الجمعة، 27 سبتمبر 2013

حوار وقطيعة

هذا الحوار أجراه معي علاء أبو إبراهيم لجريدته المحلية ( أيامنا ) وبعد نشره قطع علاقته بي تماما لا أعلم لماذا ؟  

حقد أعداء النجاح والوشاية قد تحطم أي قائد 

ولكنها أحيانا قد تصنع المعجزات











محمد عبد المنعم إبراهيم وكيل وزارة الثقافة الأسبق لقطاع شرق الدلتا الثقافي الذى يضم إلي جانب دمياط كفر الشيخ والشرقية والدقهلية ، تولي قبل ذلك العديد من المناصب القيادية في الثقافة الجماهيرية منذ الشباب المبكر حيث عينه سعد الدين وهبه مديرا للثقافة في دمياط عام 1971 حيث كان افتتاح قصر ثقافة دمياط متعثرا في ذلك الوقت وكانت مهمته الأولي التي كلف بها سرعة افتتاح ذلك القصر الذى استغرق إنشاؤه أكثر من سبعة أعوام وظل في هذا العمل حتي رقي إلي درجة المدير العام عام 1999 في مديرية الثقافة بالغربية ثم رقي إلي درجة وكيل الوزارة وعين رئيسا لقطاع شرق الدلتا الثقافي عام 2001 حتي بلغ السن القانونية في 2004 فاستعانت به محافظة دمياط ليعمل مستشارا إعلاميا بها حتي الآن ، ما زال يكتب ويتداخل بالكتابة في القضايا العامة من خلال الخبرات العديدة التي اكتسبها في حياته الوظيفية وممارسة العمل السياسي وتحس في كتاباته بأنك أمام موسوعة ثقافية وتاريخية وسياسية ما زالت مغلقة ولم يستفد بالقدر الكافي فكان لنا معه هذا اللقاء ودار هذا الحوار بينه وبين أيامنا 

في البداية سألناه هل أنت راضي عن إنجازاتك الوظيفية والحياتية بعد هذه الخبرات ؟ وكانت المفاجأة أن قال : الحمد لله علي كل حال ولكني بصفة عامة لست راضيا عما قمت به ولو عاد بي الزمان ولن يعود لكان لي رأي آخر في كل ما قمت به بمعني أن الإنسان كثيرا ما تكون رؤيته في بعض مراحل حياته قاصرة عن إدراك كل الحقيقة وكان جيلنا تحديدا يعاني من هذا القصور حيث حددت لنا تلك الرؤيا بمناظير معينة ليست من اختيارنا ولكن النظام هو الذى اختارها لنا أي أن جيل الستينيات تحديدا لم يكن حرا في اختيار رؤيته ولكنه كان منساقا لرؤية واحدة محددة تنحصر في الفكر الثوري الاشتراكي وانعكاساته علي كل مقدراتنا لفترة طويلة ، ثم صدمنا جميعا بنكسة 1967 فكانت صدمة نفسية هائلة علي الجميع صنعت نوعا من الحزن العميق والتشكك في كل ما جرى وفي كل ما يثار وكل الشعارات التي كانت أشبه بالثوابت في ذلك الوقت مثل حتمية الحل الاشتراكي والقومية العربية والوحدة العربية حتي نسينا في خضم تلك الثوابت اسم ( مصر ) الذى لم يكن متداولا لفترة طويلة ، حتي أعاده السادات مرة أخرى بعد ثورة ما أسماها بثورة التصحيح ؛
تخرجت من الجامعة حاصلا علي ليسانس الصحافة من جامعة القاهرة وكان عمري 20 عاما بالضبط في الوقت الذي كنت أتدرب فيه عمليا في صحف المساء والجمهورية من عام 1962 وحتى قبل امتحانات الليسانس في بداية صيف 1964 وكانت أخر أيامي في جريدة الجمهورية مع الراحل الكبير عبد الحميد سرايا في قسم الترجمة لبرقيات التيكرز الواردة من وكالات الأنباء إلي جانب العمل في أبواب كل الناس في المساء مع الفنان كمال الجويلي وعاصرت في تلك الفترة عبد الفتاح الجمل وعبد الوهاب دنيا ومصطفي المستكاوي في المساء ثم في الجمهورية عاصرت سعد الدين وهبة وإسماعيل الحبروك ومحمد الحيوان وإبراهيم الورداني  وعبود فوده الذى عملت معه في باب حديث المدينة وعبد الحميد سرايا ثم حدث أن أقيل عبد الرحمن فهمي من قسم الرياضة في الجمهورية بسبب صلة قرابة بينه وبين أحد الضباط الذى كان ملحقا عسكريا في لبنان ولجأ سياسيا إلي سوريا كان يدعي زغلول عبد الرحمن وعقد مؤتمرا صحفيا في شتورة هاجم فيه عبد الناصر وانشق عليه ولا أعرف ما مصيره بعد ذلك إلا أن قسم الرياضة الجمهورية ظل يعاني من عدم الاستقرار فقد كان جميع كتابه من الرياضيين القدامي يكتبون بالقطعة مثل الجندي والديبة وفاروق يوسف وكان معهم قدري الطحاوي فأوكل أمر الإشراف علي القسم إلي ناصف سليم وكان عمله في ذلك الوقت في قسم التصحيح والمراجعة بحكم أنه كان أزهريا وكان لاعب كرة طائره قبل ذلك وكان المسئول عن كل قسم يقوم بإعداد الماكيت لصفحته ويرسله للمطبعة مع المواد التحريرية والصور التي يستخرجها بنفسه من الأرشيف ولأن ناصف سليم لم يكن له دراية بهذا العمل فقد طلب مني عبد الحميد سرايا أن أعاونه بحكم دراستي للإخراج الصحفي بعمل الماكيت اليومي لقسم الرياضة بالجمهورية وظللت أمارس معه هذا العمل واستشعر خطورة وجودي إلي جانبه حتي أنه كان يردد لي دائما أننا بلديات فهو من ميت الخولي بجوار الزرقا التي هي بلدي ولا يجب أن نعض في بعض ولم أكن أفهم كلامه سوي أني عرفت بعد ذلك أن عبد الحميد سرايا وكان مديرا لتحرير الجمهورية قد أظهر له نيته علي تعييني بعد التخرج مشرفا علي قسم الرياضة ولم يكن يتعدي في ذلك الحين ربع صفحة مما أثار غيرة ناصف سليم ودفعت ثمن ذلك في كل حياتي ، فقد حدث أن انقطعت عن الجريدة قبل الامتحانات النهائية بشهرين وحتي ظهور النتيجة وكنت أتطلع للعمل في الإذاعة وليس في الصحافة وكان عبد القادر حاتم وهو وزير للثقافة والإرشاد القومي يقوم بتدريس بعض المحاضرات لنا في سنوات الدراسة وآل علي نفسه أن يعين العشرة الأوائل من قسم الصحافة كل عام في وسائل الإعلام الحكومية بدءا من التليفزيون وكان في بدايته والإذاعة ومجلة الإذاعة والتليفزيون ووكالة أنباء الشرق الأوسط وفي فترة انقطاعي عن العمل في الجمهورية بسبب الامتحانات وقعت مذبحة الصحفيين الشهيرة في يونيو 1964 وعين حلمي سلام رئيسا لمجلس إدارة دار التحرير ورئيسا لتحرير الجمهورية فأطاح بكل الكبار من المساء والجمهورية فيما سمي بمذبحة الصحفيين وشردوا جميعا للعمل في وزارة الثقافة وشركة باتا ومصلحة الاستعلامات ونقابة الصحفيين وغيرها وعندما توجهت إلي الجريدة بأوراقي طالبا التثبيت فوجئت بأني من المستبعدين لأني من رجال عبد الحميد سرايا وعلي أن أذهب إلي مصلحة الاستعلامات وكانت تلك النكسة الأولي في حياتي العملية قبل أن تبدأ . وكانت الطامة الكبري أن عبد القادر حاتم في ذلك العام قد تخلي عن عادته بتعيين الأوائل حيث كان ترتيبي علي الخريجين الثاني عام 1964 حتي أنني بعد ذلك بسنوات عندما عين مصطفي بهجت بدوي رئيسا لدار التحرير قد أقام احتفالا تبنته الجمهورية لأوائل الخريجين في قسم الصحافة منذ افتتاحه وحتي ذلك العام وبعد الاحتفال وهو يسلمني الجائزة قلت له لا اريد الجائزة ولكني أريد أن أعود للعمل بجريدة الجمهورية ووعدني خيرا إلا أن أيامه لم تطل فلم ينفذ وعده واستمر بي الحال في مصلحة الاستعلامات بالقاهرة في شارع طلعت حرب محررا في قسم الرأي العام وكانت ترأسه دمياطية كريمة وعبقرية لم تنل حظها من الشهرة في الحياة فقد كانت من نسل علي مصطفي مشرفة وكانت تدعي سوسن مشرفة وكانت تقارير هذا القسم ترسل مباشرة إلي مكتب رئاسة الجمهورية ولكني بدأت أعاني من مضاعفات صحية كثيرة لأني كنت أقيم بين لوكاندات السيدة زينب لصعوبة الحصول علي سكن لارتفاع قيمة الخلوات في ذلك الوقت أو المقدمات لأني قضيت حياتي الدراسية في المدينة الجامعية وعندما تخرجت كانت بدأت أزمة طاحنة للسكن في القاهرة بينما زملائي المتعثرين دراسيا لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدينة الجامعية فكانوا قد سكنوا واستقروا في مساكن بالإيجار وكان زهيدا مما مكنهم بعد ذلك من الاستمرار في الدراسات العليا أو في الحصول علي فرص عمل أفضل في بعض الصحف ووسائل الإعلام الأخرى وكان لابد أن أطلب النقل من القاهرة إلي دمياط ورجوت بعض الوسطاء أن يتدخلوا لإنهاء طلبي إلا أنني فوجئت بالموافقة السريعة علي هذا الطلب من يحي أبو بكر وكان يعد من أكفأ القيادات الإعلامية التي قادت مصلحة الاستعلامات وحاولت السيدة سوسن مشرفة أن تثنيني عن هذا القرار والاستمرار في القاهرة لأنها تعرف انني سأندثر بين المندثرين هنا في دمياط في مركز الثقافة والاستعلامات علي حد قولها ولكن قراري كان نهائيا فأخليت طرفي وجئت سريعا إلي دمياط متهللا أنني عدت إلي بلدي هاربا من طواحين الحياة في القاهرة التي بدأت تضيق بأهلها في ذلك الزمان .

وكانت البداية صادمة مرة أخرى عندما التقيت في اليوم الأول عندما ذهبت مبكرا إلي مقر المركز في عمارة السمبسكاني مكان مقر حزب الأحرار حاليا فقابلت أحد العمال رحمه الله وقال لي إيه اللي جابك هنا وظل يحكي لي عن المدير الذى يتمسك بالروتين والمواعيد التي يطبقها له بدقة رئيس الإدارة وعن الزملاء في العمل الذين يتقاتلون شهريا من أجل تقسيم مكافأة الإشراف فيما بينهم وهي جنيهات قليلة وبقدومي سيزيد العدد وستقل حصة كل منهم أي أن وجودي غير مرغوب فيه قبل أن يبدأ وكانت نصائح هذا العامل رحمه الله هي من بعد المرشد الحقيقي لي في التعامل في هذا الجو الذى كرهته قبل أن أختبره فطلبت من الزملاء استبعادي من حصص توزيع مكافأة الإشراف لأني لن أكون قادرا علي العمل معهم ليلا يوميا كما يعملون في قافلة الاستعلامات ومع هذا كان محتما علي استكمال ساعات العمل الرسمي بالحضور إلي مقر العمل يومان أو ثلاثة في الأسبوع في الفترة المسائية ولا يسمح لي بالانصراف قبل انتهائها رغم أنه لم يسند لي عمل حقيقي كأخصائي إعلام ثم أخصائي ثقافي بعد ذلك ومع هذا فقد نظمت عددا من المحاضرات بمقر المركز وخارجه وكنت أقوم بإعداد البرنامج الشهري المطبوع وكذلك تقرير الشهر عما تم من أنشطة ، في تلك الفترة بدأت منظمة الشباب وفي مراحلها الأولي كانوا يجندون بعض الشباب من مختلف المصالح لحضور دورات تدريبية وتثقيفية في معسكر المرحلة الأولي برأس البر ثم المرحلة الثانية وكانت في معسكر أبو قير بالإسكندرية ثم المرحلة الثالثة في معسكر بحلوان ثم عدد من المراحل التنظيمية الخاصة بمعسكرات الهرم وحلوان حضرتها جميعا واختاروني أمينا للتنظيم في منظمة الشباب بفارسكور وفرحت جدا بهذا العمل هروبا من العمل في مركز الثقافة وقيوده الروتينية وكنت أقوم إلي جانب عملي كأمين تنظيم بإلقاء بعض المحاضرات في دورات الاتحاد الاشتراكي بأمانة فارسكور وكانت لي محاضرة مشهورة عن الديمقراطية والتنظيم الشعبي ظللت أرددها ولا أعي معناها لفترة طويلة إلا أنها كانت مثار إعجاب الكثيرين مع هذا . حتي وقعت نكسة 67 وتلتها أحداث كثيرة كان من نتائجها علي المستوى الشخصي أن طلبت إنهاء تفرغي بالعمل السياسي وندبي للعمل بالتربية والتعليم مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الزرقا التجارية الثانوية عامي 68/69 ، 69/70 وساعدني ورعاني رجل عظيم صنع كل قيادات دمياط في ذلك الزمان وظل هو خلف الستار هو السعدي المصري رئيس مدينة فارسكور ثم دمياط وكان فوق كل ذلك مسئولا عن التنظيم الطليعي في المحافظة بحكم أنه كان من أكفأ ضباط المخابرات المصرية قبل ذلك كما ساعدني أيضا الكبير ضياء الدين داود الذى كان نجمه قد تألق في تلك الفترة فبعد أن اختير وزيرا للشئون الاجتماعية ووصل إلي عضوية اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي ليكون واحدا من ثمانية يقودون مصر وكان مسئولا عن الثقافة والفكر والدعوة وكان أن عين سعد الدين وهبة رئيسا للثقافة الجماهيرية وأنشأ مركزا في مصر الجديدة لإعداد رواد للعمل الثقافي علي مستوي الجمهورية من خلال دورة تدريبية لثماني أشهر يعقد في نهايتها اختبار وألغي ندبي للتربية والتعليم والتحقت بذلك المركز وكان ترتيبي الأول علي أكثر من 70 دارسا فيه وكانت مكافأتي تعييني مديرا لقصر ثقافة دمياط إلي جانب مكافأة مالية باهظة ( 30 جنيه ) لم أسعد بكل ذلك قدر سعادتي عندما رشحني سعد وهبة مع صاحبة المركز الثاني للسفر إلي ألمانيا الشرقية لمدة 23 يوما ممثلين لمصر في احتفالات الثقافة الألمانية بعيد العمال عام 1972 .


ماذا قدمت للثقافة في دمياط : عندما تسلمت العمل في قصر ثقافة دمياط لم تكن هناك أي فروع ثقافية أخري في المحافظة وكان مبني القصر قد أوشك علي التشطيب وانتقل إليه العاملون ليشغلوا جناحين فقط في الدور الأرضي والدور الأول العلوي بينما كان المسرح وصالتيه الأرضية والعلوية وحجرة مدير القصر والجزء المطل علي المدخل الرئيسي كله قد تم الاستيلاء عليها كلها بوضع اليد لصالح ما يسمي بالمجلس الشعبي آنذاك وكان رئيسه الراحل حمزة السنباطي وكانت تعليمات سعد الدين وهبة الأولي أن أعيد القصر إلي وظيفته وإلي هيمنة الثقافة الجماهيرية وبالفعل قمنا بذلك وساعدني علي تحقيقه المهندس عبد الرحمن نور الدين وكان مسئولا عن شركة حسن علام في دمياط التي تبني القصر وقمنا بسرعة بتجهيز الجزء الأرضي ونقلت مكتب مدير القصر إلي المكتب الذى كان مقدرا ان يكون لرئيس المجلس الشعبي وأقمنا احتفالية كبيرة والمسرح لم يكن قد تم تركيب الكراسي به بعد ولا أجهزة الإضاءة ودعوت المحافظ اللواء حسن رشدي وأستاذنا الراحل حمزة السنباطي وجمع كبير من القيادات الشعبية والتنفيذية والجماهير وكانت فرحة كبيرة أن يحضروا نشاطا ثقافيا كبيرا في مسرح قصر الثقافة لأول مرة وأسقط في يد حمزة السنباطي الذى كانت تربطني به علاقات وثيقة بحكم الجيرة والنسب فأخواله كانوا من الزرقا وكان شديد المودة معي فعاتبني ضاحكا : كده يا محمد أخدت مكتبي فقلت له أنا وأنت واحد وانتهت قصة محاولة الاستيلاء علي قصر الثقافة وبدأنا في تجهيز المسرح بالفعل بخطي سريعة بمساعدة سعد الدين وهبة الذى لم يكن يصدق أن نصل إلي هذه النتيجة ببساطة وبالفعل تم تجهيز المسرح وافتتح القصر كله باحتفالية كبيرة في يوليو 1972 بحضور الأديب الراحل يوسف السباعي وزير الثقافة حيث كان حضوره بداية حوار مع أدباء دمياط أسفر عن مولد اتحاد الكتاب فيما بعد وكانت تلك البداية مشجعا علي تنمية المزيد من الأنشطة الثقافية والمسرحية فأنشأنا فرقة دمياط القومية المسرحية لأول مرة بعد صراع طويل لم يكن في صالح النشاط المسرحي في القصر قبل ذلك مع فرقة المحافظة التي كانت تدار بمجلس إدارة تابع للمحافظة وتدعمها الثقافة الجماهيرية فنيا وماليا ولا تدعم فرقة القصر وتم تحويل هذا الدعم لفرقة القصر المسرحية وبدون إمكانيات مالية تذكر أنتجنا العديد من المسرحيات الناجحة منها أبو زيد في بلدنا والبرواز والقفل وزيارة عزرائيل والناس اللي في السما الثامنة والراجل اللي ضحك علي الملايكة والتي أثارت علينا التيار الديني في ذلك الوقت وعلي رأسه فضيلة الشيخ محمد البواب الذي كنت أحبه جدا إلا أنه كان حادا في الهجوم علينا من خلال منبر مسجد المعيني لأننا تجرأنا علي الثوابت الدينية بإنتاج مسرحيات تتعرض بشكل أو بآخر للملائكة وهم جند الله وكيف جعلنا السموات ثمانية وقد خلقها الله سبعة إلي آخر هذه الانتقادات وعبثا حاولت إقناعه بأن الكاتب دمياطي وهو خيال فني لا يتدخل في الثوابت الدينية ولكن يفترض افتراضات فنية ولكنه لم يقبل بذلك وكان لموقفه هذا أثرا أشد خطورة فيما بعد عندما انتقل إلي جامع البحر واشتد عود الجماعات الدينية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات .

وفي الأدب كان قد صدر قرار بحل جمعية الرواد الأدبية لأسباب سياسية لا دخل للثقافة بها وطبقا لقواعد القانون تضم الجمعية المنحلة إلي أقرب جمعية مشابهة فكان أن تم دمجها في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بمحافظة دمياط حيث كنا قد نجحنا بالتعاون مع الأجهزة المحلية لا سيما في عهد الدكتور أحمد جويلي عندما كان محافظا لدمياط في افتتاح معظم الفروع الثقافية الموجودة بالمحافظة الآن والتي تم تطوير بعضها بعد ذلك في عهد الدكتور البرادعي وكان قدوم الدكتور جويلي محافظا لدمياط نقلة نوعية هائلة في تاريخ الثقافة بدمياط فنظرا لما لمسناه من حب الرجل للثقافة ورعايته المعنوية لها أن جعلنا ننطلق في شتي الميادين بفضل هذا الدعم وأقرر هنا أن الدكتور جويلي كان أقل المحافظين دعما من الناحية المالية للثقافة ولكنه كان من أشد المتابعين لكل أنشطتها حتي الندوات الشعرية الصغيرة في مكتبة القصر كنا ندعوه لها ونفاجأ بحضوره وجلوسه وسط الجمهور ويشترك في الحوار وصار صديقا لكل الأدباء والفنانين يذكرهم جميعا بالاسم حتي بعد أن ترك محافظة دمياط إلي الإسماعيلية أو إلي وزارة التموين أو حتي وهو في الجامعة العربية رئيسا لمجلس الوحدة الاقتصادية . فاستطعنا من إيرادات السينما التجارية التي أحسنا توظيفها أن نستثمرها بشكل جيد في إحداث تنمية ثقافية كبيرة وكانت البداية مع الأدباء بشراء مطبعة ماستر كانت هي الأولي من نوعها في كل قصور الثقافة علي مستوى مصر وعلي هذه المطبعة طبعنا كثيرا من إبداعات أبناء دمياط في عدة سلاسل أخذت شكل الانتظام في الصدور منها مجلة رواد ومجلة عروس الشمال وكتاب الرواد وأعلام دمياط وأدب الطفل صدر منها جميعا في وجودي وعلي يدي أكثر من 60 عنوانا مما حقق لأدباء دمياط ذيوعا وانتشارا غير مسبوق وبدأت الساحة الأدبية علي مستوي مصر تحس بالحراك الأدبي في دمياط وتهافت كبار الكتاب في ذلك الوقت علي نشر كتاباتهم في مجلة رواد ، مما جعل الدكتور عبد المعطي شعراوي عندما عين رئيسا للثقافة الجماهيرية بترشيح من الراحل أحمد عبد الحميد الناقد المسرحي شهيد محرقة بني سويف أن يعينني نائبا لرئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة التي تصدر عن الثقافة الجماهيرية وتوزع علي مستوي الجمهورية ، وكانت الخطوة الثانية عقد أول مؤتمر أدبي في مصر يحمل اسم دمياط وكان منافسا قويا للمؤتمر القومي لأدباء مصر في الأقاليم وكانت المقارنة بين الاثنين في صالح مؤتمر دمياط الذى عقد بانتظام لعدة دورات بعد ذلك حتي تمكن أعداء النجاح من وقفه واستبداله بما يسمي مؤتمر الأقاليم الثقافية ، ومن عائدات السينما أقمنا المهرجان الأول والثاني لنوادي المسرح علي مستوى الجمهورية ثم استولت عليه إدارة المسرح بعد ذلك لتعقده باسمها حتي اليوم ولكن يظل بريق المهرجان الأول أكثر سطوعا من كل ما تلاه من مهرجانات ، ومن عائدات السينما أقمنا مهرجانات عديدة للمسرح والفنون الشعبية والمعارض التشكيلية والموسيقي والآلات الشعبية في رأس البر ، باختصار كان هناك حراك ثقافي في دمياط جعل منها محط أنظار جميع المثقفين في مصر حتي أن البعض أطلق عليها حينذاك العاصمة الثقافية لمصر ، إلا أن ذلك رغم سعادتنا به كان سببا في كثير من المتاعب التي انعكست علي الثقافة في دمياط وعلي شخصيا فيما بعد ؛


كان من أبرز النشاطات الثقافية التي تمت علي أرض دمياط استضافة الفنان الكبير يوسف وهبي وفرقته قبل أن يكتمل تجهيز المسرح في قصر الثقافة في عرض مسرحية بيومي أفندي ومعه الفنانة الكبيرة أمينة رزق ، واستضافة العديد من الفنانين الكبار في عروضهم مثل محمد صبحي وسعيد صالح وعبد المنعم مدبولي وغيرهم واستعنا بكبار المخرجين للعمل مع فرقة دمياط المسرحية مثل محمود شركس وعبد الحفيظ التطاوي وسعد أردش ومحمد توفيق وعباس أحمد وحافظ محمد حافظ وناصر عبد المنعم وماهر عبد الحميد وغيرهم إلي جانب فنانين ومخرجين من دمياط كان أبرزهم حلمي سراج ومحمد ناصف وأحمد شبكة ورأفت سرحان ورضا حسني وفي الموسيقي كان هناك فنانين لهم بصماتهم في تنشئة أجيال محبة للموسيقي برز منهم الكثيرين بدءا من وفيق بيصار وأحمد صيام ومحسن المياح وتوفيق فوده وفي الفنون التشكيلية كان لأبناء القصر الفنانين سيد المتبولي وجلال المصري دورا كبيرا في تبني كثير من الهواة وأرشادهم إلي الطريق السليم فبرع من تلاميذهم الفنان الدكتور شادي النشوقاتي وغيره كثيرين وعلي المستوي الشخصي ساعدنا الكثيرين في العمل بالثقافة الجماهيرية ندبا ثم تعيينا بدءا من الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني ومحمد الشربيني ومجدي الجلاد ، ولم نكن بعيدين عن الحياة السياسية في دمياط ومصر فاستضفنا مؤتمرات كبري حضرها ممدوح سالم رئيس وزراء مصر وخالد محي الدين  رئيس حزب التجمع ومصطفي كامل مراد رئيس حزب الأحرار والدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب وحسب الله الكفراوي وزير الإسكان والشيخ محمد سيد طنطاوي وكان المفتي وقت  ذاك والشيخ عطية صقر عضو مجمع البحوث الإسلامية واستقبلنا كثيرا من الكتاب والفنانين للمشاركة في أعياد دمياط القومية علي خشبة مسرح قصر الثقافة كان أبرزهم طاهر أبو فاشا ومعه الفنان سيد مكاوي وعبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب وعبد الله محمد عبد الله ( ميكي ماوس ) وفاروق شوشة وعباس الطرابيلي وغيرهم ؛
لم يكن مسرح قصر الثقافة لا يطفئ أنواره ليلة من الليالي حتي في شهر رمضان كل ذلك إلي جانب العديد من الأنشطة الثقافية التي لم تترك قرية ولا مدينة في دمياط وأستطيع أن أجزم بأن جميع الفروع الثقافية التي افتتحت في وجودي لأكثر من ربع قرن علي رأس الثقافة في دمياط من بيوت ثقافة ومكتبات فرعية لم تزد موقعا واحدا منذ أن تركت العمل بدمياط عام 1999حتي الآن حتي أن المواقع التي تم بناؤها كان قد بدئ فيها أثناء وجودي وساهمت في إنجازها عندما عدت رئيسا للإدارة المركزية لإقليم شرق الدلتا الثقافي .
أمران في غاية الأهمية كان لهما أكبر الأثر في نجاح حركتنا الثقافية في دمياط ، الأمر الأول الاعتماد علي مواردنا الذاتية من إيرادات السينما التجارية والتي أحسنا استغلالها بينما ضيعها غيرنا بشكل أو بآخر ، والأمر الثاني الاعتماد بشكل كبير علي رواد الثقافة وليس علي الموظفين فكانوا أكثر غيرة علي حسن إدارة النشاط الذى ينتمون إليه ؛
وقد أثار ذلك علينا الكثير من المواجع أولها بعد تعييني نائبا لرئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة بمعرفة الدكتور عبد المعطي شعراوي كان ذلك علي حساب إقالة علي أبو شادي من نفس المنصب فكان ذلك ولا يزال له أثره في نفسية علي ابو شادي واستطاع فيما بعد تعيين حسين مهران رئيسا لهيئة قصور الثقافة وبمساعدة من المدير العام الراحل فؤاد عرفة أن يعود نائبا لرئيس تحرير المجلة إلي جواري وبعد صدور عدد واحد نجح بالوشاية في إقناع حسين مهران بإقالتي وانفراده بذلك المنصب ولم تقف الوشاية عند هذا الحد بل امتدت إلي البحث عن مصادر قوة العمل في دمياط والعمل علي تخريبها فكتب علي أبو شادي وهو مدير عام إدارة السينما تقريرا يقول فيه أن السينما التجارية في قصور الثقافة قد جعلتنا نقف في صف أفلام العلب التجارية بحثا عن الربح كما أنها تعطل الأنشطة الثقافية الأخرى كما أن إيرادات هذه السينمات تشجع البعض علي التلاعب فيها أو مع الشركات الموزعة للأفلام وبالتالي رفع التقرير من حسين مهران إلي وزير الثقافة الذى وافق علي وقف هذا النشاط تماما من قصور الثقافة بناء علي هذا التقرير ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصدر حسين مهران بتخطيط من علي أبو شادي قرارا بضم كل أرصدة جمعيات رواد قصور وبيوت الثقافة بالمحافظات إلي الجمعية المركزية بالقاهرة التي تخضع لرئاسته المباشرة ورغم أن هذا القرار كان منافيا للقانون فكل جمعية من الجمعيات الفرعية في المحافظات مستقلة ولها شخصيتها الاعتبارية ولا ولاية إدارية للجمعية المركزية عليها حيث أنها كانت تخضع إداريا لمديرية الشئون الاجتماعية وفرع الجهاز المركزي للمحاسبات في كل محافظة هو المختص بالتفتيش عليها ، ورفضنا في دمياط تنفيذ هذا القرار ومعنا القانون إلا أن نشاط السينما قد توقف كرها فرأينا الاحتفاظ بما لدينا من رصيد وكان علي ما أذكر عام 1992 قد بلغ 25 ألف جنيه وتحت هذه الضغوط النفسية سافرت في أجازة بدون مرتب إلي السعودية تجنبا لصدام أعرف نتائجه ولكن للأسف لم أقو علي الاستمرار في السعودية لظروف صحية فعدت بعد شهرين لأجد ما تبقي في رصيد الجمعية لا يتجاوز خمسة آلاف جنيه ، وبعد عودتي رفض حسين مهران عودتي إلي دمياط وعرض علي العمل كمدير عام في الشرقية وتعهد بأن يدبر لي استراحة هناك مع المحافظة ولما نفذت القرار مكرها وخلال شهرين حاولت فيهما الحصول علي الاستراحة دون جدوى طلبت إلغاء الترقية وعودتي إلي دمياط في أي موقع ليس شرطا أن يكون قياديا وتنازلت عن درجة المدير العام وأخذ مني تعهدا كتابيا بذلك وعرضه علي مجلس إدارة الهيئة الذى بطبيعة الحال وافق علي ما عرضه حسين مهران وحرماني للأبد من الترقية وعدت إلي دمياط مستشارا لرئيس إقليم شرق الدلتا ومقري دمياط بلا اختصاصات وبلا مقر فعلي أتواجد فيه وظل هذا الحال قرابة السبعة أشهر برغم الضغوط الكثيرة التي قام بها بعض من رجال الإعلام والنقاد والمثقفين وعلي رأسهم الرجل العظيم الراحل الدكتور محمد حسن الزيات وكان أمينا للحزب الوطني وفي تلك الفترة مرض مرضه الأخير وهو علي فراش الموت كتب لحسين مهران رسالة أرسل لي صورتها يقول فيها ( الأستاذ محمد عبد المنعم رغم أنه يختلف معي سياسيا كثيرا إلا أنني أشهد أنه لا ثقافة في دمياط بدونه لذلك أرجو أن تلبي رجاءنا ورجاء كل أبناء محافظة دمياط بإعادته لنا مديرا للثقافة في دمياط ) وبعد يومين من وصول الخطاب إلي حسين مهران لقي الزيات ربه فتأثر مهران علي حسب قوله وعقد اجتماعا بالقاهرة بحضور كل مديري المحافظات ومديري الإدارات المركزية ودعاني إليه ليقول لي دون سابق إنذار أنني أعدتك إلي دمياط ليس تحت ضغط أحد ممن تعرفهم ولكن إكراما لروح الدكتور الزيات فشكرته وعدت إلي دمياط مرة أخري .  ولكن بلا حماس وبلا موارد فقد خربت الجمعية التي كنا نعتمد عليها كما أنني صدمت من بعض أعواني وأصدقائي بعد رحيلي إلي السعودية الذين تنافسوا كالعادة هنا في دمياط علي تقديم فروض الولاء والطاعة للقائد الجديد وبطبيعة الحال لابد من الذم في المدير السابق الذى هو منهم ، ولا يغضب مني أحد إذا قلت إن هذه للأسف عادة في دمياط تكرم القائد الغريب وتجور علي القائد الذى ينبت من أصلابهم ، ولست بحاجة لضرب أمثلة عديدة علي ذلك في مديريات أخرى تكرر مثل هذا الموقف فكان صعبا علي نفسي أن أتعامل معهم بنفس الروح والأسلوب السابق علي رحيلي الذى لم يطل . ووجدتني نفسيا قد ضيعت نفسي في سبيل العمل بدمياط ورفضت درجة المدير العام من عام 1992 وكان من الممكن بعد سنة واحدة أن أحصل علي درجة وكيل وزارة وآخذ دوري في الترقي بين أقراني إلا أنني بإصراري علي العمل في دمياط ورفض الترقية وجدت نفسي في نهاية الأمر أعمل تحت رئاسة بعض من تلاميذي سواء في المديريات أو في الإدارة المركزية ولما أحيل حسين مهران للمعاش وجاء الدكتور مصطفي الرزاز وفي لجنة القيادات طرح اسمي للترشيح كمدير عام للثقافة في محافظة الغربية وكانت الثقافة هناك مضرب المثل في المشاكل والشكاوي والانحرافات المعقدة ولم ينصلح حالها مع كثرة من عين بها من مديرين حتي من أبنائها فكان الترشيح من باب المجاملة لإعطائي حقي الضائع ولكنه في نفس الوقت كان وراءه نية غير حسنة تري أن ابتعادي عن دمياط هو موت ثقافي لي علاوة علي أعباء مشاكل العمل في ثقافة الغربية الكفيلة بالإجهاز علي في أسرع وقت ونفذت القرار ولا أعلم هذه النوايا بوعد أن أنقل بعد سنة واحدة إذا أصلحت حال الثقافة في الغربية إلي إقليم شرق الدلتا وهناك في طنطا رغم أنني لم أستطع تدبير إقامة دائمة بها فكنت أذهب إليها بالمواصلات يوميا وأتنقل بين مواقعها الثقافية المختلفة ثم أعود في نهاية اليوم بالمواصلات إلي منزلي بدمياط ورغم هذا استطعنا بفضل الله أن نقيم أول مؤتمر أدبي للغربية في مجمع شروق بطنطا بدعم من المحافظ الدكتور أحمد عبد الغفار ولم يعقد مرة أخرى حتي الآن وخصص لنا بناء علي طلبي مسرح البلدية بطنطا علي أمل ان تتبنى الثقافة تطويره وتعيده ليكون موقعا للثقافة  حيث أن طنطا من المحافظات القليلة علي مستوي مصر التي لا يوجد بها قصر للثقافة ونجحنا في سرعة إنهاء مشاكل دار الكتب وافتتحناها رسميا وأقمنا نشاطا ثقافيا ملموسا خلال العامين الأولين ثم فوجئت بتعيين علي أبو شادي رئيسا للهيئة وحضر إلي مع بعض زملائي وأصدقائي في الهيئة بطنطا في مهرجان أقمناه للمرة الأولي والأخيرة في ذكري الفنان محمد فوزي علي مسرح البلدية بحالته وكانت المقولة التي لا أنساها من علي أبو شادي في نهاية اليوم متوعدا وليس شاكرا ( أصغر واحد في جيلكم باقي له سنتين أما أنا يقصد نفسه فما زال أمامي سبع سنوات ) ويشاء السميع العليم أن يقال من الهيئة بعد هذا اليوم بشهران فقط بقرار من رئيس الوزراء عاطف عبيد ، كانت هذه المقولة دافعا لي لقبول عرض مفاجئ من الدكتور عبد العظيم وزير محافظ دمياط في ذلك الوقت عندما قابلته مع الوزير الكفراي في عيد دمياط القومي الذى تعودت علي تقديم الاحتفال به حيث طلب منى المحافظ العمل معه مديرا عاما لمكتبه قائلا إحنا أولي بك هنا وكتب خطابا لعلي أبو شادي بعد موافقتي يطلب منه ندبي للعمل مديرا عاما لمكتبه وجاءت الموافقة بالفاكس في الحال وأخليت طرفي سريعا واستلمت العمل في محافظة دمياط مرة آخري ولكن في عمل جديد ظللت به قرابة التسعة أشهر أعتقد أنني كنت فيها موفقا بفضل الله في تنظيم العمل بالمكتب وتقديم خدمات كثيرة بلا تعقيدات للكثيرين  ، ولما تم تعيين الصديق محمد غنيم رئيسا للهيئة خلفا لعلي أبو شادي فاتصل بي وبالمحافظ وأقنعه بأنني ينبغي أن آخذ حقي لأنني ظلمت كثيرا وبناء عليه تم إلغاء ندبي وعودتي لطنطا مرة أخرى تمهيدا لصدور القرار بترقيتي وكيلا للوزارة ورئيسا لإقليم شرق الدلتا الثقافي عام 2001   لأستمر في العمل به بنفس الروح التي تعلمناها واكتسبناها في دمياط وصنعنا الكثير حتي بلغت السن القانونية وظللت بالمنزل وأصبت بوعكة صحية خطيرة كتب لي الله النجاة  منها بصعوبة بالغة بعد عملية جراحية خطيرة أجريتها في الجهاز الهضمي بالمنصورة ثم وبشكل مفاجئ أتلقي عرضا تليفونيا من اللواء أحمد السرس بالعمل كمستشار إعلامي للمحافظة وكانت هذه بداية مرحلة جديدة ومختلفة تماما عن كل المراحل السابقة أنجزت فيها ما استطعت بفضل الله ورعاية الدكتور محمد فتحي البرادعي الذى تعلمنا منه الكثير ؛
إلا أن أعداء النجاح أيضا الموجودين في كل مكان مازالوا يتربصون ويتطوعون بالوشاية من حين لآخر وقد ينجحون أحيانا إلا أن القافلة ما تزال تسير والحديث عن تلك التجربة الثرية موضوع كبير يحتاج إلي مساحات أضعاف تلك المساحة .

محطات في حياتي :أهم ما استفدته من العمل في الثقافة الجماهيرية هو السفريات  التي أتيحت لي في الخارج فقد زرت ألمانيا ممثلا لمصر في احتفالاتها بعيد العمال عام 1974 ثم زرت أمريكا بدعوة من القنصل الأمريكي نبيل خوري وكان مديرا للمركز الثقافي الأمريكي بالإسكندرية زرنا فيها سبع ولايات أمريكية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا خلال شهر كامل يوليو عام 1990 وحدث الغزو العراقي للكويت ونحن هناك ثم زرت بعد ذلك بلجيكا واليونان وتركيا  . بخلاف ذلك ذهبت إلي ليبيا  عام 1975 للعمل كمترجم في مدينة سبها وتركتها بعد شهر بالاستقالة وعدت عن طريق تونس وذهبت للعمل بالسعودية كمترجم أيضا عام 1992 وعدت بعد شهرين فقط  من الرياض بالأتوبيس حتي نويبع والسبب في جميع الأحوال هو ما يسمي في الإنجليزية (home sickness)    أي مرض المواطنة أو عدم القدرة علي الحياة خارج الوطن .






            



     






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق