدكتور عبد العظيم وزير خلاصا من مطاردات علي أبو شادي الذى لم يطل به العهد ووقع في شر أعماله وأقصاه عاطف عبيد بعد أزمة الكتب الثلاثة التي نشرها في ذلك الوقت وهاجت عليه الدنيا باعتبارها ازدراء للدين وعين محمد غنيم رئيسا لهيئة قصور الثقافة فكانت أولي قراراته إلغاء ندبي للمحافظة وعودتي مديرا عام للغربية وبعد شهرين انتدبني رئيسا لإقليم شرق الدلتا حيث عينت وكيلا للوزارة ورئيسا للإقليم لما يزيد علي ثلاثة أعوام ونصف أعتقد أنني استطعت فيها بالفعل تحقيق إنجاز ما زال مشهودا ومعترفا به .
ـ أسماء شعرية ظهرت خلال فترة وجودك كمدير قصر ثقافة دمياط. هل ترى أن بعضها حقق نبوغا ادبيا أو ظل رهين المحلية؟
* دمياط بطبيعتها الجغرافية وتاريخها ذات موقع ومكان عبقري أفرز علي مر التاريخ كثير من العباقرة في مختلف مجالات الحياة ومن قبل أن نولد قرأنا في كتاب دمياط الشاعرة الذي أصدرناه مع الأديب الراحل طاهر أبو فاشا وبعض مبدعينا أن دمياط أنجبت كثير من الشعراء ذوى القامات الفارهة فنا وأدبا ولو أنه لم يتحقق لأي منهم الذيوع والانتشار إلا أننا في عصرنا الحديث ومن خلال ما أصدرناه من مطبوعات أتاحت لنا الانتشار والمعرفة في ساحة الثقافة بمصر كلها تمكن الراسخون من شعرائنا من تحقيق ذواتهم علي مستوي الساحة الأدبية وساهم التقدم التكنولوجي فيما بعد من خلال الإنترنت من ذيوع شهرتهم علي ساحة العالم العربي كله وعلي رأسهم شاعرنا الأثير سمير الفيل وعيد صالح ومحمد العتر ومحروس الصياد في حين تكاسل كثيرون وهم لا يقلون موهبة وتمكنا فقنعوا بالمحلية من أمثال محمد الزكي وأحمد الشربيني والسيد الغواب وغيرهم .
ـ هل ينبغي أن يكون الأديب مسيسا أم يكفيه أن يمتلك قناعات فكرية محددة؟
* الأدب مرآة المجتمع والأديب في طليعة أبناء مجتمعه ولابد للطليعة من أن تقود ولا يمكن لقائد أن يعيش بمعزل عمن يقود فلابد للأديب أن يكون صاحب رؤية من خلال فنه وأدبه وإلا صار منعزلا وهنا تظهر فكرة الأدب من أجل الأدب فقط وهو ما لم نعد نلحظه في أجيالنا المعاصرة وكلما زاد الأديب تحمسا لفكرة ما كلما زادت إبداعه صدقا وموضوعية .
ـ كيف ترى ثورة 25 يناير ؟ هل يبدو المشهد معلنا عن ارتباك ما أم ان هذه طبيعة ما بعد الثورات؟
* ما حدث في يناير 2011 لا يرقي في نظري لأن يكون ثورة بالمعني المعروف تاريخيا وعلميا فقد عرفنا وتعلمنا أن الثورات تكون لإحداث تغيير جذري شامل لتحقيق أهداف معينة وفق برنامج ومبادئ معلنة ومعروفة وهو ما لم نره حتى الآن نعم حدث تغيير لنظام الحكم إلا أن أسلوب هذا النظام ما يزال مستمرا وميراثه ما زال قائما وما تولد عنه من فساد زاد ولم يقع تغيير جذري وشامل فمازالت إرهاصات هذا التغيير تحمل دلالات التيار المسيطر والذي نجح في الاستيلاء علي السلطة لصالح ما يسمي بتيار الإسلام السياسي وانهيار التآلف الذي كان قائما بين الجميع إبان حركة يناير وهو لن يكون الصراع الأخير علي السلطة فما زالت هناك صراعات أشد عنفا قادمة لا محالة بين فصائل التيار الإسلامي ذاته في سبيل الانفراد بالسلطة ، كما أن مبادئ الثورة التي كانت معلنة ( عيش – حرية – عدالة اجتماعية ) تم التعتيم عليها وطمرت تحت شعارات الشريعة والانتصار لها وصارت كثير من التجاوزات تتم باسم الانتصار للشريعة ومع التسليم بأننا جميعا كمسلمين نرحب بتطبيق الشريعة في كل شيء ولا ينبغي الاكتفاء بها مجرد شعار وصولي من أجل إقصاء أطراف بعينها والانفراد بالسلطة لصالح أطراف أخري وإلي ما شاء الله من الزمان . ومن سوء حظ هذا الشعب بفعل فساد النظام السابق أن كل الأحزاب الأخرى في الساحة السياسية أحزاب ورقية لا وجود لها في الشارع ويبقي أن التنظيم الوحيد القوي الذي يلعب منفردا في الساحة هو تنظيم الإخوان المسلمين.
ـ حضرت منذ فترة بسيطة حفل تأبين مصطفى الأسمر . كيف كنت تراه ككاتب وكإنسان؟
* كنت في بادئ الأمر أري في مصطفي الأسمر إنسانا شديد المبالغة في وضع نفسه في مواضع مثالية معينة قد تتناقض مع الواقع بمعني أنه قد يبدو في أحيان كثيرة شديد الإنكار للذات عندما يرفض أن يطبع له عمل قبل أن يطبع لمن هم أقل منه قدرة أو خبرة أو عمرا فقد كان يرى في ذلك نوع فريد من إنكار الذات ومن شدة المبالغة لديه في وقت من الأوقات عندما اعتكف الدنيا كلها وانعزل عن الأدب والأدباء فترة طويلة من الزمن بعد دمج جماعة الرواد الأدبية في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط بحجة أن له موقف وحجة ورغم أننا نجحنا في استعادته مرة أخرى بصعوبة للمشاركة في آلية الحياة الأدبية والثقافية إلا أنه كان يصر أن يتم ذلك بشكل ودي وليس بشكل رسمي رافضا الانصهار كعضو في تلك الحركة ومع ذلك استطاع وهو منعزل عن الجميع أن يتواصل مع أقرانه في القاهرة وانتشرت أعماله الواحد تلو الآخر لأنه بالفعل استطاع بعصاميته أن يصنع من نفسه قاصا وروائيا متميزا له لونه الخاص وعالمه الأثير وظل وحتى الرمق الأخير ذلك الفنان المتمرد وإن جنح تمرده الفني نحو الهدوء دون انهزامية أو استسلام .
ـ لعلك تذكر من الراحلين : السيد الغواب ، محروس الصياد ، محمد العتر ، محمد الشربيني ، طه شطا ، مصطفى كامل سعد، محمد النبوي سلامة، علي ظلام . بحكم وجودك بالقرب منهم. ما انطباعك حول آدائهم الأدبي؟
* بالإضافة لمن ذكرتهم كان هناك قبلا منهم شاعر الفلاحين كما كان يحلو له أن يسمي عبد القادر السالوس وكل من هؤلاء كان له طابعه الخاص الذي تميز به فكان السالوس مولعا في أزجاله بهم الفلاحين بينما كان الغواب مولع بهم الحرفي والكادحين والفقراء وكان الصياد مغرقا في التغني للصيادين والبحر ورحلات الحياة وأمواجها المتلاطمة برومانسية شبت وشابت معه بينما كان العتر ممثلا في كتابات للطين والوطن والأرض أما طه شطا فقد كان مولعا بالغناء وكتاباته الموسيقية متأثرا بصداقته القوية مع بعض الموسيقيين وعلي رأسهم الفنان توفيق فوده أما محمد الشربيني فهو من جيل متفرد من الشباب انضموا مع بعض للنشاط الثقافي في وقت واحد هو ومحمد الغندور ورأفت سرحان وارتبط بهم بعض من شباب المسرحيين وكان الشربيني مقلا في إنتاجه ولكنه كان مجيدا في الإعداد عن نصوص وأعمال الآخرين وكان شديد الإخلاص لفنه بأخلاق النبلاء وهي سمة تميز بها جيله أما الكبير محمد النبوي سلامة فكان علامة متفردة في عالم الأغنية برع فيه بموهبة فطرية صقلتها بعد ذلك الخبرة والتعلم من الآخرين فكان شديد الحرص علي تعلم البحور والأوزان رغم قلة حظه من التعليم وفوق كل ذلك كان بمثابة الأب الروحي لحركة الرواد الأدبية في كافة أشكالها حتى أنه كان مزدوج العضوية في ضفاف وفي نادي الأدب وينتمي بقوة دفينة لجماعة الرواد الأدبية أما علي ظلام فكان نموذجا متفردا لموهبة أدبية ناضجة لم تأخذ حظها لعامل حرفي في صناعة الأحذية طحنه الفقر وأتي عليه مبكرا والراحل مصطفي كامل سعد كان تجربة خاصة هو الآخر فقد نذر نفسه لدراسة الروائي صاحب نوبل نجيب محفوظ فكانت كتاباته وأحلامه وأفكاره كلها دراسات بشكل أو بآخر لشخوص نجيب محفوظ وعالمه الأثير .
ـ هل تعتقد أن جيل الشباب لديه طموحات يمكنه تحقيقها في مجال الأدب ؟
* بكل تأكيد فكل جيل يملك حاضره وبقدر تفاعله مع الواقع تنضج تجربته بشرط أن يعترف الجميع أنهم امتداد لجيل سبق ليسوا منفصلين عنه وأن من سبق هو جيل الأساتذة بلا شك فلا تأخذهم نعرة وحماس الشباب من أنهم جيل بلا أساتذة حتى لو ظنوا أنهم قد تفوقوا واجتازوا هؤلاء الأساتذة .
ـ قضيت فترة كمستشار إعلامي لبعض المحافظين. هل أفادك هذا المنصب ؟وضح لنا بالتالي كيف كان ذلك؟
* عملت مديرا عاما لمكتب الدكتور عبد العظيم وزير محافظ دمياط لفترة قصيرة لم تتجاوز سبعة أشهر إلا أنها كانت فترة خصبة في تجاربها وكانت زاخرة بنوع مختلف عن سابق خبراتي الثقافية إلا أن عملي قد تأثر كثيرا بهذه الخبرة فمع الدكتور عبد العظيم وزير أقمنا ملتقي دمياط الثقافي الأول عندما غاب مؤتمر دمياط الأدبي لعدة سنوات ثم بعد خروجي للمعاش عملت مستشارا إعلاميا للدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط لمدة تصل إلي سبع سنوات وكانت هي الأخرى تجربة غنية جدا استطعت فيها أن أؤدي بعض الخدمات للمحافظة منها إصدار بعض الكتيبات الهامة التي أصبحت ولا زالت مرجعا للكثيرين عند الكتابة عن دمياط وآثارها وعن رأس البر مدعمة ببعض الصور الفوتوغرافية القديمة التي استطعنا الحصول عليها من أرشيف بعض الصحف مثل ( دار الهلال ) والتي انتشرت انتشارا غريبا علي كل المواقع والصفحات علي الإنترنت فيما بعد وحني الآن .
ـ أسماء مثل : عيد صالح ، مصطفى العايدي ، محسن يونس ، أحمد زغلول الشيطي ، طاهر السقا ، السيد النماس ، أنيس البياع ، د. عزة بدر ، عفت بركات، محمد علوش . كيف تراهم بعين واحد من الجمهور المتذوق للأدب؟
* السيد النماس أول من اصطدم بي من الأدباء بعد تعييني مديرا لقصر الثقافة بدمياط خلفا لصديقه العزيز جدا ممدوح بدران فقد كان رافضا لمن يكون سببا في إقصاء هذا الصديق من عالمه وكان عنده الحق في ذلك كنت أراه شاعرا مجيدا وكان إلي جانب أنيس البياع متفردان في الكتابة بالفصحى متمكنين من أدواتها بشكل قوي إلا أن النماس كان يختص دون غيره بقاموسه الخاص ومفرداته اللغوية الخاصة وولعه ببعض المفردات الموحشة والمهجورة وقد أثر بذلك في جيل ليس بالقليل من الأدباء في ولعهم باللفظ والشكل أكثر من المضمون مثله مثل الدكتور عيد صالح أما محسن يونس فقد لمع كقاص مبكرا إلا أن تأثره الشديد بالسيد النماس وأنيس البياع رغم اختلافه معهما فيما بعد ألقي بظلال كثيفة علي مساره الوظيفي ربما للآن فقد كان ضحية التقارير الظالمة في فترة من الفترات مع سمير الفيل وأحمد عجيبة إلا أن محسن يونس ابن السيالة كان امتدادا في نظري لمبدع هام وكبير هو عبد الفتاح الجمل وإن لم يعلن ذلك أو يصرح به أو يتنبه إليه أحد كما أن أحمد زغلول الشيطي هو الآخر أعتبره من أهم الأدباء الشبان في عصرنا المبكر في القصة القصيرة إلا أن ذيوعه قد تأثر بشدة بسبب انعزاله فترة طويلة وانغلاقه علي نفسه مما أوحي إلي كثيرين أنه يعيش في برج عاجي متعاليا علي أقرانه أما أنيس البياع فقد ظلم نفسه كشاعر وأديب بانغماسه في السياسة ودعني أختصر القول لأنني قد أطلت كثيرا رغم ما عانيته في محاولة الاختصار فأقول أن هناك جيلا أصغر سنا من المبدعين أحس تجاههم بمعزة خاصة كأنهم أبنائي من مثل عزة بدر وفكري العتر وعفت بركات . وشادي النشوقاتي الفنان التشكيلي المرموق .
ـ هل تعتقد أن مصر ستتعافى من حالة الانقسام التي تشهدها أم أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت.
* انقسام مصر الآن وتصنيف شعبها مابين ثوار وفلول ثم بعد هنيهة مابين إسلامي وليبرالي وعلماني ثم فيما بعد ما بين إسلامي معتدل وإسلامي متشدد هو أمر طبيعي في خضم الصراع علي السلطة وستأخذ وقتا طويلا قبل أن تستقر الأحوال والتاريخ يقول أن دوام الحال من المحال فمن المؤكد أن فترة حكم الإخوان لمصر ربما ستطول إلا أنها مثلها مثل غيرها من الحركات والتيارات السياسية والفكرية تحمل في ذاتها بذور فنائها فستنتهي وستفني بعد فترة وإن طالت مثلها مثل الدول والخلافات الإسلامية المختلفة من أموية إلي عباسية إلي فاطمية وهكذا .
…………………………………………………………………………
أجرى الحوار بمدينة دمياط يوم الأحد الموافق 16 ديسمبر 2012 ، ونشر في مجلة رواد عدد شهر يناير 2013 .
ملحق : القرار الجمهوري المنشئ لهيئئة قصور الثقافة
ملحق : القرار الجمهوري المنشئ لهيئئة قصور الثقافة
قرار رئيس جمهورية مصر العربية
رقم 63 لسنة 1989
بإنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة
____________________
رئيس الجمهورية
بعد الاطلاع على الدستور ،
وعلى القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى
،
وعلى القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات
العامة ،
وعلى القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام
العاملين بالدولة ،
وعلى القانون رقم 43 لسنة 1979 فى شأن الإدارة المحلية
وتعديلاته ،
وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 150 لسنة 1980 بإنشاء
وتنظيم المجلس الأعلى للثقافة ،
وعلى موافقة مجلس الوزراء ،
وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة ،
قــــــرر
مادة 1 - تنشأ هيئة عامة تسمى " الهيئة العامة
لقصور الثقافة" تكون لها الشخصية الاعتبارية ، ويكون مقرها مدينة القاهرة وتتبع
وزير الثقافة ، وتعتبر من الهيئات التى تقوم على مرفق من المرافق ذات الطبيعة الخاصة.
مادة 2 - تهدف الهيئة إلى المشاركة فى رفع المستوى
الثقافى وتوجيه الوعى القومى للجماهير فى مجالات السينما والمسرح والموسيقى والفنون
الشعبية والفنون التشكيلية وخدمات المكتبات فى المحافظات ، وذلك على النحو الآتى :
ا ) فى مجال الثقافة العامة :
تنشيط الحركة الأدبية فى المحافظات, وإزكاء روح البحث
والابتكار, وتبنى الأفكار المستحدثة, وتشجيع الدراسات الحرة.
ب) فى مجال المسرح:
الاهتمام بنشر الثقافة المسرحية بين الجماهير، والإشراف
الفنى على النشاط المسرحى بالمحافظات.
ج) فى مجال الموسيقى :
رفع مستوى التذوق بين الجماهير ورعاية المواهب بالمحافظات.
د ) فى مجال الفنون الشعبية والحرف البيئية :
دراسة الفن الشعبى بمدلوله الواسع - من أدب ومأثورات
شعبية وزخرفية وفنون صناعية شعبية وغناء ورقص وموسيقى- فى كل بيئة ، والإشراف الفنى
على فرق الفنون الشعبية بالمحافظات.
هـ) فى مجال الثقافة السينمائية :
إعداد الدراسات العلمية والفنية عن السينما, ونشر
دليل سنوى وكتب ونشرات ومجلات عن الثقافة السينمائية, وإقامة المهرجانات والمسابقات
وأسابيع الأفلام, والإشراف على نوادي السينما بالمحافظات, وإنتاج الأفلام التسجيلية
وأفلام الأطفال- بهدف التثقيف الجماهيري.
و ) فى مجال الفنون التشكيلية :
تنشيط حركة الفنون التشكيلية من خلال المراسم والمعارض
والندوات واكتشاف ورعاية الموهوبين.
ز ) فى مجال المكتبات :
رفع مستوى خدمات المكتبات فى مراكز الثقافة ومكتباتها
الفرعية, وذلك بتزويدها بالكتب وتيسير الاطلاع للجماهير.
ح ) فى مجال المساعدات الثقافية :
تقديم المساعدات للجمعيات الثقافية مالياً وأدبياً
وفنياً.
ط ) فى مجال ثقافة القرية :
إجراء البحوث الميدانية والمسح الثقافي والتجارب؛
بهدف الوصول إلى أنسب صيغ الخدمات الثقافية التى يجب أن تقدم للقرية المصرية.
ى ) فى مجال ثقافة الطفل :
إجراء الدراسات والبحوث الفنية على الأطفال والطلائع؛
للتعرف على عاداتهم واهتماماتهم.
ك ) فى مجال ثقافة الشباب :
إجراء الدراسات والبحوث الميدانية حول احتياجات الشباب
الثقافية والفنية.
ل ) فى مجال ثقافة العمال :
إجراء الدراسات والبحوث الفنية فى مجالات الثقافة
العمالية.
م ) فى مجال ثقافة المرأة :
إتاحة فرص التنمية الثقافية والفنية للمرأة.
ن ) فى مجال التدريب وتبادل الخبرات :
العمل على الارتفاع بمستوى الأداء للعاملين بالهيئة,
وعقد دورات تدريبية وتأهيلية تخصصية فى مجالات الثقافة الجماهيرية فى الوطن العربي,
والعمل على تبادل الخبرات على المستويين المحلى والعربي.
مادة 3 - تتكون موارد الهيئة من :
ا - المبالغ التي تخصصها لها الدولة.
ب - حصيلة إيرادات الهيئة الناتجة عن ممارسة نشاطها.
جـ - الإعانات والهبات والتبرعات التى يقبلها مجلس
الإدارة.
د - ما توفره الدولة للهيئة من قروض.
مادة 4 - يكون للهيئة مجلس إدارة يشكل على الوجه
الآتى :
- رئيس مجلس الإدارة, ويصدر بتعيينه وتحديد مرتباته
قرار من رئيس الجمهورية.
- رئيس إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة أو من
ينيبه.
- وكيل وزارة التعليم.
- وكيل وزارة الشئون الاجتماعية.
- وكيل وزارة الأوقاف.
- ممثل لوزارة الثقافة.
- ممثل للمجلس الأعلى للشباب يختاره رئيس المجلس.
- ممثل للهيئة العامة للاستعلامات يختاره الوزير
المختص.
- ممثل عن أمانة الإدارة المحلية يختاره الوزير المختص.
- اثنان من شاغلي الوظائف العليا بالهيئة يصدر بتعيينهما
قرار من وزير الثقافة بناء على ترشيح رئيس مجلس إدارة الهيئة.
- عضوان من ذوى الخبرة فى مجالات الثقافة الجماهيرية
يصدر بتعيينهما قرار من وزير الثقافة بناء على ترشيح رئيس مجلس إدارة الهيئة وذلك لمدة
سنتين قابلة للتجديد.
- اثنان من رؤساء فروع الهيئة بالمحافظات يمثلان
مختلف المناطق الجغرافية ، ويصدر بتعيينهما قرار من وزير الثقافة بناء على ترشيح رئيس
مجلس إدارة الهيئة.
مادة 5 - مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة
على شئونها وتصريف أمورها ، وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الأهداف
التي أنشئت الهيئة من أجلها ، وله على الأخص :
ا - إقرار الهيكل التنظيمي للهيئة وبطاقات وصف وظائفها
ومقرراتها.
ب - وضع لوائح الهيئة الداخلية المتعلقة بالشئون
المالية والإدارية والفنية و المخزنية ، وغيرها من اللوائح التنظيمية العامة.
جـ - إقرار مشروع الموازنة السنوية للهيئة ومشروع
حسابها الختامى.
د - اقتراح الاتفاقيات الثقافية الدولية ، وتنظيم
المؤتمرات والمهرجانات الفنية والمعارض وحلقات البحث المتصلة بنشاطات ثقافية للجماهير
محلياً وعربياً ودولياً.
هـ - تقرير مقابل لما تقدمه الهيئة من خدمات أو استعمال
مرافقها, ووضع قواعد الإهداء للغير و الإعفاء من المقابل.
و - قبول الهبات والتبرعات التي تقدم للهيئة ولا
تتعارض مع أهدافها, واقتراح عقد القروض.
ز - النظر فى التقارير الدورية التى تقدم عن سير
العمل بالهيئة ومركزها المالي.
حـ - النظر فى كل ما يرى الوزير المختص بالثقافة
أو رئيس مجلس إدارة الهيئة عرضه من مسائل تدخل فى اختصاص الهيئة.
ويجوز لمجلس الإدارة أن يشكل من بين أعضائه لجنة
أو أكثر يعهد إليها بصفة مؤقتة ببعض اختصاصاته, وله أن يفوض أحد أعضائه فى اختصاص أو
مهمة محددة.
مادة 6 - يجتمع مجلس إدارة الهيئة مرة على الأقل
كل شهر بدعوة من رئيسه ، وللوزير المختص بالثقافة أن يدعو المجلس إلى الانعقاد كلما
رأى ضرورة لذلك ، ولا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا إذا حضره أغلبية الأعضاء ، وتصدر
القرارات بأغلبية آراء الحاضرين, وعند تساوى الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس ،
وللمجلس أن يدعو لحضور جلساته من يرى الاستعانة بخبراتهم دون أن يكون لهم صوت معدود
، وتدون محاضر الجلسات والقرارات التي يصدرها المجلس فى سجل يوقع عليه الرئيس والسكرتير.
مادة 7 - تبلغ قرارات مجلس الإدارة إلى وزير الثقافة
خلال عشرة أيام من تاريخ صدورها ، ولا تعتبر هذه القرارات نافذة إلا بعد اعتمادها من
الوزير.
مادة 8 - يمثل رئيس مجلس الإدارة الهيئة أمام القضاء
وفى صلاتها بالغير, ويختص بالمسائل الآتية :
1 - تنفيذ قرارات مجلس الإدارة.
2 – إدارة الهيئة وتصريف شئونها والعمل على تطوير
نظم العمل بها وتدعيم أجهزتها.
ولرئيس مجلس الإدارة أن يفوض عضواً أو أكثر من أعضاء
مجلس الإدارة في بعض اختصاصاته.
وفى حالة غياب رئيس المجلس يحل محله فى اختصاصاته
أحد شاغلي الوظائف العليا بالهيئة من أعضاء المجلس يختاره الوزير المختص.
مادة 9 - يكون للهيئة موازنة خاصة بها ، يتم إعدادها
وفقاً للقواعد المنظمة لإعداد الموازنة العامة للدولة ، ويكون لها حساب ختامي ، وحساب
خاص تودع فيه مواردها, وتبدأ السنة المالية للهيئة مع بداية السنة المالية للدولة وتنتهي
بانتهائها.
مادة 10 - للهيئة فى سبيل اقتضاء حقوقها اتخاذ إجراءات
الحجز الإداري طبقاً لأحكام القانون الخاص بذلك.
مادة 11 - ُينقل العاملون بالإدارة المركزية للثقافة
الجماهيرية وفروعها بالمحافظات من المجلس الأعلى للثقافة إلى الهيئة بأوضاعهم ومرتباتهم
الحالية, ُتتخذ الإجراءات اللازمة لنقل الاعتمادات المالية الخاصة بذلك إلى موازنة
الهيئة.
مادة 12 - يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار.
مادة 13 - ُينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية.
صدر برئاسة الجمهورية فى 26 رجب سنة 1409 هـ - 4
مارس سنة 1989
( حســـنى مبـــــــــــــــارك )
