آليات
التغيير
آليات التغيير هي
الوسائل والأدوات التي تستخدم لتحقيق الأهداف المستقبلية ولكل مرحلة من مراحل
التغيير آلية معينة يحددها الزمان والمكان بما يلائم الظروف المواتية للوصول إلى
الهدف الشامل للاستراتيجيات العليا.
ولعل ابرز وأكثر
التقسيمات تمييزا في الدراسات الأكاديمية لا سيما في العلوم الاجتماعية لآليات
التغيير هي :
آليات التغيير
الناعمة (اللينة).
آليات التغيير
الخشنة (الصلبة).
آليات التغيير
الذكية .(الجمع بين القوتين)
وأما مفهوم
"القوة الناعمة soft power" كما روج لها المنظر الأول
لهذه القوة البروفيسور "جوزيف ناي" نائب وزير الدفاع الأميركي السابق
ومدير مجلس المخابرات الوطني الأميركي، وعميد كلية الدراسات الحكومية في جامعة
هارفارد، وهو أحد أهم المخططين الاستراتيجيين الأميركيين، وقد تمكن بمهارة من توظيف
ثنائية الصلب والناعم المستعملة في تقسيم أجهزة وقطع الكومبيوتر الذي يتألف من
أدوات ناعمة software وأدوات صلبة hardware في سبيل ترويج
مشروعه الاستراتيجي والسياسي والعسكري الذي يقوم على نقل المعركة من الميدان
العسكري الصلب حيث التفوق لعقيدة القتال والموت والصبر الطويل والصمود التي يتقنها
أعداء أميركا من وجهة نظر "جوزيف ناي" إلى الميدان الناعم للتغيير
الدولي وأدواته التكنولوجية والاتصالية والإعلامية، حيث التفوق لأميركا وحلفائها.
هذه النقطة توصل إليها أيضاً خبراء الدراسات الإسرائيلية .
والحقيقة المنطقية
التي يفهمها الجميع للقوة هي القوة الصلبة باعتباره المعيار التاريخي الأول كان
يقوم عليها وهي القوة العسكرية كأساس للتغيير فالقوة الصلبة تعتمد النمط المادي
الملموس ، أما القوة الناعمة فهي القدرة على جعل الآخرين يريدون ما تريد أي يختار
الناس ما تريد بذاتهم بدلا من إرغامهم ، وتعتمد القوة الناعمة على الجاذبية
والإغراء والقدرة على الاستقطاب دون الاضطرار إلى استخدام (العصا أو الجزرة).
وقد مارست أمريكا
كلتا السياستين معنا ومع منطقتنا ببراعة فبينما استعمل بوش الابن القوة المسلحة (
القوة الصلبة ) في إحداث ما يريد من تغيير في المنطقة عاد أوباما بالقوة الناعمة
ليعوض ما خسرته الولايات المتحدة من عتاد وبشر ومال ويحقق أهداف بلاده في المنطقة
بأقل مجهود وأقل خسائر مادية وبشرية فأسسوا وساعدوا جماعات الإسلام السياسي وسلحوا
داعش بأحدث ما أنتجته الترسانة الأمريكية من سلاح علي نفقة بعض أغبياء الحكام
العرب في قطر وغيرها وتركت غيرهم يسلحون الجانب المقابل لتدور رحى حروب في سوريا
والعراق وليبيا واليمن والسودان وعلي أرض سيناء في مصر بين أبناء الأمة الواحدة والوطن الواحد
والعقيدة الواحدة ليسقطون وتدمر مقدراتهم الاقتصادية والعسكرية وتضيع إلي زمن طويل
قوي تلك الأوطان التي ضاعت أو تكاد وتتشرذم وتنقسم وتتفتت ولتنعم إسرائيل لحقب
طويلة قادمة بسلام واسترخاء عميق وبناء وتنمية لم تحلم بهما منذ نشأتها دون أن تخسر
شيكلا واحد أو نقطة دم يهودية واحدة .
ومع النجاح
الأمريكي في استغلال عناصر القوة الناعمة من آليات التغيير بداية من الثورة
التونسية ثم باقي ثورات ما أطلق عليه الربيع العربي من خلال الاستخدام الأمثل
لتقنيات التطور الهائل في وسائل الاتصال والإنترنت ، والسعي لتخريب عقول المثقفين
العرب عموما من خلال تلك الوسائل تحت ستار السعي لبناء الديمقراطية وجنتها
المفقودة في بلادنا ، وبينما كانت
النظم السياسية في العالم العربي مغيبة طوال العقد الماضي كله كانت عجلة التآمر
الأمريكية تدرب بعضا من شبابنا في صربيا في مدارس أوتبور وفي بروكسل ببلجيكا
وفريدم هاوس بالولايات المتحدة علي الثورة الناعمة الساعية للديمقراطية والمناهضة
للاستبداد والظلم وفي الوقت نفسه ضخت الخارجية الأمريكية أموالا كثيرة لبعض
تنظيمات المجتمع المدني والجماعات الدينية السياسية للاستعداد لتلك المرحلة وتقويض
نظم كانت من قبل عميلة وربيبة للولايات المتحدة تأتمر بأمرها وتتسول معوناتها
ولولا عناية الله لسقطت مصر كما سقطت العراق وسوريا وليبيا واليمن ولكن الله أراد شيئا
غير ما يريدون .
وبالطبع فان آلية
التغيير الناعمة ليست جديدة تماما، ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية أول من
استخدم الثقافة لتكون قوة ناعمة طرية ، وعلى سبيل المثال نجد أن تدفق الثقافة
الأمريكية إلى المجتمعات الأخرى لا تكون بدون تغيير، فقوائم الوجبات في كنتاكي
وماكدونالد وهارديز للأكلات السريعة منتشرة في دول كثيرة من العالم الثالث ،
وأفلام الكاوبوي الأمريكية تترجم بلغات كثيرة لهذه الدول ولا تعرض في بلاد من
أنتجوها لتعكس التصورات للرسالة التي يجري ترجمتها سعيا لإعادة بناء منطقة الشرق
الأوسط الجديد وفقا لمتطلبات السياسة الأمريكية والصهيونية والتي أعلنتها صراحة
وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعد سقوط العراق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق