الخميس، 18 يونيو 2015

الإعلام بين الواقع والمأمول 4- ثقافة عصر المعلومات

الإعلام بين الواقع والمأمول
4- ثقافة عصر المعلومات











ثقافة عصر المعلومات:
ألّف الدكتور نبيل علي كتاباً مهماً بعنوان : (الثقافة العربية وعصر المعلومات.. رؤية لمستقبل الخطاب الثقافي العربي). ولعلي هنا أفيد القارئ الكريم مما سطره الدكتور علي مع بعض المداخلات.
يقرر الدكتور نبيل علي: أن الثقافة في عصر المعلومات صناعة قائمة بذاتها، ولم تعد مدينة إلى أحاديث الصالونات وسجال المنتديات ورؤى المقاعد الوثيرة، وتكرار الجدل العقيم حول العموميات والأمور التي صارت في حكم البديهيات من قبيل أصالة ومعاصرة، ثقافة النخبة وثقافة العامة، وتعريب التعليم؛ فقد أصبحت الثقافة هي محور عملية التنمية الاجتماعية الشاملة، كما أصبحت تكنولوجيا المعلومات هي محور التنمية العلمية التكنولوجية.
ومن ثم فإن تناول الموضوع يجب أن يكون مزدوجاً (علاقته بالمعلومات) ومنظومة ( الرؤية الشبكية الشاملة للتنمية الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، وتنمية الفكر والإبداع، والتنمية التربوية، والمعتقدات والقيم، والمحافظة على التراث، والتي جعلتها المعلوماتية منهجاً معتمداً).
يتساءل الدكتور علي: ما علاقة الثقافة بتكنولوجيا المعلومات؟
ثم يجيب: إن الثقافة هي ما يبقى بعد زوال كل شيء، والمعلومات هي المورد الإنساني الوحيد الذي لا يتناقص بل ينمو مع زيادة استهلاكه، والثقافة تصنع الموارد البشرية كما هي صنيعتها، والاستيعاب الثقافي هو الأساس للتقدم والتنمية.
ثم يكشف عن مؤامرة ضد الثقافة قائلاً:
لقد نجح الاقتصاد متضامناً مع السياسة في التهوين من قدر الثقافة، وعولمة الاقتصاد تقود قافلة العولمة جارة وراءها عولمة الثقافة، فالتكنولوجيا في أحوال كثيرة أسرع من العلم، والعلم أسرع من الاقتصاد، والاقتصاد أسرع من السياسة، والسياسة أسرع من الثقافة؛ أي أن الثقافة في ذيل القافلة، فهي ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى وقت طويل حتى تؤتي ثمارها وتترسخ، ولكن السياسات وحركة الاقتصاد والعلم والتكنولوجيا والأسواق تتغير بسرعة.ـ
والدكتور نبيل علي لا يعني بذلك أن الثقافة غير متسارعة. كلا، فلها سرعتها العجيبة عن ذي قبل؛ فالمذاهب الفكرية والاجتماعية سريعة التطور أو التغير حين قلّ دور وسطاء المعرفة، وأصبح بمقدور الطالب تحصيل المعلومة قبل وبشكل أوسع من معلمه وأستاذه.
وهذا يدعو إلى تثقيف المعلمين وتجديد وسائل وطرائق التعليم، وتحديث المعلومة بدل تكرارها.
وحتى المعلومة الشرعية أصبحت متاحة بأكثر من نص، وبأكثر من استدلال، واجتهاد، ورأي، ومذهب، وليس بالإمكان تجاهل التعددية واستعمال الوصايات على العقول.
إن ثقافة عصر المعلومات غيّرت كثيراً من الفهم ووسائله، ويجب أن نستثمر هذا الفتح المعلوماتي استقبالاً وإرسالاً.
وإذا كان الفقه الإسلامي يتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص فإن عصر المعلومة والاتصال المفتوح قد غيّر كل هذه المتحوّلات، فهل تغيّر الفقه والحكم على الأشياء؟! أم لا نزال نقدمها نصوصاً جامدة..!! وليتها نصوص الوحي.. ولكنها نصوص الفقهاء الذين كانت تلك النصوص متماشية مع واقعهم؛ فعليهم الرحمة وعلينا السلام.
  الثقافة
الأمم والشعوب لها ثقافات تتفق أحيانا في بعض الجوانب وتتباين في أخرى، وكل أمة حريصة على نشر ثقافتها وخاصة لدى أفرادها ومنسوبيها، والإعلام بآلياته المتعددة هو أحد وسائل نقل تلك الثقافة إن لم يكن أعظمها.
صحيح أن الثقافات تداخلت اليوم في الكثير من جوانبها وتشابكت محاورها ومفرداتها نتيجة سرعة الاتصال بحكم التقنيات الحديثة، وهناك قدر مشترك بين ثقافات الأمم والشعوب متفق عليه تقبله العقول الصحيحة والفطر السليمة، إلا أنه تبقى الخصوصية لكل ثقافة قائمة شاخصة تنم عن أهلها وذويها، مبنية على مبادئها وقيمها.
  وكل ثقافة يحرص أصحابها على نشرها وحصر غيرها، ومن أجل ذلك تُتخذ الضوابط والقيود، وتبنى السدود، خوفا من غزو الثقافات، واختراق الأعداء. 
  حتى أصحاب الثقافات الهابطة والقيم السافلة والمبادئ الرخيصة يحرصون على ذلك، ويعملون له ويستخدمون الإعلام لترويج ثقافتهم، ونشرها وكسب مؤيديها.
    وهنا يأتي التساؤل أين أصحاب الثقافات الراقية والقيم العالية والمبادئ الرفيعة حتى ينشروا خيرهم، ويستغلوا إعلامهم، ويروجوا الحقائق، ويكسبوا القريب والبعيد، والحق واضح كالشمس في وضح النهار له جاذبية ولمعان إن أظهره أصحابه، بينما الباطل متردد من غير قبول ونفاذ.
حلول مقترحة: في البدء لابد من وضع عدة مبادئ لوضع الحلول
1-أن الإعلام هو رسالة ليس هدفها الأساسي الترفيه 
2-أن ما نراه على الشاشات من برامج وأفلام وغيرها من الوسائل الإعلامية هي واجهة ونتاج لعمليات أساسية تحدث في الظل يمكن أن تجمل في كلمة واحدة هي الإنتاج بكل ما توحيه من معنى ابتداءً من الأفكار والتأليف والإعداد والتمويل وأن سياسة ما يظهره مقدم البرامج أو المثل على الشاشة نتاج لسياسة الممول والحدود التي يرسمها المعد أو الكاتب
3-أننا يجب أن ننتقل من التركيز على الكم إلى الكيف فرُب قناة واحدة (الجزيرة مثلاً) قد تركت من التأثير ما يتجاوز تأثير عشرات بل مئات القنوات الأخرى
4-أن تكون رسالتنا الإعلامية مكونة من أصالة المضمون ( الواقع والمشاكل إضافة إلى الهوية والثقافة والقيم) ومعاصرة الوسائل من حيث الصورة المرئية والصور الجذابة (الإبهار البصري)
5-أن القطاع الإعلامي هو قطاع مفتوح أمام كل الكفاءات وهو أيضاً قطاع مربح ومجدٍ اقتصادياً
اعتماداً على هذه لمبادئ يتضح لنا بعض الحلول :
* على مستوى قطاع الأعمال:
وهنا نطالب رجال الأعمال أصحاب الضمائر والغيرة على أمتهم مع قلتهم بالدخول والمساهمة في تمويل المشاريع الإعلامية الهادفة ذلك أن سياسة العمل لا يمكن أن تخرج أو تعارض سياسة الممول الذي له القرار الفصل أولا وأخيراً في هذا المجال خاصة ان الكوادر الإنتاجية ابتداء من الفنيين وانتهاء بالممثلين يقدمون خدماتهم لمن يدفع بغض النظر كان العمل ذا رسالة سامية او منحطة ( ترى نفس الممثلة التي تؤدي دور بائعة هوى في عمل تقوم بور صحابية في عمل آخر!)
* على مستوى القنوات الفضائية :
خاصة الدينية منها أرى أن حصر عدد هذه القنوات هو مجدٍ أكثر والاتجاه إلى الإنتاج الفني الأكثر تأثيراً وفائدة بروح أصيلة ومظهر معاصر من أفلام ووثائقيات وحتى كليبات والعبرة في أن تكون الرسالة آمنة لكل أفراد الأسرة القدرة على متابعتها وأن تكون هادفة ( ليست دينية بصورة مباشرة ) تعزز الفضيلة وتحارب الرذيلة خاصة أن ميزانية القناة الواحدة تكفي لإنتاج مسلسلين لأربع سنوياً
* على مستوى الكوادر : نريد كوادر من كافة الاختصاصات على درجة عالية من الاحترافية والخبرة ممزوجة بعقيدة وفكر سليم تؤمن أن الرزق بيد الله وحده وأ ن الضر والنفع بيد الله لكن الوظيفة الضرورية التي لابد منها وبشكل عاجل هي وظيفة الكتابة ذلك ان الأفكار الجيدة والنصوص الرفيعة سوف تجد كل الأبواب مفتوحة لها خاصة أن معظم الإعمال الناجحة كانت عبارة عن نص وسيناريو رفيع المستوى أو رواية لكاتب على درجة عالية من الأدب والإحساس ، ويواكب ذلك تشريعات تجرم دخول غير المؤهلين علميا إلي حقل الإعلام تماما بمثل ما يجرم امتهان مهنة الطب دون مؤهل علمي طبي متخصص وهنا لابد لنقابة الصحفيين أن توسع وتطور دورها لحماية المهنة من الدخلاء عليها صونا لصناعة الرأي العام وحماية لقيم وهوية والمجتمع .
* على مستوى عموم الناس:
الثقافة ثم الثقافة فهي التي تؤمن ما أسميه بالمصفاة الفكرية لكل ما يعرض علينا من وسائل الإعلام أما الثقافة الإسلامية فهي تحصل من ثلاثة مصادر هي العقيدة الإسلامية الصحيحة والتاريخ الإسلامي ومعرفة مجملة بأحكام الشرع ومقاصد الشريعة والحصن الأخير لكل مسلم هو منبر إعلامي وجب على كل مسلم (فرض عين) حضوره في يوم محدد من أيام الأسبوع هل عرفتم ما هو ؟ صلاة الجمعة التي اقتضت حكمة الله البالغة حضورها على كل مسلم مكلف حيث بعلم القيم
                                                                                محمد عبد المنعم إبراهيم 
                                                                                     18 / 6 / 2015 

* الدكتور نبيل علي من مواليد 1يناير 1938 نبيل علي مفكر مصري وعربي بارز وخبير في المعلوماتية‏,‏ بدأ حياته كمهندس طيران ثم عدل مساره ليتخصص في المعلوماتية وبرع فيها 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق