الاثنين، 29 يوليو 2024

تاريخ الفساد في مصر رحلة سريعة عبر الزمن

 

تاريخ الفساد في مصر

رحلة عبر الزمن

يُعدّ الفساد ظاهرة قديمة رافقت الحضارة المصرية منذ عصورها الأولى، وتنوعت أشكاله ومستوياته عبر العصور. ففي العصور القديمة ظهر الفساد الإداري في عهد الفراعنة، وقد تمثل ذلك في استغلال بعض المسؤولين لمناصبهم خاصة الكهنة لتحقيق مكاسب شخصية، كما حدثت حالات اختلاس للأموال العامة. وكان أبرزها الفساد الديني حيث شهدت بعض الفترات استغلالًا للسلطة الدينية لتحقيق مصالح مادية، كما ظهرت حالات بيع وشراء المناصب الدينية. بينما في العصور الوسطى  تفاقم الفساد السياسي خلال هذه الحقبة، وقد تمثل ذلك في صراعات على السلطة ورشاوي وتعيينات غير عادلة. أما الفساد المالي فقد ازدادت حالات اختلاس الأموال العامة وفرض الضرائب الباهظة على المواطنين.

العصر الحديث:

  • الفساد في عهد محمد علي: عانى عهد محمد علي من الفساد في بعض المجالات، مثل الرشاوى واختلاس الأموال العامة.
  • الفساد في عهد الخديوية: ازدادت حدة الفساد في عهد الخديوية، تمثل ذلك في سيطرة بعض الأسر على مقدرات البلاد واستغلالها لمصالحها الخاصة.
  • الفساد في عهد الملكية: شهد عهد الملكية المصرية تفاقمًا في الفساد، تمثل ذلك في صفقات مشبوهة ورشاوي واختلاسات واسعة النطاق حتي الألقاب الوهمية كانت تباع وتشتري والخدمة في صفوف الجيش كانوا يهربون منها بالرشاوي والجباية تحت مسمي البدلية .
  • أما في عهد عبد الناصر: فقد عمل عبد الناصر على مكافحة الفساد، لكنه لم ينجح في القضاء عليه بشكل كامل رغم أنه قد تراجع بشكل كبير .
  • الفساد في عهد السادات: شهد عهد السادات عودة ظهور الفساد واستفحال أمره ، وقد تمثل ذلك في صفقات مشبوهة ورشاوي واستغلال للنفوذ. في التجارة والصناعة وحتي في البرلمان فقد تعارف الجميع علي أن التمثيل في المجالس النيابية كان برشاوي كبيرة تدفع لمسئول التنظيم في الحزب الحاكم .
  • الفساد في عهد مبارك: اتسم عهد مبارك بانتشار الفساد بشكل كبير، شمل ذلك مختلف المجالات السياسية والمالية والإدارية.
  • الفساد بعد ثورة 2011: شهدت مصر بعد ثورة  يناير 2011  بعض التطورات في مكافحة الفساد، لكنه لا يزال ظاهرة موجودة. بل استفحل أمره وانتشر في مختلف الدواوين تحت مسميات مختلفة في مجالات المقاولات والحصص الاستيرادية واحتكار السلع

جهود مكافحة الفساد:

  • الإطار القانوني: توجد في مصر قوانين لمكافحة الفساد، لكن تطبيقها يواجه بعض التحديات.
  • المؤسسات الرقابية: توجد في مصر مؤسسات رقابية معنية بمكافحة الفساد، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة . ولكنها لم تفلح جميعها في الحد من مظاهر الفساد والجباية
  • المجتمع المدني: يلعب المجتمع المدني دورًا هامًا في مكافحة الفساد من خلال التوعية والمراقبة والضغط على الحكومة. إلا أن بعض مؤسسات المجتمع المدني ذاتها ضارت قناعا يتستر خلفه اكبر عناصر الفساد في مجالات تهريب الأثار وتجارة المخدرات والسلاح وغير ذلك

التأثيرات السلبية للفساد:

  • الآثار الاقتصادية: يؤدي الفساد إلى هروب الاستثمارات وتراجع النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.
  • الآثار الاجتماعية: يُساهم الفساد في تفاقم الفقر وعدم المساواة الاجتماعية وتشويه القيم والمبادئ.
  • الآثار السياسية: يُهدد الفساد الاستقرار السياسي ويقوض الثقة في الحكومة والمؤسسات.

مستقبل مكافحة الفساد في مصر:

  • تعزيز الإرادة السياسية: تتطلب مكافحة الفساد إرادة سياسية قوية من قبل الحكومة.
  • تحسين الشفافية: تُعدّ الشفافية ضرورية لمكافحة الفساد، وذلك من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات وتقديم الخدمات العامة بطريقة شفافة.
  • مشاركة المجتمع المدني: يجب على المجتمع المدني أن يلعب دورًا أكثر فاعلية في مكافحة الفساد من خلال التوعية والمراقبة والضغط على الحكومة.
  • تعزيز النزاهة القضائية: تُعدّ النزاهة القضائية ضرورية لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومكافحة الفساد. إلا أن ذلك أيضا قد تم اختراقه وقد ظهرت بعض ملامحه في القضايا التي أدين فيها بعض القضاة في قضايا عامة 

 

الجمعة، 19 يوليو 2024

أم الدنيا ومن أبوها ؟

 

أم الدنيا ومن أبوها ؟

تسجيل للمطرب السعودي محمد عبده يقول فيه لو كانت مصر أم الدنيا فالسعودية أبوها ، ولأن هذا الكلام ينم عن جهل بالتاريخ وأيضا بالواقع والثقل السياسي فالمعروف أن الدولة السعودية المعاصرة يرجع تاريخ نشأتها إلي عام 1906 أي أن عمر هذه الدولة زمنيا يبلغ 118  عاما فقط في حين أن الدولة المصرية أقدم من كل مقاييس التاريخ الزمني فالبعض يقول سبعة آلاف سنة أو أقل قليلا أو كثيرا فلا مجال للمقارنة بين الدولتين تاريخيا وحضاريا وأيضا دينيا فمصر قد ذكرها الله أكثر من مرة في القرآن الكريم بينما لم يرد أي ذكر لدولة تنتمي قبليا لاسم القبيلة التي أسستها وما زالت تحكمها

·        تأسست الدولة السعودية الأولى بين عامي 1727م-1818م، بعد أن عانت الجزيرة العربية من مشاكل متعددة طالت النواحي السياسية والاجتماعية -كما وصفها المؤرخون- في بدايات القرن الثامن عشر الميلادي، مما أدى إلى تحالف بين الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، والشيخ محمد بن عبد الوهاب. ففي عام 1727م تمَّ تأسيس الدولة السعودية الأولى عندما حرص كل من أمير الدرعية محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب على السير نحو العقيدة الصحيحة، وإنشاء دولة موحدة تُطبِّق الشريعة الإسلامية، واتفق كلا الطرفين بما يُسمى "اتفاق الدرعية". أسفرت العديد من الحملات العثمانية عن نهاية الدولة السعودية الأولى عام 1818م.

·        نشأة الدولة السعودية الثانية في 1824م بعد انقضاء الحملات العثمانية وما خلفته من آثار، والتي لم تؤثر على ولاء أهل المنطقة لأسرة آل سعود، حيث قام الأمير تركي بن عبد الله بإعادة بناء دولة سعودية ثانية عاصمتها الرياض تقوم على ما قامت عليه السعودية الأولى من مقومات. استمرت الدولة السعودية الثاني حتى العام 1891م، إذ اضطر الأمير عبد الرحمن بن فيصل بن تركي مغادرة الرياض بعد خلافات مع إخوانه الأمراء، مما أتاح لمحمد بن رشيد حاكم حائل السيطرة على الرياض، وأنهي الدولة السعودية الثانية.

·        في عام 1902م استطاع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود العودة إلى الرياض مع أفراد عائلته، وتمكن بذلك من استعادة حكمه إلى سابق عهده، هنا كانت بداية ظهور الدولة السعودية الثالثة التي تكللت بانسحاب القوات العثمانية منها في عام 1906م.

·        بعد أن استقرت الدولة السعودية الثالثة، وتمكنت من ضم مجموعة من المناطق في الجزيرة العربية، بدأ التمهيد لقيام المملكة العربية السعودية بشكلها الحالي، وتم في التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م إعلان توحيد البلاد وتسميتها باسم "المملكة العربية السعودية"، وقد حدد يوم 23 سبتمبر 1932م، هو اليوم الوطني للمملكة

يقصد بيوم التأسيس في المملكة العربية السعودية، بذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727م، وقد حدد الملك سلمان بن عبد العزيز يوم 22 فبراير هو الذكرى السنوية للاحتفال بيوم التأسيس، الجدير بالذكر أن هذا اليوم يختلف عن ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية، والذي كان في 23 سبتمبر 1932م.

 

 

 




الأحد، 14 يوليو 2024

عبادة الذات وعبادة اللذات

 

عبادة الذات وعبادة اللذات

فلسفة مثيرة للجدل

الإنسان بالفطرة جبل علي أنه دائم البحث عما يسبب له السعادة ويبعد عنه الشر ومن يحقق له ذلك فهو السلطة الأقوي التي تستحق منه العبادة وبعضنا عبد للذاته سواء كانت شهوة أو غريزة أو حتي عادة سيطرت عليه وبعضنا الآخر من فرط إعجابه بنفسه يعبد ذاته فيري أنه الأول في الكون في كل شيء من باب الغرور أو حب النفس أو التكبر والتعالي أو التفاخر بموهبة منحها الله له ؛

أما عبادة اللذات، أو كما  تعرف أيضًا باسم "الهيدونية"، هي فلسفة تركز على السعي وراء المتعة والسعادة كأهداف رئيسية للحياة. ويرى أتباع هذه الفلسفة أن اللذة هي الخير الوحيد أو الخير الأعظم، وأن  جميع الأفعال يجب أن تقاس بناء على قدرتها على جلب المتعة أو تقليل الألم.

تاريخ عبادة اللذات:

تعد عبادة اللذات فلسفة قديمة يعود تاريخها إلى الحضارات الإغريقية القديمة. حيث كان الفيلسوف اليوناني أريستبوس (435-356 قبل الميلاد) من أوائل من دافعوا عن هذه الفلسفة، حيث اعتقد أن السعادة تكمن في تحقيق اللذات الجسدية. ولاحقا، طور الفيلسوف إبيكوروس (341-270 قبل الميلاد) فلسفة هيدونية أكثر تعقيدًا، حيث ميز بين اللذات الحقيقية واللذات الخادعة، وشدد على أهمية الاعتدال والتحكم في الرغبات.

وتُركز عبادة اللذات على المبادئ التالية:

  • السعادة هي الهدف الأساسي للحياة: يرى أتباع هذه الفلسفة أن هدف الحياة هو تحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة، وأنّ السعادة تُقاس بمدى الشعور باللذة.
  • اللذة هي الخير الوحيد أو الخير الأعظم : يعتقد أن اللذة هي الشيء الوحيد ذو القيمة الجوهرية ، وأنّ جميع الأشياء الأخرى ذات قيمة فقط بقدر ما تساهم في تحقيق اللذة.
  • الألم هو الشر الوحيد أو الشر الأعظم : يعتقد أن الألم هو الشيء الوحيد ذو القيمة السلبية ، وأن جميع الأشياء الأخرى غير مرغوب فيها بقدر ما تسبب الألم .
  • الحياة الجيدة هي حياة مليئة باللذة وخالية من الألم : يهدف أتباع عبادة اللذات إلى عيش حياة مليئة بالتجارب الممتعة وتجنب التجارب المؤلمة.

أنواع عبادة اللذات: هناك نوعان رئيسيان من عبادة اللذات 

  • الهيدونية الجسدية : تركز على تحقيق اللذات الجسدية، مثل الطعام والشراب والجنس.
  • الهيدونية الفكرية: تُركز على تحقيق اللذات العقلية، مثل التعلم والتفكير والنقاش.

وتواجه عبادة اللذات العديد من الانتقادات، منها :

  • تركيزها على الأنا : ينظر إلى عبادة اللذات أحيانًا على أنها فلسفة أنانية تُركز على احتياجات الفرد وتغفل احتياجات الآخرين.
  • إمكانية إساءة استخدامها : يمكن أن تستخدم عبادة اللذات لتبرير السلوكيات الضارة أو المدمرة، مثل الإدمان والجريمة.
  • إهمال القيم الأخلاقية : قد تهمل عبادة اللذات القيم الأخلاقية الأخرى، مثل العدالة والرحمة والصدق.

عبادة اللذات في العصر الحديث:

لا تزال عبادة اللذات فلسفة مؤثرة في العصر الحديث. يمكن ملاحظة تأثيرها في العديد من جوانب الحياة، مثل  :

  • الثقافة الشعبية : تركز العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية والموسيقى على تحقيق المتعة والسعادة الفورية. فمدمن المخدرات عبد لمتعته ولذته في تعاطيها ومدمن السجاير نفس الكلام .
  • الإعلانات : تشجع الإعلانات الناس على شراء المنتجات والخدمات التي تعد وعودا بتحقيق السعادة والرضا.
  • نمط الحياة الاستهلاكي : يشجع نمط الحياة الاستهلاكي الناس على شراء المزيد من الأشياء، حتى لو لم تكن ضرورية، بهدف تحقيق السعادة.

عبادة اللذات فلسفة معقدة لها تاريخ طويل. على الرغم من أنها تواجه العديد من الانتقادات، إلا أنها لا تزال تمارس وتؤثر على العديد من جوانب الحياة في العصر الحديث.

 

من المهم ملاحظة أنّ عبادة اللذات فلسفة متنوعة، وهناك العديد من الاختلافات في التفسيرات والتطبيقات.

أما عبادة الذات:

  • تعريفها: هو نوع من جنون العظمة وهي تركيز الفرد على ذاته واحتياجاته ورغباته، وجعلها أهم شيء في حياته، مع إهمال احتياجات الآخرين ومشاعرهم.
  • ومن سماتها:
    • الأنانية: وضع احتياجات الفرد فوق كل شيء.
    • الغرور: الشعور بأهمية الذات بشكل مبالغ فيه.
    • التكبر: الاستعلاء على الآخرين واحتقارهم.
    • حب السيطرة: الرغبة في التحكم في كل شيء وكل شخص.
    • الخوف من الفشل وتجنب المخاطر وتحديات الحياة خوفاً من الفشل.
  • ومن آثارها:
    • الشعور بالوحدة والعزلة.
    • صعوبة تكوين علاقات صحية. فدائرة علاقاته مقصورة علي من يبجلونه ويحققون له تلك المتعة
    • الشعور بعدم الرضا عن الحياة. ومع ذلك يخاف من هاجس الموت .
    • الاكتئاب والقلق.
    • السلوكيات المدمرة مثل الإدمان. والإدمان هنا قد يكون له جانب مضيء ولكن الشخص ذاته يحوله إلي عالم مظلم بانغلاقه علي نفسه وعدم رؤية إنجازات الآخرين واقتصار رؤيته علي إنجازه قهو

وبينما تكون عبادة اللذات هي السعي وراء الملذات الحسية بشكل مبالغ فيه، دون الاهتمام بالعواقب الأخلاقية أو الاجتماعية. ومن سماتها:

    • المادية: التركيز على الممتلكات والمال كمعيار للسعادة.
    • السلوكيات المُفرطة: الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدرات، أو ممارسة الجنس.
    • الاستهلاكية: شراء الأشياء دون الحاجة لها فقط للشعور بالسعادة المؤقتة.
    • الابتعاد عن القيم الأخلاقية: تبرير السلوكيات الخاطئة من أجل تحقيق المتعة.

ومن شأنها تدمير العلاقات وإهمال العائلة والأصدقاء من أجل الحصول على المتعة.

ولها أيضا مشاكل صحية: السمنة، وأمراض القلب، والعدوى المنقولة جنسياً.

ومشاكل مالية: الديون والإفلاس. وأيضا الشعور بالفراغ الداخلي وعدم الشعور بالسعادة الحقيقية رغم تحقيق الملذات.

عبادة الذات و عبادة اللذات هما سلوكيات مدمرة تعيق سعادة الفرد وتؤثر سلباً على علاقاته وحياته. وربما يكون البديل هنا هو التركيز على الحب الحقيقي والقيم الأخلاقية والسعي لتحقيق الذات بشكل صحي يُساهم في بناء حياة سعيدة وذات معنى.