الأربعاء، 28 سبتمبر 2016

4- دور الثقافة الجماهييرية في خلق جيل من الرواد المبدعين


4- دور الثقافة الجماهيرية في خلق جيل  من الرواد المبدعين

وقد كانت الثقافة الجماهيرية فكرة عبقرية أتاحت أدوات الثقافة للجميع في كل ربوع مصر بعد أن كانت حكرا علي العاصمة وبعض المدن القليلة في مصر فقط وإلي الثقافة الجماهيرية يرجع الفضل في خلق جيل كبير رائد في مدن وقرى مصر في الأدب والمسرح والموسيقي والفن التشكيلي ومع أن فكرة الثقافة الجماهيرية أصلا فكرة يسارية منقولة عن الكتلة الشرقية إبان تطبيق قرارات يوليو الاشتراكية في مصر في عام 1960 كحل بديل لحصار واحتكار العلم والثروة للغرب فقد أصبحت تلك الفكرة ضرورة حياة بالنسبة لكل أطياف الشعب الذين عرفوا من خلالها الأدب والمسرح ومختلف ألوان الفنون . أما بالنسبة لجيلي فكلنا ندين بالفضل إلي الراحل الكبير سعد الدين وهبة ولو أن سعد كامل قد سبقه في تنفيذها إلا أن سعد وهبة هو من نشرها في كل ربوع مصر. حيث أن سعد كامل كان أول من حول جامعة الثقافة من الاهتمام بالحرف والتعليم المهني إلي التعامل مع مصادر الثقافة وميادينها الرحبة ولكنه بدأ التجربة في أربع محافظات فقط  كنواة هي أسوان وأسيوط والشرقية وكفر الشيخ ولم يستطع إكمال تجربته بتنحيته علي أثر اتهامه بميوله الماركسية وأكمل سعد الدين وهبة التجربة ووسعها وعممها في سائر ربوع الوطن .
وعندما نقلت من مصلحة الاستعلامات في صيف 1965 لمركز الثقافة والاستعلامات بدمياط كانت جمعية رواد الأدبية المستقلة والتي نشأت في أحضان الثقافة في مركز الثقافة والاستعلامات بدمياط وبدعم كبير من أحد الزملاء من العاملين بالثقافة وهو كامل الدابي أمين المكتبة وظلت الجمعية تمارس نشاطها في مقر مركز الثقافة وهو مقر الإشهار ثم ما لبثت أن دخلت في معارك سياسية بدأت عندما اشترك عبد الرحمن عرنسة رئيس مجلس إدارتها في ندوة كانت بعنوان الفراغ الفكري حيث انتقد بشدة تجربة القطاع العام وبعض التطبيقات الاشتراكية التي كانت تأخذ بالشكل دون المضمون كما رأي وكان الاتحاد الاشتراكي في ذلك الوقت في طور قوته كتنظيم سياسي له أساليبه والتي كان من بينها تنظيم سري يسمي التنظيم الطليعي لم يكن أعضاؤه معروفين للعامة وكان أحدهم مكلفا بمتابعة نشاط مركز الثقافة  فكتب تقريرا أدي إلي وقف عبد الرحمن عرنسة عن العمل لفترة طويلة فكانت مضاعفات هذا الإيقاف وردود الأفعال المختلفة لدي الجماعة مرصودة من ذلك التنظيم واستمرت التقارير عن الجماعة في الاتحاد الاشتراكي تزيد من رصيدها السلبي لدي قيادات هذا التنظيم بالإضافة إلي وقوع الكثير من المشكلات الإدارية بين الجماعة وبين إدارة المركز في ذلك الوقت وهم سعد الدين عبد الرازق الذى حدث في تلك الفترة أن تم تفرغه للعمل في الاتحاد الاشتراكي وأوكل قيادة العمل بمركز الثقافة إلي الراحل محمد السروي وقد كان رجلا فاضلا إلا أنه كان مؤهل متوسط ويتولي الشئون الإدارية في المركز ورغم أنه لا يجوز إداريا أن يتولي عمل قيادي إلا أن سعد عبد الرازق قد كلفه بالقيام بعمله كمدير للمركز وكان سريع التبرم بآراء المبدعين وفقد صبره إزاء تمردهم ومن باب خوفه علي نفسه من أن ينسب إليه رعاية ما يقولون أو يكتبون من أفكار رافضة ومعارضة بشكل أو بآخر كل ذلك أدي في النهاية إلي صدور قرار من الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت بدمج الجماعة ( جماعة الرواد الأدبية ) في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بمحافظة دمياط وقد كان صدور هذا القرار بإيعاز من الاتحاد الاشتراكي وأمن الدولة وتم تعميمه في باقي المحافظات تحت شعار دمج الجمعيات المتشابهة في النشاط في جمعية واحدة وقد لاقي هذا القرار معارضة شديدة من الأدباء واستمرت المعارضة حني قدمت مرة أخرى للعمل بدمياط كمدير لقصر الثقافة بها عام 1971 بعد إنهاء ندبي إلي الاتحاد الاشتراكي بفارسكور كأمين تنظيم لمنظمة الشباب بها ومن بعدها بالتربية والتعليم حيث كنت أعمل مدرسا للغة الإنجليزية بمدرسة الزرقا الثانوية التجارية وكانت معارضة الأدباء لقرار الدمج ما زالت قائمة وقد تزعم البعض تلك المعارضة التي كانت عائقا كبيرا في بداية مشوار حياتي بالثقافة في دمياط حتي تمكنت بمساعدة بعض الأدباء الكبار سنا في اجتياز هذه الأزمة التي لم يكن لي فيها ناقة ولا جمل ؛
 أما جمعية ضفاف فقد نشأت منشقة عن جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بدمياط ( نادي الأدب) في أحضان حزب التجمع الوطني وقد قام بها بعض الأدباء من الشباب ذوي الميول اليسارية في ذلك الوقت وأعتقد أن أسباب قيامها كانت سياسية ولم تكن أدبية وهذا ما عجل بنهايتها إلا أنها كانت تجربة ثرية ضمت بعض الأدباء الشباب إلي جانب بعض السياسيين الذين لم يعجبهم في ذلك الوقت استقالتي من منبر اليسار حيث كنت من مؤسسي هذا المنبر في دمياط وكنت أول مرشح له في انتخابات مجلس الشعب بمركز فارسكور عندما كان محمد عبد السلام الزيات مرشحا يساريا مستقلا في دمياط أمام حمدي عاشور في مدينة دمياط ورغم أنني رفضت عرضا من المهندس حسب الله الكفراوي محافظ دمياط في ذلك الوقت بالانضمام إلي منبر الوسط ( حزب مصر ) فيما بعد إلا أن بعض اليساريين المتشددين فيما بعد قد ظلوا في شكوكهم تجاهي أنني علي علاقة بأمن الدولة وأجهزة السلطة وهو ما دحضته الأيام فيما بعد .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق