( الفيس بوك ) وتسطيح اللغات والثقافة
كلما حدث تطور في وسائل الاتصال علي مستوي العالم يتبعه تطور مماثل في
العلوم والفنون والثقافة بشكل عام إلا أنه لا يخلو ذلك من سلبيات قد تؤدي إلي
اندثار كثير من أركان تلك الحضارات بل وربما يؤدي ذلك إلي تدهور مستوي بعض تلك
الأركان ومنها اللغة وبل ويمكن أيضا أن تؤثر تلك التطورات سلبا علي بعض الثوابت
العلمية بل والدينية أيضا فمما لا شك فيه أن الدارس المعاصر لتطور اللغة العربية أو
الإنجليزية علي مستوي العالم أو الدارس في مقارنة الأديان وتطور العقائد سيلحظ هذا
أو ذاك تغييرات كبيرة في أساسيات اللغات والعقائد والسلوكيات المرتبطة بكليهما ؛
وما من شك أن تطور وسائل الاتصال واكتشاف الفيس بوك وتويتر وغيرهما من
وسائل التواصل الاجتماعي علي مستوي العالم قد ترك آثارا سريعة علي كثير من
المجتمعات ومنها مجتمعاتنا العربية بشكل عام والمصرية منها علي نحو خاص فقد وصلنا خلال
سنوات قليلة بعد انتشار استخدام تلك الوسائط إلي تغييرات جوهرية مازالت تجري
وبسرعة ليس في المكونات الجغرافية لدول تلك الجماعات بل وأيضا في استخدامات اللغة سواء كانت عربية أو إنجليزية فقد ظهرت لغات أخرى
حديثة أو مستحدثة للتعامل بين مستخدمي هذه الوسائط وصارت لهذه اللغة الحديثة
مفرداتها المشتقة من الحروف اللاتينية والعربية علي السواء وأصبحت هي تلك اللغة
السهلة المنتشرة بين المستخدمين لتلك الوسائط فصرنا نري لغة عربية تكتب بالحروف
اللاتينية وقد انتشرت تلك اللغة الجديدة بين المتعاملين مع الفيس بوك والذين
يجدونها أسهل في التفاهم فيما بينهم فصرنا نري حرف الحاء مثلا يكتب 7
هكذا فهي باللاتينية شبيهة بحرف الحاء
في العربية فصارت تستخدم بدلا منه وهكذا وحرف العين مثلا 3 فرقم ثلاثة
أقرب في الشبه من لفظ ع وغير ذلك الأمثلة كثيرة ونتيجة لضحالة الثقافة
حتي بين المتعلمين وخريجي الجامعات صرنا نصدم علي الفيس بأخطاء فادحة حتي في استخدام
بعض الآيات القرآنية في التعامل بالكتابة بين المتعاملين علي الفيس بوك مثال
الراغبين في تقديم واجب العزاء كثير من مستخدمي الفيس بوك يخطئون في كتابة العزاء
المستمد من القرآن الكريم فيكتبون الآية الكريمة ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) المقتطعة من سورة (البقرة - الآية 156 الَّذِينَ
إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) فأصبح شائعا علي الفيس بوك أن
تكتب هكذا ( إن لله وإن إليه راجعون ) بل إن بعض الكتاب ذهب مذهبا أكثر حدة في
الخطأ ولا يخجل من الاستمرار فيه عندما يريد أن يواسي صديقا في وفاة عزيز لديه فيكتب
( فلان رئيس مجلس إدارة جريدة أو موقع كذا ينعي فلان ) وهو لا يدري أنه بذلك لا
يواسي صديقه ولكن ينعيه هو أيضا لقرائه ناهيك عن لجوء كثير من الكتاب استسهل استخدام العامية في كتابة موضوعاته وهجر الفصحي وهو بلا شك سيكون له مردود سيء علي لغتنا الجميلة مستقبلا برغم أن البعض من المتواكلين يركن إلي الدفع بأن الله قد تعهد بحفظ اللغة العربية من خلال وعده سبحانه في الآية الكريمة ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ؛
كنت أعتقد أن هذه الأضرار التي تتعرض لها
اللغة العربية بسبب الاستخدام الدارج للفيس بوك قاصر علي اللغة العربية ولكنني
لاحظت أيضا أن ذلك قد امتد ليشمل اللغة الإنجليزية أيضا خاصة بين أنصاف المتعلمين
الراغبين في التظاهر بأنهم أصحاب قدرة علي الكتابة والتحدث بالإنجليزية وقد امتدت
هذه المظهرية وانتشرت حتي أصبح الخطأ في الكتابة بها أمرا شائعا ومسموحا بها حتي
في أوساط المثقفين وقد هالني بالأمس أن أري ( بامفلت ) مسرحية البخيل الصادر عن
فرع ثقافة دمياط حافلا بكثير من الأخطاء اللغوية عندما أراد مصممه أن يستعرض
مقدرته علي الكتابة بالإنجليزية فوقع في أخطاء عديدة ليس فقط في الترجمة ولكن في ( إملاء )
بعض الكلمات المستخدمة في النشرة فكتب اسم الهيئة العامة لقصور الثقافة مترجما
بالخطأ هكذا (General organization of cultule palaces ) وكلمة الهيئة هنا ترجمت بالخطأ كما أن كلمة
ثقافة مكتوبة إملائيا خطأ بالإنجليزية وصحتها المفروض تكون هكذا
General Authority for Cultural Palaces
ثم يستمر محرر النشرة في استعراض مقدرته
اللغوية بالإنجليزية فيخطي مرة أخرى في ترجمة
( إقليم شرق الدلتا الثقافي ) فكتبها هكذا
( Eastren province of cultule Delta )
فأخطأ مرتين الأولي في الترجمة والثانية في
الإملاء بالخطأ في ترجمة كلمة شرق وكلمة الثقافي مرة أخرى وصحتها يفترض أن تكون
هكذا
(East Cultural Delta Region ) فهناك فرق
كبير بين الإقليم والمديرية وغير ذلك لا
يكاد يخلو سطر من أخطاء لغوية وإملائية وترجمة
فإذا كان هذا هو حال من يديرون الثقافة الآن
فماذا ننتظر من غيرهم ؟
هل ننتظر أن يعطي الصبار زهورا بدلا من الشوك ؟