الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

بين مظاهر التراث والشعائر

 بين مظاهر التراث والشعائر 

 

في معرض الحديث عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف خلط أبو جهل مدعي الدكتوراه كرئيسه النصاب العالمي أكبر مهرب للآثار المصرية في عصرها الحديث فقال لا فض فوه أن احياء الاحتفال بذكري المولد النبوي الشريف عن طريق مواكب السيارة من عامة البسطاء يحملون الرايات والأعلام ويدقون الدفوف وصاجات النحاس ابتهاجا كما زعم ويزعمون بمولد المصطفي وإن هو إلا زعم كاذب مضل يكرس للتخلف في زمن لا يعرف مكانا ولا وقتا لكل الضالين مهما كانت ألوان عمائمهم حمراء أم خضراء ومهما كانت ألوان راياتهم سوداء أم بيضاء تحت مسميات طوائف وطرق صوفية لا نعرف لها نشأة إسلامية حقيقية ولم بأت بها نص واضح أو صريح يعترف بها حتي كطريقة للاحتفال بتلك المناسبة الكريمة

فهل مواكب السيارة المصرية التي يحاول عبثا بعثها من تجاوزهم التاريخ وأغفلهم الدين الحق هل هي حقا مظهر احتفالي أم شعيرة دينية ؟ وهل هو مرتبط حقا كما يزعم أبا جهل مرتبط بالهوية المصرية ؟؛

يعتبر الموكب في مصر جزءاً من التقاليد والاحتفالات، ولكنه ليس بالضرورة مرتبطًا بالهوية المصرية بشكل عام أو يعتبر من الشعائر الدينية. بل هو مظهر احتفالي 🎊 كان في عهد ما مظهرا بروتوكوليا في مصر .

في المقابل، فإن الشعائر هي في  العادة طقوس دينية أو اجتماعية متوارثة، مثل احتفالات الزواج أو الجنائز، التي تعكس معتقدات وقيم المجتمع. أما الموكب، فهو غالباً ما يكون حدثاً منظماً لغرض احتفالي أو رسمي، وليس طقساً دينياً.

ترتبط المواكب ارتباطًا وثيقًا بالطرق الصوفية في مصر، وهي ممارسة ذات جذور تاريخية عميقة في المجتمع المصري. المواكب هي جزء أساسي من الاحتفالات الدينية للطرق الصوفية، خاصة في المناسبات الكبرى مثل المولد النبوي الشريف، ورأس السنة الهجرية، ورؤية هلال شهر رمضان.

المواكب الصوفية التاريخية:

  • تعتبر المواكب الصوفية جزءًا من الطقوس والممارسات التي تظهر تكاتف أتباع الطرق الصوفية وحبهم للرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء.
  • تتميز هذه المواكب بالمسيرات التي يشارك فيها الآلاف من المريدين، وهم يرتدون الزي الأبيض ويرفعون الرايات الخضراء المميزة لكل طريقة.
  • تُردد خلال هذه المسيرات المدائح النبوية والأناشيد الدينية والذكر.
  • تنسق المشيخة العامة للطرق الصوفية هذه المواكب مع مؤسسات الدولة لضمان انسيابية الحركة المرورية وسلامة المشاركين.
  • على الرغم من أن استخدام السيارات في المواكب وهو تطور حديث يواكب العصر، إلا أن جوهر الموكب الصوفي التقليدي يظل قائمًا، حيث يظهر في المشي على الأقدام، والترديد الجماعي للأناشيد، ورفع الرايات بينما يركب كبيرهم أو من يطلق عليه رئيس الطرق الصوفية عامة علي فرس مزين ويغطي الولي بالرايات والأعلام التي تتخذ صفة قدسية لدي المريدين الذين يتسابقون أحيانا لتقبيل يدهم وهو مستسلم للجميع بمد يده لهم التماسا للبركة

وأين ومتي نشأت ظاهرة المواكب الصوفية

نشأت ظاهرة المواكب الصوفية في مصر، وتحديداً في العصر الفاطمي، حيث يُرجع المؤرخون أصولها إلى احتفالات الفاطميين بالمناسبات الدينية، مثل المولد النبوي الشريف. وقد تطورت هذه الظاهرة عبر العصور كالتالي:

  • العصر الفاطمي: يُعتبر بداية المواكب الاحتفالية الكبرى في مصر، وخاصةً في احتفالات المولد النبوي، والتي كانت تتضمن موكباً رسمياً يشارك فيه كبار رجال الدولة مع العامة.
  • العصر الأيوبي والمملوكي: استمرت المواكب الصوفية وتطورت، حيث أضاف المماليك إليها موكباً آخر لإعلان رؤية هلال شهر رمضان، في تقليد كان يهدف إلى إعلام الناس بقدوم الشهر الكريم.
  • العصر الحديث: أصبحت المواكب الصوفية سمة أساسية في احتفالات الموالد المختلفة في مصر، مثل مولد السيد البدوي والسيدة زينب، وأصبحت الطرق الصوفية تنظمها سنوياً بشكل منتظم.

وتجدر الإشارة إلى أن المواكب الصوفية الحديثة في مصر تتبع في جوهرها هذا التقليد التاريخي، مع إضافة بعض المظاهر العصرية مثل استخدام السيارات، لكنها تظل مرتبطة بالمدائح النبوية والذكر ورفع الرايات.

فمن هو مؤسس الدولة الفاطمية ؟

مؤسس الدولة الفاطمية هو عبيد الله المهدي.

أعلن عبيد الله المهدي قيام دولته في بلاد المغرب عام 297 هـ (909م)، بعد أن تمكن أتباعه من السيطرة على مساحات واسعة من شمال أفريقيا. وقد اتخذ من مدينة المهدية في تونس عاصمة لدولته قبل أن تنتقل لاحقًا إلى القاهرة في مصر.

حيث أنشأ الجامع الأزهر القائد الفاطمي جوهر الصقلي. بُني الجامع الأزهر بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، وقد بدأ بناؤه في عام 359 هـ (970م)، وافتُتِح للصلاة في عام 361 هـ (972م)، ليصبح أحد أهم المعالم الإسلامية والعلمية في العالم.

وهل كان الأزهر سنيا أم شيعيا

عندما أُسس الجامع الأزهر، كان شيعيًا تابعًا للمذهب الإسماعيلي وهو المذهب الرسمي للدولة الفاطمية التي أنشأته. ولكن، عندما انتهى حكم الفاطميين على يد صلاح الدين الأيوبي، تحول الأزهر تدريجيًا إلى منارة للمذهب السني، وأُعيد افتتاحه للصلاة والتدريس ليصبح فيما بعد أكبر مؤسسة علمية سنية في العالم.

كم سنة حكمت الدولة الفاطمية مصر وكم سنة حكم الأيوبيون

حكمت الدولة الفاطمية مصر لمدة 202 عامًا، من عام 969 م (358 هـ) إلى عام 1171 م (567 هـ).

أما الدولة الأيوبية، فقد حكمت مصر بعد سقوط الفاطميين واستمر حكمها حوالي 81 عامًا، من عام 1171 م (567 هـ) إلى عام 1250 م (648 هـ).

تُعد المواكب الصوفية في مصر ظاهرة متجذرة في التاريخ، فهي ليست مجرد مسيرات، بل هي تجسيد حي لتاريخ طويل من الاحتفالات الدينية والتراث الشعبي. ورغم أن الموكب في جوهره هو ممارسة قديمة تعود لعصور مضت، إلا أن ظهور السيارة فيه يمثل تطورًا حديثًا يعكس التفاعل بين التقاليد العريقة ومظاهر الحداثة.

في ذلك الوقت كان الموكب الصوفي ممارسة راجلة (أي مشيًا على الأقدام)، تعكس التواضع والجهد المبذول في حب الرسول والأولياء. وكانت المسيرة تتسم بالبساطة والعمق الروحي حيث يتجمع المريدون في صفوف منتظمة وتتعالى أصواتهم بالذكر، ويتحركون في إيقاع واحد نحو وجهة مقدسة كجامع أو ضريح أحد الأولياء.

 

 

يري أبو جهل مدعي الدكتوراه أن تلك المواكب شعيرة دينية وأن من يهاجمها فهو يهاجم التراث ويهاجم الهوية المصرية  فأين الحقيقة ؟

الحقيقة في هذا الموضوع تكمن في التفرقة بين مفهوم "الشعيرة الدينية" ومفهوم "التراث الشعبي"، فالأمر ليس واحدًا ويمكن توضيحهما على النحو التالي:

1. هل الموكب "شعيرة دينية"؟

الشعيرة الدينية في الإسلام هي فريضة أو ركن أساسي من أركان الدين ورد به نص قطعي في القرآن الكريم أو السنة النبوية مثل الصلاة أو الصيام أو الحج أو الأذان وبناءً على هذا التعريف فإن المواكب الصوفية لا تعتبر شعيرة دينية في نفس درجة الفرائض والأركان لأنها لم تُذكر في النصوص المقدسة كأمر واجب أو فرض. بل هي ممارسة اجتهادية ومظهر من مظاهر الاحتفاء والاحتفال بالمناسبات الدينية.

2. هل الموكب "تراث شعبي"؟

التراث الشعبي هو مجموعة العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية والثقافية التي تتناقلها الأجيال. وعلى هذا الأساس، فإن المواكب الصوفية تُعد جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والديني المصري. فهي:

  • لها جذور تاريخية عميقة تعود إلى العصر الفاطمي.
  • تمثل مظهرًا من مظاهر الحب والولاء للرسول الكريم والأولياء الصالحين.
  • تُعبر عن حالة اجتماعية وروحية فريدة يشارك فيها آلاف المصريين في مختلف المحافظات.

إن المواكب الصوفية ليست شعيرة دينية بالمعنى الفقهي الدقيق، ولكنها بالتأكيد تراث شعبي أصيل ومتجذر في الوجدان المصري ويعود تاريخها إلى قرون مضت ويُعد من ينتقدها أو يهاجمها من منطلق أنها بدعة أو أنها لا تمت للشعائر بصلة هو يهاجم التراث الثقافي لأمة وتاريخهاوهويتها وهذا خلط لا ينبغي أن يقع فيه أصحاب أدني حظ من الثقافة او التعليم

 

الأربعاء، 6 أغسطس 2025

لماذا يتجاهل كبار المبدعين بداياتهم الأولي

 

لماذا يتجاهل كبار المبدعين بداياتهم الأولي

يتجاهل المبدعون الكبار بداياتهم الضعيفة الأولي لعدة أسباب نفسية وعملية فأغلبهم يظن أنه قد ولد عبقريا متقردا من يومه متناسيا أن هناك من أخذ بيده وهو يحبو في المعرفة والعلم وإن كان موهوبا

1. التركيز على الحاضر والمستقبل: يرى المبدعون أن التركيز على إنجازاتهم الحالية والمستقبلية أهم بكثير من استحضار الماضي. فبدلاً من التفكير في أخطاء البدايات يفضلون توجيه طاقتهم نحو تطوير مهاراتهم وتقديم أعمال جديدة وترك بصمة أكبر في مجالهم.

2. إدراك أن الفشل جزء طبيعي من النجاح فمعظم المبدعين يعتبرون تلك التجارب الأولى الضعيفة مجرد خطوات ضرورية على طريق التعلم. هم يدركون أن الفشل هو معلم لا غنى عنه وأن تلك البدايات الصعبة هي ما شكلت شخصيتهم الفنية ودفعتهم للتحسن. لذلك، لا يجدون داعيًا للتوقف عند نقطة البداية بل ينظرون إليها كجسر عبروه للوصول إلى ما هم عليه الآن .

3. الخوف من المقارنة السلبية فقد يخشى بعض المبدعين أن تؤدي العودة إلى أعمالهم الأولى إلى مقارنة سلبية تقلل من قيمة أعمالهم الحالية. فهم يريدون أن يُنظر إليهم من خلال إبداعاتهم الناضجة التي تعكس خبرتهم وتطورهم، لا من خلال أعمالهم التي كانت مجرد محاولات أولية.

4. الحفاظ على الصورة الاحترافية فغالبًا ما يسعى المبدعون للحفاظ على صورة احترافية قوية. قد يرون أن عرض أعمالهم الضعيفة يمكن أن يؤثر على ثقة الجمهور بهم أو يقلل من مكانتهم الفنية التي بنوها بجهد كبير.

5. الانفصال العاطفي عن العمل مع مرور الوقت قد يصبح المبدع أقل ارتباطًا عاطفيًا بأعماله الأولى فهو لم يعد يرى فيها ذلك الشغف الأولي الذي كان يحمله بل ينظر إليها من منظور أكثر نقدًا وحيادية مما يجعله يفضل تقديم أعماله التي تعبر عن نضجه وخبرته الحالية.

باختصار، تجاهل كبار المبدعين لبداياتهم ليس إنكارًا لماضيهم، بل هو علامة على نضجهم وتركيزهم على رحلتهم المستمرة نحو التطور والإبداع.

6. ربما لا يريدون أن يقال أنهم كانوا مجرد تلاميذ لمن هم أقل منهم شأنا اليوم هذه نقطة مهمة جدًا وتلامس جانبًا نفسيًا عميقًا. يمكن أن يكون هذا أحد الأسباب القوية بالفعل. فالمبدع الذي وصل إلى مكانة مرموقة قد يجد صعوبة في الاعتراف بأنه كان في يوم من الأيام "تلميذًا" أو متأثرًا بشخصيات لم تستطع الوصول إلى نفس مستواه أو أنهم تراجعوا عن المشهد الإبداعي وابتعدوا عنه .

هذا الموقف يمكن تفسيره من عدة زوايا:

·         حماية السمعة والمكانة: الاعتراف بالبدايات الضعيفة أو التأثر بآخرين قد يُنظر إليه على أنه يقلل من "أصالة" المبدع أو يضعف صورته كقائد أو رائد في مجاله.

·         بناء الهوية المستقلة: مع تطور المبدع يسعى إلى بناء هوية إبداعية خاصة به تمامًا والعودة إلى بداياته قد تعيد ربطه بتأثيرات سابقة لم يعد يرى أنها تمثله.

·         الرغبة في أن يُرى كـ "مبدع فطري" البعض قد يفضل أن ينظر إليه على أنه موهبة فريدة لم تحتاج إلى التوجيه أو التعلم من الآخرين حتى لو كان هذا غير واقعي.

بالتأكيد، هذه الأسباب تتكامل مع الأسباب الأخرى التي ذكرناها سابقًا مثل التركيز على المستقبل، وإدراك أن البدايات جزء من الرحلة. في النهاية فكل مبدع له دوافعه الخاصة في كيفية التعامل مع ماضيه لكن فكرة "عدم الرغبة في أن يُرى كتابع" هي من الدوافع التي تلعب دورا كبيرا في هذا الجانب.

 

الخميس، 24 يوليو 2025

المعادل الموضوعي عند سعد الدين وهبة


المعادل الموضوعي عند سعد الدين وهبة

 



على الرغم من أن مصطلح "المعادل الموضوعي" ارتبط بشكل كبير بتي. إس. إليوت وتطبيقاته في النقد الأدبي وخاصة في المسرح الذهني عند توفيق الحكيم إلا أن سعد الدين وهبة لم يُعرف عنه تبنيه الصريح أو الواضح لهذا المفهوم بنفس الطريقة النظرية التي تبناها الحكيم.

سعد الدين وهبة كان كاتبًا مسرحيًا وسينمائيًا بارزًا، وتميزت أعماله بما يلي:

  • الواقعية والاجتماعية: ركز وهبة في مسرحياته على قضايا المجتمع المصري وهمومه وقدم شخصيات من الواقع تعكس شرائح مختلفة من المجتمع. كانت أعماله غالبًا ما تتناول الفساد والبيروقراطية والصراع الطبقي والتحديات التي تواجه الفرد في المجتمع.
  • المسرح الجماهيري: على عكس المسرح الذهني للحكيم الذي كان يميل إلى القراءة، كانت مسرحيات وهبة تُكتب لكي تُعرض وتتفاعل مع الجمهور. كان يمتلك حسًا دراميًا قويًا وقدرة على بناء الحبكة والشخصيات بطريقة تجذب المشاهد.
  • الرمزية غير المباشرة: على الرغم من واقعيته، لم تخلُ أعمال وهبة من الرمزية ولكنها كانت غالبًا رمزية متجذرة في الواقع ومستوحاة من تفاصيله اليومية وليست رمزية فلسفية مجردة كالتي نجدها عند الحكيم وكان يستخدم المواقف والشخصيات لتعبر عن أفكار أعمق ولكن ضمن سياق درامي واقعي ومفهوم للجمهور.
  • اللغة البسيطة والمباشرة: استخدم وهبة لغة قريبة من لغة الحياة اليومية إلا أن الحكيم قد سبق الجميع في اكتشاف اللغة الثالثة التي هي بين الفصحي والعامية مما ساهم في وصول أعماله إلى شريحة واسعة من الجمهور.

بينما كان توفيق الحكيم يسعى إلى "إبعاد ذاته" عن العمل الفني من خلال المعادل الموضوعي ليقدم أفكارًا مجردة كان سعد الدين وهبة يغوص في الواقع ليقدم قضاياه ومشكلاته وقد يستخدم عناصر فنية تثير المشاعر أو تعبر عن أفكار معينة لكنها تندرج أكثر تحت مفهوم الرمزية الواقعية أو التعبير عن الواقع من خلال الفن وليس بالضرورة "المعادل الموضوعي" بمفهومه النقدي الدقيق الذي يهدف إلى تجسيد العاطفة المجردة من خلال مجموعة من المثيرات الخارجية.

باختصار، يمكن القول إن سعد الدين وهبة لم يتعامل مع "المعادل الموضوعي" كمصطلح نقدي يوجه كتاباته بنفس الطريقة التي فعلها توفيق الحكيم بل كانت أعماله تميل إلى الواقعية الاجتماعية مع توظيف رمزي يخدم القضايا التي يطرحها. علي الرغم من أن شخصيات مسرحية سكة السلامة كانت رموزا واضحة لمكونات المجتمع المصرية فالغانية والفهلوي وتاجر القطن وغيرهم كانوا رموزا عن مكونات طبقية في المجتمع المصري فسعد الدين وهبة على عكس توفيق الحكيم الذي كان يميل إلى الرمزية الفلسفية المجردة في مسرحه الذهني، كان يستخدم الرمزية الواقعية في "سكة السلامة" ليعكس قضايا اجتماعية وسياسية عميقة.

الرمزية الاجتماعية في "سكة السلامة"

في "سكة السلامة"، تُمثل كل شخصية شريحة أو نمطًا سائدًا في المجتمع المصري وتكشف تفاعلاتهم عن عيوب ومشاكل هذا المجتمع:

  • الغانية: غالبًا ما ترمز إلى الجمال الفاتن أو اللذة العابرة وقد تُشير أيضًا إلى الانحراف الاجتماعي أو القيم السطحية في سياق "سكة السلامة"، قد تمثل جزءًا من المجتمع الذي يسعى وراء الملذات أو الذي فقد بوصلته الأخلاقية.
  • الفهلوي: يرمز إلى الشخصية الانتهازية الماكرة، التي تعتمد على الذكاء الاجتماعي والخداع لتحقيق مصالحها الشخصية دون مراعاة للأخلاق أو المبادئ هذه الشخصية منتشرة في أي مجتمع يعاني من ضعف الرقابة أو تفشي الفساد.
  • تاجر القطن (أو التاجر بشكل عام): يمثل الطبقة الرأسمالية الانتهازية أو التجارية، التي قد تكون مهتمة بالربح المادي أولًا وقبل كل شيء وقد لا تتردد في استغلال الظروف لتحقيق مكاسبها مما يعكس قضايا الفساد الاقتصادي أو الجشع.
  • الموظف الروتيني/البيروقراطي: فهي ترمز إلى الجمود، الروتين القاتل، والبيروقراطية التي تعيق التقدم وتُعرقل حياة الناس.
  • الشخصية المثقفة/المتأملة: قد تكون موجودة لتعكس الوعي الضميري أو محاولة البحث عن الحقيقة، لكنها قد تكون عاجزة عن إحداث تغيير في وجه الواقع الصادم.
  • الشخصيات الأخرى: غالبًا ما كانت هناك شخصيات أخرى تمثل عامة الشعب أو الطبقات الفقيرة أو الفئات المهمشة لتكتمل الصورة البانورامية للمجتمع.

ولأن المسرح كما يقال مرآة للمجتمع فإن أهم ما يميز سعد الدين وهبة في "سكة السلامة" هو قدرته على استخدام هذا الجمع من الشخصيات في سياق رمزي هو "الضياع في الصحراء" (رمز للضياع المجتمعي أو غياب الرؤية)، ليُظهر كيف تتصرف هذه الشرائح المختلفة عندما تواجه أزمة حقيقية. المسرحية بذلك لا تقدم مجرد شخصيات فردية بل تقدم تحليلًا نقديًا للنسيج الاجتماعي والسياسي في مصر في تلك الفترة. إن "سكة السلامة" تُعد من الأعمال الكلاسيكية في المسرح المصري التي نجحت في توظيف الرمزية بذكاء لخدمة القضايا الاجتماعية والسياسية، وجعلت من المسرح مرآة تعكس الواقع بكل تعقيداته وتناقضاته.

 

 

 

 

المعادل الموضوعي عند توفيق الحكيم



يُعد مصطلح "المعادل الموضوعي" Objective Correlative) ) من المفاهيم النقدية التي ارتبطت بتوفيق الحكيم خصوصًا في سياق حديث النقاد عن "المسرح الذهني" الذي ابتكره هذا المصطلح الذي ارتبط في الأصل بالناقد الإنجليزي ت. إس. إليوت يشير إلى:

مفهوم المعادل الموضوعي : هو مجموعة من الأشياء أو المواقف أو سلسلة من الأحداث التي عندما تُعرض في العمل الفني (سواء مسرحية أو قصة أو قصيدة) تثير في المتلقي نفس العاطفة التي يريد الكاتب التعبير عنها دون أن يصرح الكاتب بهذه العاطفة بشكل مباشر. بمعنى آخر هو "بديل فني" للعاطفة المجردة. الهدف هو إبعاد ذات الكاتب وأحاسيسه المباشرة عن العمل الإبداعي وجعل العمل الفني "يتحدث عن نفسه" من خلال هذه الرموز والمواقف.

تطبيق توفيق الحكيم للمعادل الموضوعي في مسرحه الذهني : توفيق الحكيم، الذي يُعرف بريادته للمسرح الذهني كان يميل إلى المسرح الذي يُقرأ أكثر مما يُمثل. في هذا النوع من المسرح كان الحكيم يسعى إلى:

  • التعبير عن الأفكار المجردة والقضايا الفلسفية : بدلاً من تقديم شخصيات حية وصراعات واقعية بالمعنى التقليدي كان الحكيم يوظف شخصياته ومواقفه كرموز وأفكار تتحرك في نطاق المعاني المطلقة.
  • استخدام الرمزية بكثافة: لجأ الحكيم إلى الرمز ليعبر عن أفكاره وعواطفه بشكل غير مباشر فبدلاً من أن يصف شعورا معينا كان يخلق موقفًا أو يستخدم شخصية أو شيئا يثير هذا الشعور في ذهن القارئ.
  • تحويل العاطفة إلى فن : سعى الحكيم إلى تحويل تجربته الشخصية ومشاعره إلى شكل فني دون أن يكشف عن ذاته بشكل مباشر. كان المعادل الموضوعي وسيلة للبوح بكل ما يجول بخاطره دون قيود من خلال خلق صورة فنية تعبر عن هذه المشاعروبدلا من أن يعض بشكل مباشر لتجربته الذاتية قدم تلك التجربة في شخصية بجماليون
  • أمثلة من أعماله: يمكن ملاحظة هذا التوجه في مسرحياته التي تتناول قضايا فلسفية أو اجتماعية عميقة، مثل "أهل الكهف" التي تتناول جدلية الزمن والذات و"سليمان الحكيم" التي تتناول موضوع القدرة والحكمة. في هذه المسرحيات غالبًا ما تكون الشخصيات والأحداث بمثابة معادلات موضوعية لأفكار ومفاهيم أكبر.

باختصار، وظف توفيق الحكيم المعادل الموضوعي كتقنية فنية ليمرر أفكاره ورؤاه الفلسفية والعاطفية بطريقة غير مباشرة معتمدًا على الرموز والمواقف التي تستفز الفكر والشعور لدى المتلقي مما جعل مسرحه "ذهنيًا" يُقرأ لعمق ما فيه من أفكار أكثر من كونه مجرد تمثيل على خشبة المسرح.

 

 

 

المعادل الموضوعي

 

المعادل الموضوعي

مصطلح المعادل الموضوعي يستخدم كثيرا لدي الكتاب والأدباء خاصة كتاب ونقاد الدراما ولكن يعترف المتخصصون أن هذا المصطلح أصبح مبهما ويفسره البعض تفسيرات بعيدة جدا عن معناه الحقيقي الذى ترجم عن الإنجليزية وهو مفهوم أدبي ارتبط بشكل بارز بالشاعر والناقد ت. س. إليوت.

فما معناه ؟

المُعادل الموضوعي هو مجموعة من الأشياء أو موقف أو سلسلة من الأحداث أو سلسلة من الأفعال التي تُثير عاطفة محددة لدى القارئ دون التصريح بها صراحةً. فبدلا من إخبار القارئ بما تشعر به الشخصية (مثلاً  كانت حزينة) يُقدم الكاتب أشياءً ملموسةً تنتج هذا الشعور بشكل طبيعي عندما تختبره الشخصية أو يُلاحظه القارئ فيما يتعلق الأمر في جوهره بإيجاد تمثيل خارجي وموضوعي لعاطفة داخلية ذاتية.

الأصل والتفسير بقلم ت. س. إليوت حيث استخدم إليوت المصطلح لأول مرة في مقالته "هاملت ومشكلاته" (1919) جادل إليوت بأن مسرحية هاملت لشكسبير كانت جزئيًا فاشلة لأن مشاعر هاملت الشديدة لم تكن متوافقة بشكل كافٍ مع الظروف أو الأشياء الخارجية التي يمكنها التعبير عنها أو تبريرها بشكل كامل.

فكتب إليوت "الطريقة الوحيدة للتعبير عن المشاعر في الفن هي إيجاد "مُقابل موضوعي" بمعنى آخر مجموعة من الأشياء أو موقف أو سلسلة من الأحداث التي تُشكل صيغة تلك المشاعر المحددة بحيث عندما تعرض الحقائق الخارجية التي يجب أن تنتهي بتجربة حسية تُستثار المشاعر فورًا."

وترجع أهمية المُقابل الموضوعي أسلوبًا فعالًا لعدة أسباب :

·        أظهر لا تخبر: إنه مثال رئيسي على المبدأ الأدبي "أظهر لا تُخبر" مما يسمح للقراء بتجربة المشاعر بدلا من أن يُخبروا عنها.

·        تجربة غامرة: تخلق تجربة أكثر غامرة وتفاعلية للقارئ حيث يشارك بنشاط في فهم المشاعر المنقولة والشعور بها.

·        الدقة والوضوح : يتيح هذا الأسلوب دقةً ووضوحًا أكبر في التعبير عن المشاعر المعقدة التي قد يصعب التعبير عنها مباشرةً.

·        الشمولية: من خلال ربط المشاعر بصور أو مواقف ملموسة يُمكن أحيانًا خلق فهم أكثر شموليةً لتلك المشاعر.

وفي حين انتقد إليوت مسرحية هاملت لافتقارها إلى رابط موضوعي كامل قد يوضح مثال أبسط هذا المفهوم: بدلًا من قول "كان الرجل في حزنٍ عميق"، قد يصف الكاتب ما يلي:

"كانت الألعاب المتربة المنسية متناثرة في غرفة الأطفال الصامتة. بالون واحد مفرغ من الهواء كان يومًا ما نابضًا بالحياة أصبح الآن متشبثًا بضعف بزاوية السقف. رسم حدود بصمة يد صغيرة على زجاج النافذة مفاصله بيضاء."

هنا، تُمثل الألعاب المتناثرة والبالون المُفرغ من الهواء وغرفة الأطفال الصامتة روابط موضوعية لحزن الرجل العميق وشعوره بالخسارة دون التصريح صراحة بتلك المشاعر.

يظل الارتباط الموضوعي مفهوما مهما في التحليل الأدبي والكتابة الإبداعية حيث يؤثر على كيفية تعامل الكتاب مع تصوير العاطفة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بالبلدي

 

بالبلدي ..


كثير من المتطاولين علي ثورة يوليو وعبد الناصر من الغريب أنهم بدون تلك الثورة ولو لم يأت عبد الناصر كان ممكن تظل أسرهم دون حد الكفاف وعاجزة عن تعليمهم وما لبسوا بدل ولا أحذية وظلوا حفاة وما وجدوا وظائف غيرت من مستواهم الاجتماعي للأفضل وكثير منهم لا يعرفون أن أسرهم وأباءهم في قراهم كانوا يشربون المياه العكرة من النيل أو من الترع وكانت البلهارسيا تفترسهم أكثر وأكثر وكثير منهم كانت أسرهم يقضون حاجتهم في مراحيض منازلهم عبارة عن حفرة يتم نزحها دوريا من خارج المنزل وأكثرهم لم يكن بمنزلهم مرحاض من الأصل ويقضون حاجتهم بجوار الجدران أو في الخلاء - ويأتي الباشا من هؤلاء الآن عن جهالة يشتم في يوليو وفي عبد الناصر ولا يعلم تاريخيا أن حكامه قبل يوليو لعشرات السنين الذين استعبدوا أباءه وأجداده كانوا غزاة من البانيا ومن تركيا العثمانية لا يعرف هؤلاء رغم تعليمهم أن الملك فاروق وأباءه أحفاد محمد علي ليسوا مصريين أصلا ولكن جدهم الذي استولي علي الحكم واغتصب الأرض ومن عليها كان قادما في حملة عثمانية وهو أصلا جندي مرتزق في تلك الحملة وينتمي إلي دولة ألبانيا - والله عيب وعار علي مصر هذه الجهالة

 

النوستالجيا

النوستالجيا

النوستالجيا (Nostalgia) هي لفظ مستخدم كثيرا ولكن كثيرين منا لا يعرفون معناه والنوستالجيا هي شعور عميق بالحنين إلى الماضي وغالبًا ما يكون مصحوبا بمشاعر دافئة ولطيفة تجاه ذكريات أو أحداث أو أشخاص من فترة زمنية سابقة. ويرجع أصل كلمة نوستالجيا إلي اللغة اليونانية القديمة وتتكون من كلكتين وهما :

  • نوستوس (Nostos  ) وتعني العودة إلى الوطن .
  • ألجوس  Algos))  وتعني "الألم" أو "المعاناة".

وقد صاغ هذا المصطلح الطبيب السويسري يوهانس هوفر في القرن السابع عشر لوصف حالة يعاني فيها الجنود السويسريون من الاشتياق شديد لأوطانهم، مما كان يسبب لهم أعراضًا جسدية ونفسية.

طبيعة النوستالجيا

النوستالجيا ليست مجرد استرجاع للذكريات بل هي إعادة معالجة عاطفية للماضي غالبًا ما نتذكر الماضي بشكل انتقائي مع التركيز على الجوانب الإيجابية وتخفيف حدة السلبيات. هذا يمكن أن يجعل النوستالجيا شعورا مريحا ومهدئًا، خاصة في الأوقات الصعبة.

فوائد النوستالجيا

على الرغم من أن أصل الكلمة يوحي بالألم، إلا أن الأبحاث الحديثة أظهرت أن النوستالجيا يمكن أن تكون مفيدة على عدة مستويات :

  • تحسين المزاج : يمكن أن تثير النوستالجيا مشاعر السعادة والدفء والراحة.
  • تعزيز الروابط الاجتماعية : غالبًا ما تكون الذكريات النوستالجية مرتبطة بأشخاص نحبهم، مما يقوي الشعور بالانتماء والتواصل.
  • زيادة تقدير الذات : تذكيرنا بالإنجازات أو اللحظات السعيدة في الماضي يمكن أن يعزز الثقة بالنفس.
  • التغلب على الوحدة : الشعور بالاتصال بالماضي يمكن أن يقلل من مشاعر العزلة.
  • إيجاد المعنى : يمكن أن تساعدنا النوستالجيا على فهم رحلتنا الشخصية وتقدير كيف ساعدتنا تجاربنا الماضية في تشكيل من نحن اليوم.

ويمكن أن تثير النوستالجيا أي شيء يربطنا بالماضي، مثل

  • الأغاني القديمة
  • الروائح المألوفة  مثل رائحة الطعام من طفولتك.
  • الصور الفوتوغرافية القديمة
  • الأماكن وهو ما يحدث عند زيارة منزل قديم أو مدرسة سابقة.
  • الأفلام أو البرامج التلفزيونية التي شاهدتها عندما كنت أصغر سنًا.
  • الألعاب والدمى