الاثنين، 21 أكتوبر 2019

النقد الفني




النقد الفني باختصار هو التذوق فكل من يتلقى العمل الفني فهو يتذوقه بطريقته في حدود خبراته المعرفية وموهبته وذائقته الخاصة ووظيفة الناقد بعد ذلك هي إيضاح العمل الفني ليفهمه الآخرين. فـدور الناقد في تحديد أسلوبه النقدي هو أنه في هذا المجال يربط بين المدارس والتيارات ويحدد المصادر والأصول ويعين خصائص كل اتجاه ويقارنه بالواقع أو بالقواعد الكلاسيكية وبالفلسفات الشائعة.
وللناقد دور آخر يتلخص في أنه دور تـاريخي فهـو يسـترجع الاتجاهات والطرز ويتحدث عن تأثير الفن من حضارة ما على فن حضارة أخرى.
أمـا الدور الثالث فهو دور إرشادي ليس كون الناقد معلما ولكن في بعض المراحل يكـون للناقد دور في تغذية اتجاه شئ معين وتوجيهه وتشجيعه.
وقد نشأ النقد الفني بمفهومه الحديث في الغرب ليس في أكاديميات الفنون، كما نشأ تاريخ الفن، بل كانت بدايته في الصحافة ووسائل الإعلام، التي كانت تقدم الأعمال الفنية إلى الجمهور.وكانت وسائل الإعلام هذه تستعين بنقاد متخصصين لتفسير تلـك الأعمال ووصفها وتقييمها وعمل المراجعات النظرية الفلسفية لها بأسلوب صحفي يخاطب كل الثقافات المتباينة
وقد عرف الدكتور محمد مندور أب علم النقد الفني في الجامعات المصرية قاطبة وظائف النقد الفني وهي : - الوصف(Describing)   -التفسير(Interpreting)    -التقييم(Evaluating) - التنظير(Theorizing) حول فلسفة العمل الفني، بغرض زيادة فهم وتقدير الفن ودوره في المجتمع.
ومن عجب في مجتمعاتنا المحلية عندما يفلس المبدع في ميدان معين يحاول أن يطرق أبواب ألوان أخري من فنون الأدب وتصور بعضهم أن أسهلها وأكثرها ارتيادا هو باب النقد ليصف نفسه ويصفه الآخرون من أصحاب المصلحة بأنه قد أصبح ناقدا دون أن يكون له خلفية دراسية أو علمية في هذا  المجال ولأن النقد ليس ( فهلوة ) بل هو علم وفن له أصوله وقواعده كما وأن الناقد يجب أن يتمتع بخلفية تاريخية ومعرفية بمدارس  الفن ونظرياته وأشكاله عبر التاريخ ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإن كثيرا من الفهلوية الذين يرون في أنفسهم أنهم نقادا وهم لا يملكون من تلك القواعد شيئا اللهم إلا بعض القراءات من هنا وهناك وثروة محدودة من المصطلحات يوظفها كلما عن له أن ينقد عملا ما تنحصر في بعض الرؤي الفنية والصور الشعرية أو التخيلية ليوهم المتلقي بأنه أمام ناقد متمكن في حين أن ( الفهلوة ) هي الطابع الذي أصاب هذه الحرفة كما أصاب بعض الحرف الأخرى المتصلة بها بشكل أو بآخر كحرفة الصحافة وأصبحت تلك الحرف هي حرفة لمن لا حرفة له .
من هنا أصبح لدينا  ثلاثة أنواع من النقاد :
أ / الناقد الفنان : هو من لدية الموهبة الفنية وينقد العمل بشكل فني من ناحية التكوين ومن ناحية العناصر والأشكال وهو أقرب إلي ما يسمي بالنقد الانطباعي
ب / الناقد الاكاديمي : هو من ينقد العمل تقنياً على أسس أكاديمية من ناحية الادوات والاعدادات المستخدمة في إطار الأسس العلمية والتاريخية للفن محل النقد
ج / الناقد الفنان الاكاديمي : وهو من يتكون فيه جميع الصفات الموجودة بالفنان الموهوب وبالاكاديمي الدارس  ويكون نقده على جميع عناصر العمل الفنية والتقنية.

ولا يحق لكائن من كان أن ينسب لنفسه صفة من هذه الصفات أو أن يصنف نفسه حسب تلك التقسيمات إلا بما يملك من مقوماتها دراسة وعلما وموهبة حتي وإن ملأ جميع صفحات الصحف والمجلات بما يمكن أن يطلق عليه نقدا أو دراسة فالعبرة دائما ليست بحجم ما ينشر ولكن بالقيمة الفنية الراسخة التي تبقي كلما بقي العمل الفني وليس أدل علي ذلك من الدكتور مندور نفسه فقد كان مقلا في طباعة الكتب ولكنه مع قلة ما نشر أكثر قيمة علميا وفنيا من كثير من الأدعياء ممن تبعوه وعاشوا في فتاة مائدته العلمية . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق