هوامش متضادة
حول الثقافة في مصر
·
وزير الثقافة فنان تشكيلي وأكاديمي ... هللنا وفرحنا يوم تعيينه .
ورغم ذلك تنتكس الثقافة في عهده مع كل يوم بعد توليه أمر الثقافة نسمع ونري أخبارا
محبطة عن إغلاق مزيد من المواقع الثقافية . وهو ما لم يحدث في عهود كل من سبقوه سواء
كانوا فنانين أو إداريين .
·
إما لأن مبانيها تحتاج إلي ترميم أو لأن طواقم العمل بها قد انقرضت
بفعل احالة الكثيرين إلي التقاعد أو الوفاة أو السفر والهجرة رضوخا لما قرره صندوق
النقد الدولي من عدم تعيين عمالة جديدة بزعم أن الهيكل الوظيفي للدولة يعاني من
التخمة والبطالة المقنعة .
·
في التربية والتعليم استعاضوا عن عجز المعلمين بالتعاقد مع الخريجين
للعمل بالحصة وهو حل إصلاحي وليس علاجا جذريا ولكنه أسعف التعليم من الانهيار كليا
. فلماذا لم تلجأ وزارة الثقافة لهذا الحل مؤقتا ؟
·
الوزير الفنان عين لواء من جهاز الرقابة رئيسا لقصور الثقافة وأبقي
علي الزميل محمد ناصف نائبا له وللأسف يتحمل ناصف كل أوزار الاخطاء الإدارية
وقرارات الغلق التي أنكروها رغم وجود مكاتبات لدي الفروع والأقاليم بغلق بعض
المواقع توفيرا للإيجار .
الشاعر الوطني
الكبير فاروق جويدة كعادته دائما تصدي للمشكلة وناقشها في جريدة الأهرام فكتب يقول
:
قصور الثقافة والمستقبل الغامض الأحد 12 من ذي
الحجة 1446 هــ 8 يونيو 2025 السنة 149 العدد 50588 فاروق جويدة ( هناك حكايات كثيرة تُروى الآن حول مستقبل قصور
الثقافة التى تنتشر فى كل محافظات مصر، وكانت فى يوم من الأيام مراكز إبداع ووعى
وثقافة، وفيها تخرج عدد من كبار الفنانين المصريين. بعض هذه القصور أُقيم فى قصور
تاريخية، ويبلغ عدد القصور فى مصر نحو 500 قصر، وبعضها أُقيم فى أربعينيات القرن
الماضي. وهناك 14 قصرًا مغلقة وتخضع لعمليات ترميم وتجديد.
وهناك كلام كثير يدور الآن حول مستقبل
قصور الثقافة: هل ستُعرض للبيع؟ أم يتغير نشاطها؟ أم تُجدد؟ ولم تُحسم حتى الآن
قضية هذا العدد من القصور. ومنذ شهور كنت قد كتبت عن قصر ثقافة العقاد فى أسوان،
وهو فى موقع فريد، وهناك اتجاه لبيعه وتحويله إلى فندق، ومازال المشروع محل دراسة.
منذ أيام زار وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو
قصر ثقافة الأقصر، واكتشف أن هناك عمليات تنقيب عن الآثار فى قلب القصر، وأُحيل
المسئولون إلى النيابة. كانت قصور الثقافة فى مصر مراكز فنية تجمع المواهب،
وتُقيم المعارض، وتُقدِّم المسرحيات، وقد قدمت للفن المصرى مواهب كثيرة. والمطلوب
الآن الإبقاء على هذه القصور، وترشيدها، وتجديد نشاطها، لأنها مشروعات لا تُعوّض،
وليس من المنطقى التفكير فى بيعها أو تأجيرها أو تغيير نشاطها، لأن ثقافة مصر أهم
من الأموال التى يمكن جمعها من بيع هذه القصور.
ينبغى ألا نفرط بسهولة فى مراكز الوعى
والإبداع التى بقيت بين أيدينا، لأنها آخر ما بقى لنا من الفن الجميل..
كانت قصور الثقافة فى يوم من الايام تضىء
محافظات مصر فنا وحضورا وإبداعا ليتها تعود كما كانت.
وقد أرسل لي الأخ الحبيب المستشار محمد
الشيحة نص المقال السابق وأردف معقبا بقوله :
أستاذى
الجليل قد تكون قرأت المقال للكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة ولكننى رأيت
سعادتكم بين سطوره الباكية على زمن كنت أحد رموزه الكبار ويشهد لسعادتكم القاصى
والدانى بذلك بارك الله فى عمرك وجزاكم خيرا على ماقدمت لوطنك من خير
فعقبت سريعا بالرد التالي وأعترف أنه استسلام
العاجز عن الفعل الإيجابي حتي ولو كان بأضعف الإيمان فقلت :
معالي المستشار من كثرة ما يحيط
بنا من هموم قتل الحزن الدفين فينا كل شعور جميل ووأد كل ذكري حلوة كنا نجترها
بالحنين إليها فقد تحول كل ذلك إلي كابوس ثقيل طويل لا فكاك منه فكيف السبيل ولم
يتبق شعاع أمل واحد
ولكنه بكل ما عرف عنه من
دماثة الخلق قال :
أوجعتني كلمات معاليكم وسنظل
متشبثين بالأمل وأسأل الله عز وجل أن يطيل فى عمركم لتكحل عينيك بشعاع أمل تنقشع
به الظلمة
ولأن
حكومة الدكتور مصطفي مدبولي والتي لم توفق حتي الآن في التعامل مع ملف واحد من
ملفات القضايا الوطنية اقتصادية كانت أو ثقافية أو اجتماعية أو حتي رياضية برغم أن
تلك الحكومة ملزمة دستوريا بتنفيذ ما جاء ببرنامج الرئيس عبد الفتاح السيسي
الانتخابي فيما يتعلق بالثقافة باعتبارها القوة الناعمة التي تحافظ علي هوية
المجتمع إلا أن الحكومة كما هو واضح لم تعط أي أولوية للثقافة علي أجندتها بل إن
هذه الأجندة قد خلت تماما من أي خطة طويلة أو قصيرة الأمد لعلاج مشاكل الثقافة في
هيئة قصور الثقافة التي تستفحل يوما بعد يوما حتي كاد الأمر بعد تعقده أن يبلغ حد المستحيل ويبقي أن يعلن الأطباء أنها ( hopeless case)