الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

وزير الدولة للإعلام

 

                                                     وزير الدولة للإعلام

 

منصب وزير الدولة للإعلام هو منصب سياسي وليس تنفيذي لأنه لو كان تنفيذيًا لحدث تصادم مع مواد الدستورحيث أن المختص بتظيم شئون الإعلام وفق دستور 2014   في المواد 71، و72، و211، و212، و213، هو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام".

فوزير الدولة للإعلام هو وزير بلا ديوان ولا وزارة يمارس عمله كمنصب سياسي وليس تنفيذى بالاتصال المباشر مع رئيس الوزراء إلا أن التنسيق بين الوسائل الإعلامية المختلفة وكذلك بين المؤسسات الإعلامية والمجالس التي استحدثها الدستور كل ذلك يحتاج إلي مايسترو ينسق بينها جميعا من أجل توحيد التوجه نحو إعلام مصري خالص ومخلص للوطن والأمة لأن الوضع الحالة خلق نوعا من العشوائيات الإعلامية بين الجميع بلا رابط ولا ضابط لإيقاع العمل بها جميعا

 

 

السيناريست بشير الديك ابن دمياط يحتاج إلي دعوات الدمايطة

 السيناريست بشير الديك ابن دمياط

يحتاج إلي دعوات الدمايطة
بشير صديق الديك ابن قرية الخياطة دمياط ولد بها عام 1944 ونشأ وتعلم فيها وبدأ حياته الوظيفية بالتربية والتعليم بدمياط في الحسابات وبدأ حياته الأدبية بكتابة القصة القصيرة وانضم إلي نادي الأدب وجماعة الرواد الأدبية بدمياط في أوائل الستينيات وزامل خلالها الأدباء الدمايطة ومنهم مصطفي الأسمر وأنيس البياع والسيد النماس ويسري الجندي ومحمد السلاموني ثم انتقل إلي القاهرة وكافح حتي فرض اسمه ككاتب سيناريو متميز وكتب وأعد حوالي 50 فيلما سينمائيا وكان أول أعماله فيلم "مع سبق الإصرار"، من إخراج أشرف فهمي وبطولة محمود ياسين ونور الشريف وميرفت أمين، والذي عرض في فبراير 1979، ثم كون ثنائيا ناجحا مع المخرج عاطف الطيب في عدد من أهم أفلامه، مثل "سواق الأتوبيس"، و"ضربة معلم"، و"ضد الحكومة"، و"ناجي العلي"، و"ليلة ساخنة"، بالإضافة إلى ذلك اشترك مع المخرج الراحل محمد خان في العديد من الأفلام مثل "الرغبة"، و"موعد على العشاء"، و"الحريف". وظل بشير مرتبطا بأهله وقريته وأصدقائه في دمياط إلي وقت قريب حتي أنه قدم بعضهم في فيلمه الشهير سواق الأتوبيس الذى تم تصوير أجزاء منه في رأس البر بدمياط ؛

بشير منذ شهر تقريبا أصيب بأزمة صحية عنيفة وعارضة نقل بسببها للرعاية المركزة بأحد المستشفيات بالقاهرة ولكن الحالة زادت سوءا مما دعا ابنته للاستغاثة بوزيري الصحة والثقافة اللذان لم يتأخرا عن اللحاق به ونقله إلي العناية المركزة في مستشفي آخر وتحسنت حالته نسبيا وعاد إلي منزله ولكن الحالة عادت للتدهورمرة أخري مما احتاج معه الأمرإلي نقله مرة أخري للعناية المركزة ووضعه علي أجهزة التنفس الصناعي علي أمل أن يلطف به الله وتتحسن حالته ؛
ولم نسمع في محافظة دمياط أو في ثقافتها من يهتم بحالته او يبادر بالسؤال عنه وأضعف الإيمان أن ندعو له جميعا أن ترعاه عناية الله ويشفيه من أجل أسرته وفنه الذى أحبه وأخلص له .

الاثنين، 16 ديسمبر 2024

حول تاريخ الحركة المسرحية في دمياط

 

حول تاريخ الحركة المسرحية في دمياط

كتب الأستاذ سمير الفيل تجربته كما عاشها مع المسرح في دمياط وكما أسعفته الذاكرة فروي احداثا تاريخيا مردها إلي المنشورات والمجلات والنشرات بحوزته والتي نشرت حول الكثير من العروض المسرحية والمؤتمرات الأدبية والفنية وفي الحقيقة جاء مقاله غنيا بالأحداث وبالطبع سادها بعض الهنات البسيطة في تلك الرواية والتي أري لزاما للتوثيق مراجعتها وتدقيقها بعيدا عن النوستالوجيا والذاتية والمجاملة ؛

وقد جاء في معرض حديثه عن الحركة الأدبية والفنية في دمياط أنه : ( في هذا التوقيت كانت هناك عدة مجموعات أدبية ومسرحية . )

والحقيقة أن تلك المجموعات لم تكن تمتلك منهجا أو رؤية  يمكن أن تؤهلها كجماعة مترابطة لها توجه وأهداف ولكنها كانت مجرد شلل أصدقاء تربطهم الموهبة وحب الأدب أو المسرح فكانت هناك شلة شهيرة في قهوة شاهين بشارع فكري زاهر ضمت علي رأسها طاهر أبو فاشا وسعد عبد الرازق وزكريا الحزاوي أحيانا ويسري الصواف وعبد الوهاب شبانة وكانت هناك شلة شعراء العامية في صالون النبوي سلامة وشلة أخري لكتاب القصة في معرض موبيليات مصطفي الأسمر وكانت هناك شلة قهوة العزوني تضم أعضاء فرقة المسرح العمالي التي كونها وأدارها وأخرج لها حلمي سراج كل أعمالها وتقدم عروضها علي مسرح مدرسة الزراعة في أول طريق غيط النصاري وكانت تضم مجموعة من الحرفيين ما بين نجار ومنجد وأستورجي وحداد ... الخ منهم رضا عثمان والسيد الفناجيلي وأخيه صلاح والسيد العناني ويوسف عبد الرازق وعاطف اللبان وفوزي سراج وزغلول البابلي وعبده الجنتيري ومجدي الغندور وعلي زهران الموظف ببنك التسليف وهو يختلف عن علي زهران السياسيي المعروف وسعد الكندوز ومحمد إبراهيم وغيرهم وكان يجمعهم جميعا حب المسرح الذي غرسه فيهم حلمي سراج ونظرا لقلة الإمكانيات وعدم ا لمقدرة علي الاستمرار لجأ إلي قصر الثقافة في محاولة للاندماج فيه والفوز برعايته في حين أن القصر كان يوجه دعمه المادي والفني لفرقة دمياط القومية المسرحية التابعة في ذلك الوقت لمحافظة دمياط وعندما حاول مدير القصر الشاب ممدوح بدران خلق نشاط مسرحي رسمي من خلال قصر الثقافة لم يجد سوي الأستاذ أحمد العاصمي بناء علي ترشيح بعض أصدقائه من الأدباء خريجي المعلمين في دمياط إلا أنه كان يقيم ببلده السرو ويمارس نشاطه في مدرسة فارسكور الإعادادية ولم يقيد له ولفرقته الاستمرار أو تحقيق اي نجاج وعندما توليت أمر إدارة الثقافة في أوائل السبعينيات وقد كنت من قبل مكلفا بالتواصل مع فرقة حلمي سراج واستطعت أن أضمهم إداربا إلي قصر الثقافة بشكل رسمي وبدأت ا لفرقة تقدم عروضها دون أي دعم مادي من الثقافة الجماهيرية فقدمت أغنية علي الممر أبو زيد في بلدنا والزوبعة والقفل والناس اللي في البلد ثم قدمت مسرحيات  الناس اللي في السما الثامنة وزيارة عزرائيل والراجل اللي ضحك علي الملايكة بلا أي دعم مادي من الثقافة الجماهيرية اللهم سوي تذاكر الدعوة والدعاية وتقديم هذه العروض علي المسارح المتاحة في مدرسة الزراعة  ومدرسة دمياط الثانوية العسكرية والمسرح القومي وفي بعض الأجران ومراكز الشباب بكثير من قري المحافظة وأخيرا علي مسرح قصر الثقافة الذى بدأنا في تشغيله حتي قبل أن يكتمل تجهيزه بالكراسي والإضاءة والأذاعة والستائر ؛

في ذلك الوقت تدهورت أحوال الفرقة الرسمية بالمحافظة وتوقف  العمل بها وكان آخر عروضها مسرحية بنسيون الأحلام إخراج المخرج الأذاعي محمود شركس وواكب ذلك أيضا تدهور فرقة دمياط للفنون الشعبية التابعة للمحافظة أيضا نتيجة لتراجع اهتمام المسئولين بالمحافظة بهذا النشاط والاكتفاء بما يقوم به قصر الثقافة توفيرا للميزانيات الضحمة التي كانت تصرف علي الفرقتين المسرحية والفنون الشعبية . وكان ذلك في صالح فرقة قصر الثقافة المسرحية التي انضم إليها كثير من الكوادر الفنية في الفرقة الأم ومنهم أحمد عجيبة ومحمد ناصف والسيد مسحة وحمدي تحفة وغيرهم . بينما اتجه كثيرون من فرقة الفنون الشعبية إلي إنشاء فرق مبتكرة للزفة الدمياطي وكان في الطليعة منهم الفنان الراحل محمد محفوظ وشلة أصدقائه محمود أمين ومصطفي السنباري والسيد الغطاس وغيرهم .

أما عن الجامعة الشعبية كما كتب الأستاذ سمير الفيل فنحن وهو وأجيالنا المعاصرة لم نعاصر نشاط الجامعة الشعبية التي نشأت في أحضان التربية والتعليم وكانت تهتم بتعليم الكبار الحرف والمهارات المهنية التي تؤهل الشباب الصغير لسوق العمل مثل مجالات الكهربا والآلة الكاتبة والراديو والموسيقي ولما نقلت الجامعة إلي وزارة الثقافة وكان ذلك تحت مسمي جامعة الثقافة ولم يكن قد تبلور نشاطها أو توجهها إلا بعد أن أسندت إلي الأستاذ أحمد أمين واكتمل التوجه والسياسة في عهد سعد كامل الذي بدأ يهتم أكثر بالأنشطة الثقافية من أدب وسينما ومسرح في محاولات بدائية مستعينا بخبرات بعض الكوادر الثقافية صاحبة المواهب مثل محمود دياب وهبة عنايت وعلي سالم وغيرهم في عدد محدود من المحافظات هي أسوان والشرقية وكفر الشيخ وأسيوط وبنها ثم لما بدأت ميول سعد كامل السياسية كيساري معروف تطغي علي طبيعة النشاط خاصة أن من استعان بهم في تلك المحافظات كانوا أيضا من أصحاب هذا التوجه مما أثار حفيظة النظام فتم إقالة سعد كامل وأسندت إدارة الثقافة الجماهيرية لسعد الدين وهبة وهنا انطلقت تجربة سعد وهبة الأكثر نضجا وانتشارا لتسود في كل المحافظات وكانت الثقافة والإعلام تضمهما وزارة واحدة وكان فرعها في دمياط يسمي مركز الثقافة والاستعلامات في شقتين بعمارة السمبسكاني أمام السنترال القديم وفي هذا المقر الذى كان الراحل الكبير سعد الدين عبد الرازق آخر مدرائه كان العمل يسير بشكل بيروقراطي ثابت عبارة عن ندوة مكتبية أسبوعية في إطار مكتبة المركز ويشرف عليها أمين المكتبة كامل الدابي ثم لما بدأت الندوة تجذب بعض المهتمي بالأدب وبدأوا في مناقشة بعض الكتب والدواوين الشعرية والأدبية ظهرت فكرة تشكيل جماعة أدبية أسموها جماعة الرواد الأدبية وأشهرت في الشئئون الاجتماعية كنشاط أهلي مقره مركز الثقافة والاستعلامات دون أي إشراف فعلي للمركز وإدارته علي الجماعة إلا من خلال تواجد كامل الدابي من بين أعضائها كأحد المؤسسين وبدأت الجماعة تجتذب أعضاء أكثر من المهتمين بالأدب والثقافة إلي أن انتخبت الجماعة من بينها رئيسا لمجلس إدارتها وبدأ الاشتباك الإداري ما بين الجماعة وإدارة مركز الثقافة وكذلك بينها وبين الاتحاد الاشتراكي  إلي أن تم حل الجماعة بقرار سياسي من الاتحاد الاشتراكي وقد تصادف أن سعد وهبة كان قد أسس جمعيات للرواد في قصور وبيوت الثقافة تهدف إلي خلق إدارة شعبية للنشاط وفتح مصادر لتمويل النشاط في ظل عجز الميزانية الرسمية للدولة عن الصرف علي أنشطة وزارة الثقافة المكلفة جدا فكان التوجه في دمياط هو دمج الجماعة المناوئة سياسيا للدولة ونظامها السياسي ممثلا في الاتحاد الاشتراكي بعد حلها في جمعية الرواد لقصور الثقافة بدمياط .

نعود إلي مركز الثقافة والاستعلامات حيث كان يشرف علي النشاط المسرحي فيه جمال البسيوني وكان يعمل في الجمعية الصناعية ويدير مصنعها للكرينة وكانت فكرته عن المسرح فكرة بدائية امتداد لفكرة المسرح المدرسي محدود الفكر والتقنية والموهبة فكان جمال بسيوني يكون الفرقة المسرحية لمركزالثقافة من بعض العمال الحرفيين العاملين تحت إدارته في مصنع الكرينة وكان يقوم بكتابة المسرحيات البدائية التي يدربهم عليها ويقوم في نفس الوقت بعمل المكياج لهم وتفصيل الملابس الخاصة بالمسرحية ويلقن ويفتح ستارة بدائية في صالة المركز صنعها بنفسه وفي ذلك الوقت كان هناك نشاطا مسرحيا أكثر نضجا في مركز شباب استاد دمياط بقيادة أحمد جبر ونشاطا مماثلا في ساحة دمياط الشعبية إشراف نادر شحاته ونشاطا مماثلا لعمال مصنع الغزل في إطار ناديهم يقوده رضا حسني وكلها كانت تقدم تجارب فقيرة للغاية لم يكتب لها النجاح أو الاستمرار .

وقد تحدث الكاتب سمير الفيل عن عبد المنعم عبد الحميد الشقيق الثالث لحلمي سراج فقد بدأ بالفعل بالكتابة للمسرح ولكن في أعمال قليلة جدا أخرج له شقيقه منها مسرحية الفنار وعرضت أيام المسرح العمالي في مدرسة الزراعة علي مسرحها حيث كان يعمل حلمي أمينا للمعمل بها كما كتب عبد المنعم بعد ذلك بعد انتصار أكتوبر الجزء الثاني من مسرحية غالية يا مصر وتعيشي يا مصر وقدمت في مسرح قصر الثقافة إلا أن اهتمامه بالسينما كان أكبر فانتقل إلي القاهرة والتحق بورشة عبد الحي أديب لكتابة السيناريو للسينما وينسب السناريو تأليفا لعبد الحي أديب بينما يتقاضي عبد المنعم وزملائه من الكتاب العاملين في تلك الورشة الفتات وظل هكذا إلي يومنا هذا ولم يكتب له أن يعرف مثل بشير الديك الذى سعي نفس المسعي ولكنه انفصل لذاته وقدم أعمالا كثيرة لاقت نجاحا وذيوعا أكبر .

أما فيما يتعلق بنوادي المسرح وتجربة نادي المسرح في دمياط فقد بدأت التجربة في عام 1982 عندما قدم محمد الشربيني وبعض أصدقائه عملا مسرحيا ناجحا في كلية التربية بدمياط مشاركة مع رأفت سرحان ومحمد الغندور وبعض الطلية الذين شاركوهم في تقديم مسرحية المجانين المقتبسة عن فيلم طار فوق عش المجانين ونظرا لنجاحها جماهيريا فقد استضفناها علي مسرح قصر الثقافة بدمياط وكانت هذه المجموعة تتميز عن غيرها بحب المسرح والسعي للحصول علي قدر كبير من الثقافة المسرحية ميزتهم بطبيعة الحال عن مجموعة الحرفيين المنضمين لفرقة قصر الثقافة المسرحية قيادة حلمي سراج التي كانت تضم في أغليها مجموعة من الحرفيين كثير منهم لا يجيد مجرد القراءة والكتابة أذكر منهم رضا عثمان وزغلول البابلي وعبده الجنتيري والسيد الفناجيلي وأخيه صلاح والسيد العناني وعاطف اللبان وأحمد ليلة ومحمد الهنداوي والحسيني مراد ويوسف عبد الرازق وغيرهم ولما لم تستجب مجموعة مسرحية المجانين لدعوتي للانضمام لفرقة القصر والاندماج فيها لعدم اقتناعهم بأسلوب وإدارة الفرقة رأيت أن أستعين بهم لتقديم أعمال طليعية مسرحية ذات طابع ثقافي مرتفع وبدأت المجموعة بالفعل في عرض مشاريع محترمة طليعية وكانت البداية لمونودراما يوميات التاجر السعيد كتبها أسامة الدليل وكان ما يزال طالبا في الثانوية العسكرية وتصدي لإخراجها فوزي سراج ولعب بطولتها عبد الله الشرقاوي رحمه الله الذى كان ما يزال طالبا بالثانوي وكان يتمتع بموهبة كبيرة في  التمثيل والذى التحق بمعهد الفنون المسرحية بعد ذلك وعمل ممثلا حتي وفاته بمسرح الطليعة بالقاهرة بالإضافة إلي ثلاث تجارب أخري  هي ( البحث ) عن قصة لمحسن يونس مع شوقي بكر ومحمود عثمان ثم أخرج رأفت سرحان " الحزن" قصة قصيرة على المسرح " تأليف : محسن يونس أيضا ، تمثيل : جونيا العربي ، ورأفت سرحان ، مساعد مخرج : أشرف طلبة. " رؤية" ، تأليف : محمد الزكي، تمثيل : زغلول البابلي ، إضاءة : فكري الحلو ، ألحان وغناء : محسن المياح، إخراج محمود عثمان". ثم تعددت التجارب بشكل حماسي إلي أن تم أنتاج هموم دمياطية لفوزي سراج وغنوة للكاكي وتصدي لها شوقي بكر ثم تجربة محمود عثمان في تقديم اعمال فنية نحتية للفنان الراحل عبد العزيز حبة علي المسرح وخلق حالة مسرحية بين التماثيل والمؤلف الشاعر الفنان عبد العزيز حبة وتعددت بعد ذلك التجارب واستمرت إلي أن شجعنا ذلك علي إعداد وتجهيز السطح أعلي المكتبة وجهزناه كقاعة عرض مسرحية شبيهة بقاعة عرض مسرح الطليعة في القاهرة وفكرنا بعدها في إقامة أول مهرجان لنوادي المسرح علي مستوي الجمهورية في يناير 1990 وقد شاركنا فيه فرقا من بورسعيد والفيوم والمنيا وغيرها مع ملاحظة أنه حتي إقامة هذا المهرجان لم تكن الثقافة الجماهيرية قد أنشأت إدارة خاصة لنوادي المسرح التي جاء إنشاؤها بعد ذلك بقيادة الفنان الراحل عادل العليمي وبعد المهرجان الأول وما لاقاه من نجاح رأينا أن نمنح التجربة بعدا ثقافيا وحرفيا أكثر فأسندت الإشراف عليها للكاتب الراحل محمد ابو العلا السلاموني الذى كان ما يزال معتكفا ومنعزلا عن الناس بعد حادثة الاعتقال المريرة بعد أحدث بورسعيد فرأينا إخراجه من هذه العزلة ليتم بعدها انتدابه كاملا من التربية والتعليم للثقافة الجماهيرية ثم اختار هو أن ينتقل إلي القاهرة ويلحق بصديق عمره يسري الجندي في إدارة المسرح بالقاهرة وقد ساعدته مع الراحل الكبير يسري الجندي في ذلك كما وسبق مساعدة آخرين في الانتقال إلي إدارة المسرح بالقاهرة بمساعدة يسري منهم مجدي الجلاد ومحمد الشربيني وعبد الستار الخضري .

من بين ما ذكره الأستاذ سمير في مقاله التوثيقي أنه ليلة عرض مسرحية السلاموني في بورسعيد وكنا قد أوفدنا وفدا أدبيا بناء علي دعوة ثقافة بورسعيد للمشاركة في احتفالاتهم بعيد النصر عام 1974 وكان علي رأس هذا الوفد الزميل كامل الدابي رحمه الله أن تم القبض في نفس الليلة علي السلاموني وكامل الدابي والصحيح أن السلاموني فقط هو من تم اعتقاله في نفس الليلة ونتيجة لتقارير أمنية قامت مباحث أمن الدولة في دمياط باعتقال الزميل كامل الدابي من مقر عمله في مكتبة قصر الثقافة ولكني علمت أنه لم يوجه له أي اتهام بل كان الهدف هو توصيفه كشاهد إثبات ضد السلاموني ولما لم يقم بهذا الدور كما كانوا يريدون تم التنكيل به فيما بعد ونقل إلي قصر ثقافة مرسي مطروح وعندما انتهت القضية بالبراءة أعاده سعد وهبة  مرة أخري إلي عمله بدمياط .

وذكر أخونا سمير الفيل في مقاله أن ( عرض مسرحية المخططين لفرقة دمياط القومية المسرحية إخراج سعد أردش بدأ يتردد صداه حتى جاء فارس آخر زلزل الحركة المسرحية من ثباتها العميق وأعني ناصر عبدالمنعم.) وهنا قفزة غير مقصودة علي التاريخ الفني للمخرجين والأعمال المسرحية تجاهلت كثيرين منهم عن غير قصد بطبيعة الحال فالمعروف أن المخرج الأوحد لفرقة قصر الثقافة كان حلمي سراج وبعد توقف فرقة المحافظة وانضمام بعض نجومها كان لابد وأن يتم الاستعانة ببعضهم فبدأنا  تقديم أعمالا أخري من إخراج محمد ناصف وعباس أحمد وكان ذلك إيذانا ببدء الاستحواز علي ما تقدمه إدارة المسرح من دعم مادي متمثلا في أجر المخرج ثم تعددت التجارب مع آخرين من ترشيح إدارة المسرح منهم ماهر عبد الحميد المخرج الطليعي الراحل من مسرح الطليعة ثم حافظ أحمد حافظ وقد كان بالفعل صاحب النقلة النوعية الأولي في تاريخ المسرح بدمياط فقدم عدة أعمال ذات رؤي سياسية وجماهيرية مختلفة كان أبرزها حدث في أكتوبر وحدوته مصرية ثم استضفنا مخرجين آخرين من خارج المحافظة بتوجيه من إدارة المسرح بالثقافة الجماهيرية منهم سمير زاهر وسمير العدل وأحمد عبد الجليل ورشدي إبراهيم وإبراهيم الدالي وغيرهم إلا أن النقلة النوعية الثانية لفرقة دمياط القومية المسرحية كانت بالفعل علي يد ناصر عبد المنعم الذي أخرج للفرقة عدة أعمال تركت بصمات فنية مميزة عن سائر الأعمال الأخري ومن حين لآخر كنا في سبيل أن نحقق التميز في المسرح كما حققناه في الأدب سعينا إلي استضافة مخرجين كبار فاستعنا بالفنان الكبير الراحل محمد توفيق الذي أخرج لنا مسرحية ( حبر علي ورق ) وساعده فيها الفنان الدمياطي المحترف عبد الحميد المنير ثم استعنا بالمخرج الكبير سعد أردش بعد استضافته في مهرجان نوادي المسرح الأول وعرضنا عليه الفكرة ورحب بها فأخرج لنا مسرحية المخططين دون أن ينال عنها أي أجر مادي  هدية منه لفرقة دمياط كما استعان من معهد المسرح بالدكتور أحمد إبراهيم لعمل الديكور لها هدية منه لسعد أردش وقد جاء نجاح العرض قرينا باسم سعد أردش الذى كسبنا من تواجده معنا اعتماد حسين مهران لفكرة إنشاء قصر ثقافة بفارسكور بلد سعد أردش تقديرا له علي أن يسمي باسمه وهو ما تراجع عن تسميته فيما بعد أنس الفقي .

وقد تحدث باستفاضة سمير الفيل في مقاله عما يسمي مسرح الغرفة وهي تجربة لم تقدم جديدا يذكر زيادة عما قدم في تجربة نوادي المسرح سوي الاسم فقط .

وعن مسرح الطفل في دمياط نسي سمير الفيل كثير من الأعمال التي قدمناها للكاتبة الشابة هالة المغلاوي والشاعر الراحل محمد أبو سعده بالإضافة إلي مشاركات حامد أبو يوسف .

ثم تحدث سمير عن الفنان الكوميديان كعملة نادرة وقد رحت أحصر الفنانين أصحاب البصمة في الكوميديا. أسجل هنا أبرزهم : رضا عثمان، والحسيني مراد، وزغلول البابلي، و حمدي تحفة ، ومحمد الهنداوي من جيل الرواد. ناصر البشوتي، محمد السري ، ابراهيم ابوالعطا .. من جيل الوسط. حسن النجار ، محمد الشخيبي من الجيل الأخير. وربما هناك أسماء أخرى فاتتني في هذا المجال. قطعا هناك أسماء لفنانين دمايطة كبار سبقوا هؤلاء جميعا في مجال المسرح الكوميدي كان منهم أبو المعاطي حبة والسيد مسحه ومحمد ناصف وعبد الفتاح الشريف من نجوم فرقة دمياط القومية المسرحية الأولي . وكان هناك أيضا من نجوم فرقة قصر الثقافة الكوميديان الكبير يوسف عبد الرازق .

 

 

 

 

الأحد، 27 أكتوبر 2024

قصر ثقافة دمياط ينعي حاله

 

قصر ثقافة دمياط ينعي حاله

 

منذ ثلاثة أعوام وفي يوم 21أغسطس عام 2021  جاء النائب الدمياطي المحترم ضياء الدين داود مع الدكتور هشام عطوة رئيس هيئة قصور الثقافة يومها والدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة الأسبق مع الدكتورة منال ميخائيل محافظ دمياط السابق وأقيم احتفال بجوار مبني قصر الثقافة لتدشين عملية ترميم وتطوير القصر ويومها تعهد مندوب الهيئة الهندسية المكلفة بالمشروع بأن ينهي الأعمال تماما خلال عامين واليوم تمر ثلاثة أعوام ومازال المبني ينعي حاله  ويقال أن السبب في توقف الأعمال عدم وجود الميزانية اللازمة لنهو الأعمال التي قد توسعت عما كانت عند بداية العمل وزادت عن المقايسات والرسومات التي كانت موضوعة . فتوقف العمل بناء علي توجه الدولة بوقف الأعمال في المشروعات الاستثمارية التي لم يبلغ نسبة العمل فيها حاليا 75 % من حجم المشروع كله .

ولأنه معروف أن القوة الناعمة للوطن تكمن في الثقافة والفنون والرياضة ومع هذا تلاحظ في العقود الثلاثة الأخيرة تدهورت أحوال الثقافة الجماهيرية تدهورا شديدا في جميع المجالات وأبرز مظاهر هذا التدهور تنحصر في تراجع كفاءة بنيتها التحتية وتدهور حالة مقراتها المخصصة للنشاط التي افتقرت إلي سياسة محددة لتطويرها لمواكبة التطور الذى شهدته الوسائل الثقافية علي مستوي الوطن والعالم ، وفي نفس الوقت شهدت الثقافة الجماهيرية تدهورا مماثلا في قدرات قادتها وكوادرها بعد تآكل وانقراض قياداتها المدربة التي قامت بإحداث وفعل نهضة هذا الجهاز وترسيخ وجوده في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وعلي الرغم من تضاعف الميزانيات المالية التي تخصصها الدولة لوزارة الثقافة عامة والثقافة الجماهيرية علي نحو خاص إلا أن حجم الإنفاق الفعلي علي النشاط الثقافي والفني قد تراجع وفي نفس الوقت تضاعف حجم الإنفاق علي الشئون الإدارية ومن العام إلي الخاص نري الأنشطة الثقافية والفنية في الثقافة الجماهيرية بمحافظة دمياط قد تراجعت تراجعا كبيرا وكادت أن تتلاشي لأسباب كثيرة منها :

تآكل الكوادر الفنية المدربة علي العمل مما جعل مقرات الثقافة الجماهيرية بالمحافظة تتدهور ويتراجع نشاطها بشكل خطير فنجد معظم قصور الثقافة بالمحافظة تعاني من الإهمال ومن انعدام الصيانة فتدهور حالها تدهورا كبيرا أدي إلي توقف قصر ثقافة دمياط عاصمة المحافظة الذي قد تحول بفعل ذلك إلي خرابة رغم الإنفاق الكبير علي عمليات تطوير فاشلة وفاسدة إبان فترة الحكم السابقة فتوقف المبني تماما عن أداء دوره منذ أكثر من عشر سنوات ولا يعلم إلا الله إلي متي ؟ فقد تم ترميم المبني مرتان سابقتان في عهد حسين مهران والأخيرة كانت في عهد أحمد نوار رؤساء هيئة فصور الثقافة السابقين

وقصر ثقافة مدينة دمياط الجديدة الذى كان يطلق عليه أوبرا الدلتا قد تدهور هو الآخر بفعل انعدام الصيانة والإهمال الجسيم ويكاد أن يلحق بقصر عاصمة المحافظة أما قصور الثقافة الأحدث معماريا في فارسكور وكفر سعد فليست أسعد حالا من قصري دمياط ودمياط الجديدة ؛

والأخطر من كل ذلك أن كافة المواقع تعاني من فقر الكوادر الفنية المدربة المؤهلة للقيام بالعمل فيها فمن خرج للمعاش أو توفاه الله لم يتم تعويضه من بين العاملين ولنا أن تتصور حجم المشكلة عندما تعلم أن قصر ثقافة مدينة كفر سعد لم يعد به عاملون سوي المديرة فقط التي تفتحه وتقوم بكل المهام الإدارية والفنية فكيف ينتظر منها أن تقدم عملا ذا قيمة ونفس الحال في باقي القصور والمواقع حتي أن هناك بالفعل 4 مكتبات فرعية قد أغلقت تماما لأحالة العاملين بها للمعاش أو الوفاة ولم يتم تعيين من يحل محلهم رضوخا للمؤامرة الدولية التي يقودها صندوق النقد الدولي بتقليص عدد العاملين بالجهاز الحكومي ووقف التعيينات الجديدة فلا يوجد إحلال وتجديد وتواصل ما بين الأجيال الإدارية .

من ناحية أخري فقد غابت الرؤي الاستراتيجية لإدارة العمل الثقافي علي مستوي هيئة قصور الثقافة  وأصبحت العشوائية والأنشطة الموسمية هي شعار كافة المراحل التي يبحث فيها قادتها عن الشو والظهور الإعلامي والتصوير علي المواقع الألكترونية دون ما تفكير ولومحدود في تطوير وتوسيع مردود تلك الأنشطة بين الجماهيرصاحبة الحق الاصيل في الاستمتاع وممارسة النشاط وأصبحت الأقاليم  الثقافية عبئا علي الفروع الثقافية لا تعطيها بل تعوقها ماليا وأداريا لأن فاقد الشيء لا يعطيه فالقائمين عليها أصلا معوقين ثقافيا جاءت بهم الوساطة والمحسوبية ولم يعدوا أو يدربوا كما كان يفعل سعد وهبة مع القيادات التي أناط بها إحداث ثورة ثقافية في كل ربوع مصر ؛

تلك أهم المشكلات التي تعاني منها الثقافة الجماهيرية ويكمن الحل السريع والعاجل في وضع استراتيجية ثقافية تحكم  العمل في منظومة الثقافة المصرية بشكل عام إلي جانب التخلص تماما من الرضوخ المخل لصندوق النقد الدولي وتعويض النقص العددي الفعلي في كل المواقع الثقافية وفق دراسة علمية مقننة وإعادة الحياة إلي مركز إعداد الرواد الثقافيين علي مستوي الدولة ووضع سياسة ثابته ومقننة علميا لصيانة المقرات الثقافية والحفاظ عليها فتلك ثروة قومية وأصول رأسمالية يمتلكها الشعب كله مع العمل علي إعادة هيكلة الثقافة الجماهيرية كلها وإعادة تنظيم هيكلها الإداري والمالي والفتي وفق أساليب علمية حديثة تواكب الرقمنة والميكنة العلمية لكافة المواقع ..

في ذات الوقت يجب تفعيل رؤية رئيس الجمهورية ووضع سياسة عملية للوزارة تلزم المحافظين بها ومحاسبتهم دوريا علي حجم ما يقومون به من عمل في إطارها لأن أغلب المحافظين ورؤساء المدن للأسف الشديد لا يؤمنون بجدوي تلك القوة الناعمة بل علي العكس يرونها مضيعة للوقت والجهد والمال

 

اتحاد القبائل مليشيا سياسية يمكن تسليحها إذا لزم الأمر

 

اتحاد القبائل مليشيا سياسية يمكن تسليحها إذا لزم الأمر

 

لا احزاب سياسية في مصر بعد ١٩٥٢ فكل التنظيمات السياسية التي حاولت الانظمة السياسية للمختلفة الاستعانة بها لخلق ظهير شعبي يسندها مثل هيئة التحرير والاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب الاشتراكي وحزب مصر والوطني وباقي الاسماء الكثيرة التي اطلقت علي كيانات شبيهة ولكنها ضعيفة كلها تنظيمات فوقية بنيت من فوق بقرارات لا جذور لها ولا قواعد شعبية حقيقية لهذا كان عمرها قصيرا وكلها سقطت امام اول تحدي حقيقي يواجه النظام .

وهناك من يري أن ما يسمى أحزاب هي صناعة النظم..وبعض الحكومات..الهدف والغرض منها تلك الهياكل التنظيمية لتجميع المشتاقين..والمنافقين واصحاب.. المصالح..والراغبين في الشهرة والطامحين في المناصب لذلك لا تستطيع الصمود امام رياح التغيير او انتفاضات وحراك الشعب .. كلها واحد ولا اختلاف الا في الاسماء فقط ؛

أما فيما يتعلق باتحاد القبائل فهو تنظيم شيطاني هلامي ولكنه في حقيقة الأمر عبارة عن ميليشيات سياسية يمكن تسليحها وقت اللزوم للدفاع عن النظام ولكنها لن ترقي ابدا لمواجهة تنظيمات وميلشيات التطرف الديني المعروفة لان الاخيرة قائمة علي عقيدة حتي لو كانت زائفة .

ولقد شاهدنا وعشنا تجربة ما قبل هوجة 2011 وكان اخر تواجد حزبي في ٢٠١١ وسقطت الاحزاب جميعها باحداث ٢٥ يناير وما بعدها فقد كانت مجرد محاولات لانشاء كيانات تحت مسمي احزاب وللاسف فشلت فاذا اخضعنا التجربه الحزبيه الحديثه بمصر التي بداها السادات بفكره المنابر القائمه علي يسار ويمين ووسط وتمثل فيها الحزب الوطني بالوسط والوفد اليمين والتجمع باليسار فستجد ان الوطني بقيادة ممدوح سالم قد قام علي كيانات اجتماعيه وقبليه وقيادات طبيعيه حقيقيه واليسار بقيادة خالد محي الدين وابراهيم شكري كان له ايدلوجيه واتجاه سياسي وفكري اشتراكي واضح والوفد بفؤاد باشا سراج الدين بايدلوجيه واضحه وتوجه معلوم كلها ضعفت امام تيار الاسلام السياسي لكن كانت هناك توجهات سياسيه واضحه ورموز حقيقيه ؛

بعد ٢٠١١ تبعثرت وتم حل الوطني وتاه التجمع والوفد وانحرف التيار السياسي الاسلامي وانخرط بالعنف والنتيجه صفر واقيمت كيانات اطلق عليها احزاب باشباه سياسيين وفوارغ الاحزاب وصفوفها الاخيره التي وجدوها فرصه لهم للظهور لانهم باي تقييم سياسي حقيقي هم سيختفون ولا وجود لهم لانهم معدومي الفكر والرؤيه او التوجه الايدلوجي فهم بالون منفوخ هواء لا وزن ولا ثقل له هو معلق بالهواء بحسب اتجاه الرياح تتناقله يمينا ويسارا وفي انتظار الانفجار

واخيرا يطفو علي السطح ما يسمي باتحاد القبائل بقيادة العرجاني في سيناء في محاولة أخيرة لخق ظهير شعبي منظم لدعم النظام في مواجهة معارضيه الذين يشتد عودهم يوما بعد ولكن للأسف الساعون لخلق هذا الكيان لم يستوعبوا تجربة حميدتي وعمر  البشير في السودان عندما خلقوا كيان الدعم السريع الذي تحول بعد تسليحه إلي قوة وخنجر في ظهر السودان وشعبه ووحدة أراضيه وشعبه وكذلك لم يستوعبوا تجربة الإخوان وميليشياتهم الإرهابية المختلفة تحت مسميات مختلفة وما انتهت إليه من فشل وخلق عداوة لن تموت بينهم وبين الشعب الذي سقط له علي أيديهم الكثير من الشهداء طمعا في كراسي الحكم والسلطة ولم ستوعبوا فوق كل ذلك درس التاريخ الذى أكد سقوط كل الأفكان الشعوبية والقبلية التي تفكك الأوطان وتكسر الأمم في مواجهة أعداء أقوياء يتسلحون بالعلم لا بالتخلف .

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

فاروق شوشة في ذكري رحيله الثامنة

 

 

فاروق شوشة في ذكري رحيله الثامنة









فقدت دمياط ومصر والعروبة شاعرا أصيلا له من الدواوين 15 ديوانا شعريا وكان ببرامجه الثقافية والأدبية سواء في الأذاعة أو التليفزيون صاحب دور مهم في التبصير بمواضع البلاغة في الأدب العربي حتي أطلق عليه حارس اللغة العربية بسبب برنامجه الشهير لغتنا الجميلة ، وكان لفاروق شوشة دورا بالغ الأهمية في الحركة الأدبية بدمياط حيث كان مشاركا أساسيا في أغلب المؤتمرات التي عقدت بدمياط سواء في قصر الثقافة أو كلية التربية بدمياط وكذلك في معظم الاحتفالات السنوية التي أقيمت بدمياط احتفالا بالعيد القومي لها في الثامن من مايو من كل عام هو وعباس الطرابيلي والشاعر الكبير طاهر أبو فاشا .

قد انتخب فاروق شوشة عضوًا في مجمع اللغة العربية عام 1999م، في المكان الذي خلا بوفاة الأستاذ مصطفى أمين. وانتخب أمينا عاما لمجمع اللغة العربية عام 2005م.أي أنه قد عاصر رئيسين من رؤساء المجمع وهما الدكتور شوقي ضيف (1996 -2005)  والدكتور محمود حافظ (2005 -2011) والجدير بالذكر أن كليهما من أبناء محافظة دمياط وجدير بالذكر أيضا أنه قد زامل عضوين آخرين من أبناء دمياط في عضوية مجمع الخالدين وهما الدكتور محمود فوزي المناوي أستاذ أمراض النسا بطب عين شمس والدكتور محمد الجوادي أستاذ ورئيس قسم الحالات الحرجة بطب الزقازيق رحمهما الله

وقد غادر فاروق شوشة دنيانا في 14 أكتوبر عام 2016  وتحل هذه الأيام ذكري رحيله الثامنه رحمه الله رحمة واسعة وجزاه خيرا عن كل ما قدمه للغة العربية والأدب العربي .

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

النجاح في العمل ضريبته الفشل في الحياة العائلية

 

 

النجاح في العمل ضريبته الفشل في الحياة العائلية

نجاح العمل مقابل الحياة العائلية: هل التضحية ضرورية؟

 

تطرح العبارة "النجاح في العمل ضريبته الفشل في الحياة العائلية" تساؤلاً شائكاً حول التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، وقد أصبحت هذه المعضلة أكثر بروزاً في عالمنا المعاصر الذي يشهد تسارعاً في وتيرة العمل والتنافسية. هل حقاً يتطلب النجاح المهني التضحية بالسعادة الأسرية؟ أم أنه من الممكن تحقيق التوازن بين الاثنين؟

النجاح في العمل: يُقصد به عادةً تحقيق أهداف مهنية محددة، كالحصول على ترقية، أو زيادة في الراتب، أو تحقيق شهرة واسعة في المجال.

أما الفشل في الحياة العائلية  فقد يشير إلى تدهور العلاقات الأسرية بسبب قلة الوقت المخصص للعائلة أو الشعور بالذنب والإهمال تجاه الأبناء والزوج/الزوجة. وربما ترجع أسباب هذه المعضلة إلي ضغوط العمل الذى يتطلب تفرغاً كبيراً وجهداً مضاعفاً مما يقلل من الوقت المتاح للعائلة

ومن الغريب أن التوقعات المجتمعية غالباً ما ترتبط النجاح الاجتماعي بالنجاح المهني مما يدفع الأفراد إلى التركيز على حياتهم المهنية على حساب حياتهم الشخصية. أما العمل في الشركات الكبيرة فعدم وجود مرونة كافية في العمل بما لا يسمح بتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية مما يزيد من صعوبة تحقيق هذا التوازن وهنا نصل إلي تساءل مهم هل التضحية ضرورية ؟  الإجابة على هذا السؤال بالطبع ليست قطعية بل تعتمد على عدة عوامل، منها:

-         الأولويات الشخصية  فلكل فرد أولوياته الخاصة التي قد تختلف عن الآخرين.

-         الدعم الأسري فعدم وجود دعم من الشريك والأبناء يمكن أن يجعل تحقيق التوازن أمرا بعيد المنال

-         طبيعة العمل حيث أن بعض المهن تتطلب تفرغاً أكبر من غيرها.

-         الثقافة المجتمعية حيث تختلف القيم والمعايير المجتمعية حول أهمية العمل والحياة العائلية من مجتمع لآخر.

فهل يمكن تحقيق التوازن بين النجاح في العمل والنجاح في تحقيق حياة عائلية ناجحة إلي حد ما ؟

ومن الناحية النظرية يقال أن التخطيط الجيد للوقت وتحديد أولويات المهام وتخصيص وقت محدد لكل منها.

وأيضا التواصل الصريح مع العائلة ومناقشة التحديات والصعوبات مع الشريك والأبناء.

وكذلك وضع حدود واضحة للعمل بتحديد ساعات عمل محددة وعدم السماح للعمل بالتدخل في الحياة الشخصية. وقد يتطلب الأمر أحيانا ضرورة البحث عن دعم باللجوء إلى الأصدقاء والعائلة أو الاستعانة بمرشد مهني .

والاهتمام بالصحة النفسية وممارسة الرياضة  والأنشطة الترفيهية والحصول على قسط كاف من النوم أصحاب عوامل مساعدة ومهمة في تحقيق التوازن المطلوب

إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة العائلية هو هدف نبيل يمكن تحقيقه من خلال التخطيط الجيد والتواصل الفعال والتركيز على الأولويات الشخصية. يجب على الأفراد والشركات والمجتمع ككل العمل معاً لخلق بيئة تدعم هذا التوازن وتشجع على تحقيق السعادة والنجاح في جميع جوانب الحياة.

الخميس، 5 سبتمبر 2024

قصص نبوغ بعض ذوي الإعاقة إلهام لا ينتهي

 

قصص نبوغ بعض ذوي الإعاقة إلهام لا ينتهي

الإعاقة ليست عائقًا أمام العبقرية، هذا ما يثبته لنا العديد من الشخصيات التاريخية والمعاصرة الذين تحدوا إعاقاتهم الجسدية أو العقلية وحققوا إنجازات مذهلة في مختلف المجالات. هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد نماذج ملهمة بل هم دليل على أن الإمكانيات البشرية لا حدود لها.

لنتعرف على بعض هؤلاء العباقرة:

  • ستيفن هوكينغ: عالم الفيزياء النظرية الشهير الذي عانى من مرض التصلب الجانبي الضموري (ALS). على الرغم من إعاقته التي حصرته في كرسي متحرك، إلا أنه قدم مساهمات هائلة في فهم الكون، ونظرياته حول الثقوب السوداء وأصل الكون لا تزال محل اهتمام العلماء.
  • لويس فان بيتهوفن: واحد من أعظم الملحنين في التاريخ، فقد سمعه تدريجياً حتى أصبح أصم تماماً. ومع ذلك، استمر في تأليف الموسيقى وأنتج بعضاً من أروع الأعمال الموسيقية التي عرفها التاريخ.
  • هيلين كيلر: كانت كفيفة وبكماء وصماء، ولكنها تمكنت من التغلب على هذه الإعاقات المتعددة وأصبحت كاتبة ومحاضرة مشهورة. قصة حياتها هي مصدر إلهام للكثيرين حول العالم.
  • ألبرت أينشتاين: على الرغم من أنه لم يكن مصنفاً كمعاق، إلا أنه كان يعاني من صعوبات في التعلم في طفولته. ومع ذلك، تمكن من تطوير نظرية النسبية التي غيرت فهمنا للكون.
  • طه حسين : علي الرغم من نشأته الريفية الفقيرة وأنه قد أصيب بالعمي في طفولته المبكرة إلا أنه قد أكمل تعليمه وحصل علي الدكتوراه من السوربون وصار عميدا للأدب العربي
  • حصل على ليسانس الآداب من جامعة عين شمس، مما أثرى ثقافته الموسيقية والنقدية.ترك الشريعي إرثًا فنيًا غنيًا، حيث قام بتأليف الموسيقى التصويرية لأكثر من 100 عمل فني ما بين أفلام ومسلسلات، من أشهرها  عودة الروح، الشهد والدموع ،رأفت الهجان ، وكان أسلوب الشريعي يتميز  بالرقة والحساسية، حيث استطاع أن يترجم المشاعر والأحداث في الأعمال الفنية إلى ألحان ساحرة.
  • سيد مكاوي: عملاق الموسيقى العربية رغم فقد بصره هو أحد أبرز الملحنين والمطربين المصريين، وقد ترك بصمة واضحة في الموسيقى العربية. رغم فقدانه البصر في سن مبكرة، إلا أنه تمكن من إثراء الساحة الفنية بألحان خالدة وأغاني لا تزال محفورة في ذاكرة المستمعين. أغنية "حدوتة" للمطرب محمد قنديل أغنية "مبروك عليك يا معجباني" للمطربة شريفة فاضل أغنية "اسأل مرة عليا" للمطرب محمد عبد المطلب والعديد من المقدمات الموسيقية للمسلسلات الإذاعية والتلفزيونية و اغنيه لليلى مراد اسمها " حكايتنا احنا الاتنين " ولشاديه عمل " هوى يا هوى ياللى انت طاير " ولنجاة الصغيره " لو بتعزنى " ولصباح " انا هنا يا ابن الحلال "لطيفة "عندك شك ف اية  وكان له الفضل فى ابتكار مقدمات غنائيه لمسلسلات الراديو و التلفزيون المصرى و لحن مقدمات كتيره لمسلسلات مشهوره زى " شنطة حمزه " و " رضا بوند " و " عمارة شطاره "  والليلة الكبيرة والمسحراتي وغيرها.

ما الذي يجعل هؤلاء الأشخاص مميزين؟

  • الإصرار والعزيمة: لم يستسلموا للإعاقة بل عملوا بجد لتحقيق أحلامهم.
  • الفضول والرغبة في التعلم: كانوا دائمًا يسعون إلى معرفة المزيد وتطوير مهاراتهم.
  • الدعم الاجتماعي: تلّقوا دعمًا من عائلاتهم وأصدقائهم ومجتمعهم.
  • الابتكار: ابتكروا طرقاً جديدة للتغلب على التحديات التي واجهوها.

وترجع أهمية قصص هؤلاء العباقرة إلي أنها تؤدي إلي تغيير النظرة إلى الإعاقة حيث  تساعد هذه القصص على تغيير النظرة السلبية للإعاقة وتساهم في خلق مجتمع أكثر شمولية.

كما أنها قد تؤدي إلي الإلهام والتحفيز حيث تلهم هذه القصص الآخرين على تحقيق أحلامهم مهما كانت التحديات التي يواجهونها. وكذلك  تساهم هذه القصص في تطوير المجتمع من خلال تشجيع الابتكار والإبداع.

ماذا يمكننا أن نتعلم من هؤلاء العباقرة؟

  • الإعاقة ليست نهاية المطاف: يمكننا تحقيق الكثير مهما كانت الظروف التي نعيش فيها.
  • الأهم هو ما بداخلنا: العقل والقلب هما أهم ما يميز الإنسان.
  • الدعم الاجتماعي مهم: نحن بحاجة إلى دعم من حولنا لتحقيق أهدافنا.
  • لا تستسلم أبداً: الاستمرار في المحاولة هو مفتاح النجاح.

 

المثقف العضوي تاريخيا هو جسر بين النظرية والتطبيق

 

 

المثقف العضوي تاريخيا هو جسر بين النظرية والتطبيق

 

المثقف العضوي هو مصطلح صاغه الفيلسوف الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي لوصف نوع معين من المثقفين الذين يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها، ويعملون على تحويل وعي هذه الطبقة وتعبئة طاقاتها من أجل تحقيق أهدافها التاريخية.

وكان أهم ما يميز المثقف العضوي  هو ارتباطه بالطبقة  التي ينتمي إليها على عكس المثقف التقليدي الذي قد يكون منفصلًا عن الواقع الاجتماعي، فإن المثقف العضوي يعيش ويناضل ضمن صفوف الطبقة التي يمثلها. ولا يكتفي دور المثقف العضوي علي القيام بدور الناقد أو المحلل، بل يتحمل مسؤولية تنظيم وتوجيه العمل السياسي والاجتماعي لطبقته . من هنا كان لابد أن يدرك المثقف العضوي أهمية العامل التاريخي في تشكيل الوعي الاجتماعي، ويسعى إلى بناء مشروع ثقافي يواجه الهيمنة الثقافية السائدة. وفي نفس الوقت يكون لديه القدرة علي التعبئة وتحويل الأفكار النظرية إلى برامج عمل عملية، وتعبئة الجماهير حول هذه البرامج.

وقد تجاوزت النظرة التقليدية للمثقف  بتقديم مفهوم  جديد المثقف العضوي ورؤية جديدة لدور المثقف في المجتمع  حيث يعتبره عنصرًا فاعلًا في عملية التغيير الاجتماعي. وقد ساهم هذا المفهوم في ربط النظريات الاجتماعية بالواقع المعاش  وتحويل المعرفة النظرية إلى أداة لتحرير الإنسان وكان ذلك يقتضي تمكين الطبقات الشعبية من  القدرة على بناء مشروعها الثقافي والسياسي الخاص بها.

ومع انتشار الحركات الثورية في العالم الثالث  لعب المثقفون العضويون دورًا حاسمًا في العديد من الحركات الثورية عبر التاريخ حيث ساهموا في توعية الجماهير وتنظيمها وقيادة نضالها ضد الاستعمار  وكان للمثقفين العضويين دور بارز في النضال ضد الاستعمار، حيث عملوا على بناء وعي وطني وقومي.

وساهم المثقفون العضويون في تنظيم الحركات العمالية ونضالها من أجل تحسين أوضاع العمال.

التركيز على الطبقة: يركز هذا المفهوم بشكل كبير على دور الطبقة في تشكيل الوعي، دون الاهتمام بالدور الذي تلعبه العوامل الأخرى مثل الجنس والعمر والثقافة. وعلي هذا الأساس يعتبر مفهوم المثقف العضوي إطارًا نظريًا مهمًا لفهم دور المثقف في المجتمع، ويساهم في بناء مجتمع أكثر عدالة ومساواة 

ولكن بعد سقوط الماركسية عالميا بتفكك الاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991  إشارة لانتهاء الوجود القانوني لدولة اتحاد لجمهوريات السوفيتية الاشتراكية أصبح دور المثقف العضوي مطلوبا وبإلحاح

بعد سقوط الماركسية إلا أنها أي الماركسية كفكر نقدي وتاريخي لا تزال حاضرة في العديد من النقاشات الأكاديمية والسياسية. وبخاصة بين المثقفين علي اختلاف انتاماءاتهم ولكن بالتأكيد فقدت الكثير من هيمنتها كأيديولوجيا ثورية عالمية.

فهل انتهى دور المثقفين؟ بالتأكيد لا فالمجتمعات المعاصرة لا تزال بحاجة إلى أصوات نقدية، وقادة فكريين، وشخصيات قادرة على فهم وتعبئة الجماهير. ولكن قد تغير دور المثقف العضوي فمع تغير الأيديولوجيات السائدة وتنوع الحركات الاجتماعية، أصبح دور المثقف العضوي أكثر تعقيدًا وتنوعًا حيث في بعض الحالات في ظل الصعود الشعبوي والتقسيمات الاجتماعية وبعد ما يسمي ثورات الربيع العربي وتفكك بعض الدول الطليعية ثوريا مثل سوريا وليبيا والسودان والعراق واتساع رقعة الفراغ السياسي والفكري بعد الانهيار أصبحت الحاجة ماسة وملحة إلى ظهور شخصيات قادرة على بناء الجسور بين مختلف الفئات الاجتماعية ولم الشمل وتوحيد الصفوف وبناء كيانات قادرة علي حماية المجتمع من الانهيار خاصة في مواجهة التحديات الكبيرة مثل التفاوت الاقتصادي، التغير المناخي، الهجرة، والتهديدات على الديمقراطية. وهذه التحديات تتطلب من المثقفين أن يلعبوا دورًا حاسمًا في تحليل هذه القضايا، وتقديم حلول، وتعبئة الجماهير للعمل من أجل التغيير.

ومع صعود اليمين الشعبوي  في العديد من الدول بصعود التيارات اليمينية الشعبوية، التي تستغل الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية وهذا يتطلب من المثقفين أن يواجهوا هذه التيارات بأفكار تقدمية، وأن يدافعوا عن قيم التسامح والعدالة الاجتماعية ومع تطور وسائل الإعلام الاجتماعية أصبح من السهل نشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي تصنعها بعناية الأجهزة الاستخباراتية بدقة لتحقيق اهدافها المرسومة وهذا يتطلب من المثقفين أن يكونوا قادرين على تمييز الحقيقة من الزيف وأن يقدموا تحليلات نقدية للأحداث الجارية 

من هنا فإن دور المثقف العضوي لا يزال مطلوبًا ولكنه يتطلب إعادة التفكير في الأدوات والأساليب التي يستخدمها. فالمثقف العضوي في القرن الحادي والعشرين يجب أن يكون قادرًا على التواصل مع الجماهير عبر وسائل الإعلام الجديدة وأن يكون على دراية بالتطورات العلمية والتكنولوجية  وأن يكون قادرًا على بناء تحالفات واسعة مع مختلف الفئات الاجتماعية مستعينا بوسائل التواصل الاجتماعي بالغة الخطورة.

إن إعلان "نهاية" أي أيديولوجيا أمرٌ معقد، وتاريخ الأفكار يشهد على قدرة الأيديولوجيات على التكيف والتطور. صحيح أن الاشتراكية الكلاسيكية التي عرفناها في القرن العشرين قد شهدت تراجعاً كبيراً، إلا أن  المبادئ الاشتراكية الأساسية: مثل العدالة الاجتماعية، المساواة، وتوزيع الثروة العادل، لا تزال قضايا حاضرة في النقاش العام العالمي كما أن الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية: لا تزال موجودة في العديد من الدول، وتلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية ، لذا يمكن القول إن الاشتراكية لم "تنتهِ" بقدر ما تحولت وتطورت ودور المثقف العضوي لا يزال مطلوباً: في عالمٍ يشهد تغيرات متسارعة، وتحديات جديدة، يبقى دور المثقف العضوي حاسماً في توعية الجماهير، وتنظيمها، وقيادتها نحو مستقبل أفضل مع مزيد من المرونة في المفاهيم وقابلية للتكيف مع السياقات المختلفة. ويجب على المثقف العضوي أن يتجدد باستمرار وأن يستخدم أدوات وأساليب جديدة للتواصل مع الجماهير فإن دوره لم ينتهى، بل إنه يتطور ويتكيف مع الظروف المتغيرة.

المثقف العضوي، كما عرفناه من خلال فلسفة أنطونيو غرامشي، هو ذلك الفرد الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بواقعه الاجتماعي، ويعمل على تحويل وعي الجماهير وتعبئتها من أجل تحقيق أهدافها التاريخية هذا الدور يتجلى بشكل واضح في العديد من الحركات الاجتماعية والثورات عبر التاريخ مثل مارتن لوثر كينج الذي كان مثقفًا عضويًا بارزًا في الحركة الحقوقية الأمريكية  حيث عمل على تحريك ضمائر الناس ضد العنصرية والتمييز، وقاد حركة مقاطعة الحافلات الشهيرة ونيلسون مانديلا قائد الكفاح ضد الأبارتايد في جنوب أفريقيا كان مثقفًا عضويًا للدفاع عن المظلومين وقاد نضالًا طويلًا لتحقيق الحرية والمساواة وسجن ولكنه خرج من السجن لترفعه أمته إلي مركز القيادة في بلاده وهناك أيضا فيدل كاسترو الذي قاد الثورة الكوبية وكان مثقفًا عضويًا يمثل مصالح الفقراء والمهمشين وعمل على بناء مجتمع اشتراكي في كوبا ومن الأمثلة المعاصرة اليوم هناك ناشطون بيئيون مثل جريتا تونبرج التي تمكنت من حشد ملايين الشباب حول العالم للمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التغير المناخي وهناك ناشطون حقوقيون يعملون على الدفاع عن حقوق الإنسان مثل حقوق المرأة، وحقوق الأقليات، وحقوق الطفل  وحتي حقوق المثليين ومنهم المدونون المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي ويستخدمون منصاتهم لنشر الوعي حول قضايا اجتماعية وسياسية وتحفيز النقاش العام.

دور المثقف العضوي لا يقتصر على فترة زمنية أو مكان معين، بل هو دور حيوي ومستمر في أي مجتمع يسعى إلى التغيير والتقدم. فالمثقف العضوي هو صانع  تلك الشرارة التي تشعل النور في الظلام  وتلهم الآخرين للعمل من أجل عالم أفضل إن لم يكن هو ذاته تلك الشرارة في بعض الأحيان ,