الأربعاء، 14 يناير 2015

1- الثقافة وآليات التغيير

بحث بعنوان ( الثقافة وآليات التغيير ) طلب مني صلاح مصباح رئيس نادي الأدب بدمياط أن أكتبه لكي يقدم في مؤتمر اليوم الواحد لأدباء دمياط الذى كان مقررا أن يعقد يوم 3 فبراير 2015 ولكن مصباح فاجأنا باستقالته من رئاسة نادي الأدب وبالتالي أصبح المؤتمر في علم الغيب فآثرت نشره وقسمته علي 6 مقالات لكي يسهل قراءته لمن يريد 








الثقافة وآليات التغيير



عندما تغيب الرؤى تغيب الأهداف ويضيع الطريق وتبدأ المتاهة ومن ثم تنمو كيانات عشوائية شيطانية وهذا باختصار شديد هو ما نعاني منه في مصر في العقود الثلاثة الأخيرة تحديدا وما نزال وعندما يغيب التخطيط يكون الارتجال هو سيد الموقف فتضيع الجهود ويخيم الظلام وهو ما يحدث الآن .
وفي ظل هذا المناخ تسيطر قلة من المثقفين عادة ذوي الصوت العالي والمسموع وتتكون النخب وتمارس دورها في صناعة الطغاة بعيدا عن الجماهير المغيبة التي لا تملك سوي حق التصفيق والهتاف بينما يتستر أصحاب تلك النخب وراء ازدواجية الصراع اللا محدود بين المصالح الذاتية والمصلحة العامة لجموع الشعب التي تكتفي عادة بالصراخ ( بالروح بالدم نفديك يا زعيم ) أي زعيم سياسيا كان أو دينيا رئيس دولة أو رئيس حكومة أو حتى ناظر مدرسة ورئيس مصلحة أو مجلس قرية ، وهكذا يساهم المثقفون بشكل أو بآخر في صناعة الطغيان وربما تأليهه ليصبح الزعيم أيا من يكون مبعوثا للعناية الإلهية يري ما لا نراه ويفكر أفضل مما نفكر ونكتفي برؤيته فهو الوحيد صاحب الرؤية . فتصاغ له الأشعار وتقام التماثيل وترسم اللوحات والجداريات وتدبج المقالات وتنظم الندوات ؛
كم من الجرائم ارتكبها المثقفون الذين توافدوا على مهرجانات الزعماء الطغاة، ومجلاتهم وجرائدهم، واستبدلوا بخبز مأساتنا الإقامة في فنادق الدكتاتوريات، يحيون ليالي الكذب ويكتبون بالزيف تاريخ مجد خائب، وفي أول مواجهة حقيقية مع العدو أو مع الزمن يفر الزعيم أو يسقط متهاويا أسرع مما كان يظنه المختلفون معه فكم من قادة أفذاذ فروا في المعارك الحقيقية وكم من زعماء تهاوت نظمهم التي اتضح أنها كانت نظما من خيال تعيش بيوت أوهن من بيوت العنكبوت ، ذلك لأن ثقافتنا العربية تاريخيا وربما المصرية الفرعونية أيضا توارثت وحتى الآن عقيدة القائد الفرد بينما من سبقونا من الأمم يقيمون حضاراتهم علي عقيدة النظام ( System  ) فعندما يسقط الزعيم عندنا تسقط الأمة ونبحث عن طاغية جديد نصنعه ونؤلهه ثم نعبده حتى يسقط هو الآخر ، بينما عندهم إذا سقط الزعيم تبقي الأمة بل ربما تنهض لتواصل التقدم بعلاج أخطاء من سبق .

هذا ما فعلناه ويفعله وراءنا باقي المثقفون العرب منذ أحمس حتى عبد الناصر والسادات ومبارك وهذا أيضا ما فعلناه بالتبعية في مضمار الثقافة نفسها منذ وعينا وعرفنا كلمة ثقافة وسعينا لاختيار معني لها يحقق طموحاتنا فصنعنا رموزنا ثم حطمناها كما فعل بجماليون توفيق الحكيم وانهلنا بمطارق الهدم علي رؤوس العمالقة وانفرد الأقزام بالساحة فصنعنا منهم عمالقة لأنهم صاروا بما فعلنا عمالقة في زمن ساد فيه الأقزام كما حدث لجاليفر في رواية جوناثان سويفت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق