التنين الأصفر قادم
كتبها محمد عبد المنعم إبراهيم ، في 11
مارس 2009 الساعة: 14:10 م
التنين الأصفر القادم من الصين هو البديل المنتظر
للإمبراطوريتين السوفيتية والأمريكية
يقول بعض المراقبون إن مفتاح حل الأزمة المالية التي يمر بها النظام
المصرفي في الدول الغربية قد يكون بيد الصين التي تمتلك احتياطيات من العملة
الصعبة تتجاوز تريليوني دولار. والأمر ببساطة أن الدول الغربية بحاجة إلى المال
لإنقاذ نظامها المصرفي والصين تملك المال المطلوب وبالتالي قد تكون المصدر المناسب
لهذا المال. ورغم أن الاقتصاديين الصينيين يعلنون أن الصين على استعداد للقيام
بواجبها في حل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، لكنها لن تقوم بإصدار شيكات
على بياض للدول الغربية حيث يتركز اهتمام المسئولين الصينيين على حل مشاكل الصين
الداخلية مثل تفادي احتمال تباطؤ نموها الاقتصادي. وحتى إذا قبلت الصين بحل هذه
الأزمة فإنه يرجح أن يكون ذلك مترافقا بسلسلة طويلة من الشروط. وكانت الصين قد
تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من تكديس احتياطيات هائلة من العملة
الصعبة مستفيدة من نمو صادراتها بمعدلات كبيرة.
قرض هائل
فقد أشارت آخر الإحصاءات التي نشرت مؤخرا إلى أن هذه الاحتياطيات تجاوزت
1.9 تريليون دولار (1900 مليار دولار). وكتب مدير معهد بيترسون للاقتصاد العالمي
ومقره الولايات المتحدة في صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية مؤخرا انه يمكن
الولايات المتحدة طلب قرض من الصين وقال "يمكن للصين تقديم قرض بقيمة 500
مليار دولار للحكومة الأمريكية لانقاد نظامها المالي". ويقوم الصينيون عمليا
بمساعدة الاقتصاد الأمريكي منذ عدة سنوات عن طريق شراء الديون الحكومية الأمريكية
وهو ما ساعد الحكومة الأمريكية على الإنفاق أكثر مما تسمح بها إمكاناتها.
وأشار زهاو اكسيجون، نائب رئيس جامعة ريمين الصينية في بكين إلى أن
الصين "تقوم بمساعدة الاقتصاد الأمريكي عمليا وانه من الممكن أن تستمر
بذلك".
عبء مشترك
لكن زهاو أشار إلى أن الصين غير قادرة على تحمل كل عبء حل هذه الأزمة
وان على الاقتصاديات الصاعدة الأخرى مثل روسيا والهند والبرازيل المشاركة في تحمل
هذا العبء. كما أن الأمر يتعلق أيضا بوجود الإرادة السياسية لدى القيادة الصينية
واستعدادها لوضع الأزمة المالية العالمية على رأس أولوياتها واهتماماتها. ويبدو أن
القيادة الصينية تستبعد ذلك إذ صرح عدد من المسئولين الصينيين بأن على الحكومات
الغربية إيجاد حلول لمشاكلها المالية. وهو ما أكده نائب رئيس البنك المركزي
الصيني، يي جانج، الأسبوع الماضي خلال مشاركته لاجتماعات مجموعة العشرين في
العاصمة الأمريكية واشنطن عندما صرح بان "على البنك الدولي الطلب من الدول
الغنية تحمل مسؤولياتها وضمان استقرار الاقتصاد العالمي".
كما أعلن رئيس الوزراء الصيني ون
جياباو بان الصين على استعداد لتحمل واجبها في استقرار النظام المالي العالمي لكن
دون تحمل أعباء الأزمة الحالية كونها غير مسئولة عنها. وأشار إلى أن اهتمام حكومته
ينصب على " إدارة شؤونها الخاصة بطريقة سليمة" خلال اتصال رئيس وزراء بريطانيا
جوردون براون به الأسبوع الماضي. ورغم امتلاك الصين لهذا الاحتياطي الهائل من
العملات الصعبة فإنها ما تزال بلدا ناميا وتواجه العديد من المشاكل التي تتطلب
إيجاد حلول لها. ومن بين هذه المشاكل ضعف مداخل أبناء الأرياف في الصين والذين
يشكلون أكثر من نصف سكان الصين حيث أعلنت الحكومة الصينية إنها بصدد مضاعفتها خلال
الأعوام الإثنى عشر المقبلة.
كما أن الاقتصاد الصيني قد يواجه بعض
المشاكل مثل تراجع معدلات النمو الاقتصادي وهو ما أشار إليه الخبير الاقتصادي
الصيني المستقل، اندي اكسيي، بقوله انه رغم عدم تأثر الصين بالأزمة المالية
الحالية لكن على الحكومة الصينية البحث عن أسواق أخرى في العالم للحفاظ على نموها
الاقتصادي في المستقبل. وأضاف أن على الصين أن تلعب دورا اكبرا في توزيع الثروة في
الدول النامية. وحتى لو كانت الصين راغبة في المساهمة في حل الأزمة الحالية فإنها
ستضع سلسلة طويلة من الشروط للقيام بذلك. من بين الشروط التي ستضعها الصين مثلا
عدم وضع قيود على قيامها بشراء أصول شركات أمريكية كما حدث في الماضي. كما أن بعض
المراقبين لا يستبعدون أن تضع الصين بعض الشروط السياسية على الولايات المتحدة
مقابل المساعدة في حل هذه الأزمة حيث تعارض الصين مثلا صفقة الأسلحة أمريكية
الأخيرة لتايوان بقيمة 6.5 مليار دولار.
وقد أشار ويللي ليام، المدرس في
الجامعة الصينية في هونج كونج، إلى أن موازين القوى في العالم تتغير والصينيون
يشعرون بالارتياح إزاء هذا التغير دون المبالغة في الإعلان عن ذلك كما يرون أن
الأزمة الحالية تؤكد "سلامة نموذجهم الاقتصادي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق