الخميس، 18 يونيو 2015

الإعلام بين الواقع والمأمول 2- صناعة الإعلام وصناعه


الإعلام بين الواقع والمأمول
2- صناعة الإعلام وصناعه










قالت الإعلامية الدكتورة درية شرف الدين وزيرة الإعلام السابقة إن الإعلام لا يصنع الأحداث بل يقوم بنقلها، مشيرة إلي أن مصر تمر بفترة حرجة تتطلب من الإعلامي أن يعمل بلا أذن وبلا عيون حتى لا يوصف بالمضلل. جاء ذلك خلال مؤتمر "المنظور القيمى لأخلاقيات الواقع الإعلامي بين الواقع و المأمول" الذي نظمته جامعة فاروس بالإسكندرية وهو قول مرسل علي عواهنه لا يتصف بالعلمية فقد ثبت يقينا أن الإعلام في عصرنا الراهن يصنع الأحداث بشكل مباشر ويتدخل في توجيه الأحداث للوجهة التي يرمي إليها أصحاب الرسالة الإعلامية الموجهة؛
وفي دراسة أجرتها ( ميكروسوفت ) تقول : ( إن العالم سيشهد طباعة آخر صحيفة ورقية في عام 2018 على الأقل ، لذا فإنه ليس من المبالغة أن نتحدث عن إمكانية حدوث توقعات ميكروسوفت طالما سارت الأمور على وتيرتها الحالية وطالما بقيت الصحافة المطبوعة تعنى بالخبر الذي (يُحرَق ) بلغة الصحافة قبل طباعته بأربع وعشرين ساعة  من قبيل الصحافة الالكترونية )
المميزات التنافسية للصحافة الالكترونية
يكفي أن الصحافة الإلكترونية تتمتع بالحرية الكاملة التي يتمتع بها القارئ والكاتب على الإنترنت على خلاف الصحافة الورقية التي تكون في العادة قد تم تعديل مقالاتها من قبل الناشر أو رئيس التحرير حتى تلائم السياسة التحريرية للصحيفة
بالإضافة إلى مجموعة من المميزات التي يمكن تلخيصها كالتالي  :
1- التفاعلية: وهي مدى قدرة الشخص على الدخول في معالجة إعلامية بصفة نشطة من خلال التفاعل مع الرسائل الإعلامية أو المعلنين . وتعني أيضا الاتصال في اتجاهين بين المصدر والمتلقي أو بصفة أوسع الاتصال المتعدد الاتجاهات بين أي عدد من المصادر والمتلقين.
فالاتصال عبر الحاسبات يقدم أشكالا متعددة من التفاعلية، مثل البحث عن المضامين وإتاحة رد الفعل أو رجع الصدى للمواقع الإعلانية، وبالمقارنة بوسائل الإعلام المطبوعة والإذاعة ، فان مستخدمي الانترنت يسهل عليهم الاتصال بالقائمين بالاتصال من خلال قوائم البريد الالكتروني ذات الوصلات الفائقة للمحررين والمخرجين.
واليوم، وبالإضافة للبريد الالكتروني، تقوم المواقع الإخبارية الالكترونية بتجريب أساليب مختلفة لقنوات رد الفعل، مثل:الخطابات الالكترونية إلى المحرر، وغرف الحوار الحي، واللوحات الإخبارية، وندوات النقاش، والأسئلة الموجهة إلى الخبراء وعناصر التقييم السريعة الأخري التي يبتكرها القائمون علي تلك الوسائط .
2- الجاذبية الناتجة عن التعامل مع أكثر من ساحة، إذ يتمكن المتصفح لها من قراءة الأحداث و مشاهدتها و الاستماع إليها في آن واحد.
3- السرعة في تلقي الخبر العاجل في وقته مشفوعا بفيلم الفيديو معزز بصور حية، مما يدعم مصداقية الخبر و ذلك بدلا من الانتظار إلى اليوم الموالي لقراءة العدد الجديد من الصحيفة اليومية
4- التحرر من مقص الرقيب الذي قد يمنع نشر بعض الأخبار أو الصور في الصح
5- الاقتصاد في النفقات بالاستغناء عن أطنان الورق و مستلزمات الطباعة المستخدمة في الصحافة الورقية. وإعفاء القارئ من دفع ثمن الصحف التي يطلع عليها. بينما لا يحتاج من يرغب التعامل مع الصحافة الإلكترونية، سوى لجهاز كمبيوتر ومجموعة من البرامج التي يتم تركيبها لمرة واحدة
6- حماية البيئة من الكميات الهائلة من الصحف المقروءة المطبوعة بالأحبار السامة، ومن ضجيج مطابعها و فضلات صناعتها
7- إمكانية الاطلاع على عدد من الصحف بدلا من الاكتفاء بالصحيفة الواحدة
8- تجاوز حاجز المكان و إمكانية الاطلاع على الصحف الأجنبية بصرف النظر عن بعد مكان صدورها
9- سرعة وسهولة تداول البيانات على الإنترنت بفارق كبير عن الصحافة الورقية التي يجب أن تقوم بانتظارها حتى صباح اليوم التالي
10- حدوث تفاعل مباشر بين القارئ والكاتب، حيث يمكنهما أن يلتقيا في التو واللحظة معاً
11- أتاحت الصحافة الإلكترونية إمكانية مشاركة مباشرة للقارئ في عملية التحرير. من خلال التعليقات التي توفرها الكثير من الصحف الإلكترونية للقراء، بحيث يمكن للمشارك أن يكتب تعليقه على أي مقال أو موضوع، ويقوم بالنشر لنفسه في نفس اللحظة
12- التكاليف المالية الضخمة عند الرغبة في إصدار صحيفة ورقية بدءاً من الحصول على ترخيص مروراً بالإجراءات الرسمية والتنظيمية. بينما الوضع في الصحافة الإلكترونية مختلف تماماً حيث لا يستلزم الأمر سوى مبالغ مالية قليلة لتصدر الصحيفة الإلكترونية بكل سهولة      
13- عدم حاجة الصحف الإلكترونية إلى مقر موحد لجميع العاملين، إنما يمكن إصدار الصحف الإلكترونية بفريق عمل متفرق في أنحاء العالم.
14- الآنية فقد أجبرت الصحافة على الخط الصحفي على المعايشة المستمرة للأحداث والمتابعة الآنية لما يستجد من معلومات وسهلت عملية التدخل لتجديد المحتوى.
هذه المميزات وغيرها مثلت بالفعل تحديا للمؤسسات الصحفية الورقية ، وأرغمها على ضرورة مواكبة هذا التطور التكنولوجي و تحديث منتجاتها حسب ما يخدم لغة العصر، و هذا بالفعل ما جعل معظم الصحف تتواجد على الشبكة بمختلف أشكالها، سواء بشكل مخالف عن النسخة المطبوعة أو كصورة الكترونية طبق الأصل عن الصورة المطبوعة 

الإعلام الديني :
ركن ركين في البناء الإعلامي المعاصر يلعب دورا غاية في  الأهمية والخطورة في بناء هوية هذه الأمة، وصرح لا يستهان به تثقيفيا وتربويا بل وترفيهيا، خاصة وأن الإعلام عامة صار يستحوذ على وقت شريحة كبيرة من الناس، والإعلام الإسلامي خاصة يتابعه المسلمون بقلوبهم قبل عقولهم، لأن التدين مغروس بالفطرة في نفوس الجميع ، لذلك يقع على عاتق منسوبي الإعلام الإسلامي حمل كبير ورسالة خطيرة وأمانة عظيمة تجاه هذه الأمة

لكن التحديات التي تواجه الإعلام الإسلامي تحديات جسيمة، لأنه ابتداء ليس المتواجد الوحيد في الساحة الإعلامية بل هناك إعلام منافس وهناك أيضا الإعلام المعادي، بل يضاف إلى ذلك كافة الجوانب التي تمس حياة المتلقي، وكل ما تحتاجه الأسرة والمجتمع المسلم، كباره وصغاره، رجاله ونسائه، على اختلاف طبقاتهم وثقافاتهم .. إنه إعلام يقوم على ثلاث محاور رئيسية: تشكيل الوعي ، التنشئة الاجتماعية ، التبليغ والاتصال الإنساني.
تحديات و عقبات
ومن أهم التحديات التي تواجه الإعلام الإسلامي أن وعي الإسلاميين المعاصرين بأهمية ودور الإعلام جاء متأخرا إلى حد ما، ولم يواكب التطور التقني والمهني للطوفان الإعلامي المعاصر، بل إن بدايات الإعلام الإسلامي لم يواكبها دراسات نظرية تأصيلية ولا برامج تدريبية عملية، وغلب عليه الاجتهادات الفردية والرؤى الشخصية، وبالتالي واجه صعوبات عديدة على مستوى نقص الكوادر الإعلامية والخطة الشمولية التي تستوعب كل متطلبات المجتمع الإعلامية، واقتصرت البدايات الأولى على الإعلام الوعظي والتربوي كأشبه ما يكون بخطب الجمعة ودروس المساجد مع الفارق في وسيلة الاتصال الجماهيري كالفضائيات والإنترنت. أما الإعلام الهادف الشمولي الذي ينضبط بضوابط الشرع فما زال يسير بخطوات متعثرة خاصة في المجال الترفيهي.

ومن العقبات والتحديات التي تواجه الإعلام الإسلامي قيود السلطات الرسمية في بعض الأقطار الإسلامية، ومنها عقبات في التمويل واقتصاره في غالب الأحيان على المؤسسات الخيرية، وغياب الخطط والاستراتيجيات المتكاملة التي تتبناها مجموعات مهنية متعددة المهام تطرح بدورها الجهود الفردية والرؤى الأحادية، أيضا يواجه الإعلام الإسلامي ندرة في البحوث والدراسات المتعلقة بحيثياته، ومشكلة في التنسيق بين العلماء والدعاة وبين رجال التربية والمثقفين ليأتي مشروع الإعلام الإسلامي متكاملا في موضوعه يلبي احتياجات ورغبات كل الشرائح المستهدفة دينيا وتربويا وتثقيفيا وترفيهيا، وأن تُصاغ الرسائل الإعلامية في قوالب فنية متنوعة ومشوقة وجذابة بدلا من أن تصب في أنماط جامدة ومكررة تفتقر إلى الجاذبية والتشويق، مع ضرورة مراعاة الضوابط الشرعية والاجتماعية العامة وعدم تجاوزها، ناهيك عن غياب الكوادر الإعلامية المدربة القادرة علي التعامل مع مفردات الموقف العام والمشاركة بإيجابية في صنع الرأي العام المستنير حقا . 
إننا في سياق البحث عن تطوير الإعلام الإسلامي، الذي يعد - للأسف - منفعلا وليس فاعلا، ولا يتصدى لما يحاك للأمة من قبل أعدائها بالقدر الكافي والوافي ، إننا نواجه غزوا واحتلالا ثقافيا وفكريا وحضاريا واقتصاديا بشعا بشمل كل جوانب الحياة . ولذا، فإن مهمة الإعلام الإسلامي تتجاوز التثقيف والتوعية وفتح القنوات المعرفية أمام أجيال المسلمين، إلى التحفز ووضع الخطط المناسبة في التصدي للغزو الفكري والثقافي والأخلاقي الذي تتعرض له الأمة الإسلامية، وسط شيوع وسائل الإعلام العابرة للقارات، والتي تؤثر في المجتمعات وتنقل أفكار وفلسفات وأخلاقيات شعوب العالم إلى كل مكان .
                                                                                                                                                                محمد عبد المنعم إبراهيم 
                                                                         18 / 6 / 2015                             


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق