من ذكريات الطفولة في رمضان
2- مع المسحراتي
عاصرنا في ليالي رمضان كثيرا من الذين كانوا يتطوعون
للعمل مسحراتية فكان منهم من الجيل الأقدم الشيخ أحمد أبو قورة والشيخ محمود أبو
قورة والشيخ وهبة أبو فوده والشيخ صالح البقري والشيخ صادق الحضري وسعد الأسود
وغيرهم ولكن كان أحبهم للأسماع الشيخ أحمد أبو قورة فقد كان صوته الهرم صوتا محببا
ورخيما وكانت أهازيجه التي يحفظها عن الأقدمين أو التي يرتجلها من نفسه جميلة
ومميزة وكنا ونحن صبية صغار نسهر خصيصا لكي نسمعه عند مروره لإيقاظ الناس ولو
تصادف أن نمنا ومر دون أن نسمعه كنا نحزن ونلوم أهلينا أن لم يوقظونا ومن تلك
الأهازيج التي كان يضمنها أسماء سكان الحارة التي يمر بها وأسماء أبنائهم أذكر
منها ( يا حاج عبده يا حبيب الصباح يا عقد لولي فوق صدور الملاح ) ومن نوادره أن
مر بأحد الشوارع في إحدي ليالي رمضان الشتوية وكان الظلام حالكا فكان يحمل إلي
جانب البازة وعصا خيرزان يضرب بها عليها بإيقاعات جميلة ومع ذلك يحمل فانوسا كبيرا
به مربع يضاء بالكيروسين وفي هذا الشارع كانت توجد زريبة لمواشي وحمار أحد
الفلاحين بجانب منزله وكان يحرسها كلبا شرسا يطلقه ليلا لحراستها فلما اقترب الشيخ
أحمد من منزل صاحبنا حتي خرج الكلب ينبح بشدة ويتوعد شيخنا ضعيف البنية بالهجوم عليه
فتوقف في مكانه وخاف أن يتقدم أو حتي يعود أدراجه خوفا من أن يتبعه الكلب فكان أن
ارتجل في أهزوجته يا حاج أحمد يا حبيب الصباح يا عقد لولي فوق صدور الملاح - الله - يا
صاحب الكلب حوش كلبك ... الله - وظل يرددها حتي استيقظ صاحب الكلب وقام بإدخال الكلب
إلي البيت واستأنف عم أحمد مسيرته وظللنا إلي فترة طويلة كلما قابلناه في الشارع
نمرح معه بترديد تلك الجملة يا صاحب الكلب حوش كلبك رحم الله الجميع ورحم زمانهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق