المعادل
الموضوعي عند توفيق الحكيم
يُعد مصطلح "المعادل الموضوعي" Objective
Correlative) ) من المفاهيم النقدية التي ارتبطت بتوفيق
الحكيم خصوصًا في سياق حديث النقاد عن "المسرح الذهني" الذي
ابتكره هذا المصطلح الذي ارتبط في الأصل بالناقد الإنجليزي ت. إس. إليوت يشير إلى:
مفهوم المعادل الموضوعي : هو مجموعة من
الأشياء أو المواقف أو سلسلة من الأحداث التي عندما تُعرض في العمل الفني (سواء
مسرحية أو قصة أو قصيدة) تثير في المتلقي نفس العاطفة التي يريد الكاتب التعبير
عنها دون أن يصرح الكاتب بهذه العاطفة بشكل مباشر. بمعنى آخر هو "بديل
فني" للعاطفة المجردة. الهدف هو إبعاد ذات الكاتب وأحاسيسه المباشرة عن العمل
الإبداعي وجعل العمل الفني "يتحدث عن نفسه" من خلال هذه الرموز والمواقف.
تطبيق توفيق الحكيم للمعادل الموضوعي في مسرحه
الذهني :
توفيق الحكيم، الذي يُعرف بريادته للمسرح الذهني كان يميل إلى المسرح الذي يُقرأ
أكثر مما يُمثل. في هذا النوع من المسرح كان الحكيم يسعى إلى:
- التعبير عن الأفكار المجردة
والقضايا الفلسفية : بدلاً من تقديم شخصيات حية
وصراعات واقعية بالمعنى التقليدي كان الحكيم يوظف شخصياته ومواقفه كرموز
وأفكار تتحرك في نطاق المعاني المطلقة.
- استخدام الرمزية بكثافة: لجأ
الحكيم إلى الرمز ليعبر عن أفكاره وعواطفه بشكل غير مباشر فبدلاً من أن يصف
شعورا معينا كان يخلق موقفًا أو يستخدم شخصية أو شيئا يثير هذا الشعور في ذهن
القارئ.
- تحويل العاطفة إلى فن : سعى
الحكيم إلى تحويل تجربته الشخصية ومشاعره إلى شكل فني دون أن يكشف عن ذاته
بشكل مباشر. كان المعادل الموضوعي وسيلة للبوح بكل ما يجول بخاطره دون قيود
من خلال خلق صورة فنية تعبر عن هذه المشاعروبدلا من أن يعض بشكل مباشر
لتجربته الذاتية قدم تلك التجربة في شخصية بجماليون
- أمثلة من أعماله: يمكن
ملاحظة هذا التوجه في مسرحياته التي تتناول قضايا فلسفية أو اجتماعية عميقة،
مثل "أهل الكهف" التي تتناول جدلية الزمن والذات و"سليمان
الحكيم" التي تتناول موضوع القدرة والحكمة. في هذه المسرحيات غالبًا ما
تكون الشخصيات والأحداث بمثابة معادلات موضوعية لأفكار ومفاهيم أكبر.
باختصار، وظف توفيق الحكيم المعادل الموضوعي
كتقنية فنية ليمرر أفكاره ورؤاه الفلسفية والعاطفية بطريقة غير مباشرة معتمدًا على
الرموز والمواقف التي تستفز الفكر والشعور لدى المتلقي مما جعل مسرحه
"ذهنيًا" يُقرأ لعمق ما فيه من أفكار أكثر من كونه مجرد تمثيل على خشبة
المسرح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق