السبت، 9 مارس 2019

مسرحية العملية 007


مسرحية العملية 007








بناء علي دعوة من نجم الفرقة محمد السعيد حضرت العرض يوم الجمعة 8 مارس 2019 بصحبة الصديق العزيز والأديب الدمياطي الكبير سمير الفيل والتقينا في المسرح مع أعضاء لجنة التحكيم بقيادة الصديق القديم مسعود شومان وإيمان الصرفي وشريف صلاح الدين .
والمسرحية للوهلة الأولي هي إعادة استخدام بناء درامي سبق تناوله من قبل مع الكاتب المسرحي الراحل الكبير سعد الدين وهبة في مسرحيته سكة السلامة وأيضا في مسرحية المجانين التي كتبها عن النص الأجنبي طار فوق عش المجانين الكاتب الراحل محمد الشربيني وأخرجها لفرقة دمياط المسرحية المخرج الكبيرناصرعبد المنعم وبالمناسبة فرقة دمياط  القومية المسرحية قد بدأت عملها في قصر الثقافة عام 1973 في عهد إدارتي لهذا القصر مع المخرج الراحل حلمي سراج بمسرحية أبو زيد في بلدنا التي كتبها محمد ابو العلا السلاموني في نفس الوقت الذي كانت فيه فرقة دمياط المسرحية التابعة لمحافظة دمياط تقدم عرضها الأخير بنسيون الأحلام علي مسرح دمياط القومي إخراج محمود شركس وهو المسرح الذي تم هدمه وصار موقعه خرابة في عهد المحافظ السابق محمد علي فليفل وليس كما جاء في بامفلت العرض من أن الفرقة ترجع بداياتها إلي أوائل الستينيات ومن خلال عرض مسرحية أبو زيد في بلدنا تم اعتماد فرقة قصر الثقافة المسرحية حينها كفرقة قومية للمحافظة .



نعود إلي نص المسرحية الذي حاول التصدي لتشريح المجتمع  فاختار له مكانا واحدا للصراع الدرامي داخل مستشفي المجانين ويقود الحركة داخل المستشفي طبيب غير سوي (هشام عز الدين) بمعاونة طاقم من الممرضين الذين تحولوا إلي جلادين يعذبون الشعب (المرضي) ويهدرون كرامتهم ولا مانع في سبيل ذلك من أن يعملوا علي إفساد الذوق العام لهذا الشعب بالعهر والخلاعة والفن والإعلام الهابطين ومن أجل ذلك اختار نماذج من المجتمع تبدأ بالمطرب شريف  (محمد السعيد ) وهو مطرب وطني ملتزم بفنه الراقي والذي رفض أن يتحول إلي الفن الرخيص فكان مصيره الإلقاء في تلك المستشفي ليلتقي مع مدير جمعية زراعية ( أحمد الغزلاني ) الذي حاول هو الآخر مقاومة الفساد في الجمعية فألقوا به في مستشفي المجانين مع مدير بنك ( أشرف الرصاص ) الذي حاول أن يلتزم بتعاليم البنك من حيث منح القروض بضمانات حقيقية فلما لم يتفق ذلك مع أهواء الكبار ألقوا به هو الآخر في تلك المستشفي ليلتقوا هناك بعامل يهوي الابتكار والاختراع ( عبده عرابي ) إلا أن الساسة لا يحبون ذلك ويجدوا فيه تقليص لحركتهم بغية تحقيق أهدافهم ويلتقون أيضا مع المحامي النابغة ( محمد  ندا ) الذي حاول بخبرته وعلمه أن يكون مدافعا عن حقوق المواطنين العادلة ولأن ذلك لم يعجب الكبار ألقوا به هو الآخر في تلك المستشفي مع مريض من لون آخر رأي المؤلف أنه يمثل شريحة من شرائح المجتمع وهو شاب متحول جنسيا أقنعوه بحالته من خلال عمليات غسيل المخ وإفساد الذوق العام الممنهجة ؛
وإن كان سعد الدين وهبة في سكة السلامة والشربيني في المجانين قد نجحا في خلق علاقة وتفاعل بين شرائح المجتمع التي قدموها لنا في عرضيهما إلا أن مؤلف العملية 007  محمد الصواف قد جعل كل شريحة من الشرائح التي قدمها تدور دراميا في حلقة مستقلة لا تتأثر ولا تؤثر في الآخرين ولا يجمعهم جميعا سوي التعذيب والقهر والإحساس بالظلم علاوة علي أن كاتب العملية 007 قد فاجأنا في مسرحيته بالكثير من المفاجآت المتناقضة في التطور الدرامي لمجموع الشخصيات وأيضا في بناء الشخصية الواحدة وقد تجلي ذلك في كثير من المشاهد فالمطرب الشاب بطل العرض الذي قدمه لنا عبد المقصود غنيم علي أنه مطرب جاد ملتزم بقضايا الوطن حثي وهو في قمة التعذيب لا يتخلي عن ألحانه الوطنية الأثيرة رافضا الكلمات الهابطة التي عرضها عليه مدير المستشفي ويظل متمسكا بالغناء الأرض بتتكلم عربي سابحا بفنه ضد التيار المبتذل الذي ساد المجتمع ولكننا فجأة وجدناه يتغير وينساق مع الجميع ليغني ما يريدون ويعتقد ما يعتقدون ومع مقابلتهم بلجنة العملاء كما أسماهم المخرج في العرض أو مع مذيعة التليفزيون في بادئ الأمر يسبحون بحمد مديرالمستشفي ورجاله وفجأة يفيقون ويعودون إلي مواقفهم الأولي الرافضة للقهر والفساد  دون مبرر فني ولا تمهيد درامي سوي التأثر بفيلم أرض النفاق وعمنا الراحل فؤاد المهندس الذى غير الأخلاق فجأة من النقيض إلي النقيض بحبوب الأخلاق التي يلقيها في مياه النهر وهي نفس الحبوب التي قدمتها الطبيبة الثورية للمرضي فعادوا إلي ثوابهم أو إلي الجلادين فصاروا مسخا ؛



وبمناسبة الحديث عن السينما نجد مخرجنا المخضرم نتيجة لحبه للسينما قد لجأ إلي الاستعانة في عرضه ببعض أدواتها كما حدث في تتر المقدمة الذي بدأ به عرضه علي شاشة أعدت لذلك تحمل اسم العمل والمشتركين فيه تمثيلا وديكورا وإخراجا إلي آخره ، أيضا لاحظت مدي تأثر مخرجنا الدءوب وحبه للسينما كفن أن لجأ إلي استخدام تيمة بعض المشاهد السينمائية الشهيرة كما حدث بين حسن البارودي ويوسف شاهين في فيلم الباب الحديد عندما حاول إثناء قناوي عن فعلته بوعده بالزواج  من هنومة فكرر نفس الفكرة ونفس التيمة بين المطرب شريف وبين توفيق مدير البنك ؛


يحسب للمخرج عبد المقصود غنيم نجاحه في الاستعانة بعدد لا بأس به من الشباب الجدد المحبين لفن المسرح وكذلك نجاحه في منح مساحة كبيرة للممثلين القدامى نسبيا لكي يبرمج كل منهم شخصيته التي أحبها واندمج معها بصدق ربما أكثر من اللازم كما حدث من الفنان أشرف حمدي الذي عاش دوره في مشهد الكباريه حثي ظننت بالفعل أنه أنثي وليس رجلا وقد أدت سياسة المخرج هذه إلي إعطاء مساحة كبيرة لكل من محمد السعيد في دور المطرب شريف وهشام عز الدين في دور مدير المستشفي ومحمد ندا في دور المحامي لكي يتفوقوا علي أنفسهم ويتقمصون أدوارهم ببراعة كبيرة جعلت الجمهور الكبير الذي احتشد يوميا لمشاهدة عرضهم يتفاعل معهم ويعيش معهم بكل صدق لا نملك إزاءه إلي تقديم التحية للفنانين الثلاثة الذين ترشحهم أدوارهم للفوز بجوائز التمثيل في المسابقة العامة عند التصعيد للأدوار النهائية .
من السلبيات التي أري أن العرض لو تخلص منها ستزيد قيمته الفنية ولن تنقصه شيئا تلك التي تتعلق بالاستعانة بحركات المسرح التجاري المبتذلة كما في مشهد الكباريه ومفاجأة التناقض بين شخصيات الممرضين الجلادين إلي عاهرات في كباريه يتهم الفن بالهبوط والعهر لدرجة كشف لحم الأكتاف ورفع الفساتين لإظهار الملابس الداخلية ذات الألوان الصارخة والضرب أحيانا علي مؤخرات البعض في هذا المشهد .
نأتي إلي النقيصة الفنية ألكبري تلك التي ختم فيها مخرج العرض عبد المقصود غنيم في مشهد النهاية عندما حاول أن يعطي المتلقي بارقة أمل في المستقبل فقدم أبطال العرض من المرضي الممثلين للشعب في أغنية الختام يبتسمون للناس ويمنوهم بالأمل المشرق والغريب أن يشرك معهم طاقم الجلادين من أعوان مدير المستشفي وبقيادته ليقدموا مع الجميع أغنية الختام المبشرة بالأمل في غد أفضل وإن كان ولابد من الاستعانة بفريق العمل كاملا لكي يشاركوا في تلك النهاية السعيدة فما المانع من اختيار أحد حلين إما أن كان يجعل الجلادون يغيرون ملابسهم ويخرجون من أطر شخصياتهم أو أن يضعهم في مكان المرضي في الزنازين التي كانوا يحتجزونهم فيها ,
كل التحية والاحترام والمحبة لفرقة دمياط القومية المسرحية علي هذا العرض المتميز متمنيا لهم دوام التقدم والتفوق علي أنفسهم وذواتهم لإمتاع جمهورهم الكبير والذين نجحوا في استعادته للمسرح بعد هجران طال لسنوات طويلة .



مسرحية ( العملية 007 ) لفرقة دمياط القومية المسرحية

تأليف : محمد الصواف                          إخراج : عبد المقصود غنيم
المخرج المساعد : محمد وفيق                ديكور وملابس : الشيماء عرفة
موسيقي وألحان : توفيق فوده                توزيع موسيقي : عبد الله رجال
استعراضات : أحمد الغزلاني
ميزانية الإنتاج باب أول وثاني حوالي 80 ألف جنيه  
مدة العرض 10 عروض مسرحية بدأت يوم الأربعاء 6 مارس 2019


                                  مع سمير الفيل ومسعود شومان 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق