محروس الصياد
آخر الأعمال
التي شاركت في طباعتها لأدباء دمياط أثناء قيادتي للعمل في ثقافة دمياط كان ديوان فارس
البحر لمحروس الصياد الذي صدر يحمل رقم 56 في إصدارات الرواد والتي أفخر أنها وصلت
إلي هذا الرقم في ذلك العام قبل أن أنتقل للعمل مديرا عاما لثقافة الغربية ، ومحروس
الصياد الذي تعرفت عليه بعد العودة من رحلة الغربة للعمل في لبنان كان رحمه الله عضوا
أساسيا في حركة أدبية كبيرة نشأت في دمياط في أوائل الستينيات وظلت تمارس دورا كبيرا
في إحداث فعاليات أدبية وثقافية كبيرة علي مستوى مصر كلها حتي أدمجت سياسيا في جمعية
رواد قصر وبيوت الثقافة في منتصف الستينيات إبان تولي الراحل سعد الدين عبد الرازق
إدارة مركز الثقافة والاستعلامات بدمياط وحتي أواخر عقد الستينيات وأوائل السبعينيات
حيث استلم منه راية القيادة الزميل ممدوح بدران ابن بورسعيد الذي لم يدم طويلا حيث
عينت مديرا للثقافة بدمياط في أواخر 1971 وبدأت في تفعيل دور جمعية رواد قصر وبيوت
الثقافة بدمياط لتعويض العجز البشري في كوادر العمل الثقافي بدمياط عن طريق كوادر أهلية
متطوعة من رواد قصر الثقافة وواجهت مقاومة كبيرة من الأدباء في تلك الآونة دفاعا عن
استمرار كيانهم الأدبي المعتدي عليه بالدمج في تلك الجمعية وكان في قيادة تلك الحركة
محمد النبوي سلامة ومصطفي الأسمر وعبد الرحمن عرنسة وأنيس البياع والسيد النماس وطاهر
السفا ومحمد العتر ، وجيل الشباب في ذلك الوقت ومنهم سمير الفيل ومحسن يونس ومحمد علوش
ومحمد الزكي وكان في طليعتهم الزميل كامل الدابي وكانت الحركة في ذات الوقت تضم مجموعة
من الأدباء الراسخين من أمثال يوسف القط ومحمد أبو سعده وعيد صالح ومجموعة أخري من
الشعراء الشعبيين البسطاء الذين يملكون موهبة لها شأنها وإن قل حظ أصحابها من التعليم
كان منهم عبد القادر السالوس والسيد الغواب وعلي ظلام وحسين البلتاجي وحسنين لبيب ومحروس
الصياد وغيرهم وكانت هذه المجموعة تتميز بغزارة الإنتاج ورصانته وتلقائيته منهم الدءوب
الباحث عن المعرفة دوما في فنون الشعر وكتابته مثل محروس الصياد وعبد القادر السالوس
وكنا في حفلاتنا الثقافية دوما نعتز بتقديم شعراء تلك المجموعة من المبدعين الذين ارتبطوا
بقصر الثقافة ارتباطا وثيقا مشاركين بفعالية في كل مناسباته الأدبية والفنية من ندوات
ومؤتمرات وعروض مسرحية وغنائية وكان محروس الصياد الأويمجي ( كمهنة ) شاعرا متميزا
في الكتابة عن البحر والصيادين فلم يكن مولعا بأسرار مهنته التي احترفها في النقش علي
قطع الأثاث كأغلب أبناء مهنته ولكنه كان مولعا بالكتابة عن البحر وقسوته وعن الصيادين
ومشاق عملهم ومخاطر حرفتهم وقد تميز شعره وفنه بالإبحار في هذا العالم حتي كان من لا
يعرفه ويستمع له يظن أنه من أبناء عزبة البرج ومن طائفة الصيادين بها .
محروس الصياد
إلي جانب كونه شاعرا تمكن من أدوات فنه فقد كان أيضا إنسانا ألوفا محبا للآخرين بشكل
كبير لم نعهد فيه أنه أغضب أحدا أو انخرط في صراع ضمن جماعة ضد أخرى وما أكثر ما وقع
من صراعات في تاريخ الحركة الأدبية في دمياط إلا أن هذه الصراعات والتي كانت في أغلبها
سياسية وليست أدبية لم ترق إلي حد التمزق والانقسام بل زادت الحركة تماسكا وترابطا
فيما بين أعضائها حني وقتنا هذا رغم التباين الفكري والسياسي الشديد فيما بينهم ، وعلي
الرغم من أن حركة أدباء دمياط قد بدأت في أوائل الثمانينات تبحث عن حل لمشكلة النشر
متجاوزة طموحات الأدباء الشبان في ذلك الأوان فاستطعنا أن نقتني لنا في ثقافة دمياط
مطبعة جديدة ( للماستر ) واستطعنا بها أن ننطلق في آفاق الحركة الأدبية في كل ربوع
مصر من خلال تلك المطبوعات النشطة رغم تواضعها فنيا وكان من أوائل ما صدر من المطبوعات
ديوان للراحل محروس الصياد بعنوان ( مسافر يا بحر) عام 1983 حيث كان يحمل ذلك الديوان
رقم 12 في سلسلة إصدارات الرواد ، وقد كان تميز ودأب محروس الصياد دافعا للاستعانة
به في كتابة كثير من أغنيات المسرحيات التي أنتجت في قصر ثقافة دمياط لفرقة دمياط المسرحية
أو لتجارب نادي المسرح بدمياط مع كل من سمير الفيل وطه شطا ومحمد الزكي الذين برعوا
جميعهم في هذا الفن وقد ارتبطوا جميعهم رغم تنافسهم الشديد في التصدي للكتابة في هذا
المجال بروابط وثيقة فيما بينهم وفيما بينهم وبين الحركة الثقافية التي كانت قد بدأت
تنطلق لتشهد طفرة كبيرة في عهد الدكتور أحمد جويلي محافظ دمياط اعتبارا من بدايات عام
1984 وكما تعرفت علي محروس الصياد فجأة بعد عودته من لبنان فقد رحل عنا فجأة أيضا وبلا
مقدمات لأفاجأ برحيله في شهر رمضان قبل الماضي رحمه الله وحشره راضيا مرضيا في زمرة
عباده المرضي عنهم فقد عاش محروس الصياد راضيا قنوعا بحياته غير عابئ بزخارف الحياة
ومغانمها .
محمد عبد المنعم
إبراهيم
دمياط في 12
ديسمبر 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق