السبت، 21 يونيو 2025

اللغة العربيية والتحولات الرقمية

 

اللغة العربيية والتحولات الرقمية

تواجه اللغة العربية تحديات وفرصًا كبيرة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة. بينما أدت الرقمنة إلى انتشار واسع للمحتوى الرقمي، أثرت أيضًا على كيفية استخدام اللغة وتطويرها.بل وأصبحت مهددة في مستقبلها وإن كنا كعرب ومسلمين لا نهتم بذلك كثيرا اعتمادا وتواكلا علي أن الله هو الحافظ قد تكفل بحفظ القرآن الكريم وبالتالي حفظ وحماية لغته .

التحديات:

  • هيمنة اللغات الأجنبية: لا يزال المحتوى العربي على الإنترنت يمثل نسبة صغيرة مقارنة باللغات الأخرى (أقل من 3% وفقًا لتقديرات اليونسكو)، مما يضعف حضور اللغة العربية في الفضاء الرقمي العالمي.
  • انتشار العامية : في ظل سهولة التواصل عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، يزداد استخدام اللهجات العامية بدلاً من اللغة العربية الفصحى، مما قد يؤثر على مكانة الفصحى ووحدتها. وبالتالي تدهور الثقافة العامة لمستخدمي الإنترنت والاعتماد علي العامية في التواصل والبعد عن التمسك بقواعد اللغة من نحو وصرف وإملاء .
  • التأخر في تطوير الأدوات والتقنيات : على الرغم من وجود بعض الجهود إلا أن تطوير أدوات وتقنيات معالجة اللغة العربية (مثل الترجمة الآلية، التعرف على الكلام، والمدققات اللغوية، وبرامج الكتابة المباشرة بتحويل الصوت إلي لغة مكتوبة والعكس ) لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والتطوير ليواكب التطورات العالمية.
  • الفجوة الرقمية اللغوية : هناك فجوة بين قدرة اللغة العربية على مواكبة العصر الرقمي وبين مدى مساهمتها الفعلية، مما يتطلب جهودًا أكبر لتعزيز حضورها الرقمي.
  • التأثير على الهوية الثقافية: قد يؤدي غياب المحتوى العربي الغني والمتنوع إلى إضعاف الارتباط بالهوية الثقافية والتاريخية المرتبطة باللغة.

الفرص:

  • إثراء المحتوى الرقمي العربي : تتيح التحولات الرقمية فرصًا هائلة لإنتاج ونشر محتوى عربي غني ومتنوع في مختلف المجالات، مما يسهم في تعزيز حضور اللغة العربية وزيادة استخدامها.
  • تطوير أدوات وتقنيات اللغة : يمكن للتكنولوجيا أن تساهم في تطوير تطبيقات وأدوات ذكية لدعم اللغة العربية، مثل برامج تصحيح الأخطاء النحوية والإملائية، وأدوات الترجمة الآلية المحسّنة، وتطبيقات تعلم اللغة التفاعلية.
  • التعليم الإلكتروني: أحدثت رقمنة مصادر التعلم العربية تحولات كبيرة في طرق وصول الطلاب والمتعلمين إلى اللغة العربية وفهمها، مما يجعل التعلم أكثر جاذبية وتنوعًا.
  • تعزيز التواصل العالمي: توفر التكنولوجيا فرصًا للتواصل والتفاعل بين الناطقين بالعربية في جميع أنحاء العالم ، وتبادل المعرفة والثقافة العربية.
  • حفظ التراث اللغوي : يمكن استخدام الرقمنة كوسيلة فعالة لحفظ المصادر المعلوماتية النادرة والقيمة باللغة العربية، وجعلها متاحة بسهولة للباحثين والدارسين والمستفيدين.
  • الذكاء الاصطناعي: يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا واعدة لتطبيقاته باللغة العربية، مثل تطوير أنظمة تعليم إلكتروني متقدمة ، وتحسين البحث العلمي وتطوير أدواته ، ودعم الترجمة عالية الجودة.

جهود مقترحة لتعزيز اللغة العربية في العصر الرقمي:

  • دعم المشاريع الرقمية العربية : بتشجيع ودعم المشاريع التي تهدف إلى رقمنة المحتوى العربي، وتطوير قواعد بيانات معجمية ، وكذلك إنشاء منصات للمحتوى العربي الأصيل.
  • تطوير معالجة اللغة الطبيعية العربية : الاستثمار في البحث والتطوير في مجال معالجة اللغة الطبيعية  للغة العربية ، لتحسين أداء التقنيات الرقمية.
  • تعزيز التعليم الرقمي للغة العربية مع دمج التقنيات الحديثة في تعليم اللغة العربية، وتوفير مصادر تعليمية رقمية مبتكرة وتفاعلية.
  • التشجيع على استخدام الفصحى في المحتوى الرقمي  والتوعية بأهمية استخدام اللغة العربية الفصحى في المحتوى الرقمي والحث علي الالتزام بذلك دائما ودعم مبادرات لإنشاء محتوى عالي الجودة بالفصحى.
  • التعاون الدولي فإن تعزيز التعاون بين المؤسسات والأفراد على المستوى العربي والدولي يعمل علي تبادل الخبرات وتطوير الحلول التقنية للغة العربية.

بشكل عام، تعتبر التحولات الرقمية سلاحًا ذا حدين للغة العربية. فمع التحديات التي تفرضها تفتح أيضًا آفاقًا واسعة لتعزيز مكانتها وتطورها إذا تم استغلال هذه الفرص بفاعلية ودعم . 

تحدديات اللهجات المحلية ولغة الفيس بوك في مواجهة أصالة اللغة العربية والرقمنة :

تُشكل اللهجات المحلية ولغة "الفيسبوك" (أو لغة وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام) تحديات كبيرة لأصالة اللغة العربية الفصحى في عصر الرقمنة، ولكنها في الوقت نفسه قد تحمل بعض الفرص.

التحديات التي تفرضها اللهجات المحلية ولغة الفيسبوك:

  • من أخطرها هو الابتعاد عن الفصحى وتآكل القواعد النحوية حيث يميل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الشباب إلى استخدام اللهجات العامية والاختصارات والرموز والأرقام بدلاً من بعض الحروف العربية (مثل "3" بدلاً من "ع"، "7  " بدلاً من "ح")، بالإضافة إلى دمج كلمات أجنبيةمع مفردات عربية  (فرانكو آراب). هذا يؤدي إلى إهمال قواعد اللغة العربية الفصحى والنحو والإملاء، مما قد يضعف الرصيد اللغوي لدى الأجيال الجديدة ويؤثر على جودة اللغة.
  • خلق لغة هجينة ومغلقة: ينشأ عن هذا الاستخدام لغة هجينة قد تكون صعبة الفهم على غير المتحدثين بها، وتخلق دوائر لغوية مغلقة بين مستخدمي هذه الأنماط، مما يهدد وحدة اللغة العربية وتواصلها.
  • انتشار الأخطاء اللغوية نتيجة لاستسهال الكتابة والنشر على الإنترنت فتقوم بالتالي في المساهمة  في انتشار الأخطاء الإملائية والنحوية، مما يؤثر على فهم اللغة بشكل صحيح وعلى جودة المحتوى العربي.
  • ضعف المحتوى الفصيح  فعلى الرغم من وجود بعض المبادرات، إلا أن المحتوى العربي الفصيح على وسائل التواصل الاجتماعي لا يزال محدودًا مقارنة بالمحتوى العامي أو الأجنبي، مما يقلل من تعرض المستخدمين للغة الفصحى.
  • صعوبة في التعلم فإن التعود على استعمال اللهجة العامية يؤدي حتما إلى إهمال الطلاب للغة العربية الفصحى، وقد يتجنبون استخدامها لتجنب الوقوع في الأخطاء اللغوية.

الفرص المحتملة:

  • زيادة استخدام اللغة العربية بشكل عام على الرغم من التحديات، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من حجم المحتوى المكتوب باللغة العربية (بلهجاتها المختلفة)، مما قد يساهم في زيادة الوعي باللغة وانتشارها.
  • منصات للتفاعل اللغوي قد يمكن استغلال هذه المنصات لتعزيز استخدام اللغة العربية الفصحى من خلال إنشاء صفحات ومجموعات تهتم بنشر المحتوى الفصيح، وتشجيع النقاشات اللغوية، وتصحيح الأخطاء الشائعة.
  • تطوير أدوات ذكية  : يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية أن تلعب دورًا في تصحيح الأخطاء اللغوية، وتحويل العامية إلى فصحى، وتوفير أدوات تعليمية تفاعلية تساعد على تحسين مهارات اللغة العربية الفصحى.
  • الوصول إلى شرائح أوسع: يمكن للمختصين والمهتمين باللغة العربية الوصول إلى شرائح واسعة من الجمهور عبر هذه المنصات لنشر الوعي بأهمية الفصحى وجمالها.

للحفاظ على أصالة اللغة العربية في ظل هذه التحولات، يتطلب الأمر:

  • التوعية بأهمية اللغة العربية الفصحى  وزيادة الوعي بأهمية الفصحى كلغة موحدة للتواصل والعلم والثقافة بين سائرالشعوب العربية المختلفة اللهجات حيث تصبح الفصحي هي اللغة الوحيدة القادرة علي تبادل التفاهم والمعرفة بينها جميعا في حين يستعصي علي اللهجات العامية أن تقوم بذلك.
  • دعم المحتوى الفصيح : تشجيع إنتاج المحتوى الرقمي عالي الجودة باللغة العربية الفصحى في مختلف المجالات.
  • تطوير التقنيات اللغوية : الاستثمار في تطوير أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تدعم اللغة العربية الفصحى وتساعد على تصحيح الأخطاء اللغوية.
  • التعليم المبكر: حيث يتم التركيز على التأسيس اللغوي الصحيح للأجيال الجديدة منذ الصغر لتعزيز استخدامهم للغة الفصحى.
  • التعاون بين المؤسسات: تضافر جهود المؤسسات التعليمية واللغوية والإعلامية والتقنية لدعم اللغة العربية في الفضاء الرقمي.

 محاولات علمية تمت ومشروعات لتطوير الأداء الرقمي باستخدام اللغة العربية الفصحي

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا في الجهود العلمية والمشاريع التقنية الهادفة إلى تطوير الأداء الرقمي باستخدام اللغة العربية الفصحى، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية  لتعزيز حضورها وتمكينها في الفضاء الرقمي. ويمكن تقسيم هذه المحاولات إلى عدة محاور رئيسية:

1. بناء المدونات والموارد اللغوية:

مشروع الذخيرة العربية: يُعد هذا المشروع ، الذي أشرف على تأسيسه الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الحاج صالح (1927 - 2017)، هو عالم لغوي جزائري مُلقب بـ"أبو اللسانيات والرائد في اللغة العربية"، اهتدى إلى مشروع الذخيرة اللغوية العربية وهو عبارة عن  مدونة ضخمة تشمل كل ما دُوِّن باللغة العربية في شتى المجالات (قديماً وحديثاً). هذه المدونات الضخمة هي أساس تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتطوير الأدوات اللغوية.

رقمنة المعاجم والتراث : توجد مشاريع لرقمنة المعاجم العربية وإنشاء قواعد بيانات معجمية سهلة التداول، مثل جهود اللجنة الاقتصادية لمنطقة غرب آسيا (الإسكوا) بالتعاون مع مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

المكتبات الرقمية العربية ومشاريع رقمنة المخطوطات : حيث تُعنى هذه المشاريع برقمنة النصوص العربية القديمة والمخطوطات الإسلامية والتراثية لجعلها متاحة للجمهور عبر الإنترنت، باستخدام تقنيات التعرف الضوئي على الحروف (OCR) ) لتحويل النصوص المكتوبة بخط اليد إلى صيغة رقمية قابلة للبحث والتحليل. مثال على ذلك "مكتبة الفرقان الرقمية" ومشروع "المخطوطات العربية في غينيا".

2. تطوير أدوات معالجة اللغة الطبيعية (NLP)  ) للغة العربية الفصحى:

المدققات اللغوية والنحوية والإملائية:

"صححلي" Sahehly):  ) وهي منصة عربية شاملة تقدم خدمات التدقيق الإملائي والنحوي، وتحسين الصياغة، وضبط علامات الترقيم ، والتشكيل الكامل والتلقائي للنصوص العربية الفصحى. تستهدف هذه الأداة مساعدة الكتاب والطلاب والمحررين على إنتاج نصوص عربية عالية الجودة وخالية من الأخطاء.

"قلم" Qalam): ) مدقق لغوي ومساعد كتابة ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويقدم خدمات التدقيق الإملائي والنحوي، واقتراح بدائل للمصطلحات، وإعادة صياغة الجمل.

"القواعد" Zap): ) تطبيق مجاني يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتدقيق الإملاء والقواعد النحوية وتحسين بنية الجملة.

هناك أيضًا جهود لتطوير مدققات إملائية مفتوحة المصدر لمعالجة الكلمات الخاطئة وتقديم اقتراحات بديلة.

التشكيل الآلي للنصوص : تعد هذه من أهم التحديات التي تواجه اللغة العربية، وقد تم إحراز تقدم كبير في هذا المجال باستخدام الذكاء الاصطناعي لـ "تشكيل النصوص العربية بشكل تلقائي"، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد على الكتاب والمحققين .

أنظمة الترجمة الآلية: على الرغم من أن الترجمة الآلية من وإلى العربية لا تزال قيد التطوير لتحقيق الدقة الكاملة، إلا أن هناك جهودًا مستمرة لتحسينها باستخدام نماذج تعلم الآلة المتقدمة لترجمة النصوص بشكل أكثر سلاسة ودقة.

التعرف على الكلام  Speech-to-Text)  وتحويل النص إلى كلام (Text-to-Speech):

نظام "صوتك" من "سدايا": يعتمد هذا النظام على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحويل الكلام إلى نصوص باللغة العربية الفصحى، ويدعم أيضًا اللهجات المحلية، مما يسهم في إثراء المحتوى العربي الرقمي.

توجد تطبيقات أخرى ومشاريع بحثية تعمل على تحويل النص العربي إلى صوت بشري طبيعي، والعكس، لتسهيل الوصول إلى المحتوى.

تحليل المشاعر واستخلاص المعلومات: تستخدم تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لتحليل النصوص العربية واستخلاص المشاعر منها (إيجابية، سلبية، محايدة)، وتحديد الكيانات المسماة (أشخاص، أماكن، منظمات)، وهو ما يفيد في تحليل بيانات العملاء، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، والبحث العلمي.

3. نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية للغة العربية  Large Language Models - LLMs):)

نموذج "جيس" Jais):  ) تم تطويره من قبل معهد قطر لبحوث الحوسبة في جامعة حمد بن خليفة، وهو نموذج ذكاء اصطناعي توليدي عربي مفتوح المصدر يعد إنجازًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي للغة العربية.

نموذج "ن" Noon)  ) من "نسيج": أطلقت شركة نسيج نموذجها اللغوي العربي "ن" كنموذج مفتوح المصدر، ويهدف إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في فهم وتوليد اللغة العربية.

"علّام" Allam)  ) من "سدايا": تطبيق دردشة توليدي يمكنه فهم اللغة العربية وإجراء محادثات مع المستخدمين.

منصة Araby.ai:   منصة تقدم أدوات ذكاء اصطناعي مخصصة للغة العربية، بما في ذلك توليد النصوص والصور.

4. المبادرات الحكومية والمؤسسية:

الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا): تبنت "سدايا" العديد من الحلول والابتكارات لدعم اللغة العربية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، من خلال إطلاق "مركز تميز الذكاء الاصطناعي لتقنيات اللغة العربية" الذي يهدف إلى تطوير هذه التقنيات بمعايير عالمية.

المعجم العربي للذكاء الاصطناعي (مكتب الذكاء الاصطناعي، الإمارات): تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية في قطاعات الذكاء الاصطناعي، وتوضيح المصطلحات التقنية، وتقليل الأخطاء اللغوية.

المجامع اللغوية : تستمر مجامع اللغة العربية في مختلف الدول في جهودها لتوحيد المصطلحات، ووضع القواعد، وتكييف اللغة مع المستجدات العلمية والتقنية.

تُظهر هذه الجهود أن هناك وعيًا متزايدًا بأهمية اللغة العربية الفصحى في العصر الرقمي، وأن الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية أصبح أولوية لتمكين اللغة العربية من مواكبة التطورات العالمية وتعزيز حضورها الرقمي.

حروب الجيل الخامس - باستخدام الكذب في الإعلام والسوشيال ميديا عن طريق الذكاء الاصطناعي

 

حروب الجيل الخامس

باستخدام الكذب في الإعلام والسوشيال ميديا عن طريق الذكاء الاصطناعي

حروب الجيل الخامس هي شكل من أشكال الصراعات التي تعتمد بشكل كبير على التأثير على الإدراك البشري والتلاعب بالمعلومات، بدلاً من الاعتماد الكلي على القوة العسكرية التقليدية. في هذا النوع من الحروب، تصبح وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ساحة معركة رئيسية، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي  Ai  لتعزيز فعالية حملات التضليل والخداع.

وهنا يتبلور دور الكذب والتضليل في حروب الجيل الخامس

تعتبر المعلومات سلاحًا قويًا في حروب الجيل الخامس، حيث يتم استهداف العقل البشري والمشاعر بدلاً من الأهداف المادية. فيتم استخدام الكذب والتضليل الإعلامي لعدة أغراض :

  • تشويه الحقائق وتغيير الروايات فيتم خلق قصص كاذبة أو تضخيم أحداث معينة لتشويه سمعة طرف ما أو لتغيير الرأي العام حول قضية معينة.
  • بث الشقاق والانقسام تستهدف هذه الحملات إثارة الانقسام بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين الدول من خلال نشر معلومات مضللة تزيد من التوترات العرقية والدينية، أو الأيديولوجية.
  • التأثير على الانتخابات والقرارات السياسية يمكن استخدام التضليل الإعلامي للعبث بالعمليات الديمقراطية والتأثير على نتائج الانتخابات أو دفع الحكومات لاتخاذ قرارات معينة.
  • زعزعة الثقة في المؤسسات فيتم استهداف وسائل الإعلام التقليدية والمؤسسات الحكومية، والخبراء، لنزع الثقة في مصداقيتها وجعل الجمهور أكثر عرضة للمعلومات المضللة.
  • الحرب النفسية تهدف هذه الحملات إلى إضعاف الروح المعنوية للخصم أو بث الخوف واليأس في صفوفه فينهزم ذاتيا قبل بدء المعركة الفعلية .

استخدام الذكاء الاصطناعي في التضليل الإعلامي

لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في قدرة أطراف الصراع على شن حملات تضليل إعلامي واسعة النطاق ومعقدة ومن أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق:

  • الصور ومقاطع الفيديو المزيفة (Deep fakes ) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء صور ومقاطع فيديو واقعية جدًا لأشخاص يقولون أو يفعلون أشياء لم تحدث في الواقع وهذا يجعل من الصعب جدًا التمييز بين الحقيقة والخيال.
  • الروبوتات والحسابات المزيفة Bots and Fake Accounts) ) حيث تستخدم الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لإنشاء وتضخيم الروايات المضللة على منصات التواصل الاجتماعي ويمكن لهذه الروبوتات أن تتفاعل مع المستخدمين وتنشر المحتوى بشكل مكثف وتخلق انطباعًا زائفًا عن وجود دعم شعبي واسع لآراء معينة.
  • الاستهداف الدقيق  حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد اهتمامات وسلوكيات الأفراد. هذا يسمح للمهاجمين بتكييف رسائل التضليل لتناسب كل فرد أو مجموعة مما يزيد من فعاليتها.
  • توليد المحتوى حيث يمكن للذكاء الاصطناعي توليد نصوص ومقالات إخبارية تبدو حقيقية تمامًا، ولكنها تحتوي على معلومات كاذبة أو مضللة.
  • غرف الصدى  يساهم الذكاء الاصطناعي في إنشاء "غرف الصدى" على الإنترنت، حيث يتعرض المستخدمون فقط للمعلومات التي تتوافق مع معتقداتهم الموجودة مسبقًا، مما يعزز هذه المعتقدات ويجعلهم أقل عرضة لتقبل الحقائق المخالفة.

وهناك كثير من الأمثلة والتحديات

شهدنا بالفعل أمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في حملات التضليل على سبيل المثال:

  • هناك تقارير عن حملات تضليل تستخدم صورًا وفيديوهات مولدة بالذكاء الاصطناعي لادعاء انتصارات عسكرية أو لنشر أخبار كاذبة عن أحداث سياسية مهمة أو صناعة فيديوهات مزورة عن هزائم ودمار واسع في جانب وانتصار وزهو في الجانب الآخر .
  • بعض الجهات تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل المحتوى الإعلامي للخصوم، ثم تقدم "حقائق مجتزأة" أو مغلوطة لخدمة أجندتها الخاصة.
  • حملات تستخدم حسابات مزيفة تدار بالذكاء الاصطناعي لنشر رسائل معادية لمجموعات معينة أو لتشويه سمعة قادة سياسيين.

تتمثل التحديات الكبرى في مواجهة حروب الجيل الخامس المدعومة بالذكاء الاصطناعي في صعوبة الكشف عن التضليل وتحديد مصدره والتعامل مع انتشاره السريع عبر الشبكات الرقمية. يتطلب ذلك تعزيز الوعي الرقمي لدى الجمهور، وتطوير أدوات للكشف عن المحتوى المزيف، وتوحيد الجهود بين الحكومات والشركات التكنولوجية لمكافحة هذه الظاهرة وهنا يبرز دور الجامعات ومراكز البحث خاصة المتصلة بعلوم الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري لسرعة مواكبة هذا اللون الجديد والمستحدث من الإعلام الكاذب والمضلل والمدعوم علميا وتقنيا بوسائل الذكاء الاصطناعي الحديثة النشأة .

 

الأربعاء، 11 يونيو 2025

هوامش متضادة حول الثقافة في مصر

 

هوامش متضادة حول الثقافة في مصر

·        وزير الثقافة فنان تشكيلي وأكاديمي ... هللنا وفرحنا يوم تعيينه . ورغم ذلك تنتكس الثقافة في عهده مع كل يوم بعد توليه أمر الثقافة نسمع ونري أخبارا محبطة عن إغلاق مزيد من المواقع الثقافية . وهو ما لم يحدث في عهود كل من سبقوه سواء كانوا فنانين أو إداريين .

·        إما لأن مبانيها تحتاج إلي ترميم أو لأن طواقم العمل بها قد انقرضت بفعل احالة الكثيرين إلي التقاعد أو الوفاة أو السفر والهجرة رضوخا لما قرره صندوق النقد الدولي من عدم تعيين عمالة جديدة بزعم أن الهيكل الوظيفي للدولة يعاني من التخمة والبطالة المقنعة .

·        في التربية والتعليم استعاضوا عن عجز المعلمين بالتعاقد مع الخريجين للعمل بالحصة وهو حل إصلاحي وليس علاجا جذريا ولكنه أسعف التعليم من الانهيار كليا . فلماذا لم تلجأ وزارة الثقافة لهذا الحل مؤقتا ؟

·        الوزير الفنان عين لواء من جهاز الرقابة رئيسا لقصور الثقافة وأبقي علي الزميل محمد ناصف نائبا له وللأسف يتحمل ناصف كل أوزار الاخطاء الإدارية وقرارات الغلق التي أنكروها رغم وجود مكاتبات لدي الفروع والأقاليم بغلق بعض المواقع توفيرا للإيجار .

الشاعر الوطني الكبير فاروق جويدة كعادته دائما تصدي للمشكلة وناقشها في جريدة الأهرام فكتب يقول :

 قصور الثقافة والمستقبل الغامض الأحد 12 من ذي الحجة 1446 هــ 8 يونيو 2025 السنة 149 العدد 50588 فاروق جويدة  ( هناك حكايات كثيرة تُروى الآن حول مستقبل قصور الثقافة التى تنتشر فى كل محافظات مصر، وكانت فى يوم من الأيام مراكز إبداع ووعى وثقافة، وفيها تخرج عدد من كبار الفنانين المصريين. بعض هذه القصور أُقيم فى قصور تاريخية، ويبلغ عدد القصور فى مصر نحو 500 قصر، وبعضها أُقيم فى أربعينيات القرن الماضي. وهناك 14 قصرًا مغلقة وتخضع لعمليات ترميم وتجديد. وهناك كلام كثير يدور الآن حول مستقبل قصور الثقافة: هل ستُعرض للبيع؟ أم يتغير نشاطها؟ أم تُجدد؟ ولم تُحسم حتى الآن قضية هذا العدد من القصور. ومنذ شهور كنت قد كتبت عن قصر ثقافة العقاد فى أسوان، وهو فى موقع فريد، وهناك اتجاه لبيعه وتحويله إلى فندق، ومازال المشروع محل دراسة. منذ أيام زار وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو قصر ثقافة الأقصر، واكتشف أن هناك عمليات تنقيب عن الآثار فى قلب القصر، وأُحيل المسئولون إلى النيابة. كانت قصور الثقافة فى مصر مراكز فنية تجمع المواهب، وتُقيم المعارض، وتُقدِّم المسرحيات، وقد قدمت للفن المصرى مواهب كثيرة. والمطلوب الآن الإبقاء على هذه القصور، وترشيدها، وتجديد نشاطها، لأنها مشروعات لا تُعوّض، وليس من المنطقى التفكير فى بيعها أو تأجيرها أو تغيير نشاطها، لأن ثقافة مصر أهم من الأموال التى يمكن جمعها من بيع هذه القصور. ينبغى ألا نفرط بسهولة فى مراكز الوعى والإبداع التى بقيت بين أيدينا، لأنها آخر ما بقى لنا من الفن الجميل.. كانت قصور الثقافة فى يوم من الايام تضىء محافظات مصر فنا وحضورا وإبداعا ليتها تعود كما كانت.

وقد أرسل لي الأخ الحبيب المستشار محمد الشيحة نص المقال السابق وأردف معقبا بقوله :

أستاذى الجليل قد تكون قرأت المقال للكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة ولكننى رأيت سعادتكم بين سطوره الباكية على زمن كنت أحد رموزه الكبار ويشهد لسعادتكم القاصى والدانى بذلك بارك الله فى عمرك وجزاكم خيرا على ماقدمت لوطنك من خير

فعقبت سريعا بالرد التالي وأعترف أنه استسلام العاجز عن الفعل الإيجابي حتي ولو كان بأضعف الإيمان فقلت :

 

معالي المستشار من كثرة ما يحيط بنا من هموم قتل الحزن الدفين فينا كل شعور جميل ووأد كل ذكري حلوة كنا نجترها بالحنين إليها فقد تحول كل ذلك إلي كابوس ثقيل طويل لا فكاك منه فكيف السبيل ولم يتبق شعاع أمل واحد

 

ولكنه بكل ما عرف عنه من دماثة  الخلق قال :

أوجعتني كلمات معاليكم وسنظل متشبثين بالأمل وأسأل الله عز وجل أن يطيل فى عمركم لتكحل عينيك بشعاع أمل تنقشع به الظلمة

ولأن حكومة الدكتور مصطفي مدبولي والتي لم توفق حتي الآن في التعامل مع ملف واحد من ملفات القضايا الوطنية اقتصادية كانت أو ثقافية أو اجتماعية أو حتي رياضية برغم أن تلك الحكومة ملزمة دستوريا بتنفيذ ما جاء ببرنامج الرئيس عبد الفتاح السيسي الانتخابي فيما يتعلق بالثقافة باعتبارها القوة الناعمة التي تحافظ علي هوية المجتمع إلا أن الحكومة كما هو واضح لم تعط أي أولوية للثقافة علي أجندتها بل إن هذه الأجندة قد خلت تماما من أي خطة طويلة أو قصيرة الأمد لعلاج مشاكل الثقافة في هيئة قصور الثقافة التي تستفحل يوما بعد يوما حتي كاد الأمر بعد تعقده أن  يبلغ حد المستحيل ويبقي أن يعلن الأطباء أنها ( hopeless case)

 

 

 

الثلاثاء، 10 يونيو 2025

تأثير الكتابة بالعامية في السرد القصصي الحديث

 

تأثير الكتابة بالعامية في السرد القصصي الحديث

الكتابة حرفة تعتمد علي الامتلاك الجيد لأدوات الكتابة ومنها اللغة ؛

ولأن اللغة العربية لغة صعبة ودروبها ليست في متناول من لم يتعلم فنونها فقد لجأ بعض الكتاب المحدثين إلي أقحام العامية في كتاباتهم سواء كانت شعرا أم نثرا وهو ما رفضه ثقاة الكتابة في فنون الأدب المختلفة عندما وجدوا بعضا ممن لا يجيدون كتابة جملة عربية واحدة وكاملة بشكل صحيح ورغم ذلك نزلوا سوق الأدب ككتاب شعر أو قص أورواية حتي ولو استعانوا ببعض معارفهم ممن يجيدون التعامل مع اللغة في مراجعة وتصحيح ما يكتبون .

وولن العربي وووتتجه الكتابة السردية الحديثة خاصة في الرواية والقصة القصيرة تتجه بشكل متزايد نحو توظيف العامية أو اللهجات المحلية. هذا التوجه له تأثيرات كبيرة ومتنوعة على السرد القصصي بشكل إيجابي في نظر البعض ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

إضفاء الواقعية والمصداقية

  • تقريب الشخصيات من الواقع  باستخدام العامية في الحوارات وحتى في بعض أجزاء السرد يجعل الشخصيات تبدو أكثر واقعية وحياة. القارئ يشعر وكأن هذه الشخصيات تتحدث بلغته اليومية مما يزيد من تعاطفه وتفاعله معها.
  • عكس البيئة والمجتمع حيث تمنح العامية النص عمقًا ثقافيًا واجتماعيًا فريدًا. فهي تعكس تفاصيل دقيقة للبيئة التي تدور فيها الأحداث وتظهر جوانب من الحياة اليومية والعادات والتقاليد التي قد يصعب التعبير عنها بالفصحى بنفس القدر من الأصالة.
  • الوصول إلى شريحة أوسع من القراء فبما أن العامية هي اللغة التي يتحدثها غالبية الناس في حياتهم اليومية فإن استخدامها يزيل حاجز اللغة بين النص والقارئ مما يجعل العمل الأدبي أكثر سهولة في الفهم والوصول لشريحة أكبر من الجمهور.

تعزيز التعبير والعفوية

  • مرونة التعبير حيث تتيح العامية للكاتب مرونة أكبر في التعبير عن المشاعر والأفكار بطريقة عفوية وتلقائية بعيدًا عن قيود وقواعد الفصحى الصارمة أحيانًا. هذا يساعد على خلق نبرة أكثر حميمية وتأثيرًا.
  • القدرة على التعبير عن الفكاهة تمنح العامية الكاتب أدوات جديدة للفكاهة والسخرية، حيث يمكنه استخدام تعبيرات وعبارات شعبية تضيف بعدًا كوميديًا أو ساخرًا للنص.
  • نقل التفاصيل الدقيقة حيث تساعد العامية على إدراج التفاصيل الصغيرة في حياة الشخصيات بطريقة بسيطة ومباشرة مما يضيف عمقًا للوصف ويجعل القارئ يشعر بأنه يعيش التجربة.

التحديات المحتملة

على الرغم من المزايا، فهناك علي الجانب الآخربعض السلبيات والتحديات التي قد تنشأ عن استخدام العامية:

  • محدودية الانتشار فقد يواجه العمل المكتوب بالعامية صعوبة في الوصول إلى جمهور أوسع خارج النطاق الجغرافي للهجة المستخدمة مما يقلل من انتشاره وتأثيره على المستوى العربي الأوسع.
  • تحدي الفهم فقد يجد القارئ من منطقة جغرافية أخرى صعوبة في فهم بعض التعابير أو الكلمات العامية الخاصة بلهجة معينة، مما قد يؤثر على استيعابه للنص.
  • الخوف من ضعف اللغة فيرى بعض النقاد أن الإفراط في استخدام العامية قد يؤدي إلى إضعاف اللغة العربية الفصحى وتهميشها، خاصة في السياقات الأدبية الجادة.

التوازن بين الفصحى والعامية

العديد من الكتاب المعاصرين يختارون المزج بين الفصحى والعامية بطريقة ذكية. فغالبًا ما يستخدمون الفصحى في السرد والوصف، والعامية في الحوارات لإضفاء الواقعية والمصداقية على شخصياتهم. هذا التوازن يسمح للعمل الأدبي بالاستفادة من قوة وجمال الفصحى مع الحفاظ على حيوية وعفوية العامية.

الآثار السلبية للكتابة بالعامية في فنون الأدب المختلفة وخاصة المتصلة بالسرد :

مع أن استخدام العامية في السرد القصصي الحديث له جاذبيته في بعض الجوانب إلا أن له آثارًا سلبية واضحة خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالعمق الأدبي والانتشار والحفاظ على اللغة العربية الفصحى.  وأبرز هذه الآثار:

تحديات الانتشار والتلقي

  • محدودية الجمهور تكمن أكبر سلبية في أن العامية لهجة محلية أو إقليمية. فاستخدام لهجة معينة (مثل العامية المصرية، الشامية، الخليجية، أو المغربية) يحد من قدرة العمل الأدبي على الانتشار خارج نطرافها الجغرافية. القارئ من بلد آخر قد يجد صعوبة كبيرة في فهم بعض الكلمات أو التعبيرات مما يجعله ينفر من النص. هذا يؤثر سلبًا على عالمية النص الأدبي ويقلل من فرصه في الوصول إلى جمهور عربي أوسع.
  • الحاجة إلى الشروحات فتجاوز مشكلة الفهم، قد يضطر الكاتب أو الناشر إلى إضافة هوامش أو شروحات للكلمات العامية، مما يقطع تدفق القراءة ويثقل النص، ويفقد العمل الأدبي جزءًا من تلقائيته وسلاسته.
  • التأثير المخل على الترجمة عند ترجمة الأعمال المكتوبة بالعامية إلى لغات أجنبية تكون أكثر تعقيدًا. فالمترجم قد يجد صعوبة في نقل الفروق الدقيقة والمحملات الثقافية للعامية مما قد يؤدي إلى فقدان جزء كبير من جمالية النص الأصلي وقوته.

تأثيرها على جودة النص الأدبي واللغة الفصحى

  • فقدان الثراء اللغوي والبلاغي  اللغة العربية الفصحى تتميز بثراء مفرداتها، ودقة تعابيرها وقدرتها على التعبير عن المعاني العميقة والمجردة. العامية، بطبيعتها، تفتقر إلى هذا الثراء، مما قد يحد من قدرة الكاتب على التعبير عن أفكار معقدة أو مشاعر مركبة بنفس القدر من العمق والدقة. كما أنها لا تملك نفس المرونة البلاغية والجمالية للفصحى، التي تسمح بتنوع الأساليب والتراكيب اللغوية.
  • ضعف التماسك اللغوي حيث تفتقر العامية إلى قواعد نحوية وصرفية موحدة وثابتة كالتي تتمتع بها الفصحى. هذا الافتقار قد يؤدي إلى ضعف التماسك اللغوي في النص، ويجعل العمل أقل انضباطًا وقوة.
  • تهديد اللغة العربية الفصحى حيث يرى كثيرون من المدافعين عن اللغة العربية أن الإفراط في استخدام العامية في الأدب يمثل تهديدًا لمستقبل الفصحى خاصة وهي لغة القرآن الكريم . فإذا اعتاد القراء والكتّاب على العامية في الأعمال الأدبية، قد يقل اهتمامهم بالفصحى، مما يؤثر على تعليمها وتعلمها واستخدامها في مجالات الحياة المختلفة. هذا قد يؤدي إلى ضعف الأجيال الجديدة في لغتها الأم.
  • "الابتذال" و"السطحية": قد يرى بعض النقاد أن استخدام العامية في السرد يؤدي إلى "ابتذال" النص و"سطحيته"، حيث قد تفقد القيمة الفنية والأدبية التي يمكن أن يضيفها استخدام اللغة الفصحى. الحوارات العامية قد تخدم الواقعية، لكن السرد بالعامية قد يُفقد العمل عمقه الأدبي وجديته.

نقص المرجعية والتأصيل

  • عدم وجود مرجعية موحدة على عكس الفصحى التي لها معاجم وقواعد نحوية وصرفية راسخة، تفتقر العاميات إلى مرجعية موحدة. هذا يجعل الكتابة بها عرضة للاجتهادات الشخصية، وقد يؤدي إلى اختلاف في الهجاء والقواعد بين كاتب وآخر، مما يزيد من صعوبة القراءة والفهم.
  • فقدان الربط بالتراث لأن اللغة الفصحى هي لغة التراث العربي والإسلامي الضخم. الكتابة بالعامية تفصل العمل الأدبي عن هذا التراث الغني، وتحد من قدرة القارئ على فهمه والتفاعل معه.

باختصار، بينما تمنح العامية واقعية وعفوية، فإن استخدامها المفرط في فنون الأدب، وخاصة السرد، قد يحد من انتشار العمل، ويؤثر على جودته اللغوية والفنية، وقد يساهم في إضعاف مكانة اللغة العربية الفصحى.

 

ملف مجلة ( الثقافة الجديدة ) في ذكري مولد مصطفي الأسمر

 

ملف مجلة ( الثقافة الجديدة ) في ذكري مولد مصطفي الأسمر

أساء للمجلة ولم يضف جديدا

في العدد رقم 418 الصادر في يونيو 2025 تضمنت مجلة الثقافة الجديدة ملفا كبيرا عن الكاتب الدمياطي الراحل مصطفي الأسمر قدمه رئيس التحرير طارق الطاهر وأعده نجل الراحل الكبير أيمن مصطفي الأسمر وشارك بالكتابة فيه كتابا لهم جميعا كل الاحترام والتقدير وهم أيمن الأسمر وإبراهيم حمزة ومحمد سمير عبد السلام ومجدي القشاوي وناصر العزبي وآخرون للأسف منهم من كان صادقا مع نفسه فقرر أنه لم يعاصر مصطفي أو يعرفه عن قرب ومنهم من اعتذر أنه رغم معرفته به لم ينهل أو يتعلم منه بما يكفي؛

المدهش أن أيمن الأسمر النجل الأكبر للكاتب الراحل مصطفي الأسمر كنت بعد تخرجه من الجامعة قد عينته في قصر الثقافة من خلال مسابقة للتوظيف إكراما لوالده وأيضا لكفاءته في العمل علي الحاسب الآلي ثم آثر الانتقال إلي جامعة دمياط ندبا ثم نقل نهائيا إليها ولم أمانع في ذلك وقتها والمثير أيضا أنه حاول أن يقتدي بوالده فحاول الولوج إلي ميدان كتابة القصة لعله يرث مكانة أبيه وهو مالم يحدث فالموهبة قطعا لا تورث .

نأتي إلي الملف وما جاء به من شهادات بداية يستحق الأستاذ طارق الطاهر رئيس تحرير الثقافة الجديدة كل الشكر والتقدير علي فرد هذه المساحة إكراما لذكري مصطفي الأسمر وطارق كان في عصر الثقافة الذهبي أحد الأصدقاء القدامي الذين كنا نحرص علي دوام الاتصال بهم في مختلف الصفحات الأدبية والفنية بالصحف والمجلات وكان مداوما علي حضور كثير من الفعاليات الثقافية والفنية التي أقمناها في دمياط ولكني أعتب عليه هنا مهنيا في طريقة عرضه لهذا الملف فكيف تنشر شهادات لكتاب أفاضل قرروا في متن ما كتبوا أنهم للأسف لم يعاصروا مصطفي الأسمر ولم يتعرفوا عليه عن قرب فما جدوي شهاداتهم إذن ؛

 حفل الملف ببعض الأخطاء البسيطة ولكن وجب التنبيه إليها توثيقا للتاريخ فقد ذكر أيمن فيما كتب نقلا عن والده ( أصدر السيد حافظ بدوي وزير الشئون الاجتماعية قرارا وزاريا بدمجها ( أي جمعية رواد الأدبية) قسرا بجمعية رواد قصور الثقافة ولم تكتف الجمعية الجديدة باستلاب أموال الجمعية المدمجة بل استولوا علي اسمها أيضا ) وهذا الكلام مناف تماما للحقيقة ولما جري فقرار الدمج جاء بناء علي توصية جهات أمنية وسياسية لأمن الدولة والاتحاد الاشتراكي عندما اعتبروا أن جمعية رواد الأدبية قد انحرفت عن مسارها واتخذت منحي سياسي يساري ويومها تم إيقاف بعض أعضائها ورئيسها عن العمل في وظائفهم الأصلية كما وأن جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط كانت فرعا للجمعية المركزية الأم بالقاهرة والتي كانت تحمل اسم رواد قصر وبيوت الثقافة ليس نقلا ولا استلابا كما قال أيمن فيما قال كما وأن الجمعية الجديدة التي أشار إليها وهي جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط لم تسع ولم تكن مرحبة بدمج جمعية رواد الأدبية إطلاقا ولكنها أجبرت علي ذلك ولم تكن الجمعية الأخيرة تمتلك أي أموال ولا منقولات وكل ما آل منها كان عبارة عن سجلات العضوية والاشتراكات ومحاضر الاجتماعات الاسبوعية وقد تم تسليمها يومها للاتحاد الاقليمي للجمعيات برئاسة الحاج علي الحطاب رحمه الله وأنا هنا أقرر بما أعرف كرئيس لمجلس إدارة جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط في ذلك الوقت .

ويهمني هنا أن أنوه إلي أن علاقتي بمصطفي الأسمر بدأت منذ نقلي للعمل بمركز الثقافة والاستعلامات عام 1965 حيث أسند إلي أي مديره في ذلك الوقت أستاذنا سعد الدين عبد الرازق رحمه الله الإشراف علي المحاضرات والندوات ومنها الندوات المكتبية التي كانت تعقد أسبوعيا بالمكتبة للأدباء والمهتمين بالأدب وتوثقت هذه العلاقة مع مرور الأيام فاستضافني مرة في بيته مع الزملاء كامل الدابي ومحمد عبد الخالق وعمنا الحاج حامد سالم في إحدي ليالي رمضان كما وأنني كنت أحيانا أتردد بزيارته في معرضه في حضور بعض الكتاب ومنهم محمد ابو سعده والسيد الغواب ومحمد عبد الخالق وكامل الدابي والدكتور عيد صالح ورغم أنه رفض عدة مرات علي عدم الانضمام بالعضوية لنادي الأدب إلا أنه كان قاسما مشتركا في كل الفعاليات الثقافية وكنا نكلفه مع آخري بأعمال إشرافية في المؤتمرات الأدبية أو المهرجانات وأيضا كنا نكلفه بالعمل مع طواقم تحرير النشرات المطبوعة الصادرة عن القصر في مهرجانات نادي المسرح أو المؤتمرات الأدبية أو في الاحتفال السنوي بالعيد  القومي . وكان يرحب بذلك بل كان من المبادرين إلي المشاركة في هذه المناسبات .

في شهادات بعض الكتاب كتب صلاح عفيفي وهو لم يعاصر مصطفي ولا تعامل معه بالمرة مقررا               ( يستعيد دوره المهم في الحركة الأدبية قائلا رحمة الله تعالي علي أديبنا الكبير الغالي الأديب العربي ورائد الحركة الأدبية الحديثة في دمياط علي مدي عقود ازدهارها .) تشكر يا حاج صلاح ثم عاد وكرر ذلك مرة آخري عندما قال ( وكان رائد الحركة الأدبية في دمياط وكبير روادها منبع ينهل ويستفيد منه من عاصره من قرأ أو سمع عن أعماله ممن جاءوا بعده ) وهو هنا يشير ربما إلي نفسه فهو لم يعاصره وبالتالي لم ينهل من منبعه أو يستفيد منه فكيف له أن يقرر ما سبق ؟!!

أما الكاتب عزت الخضري فقد كان أكثر صدقا مع النفس عندما قال ( لم يسعدني الحظ بلقاء والتعرف شخصيا علي الأديب الراحل مصطفي الأسمر ولكنه تعرف عليه من خلال قراءة بعض ما كتب ..

ويقرر الكاتب الدسوقي البدحي في شهادته أنه ( لم يجمعني بالأديب القدير مصطفي الأسمر أي محفل ثقافي ولم أشاهده في قصر الثقافة إلا مرة واحدة يوم استضافة عبد الرحمن أبو عوف .فكيف بالله عليكم لمن لم يشاهدوه أو يعاصروه أو يتعرفوا عليه عن قرب أن يكتبوا شهاداتهم عنه ؟

نقطة غير مهمة جاءت في شهادة الكاتب سمير الفيل ( كان مصطفي الأسمر حذرا في تعامله مع الحكومة كونها تتسلط عليه بالقهر والنهب المنظم وفرض الإتاوات ) ويهمني هنا أن أقرر موقفا متناقضا وبشدة لبعض الكتاب ولست هنا أدافع عن الحكومة أو النظام ولكني أقرر في نهاية عمري ما عشته معهم فكثيرون منهم كانوا علي علاقة بالأمن بشكل أو بآخر ومصطفي نفسه كان يتباهي بعلاقة والده الحاج أحمد رحمه الله بالمحافظين وبالرئيس جمال عبد الناصر كيف إذن كما قال سمير يري في حكومات عبد  الناصر القهر والنهب وجباية الإتاوات ؟ بالمناسبة عندما تم دمج جمعية الرواد الأدبية في دمياط وانتهي الأمر بحلها رسميا تم إيفاف رئيسها عبد الرحمن عرنسة رحمه الله عن العمل وكان يعمل موجها عاما للصحافة المدرسية وتم إيقاف سمير الفيل ومحسن يونس وأحمد عجيبة رحمه الله عن العمل أيضا لأسباب أخري بتوجيه من أمن الدولة ,

وأحب أن أذكر الدكتور عيد صالح بأن الأستاذ سعد عبد الرازق عام 1964 كان مديرا لمركز الثقافة والاستعلامات وكانت الجامعة الشعبية قد انتهت قبل تعيينه في هذا المنصب كما وأن الرئييس جمال عبد  الناصر عندما زار دمياط لافتتاح مصنع الغزل والنسيج بها وطلب مقابلة الحاج أحمد الأسمر والد مصطفي بدمياط كان ذلك عام 1960  وليس 1958.

في نهاية المطاف يستحق الملف إجمالا التحية والتقدير علي ما تم به من جهد وأشيد بدور العاملين في الثقافة الجديدة التي شرفت بأنني كنت يوما نائبا لرئيس تحريرها في عصر الدكتور عبد المعطي شعراوي آخر رئيس للثقافة الجماهيرية وبداية عهد الراحل حسين مهران أول رئيس لهيئة قصور الثقافة .