السبت، 9 فبراير 2013

بداية حركة مسرحية في دمياط





بداية حركة مسرحية في دمياط
- حديث الذكريات -2 -

كتبها محمد عبد المنعم إبراهيم ، في 7 ديسمبر 2011 الساعة: 10:27 ص













  ما لم يذكره الصديق حلمي سراج في حفل تكريمه مؤخرا بقصر الثقافة ناسيا أو متناسيا ( أشك في ذلك ) أذكر أنه عندما توليت أمر الثقافة في دمياط في خريف عام 1971 كان لا يوجد مسارح بدمياط إلا مسرح مجلس المدينة وكان يطلق عليه المسرح القومي وكانت معظم المحافظات التي بها نشاط مسرحي أو فنون شعبية علي قلتها كانت تلك الأنشطة تابعة للمحافظات نفسها هي التي تنفق عليها وتديرها وكانت فرقا متميزة ولكن نشاطها كان قاصرا علي عواصم المحافظات في مسارحها الخاصة بها وكانت الثقافة الجماهيرية في الغالب تدعم هذه الفرق في العامين الأخيرين قبل تولي سعد وهية رئاسة الثقافة الجماهيرية بالمخرجين وبعض التقنيات مثل البروجيكتورات وكان هناك مواكبا لهذه الفترة كتاب كبار للمسرح مثل توفيق الحكيم وميخائيل رومان ومحمود دياب ولم يكن جيل الشباب من الكتاب قد تبلور بعد وصاحبهم جيل من المخرجين الكبار مثل سعد أردش ونبيل بدران وكرم مطاوع وجلال الشرقاوي وحسن عبد السلام وعلي الغندور وغيرهم وفي دمياط كان الوضع مختلفا بعض الشيء فكانت لها فرقة مسرحية وفرقة للفنون الشعبية تابعين للمحافظة تبعية كاملة ولهما مجلس إدارة وكانت الثقافة ممثلة فيه بمديرها ولم يكن لها أي صلاحيات تجاه هذه الفرق ولمع علي خشبة المسرح القومي نجوم محليين كان منهم عبد الكريم عبد الباقي ونبيل عمر ومحمد ناصف والسيد مسحه ومعاطي حبة وغيرهم وفي الفنون الشعبية لمعت وجوه كان لها تأثيرها في الحياة الفنية في دمياط ومنهم الملحن العبقري وفيق بيصار وأحمد شبكة ومحمود أمين ومصطفي السنباري والسيد الغطاس ومحمد محفوظ وغيرهم كثيرين لا تسعفني الذاكرة لذكرهم جميعا أما في قصر الثقافة فلم يكن هناك اهتمام مباشر بأن يكون له فرقة مسرحية أو أن يقوم بالدور المفروض أن يقوم به بشكل أكبر في فرقة المحافظة مكتفيا بدور الوسيط أحيانا في مصاحبة بعض العروض خارج المحافظة فكثيرا ما قمت وأنا أخصائي ثقافي بمصاحبة فرقة دمياط للفنون الشعبية إلي القاهرة في رمضان للعرض في سرادق الثقافة الجماهيرية بالحسين أو في مسابقة التليفزيون حيث حصلت فرقة دمياط في منتصف الستينات علي كأس التليفزيون في أحد أعوام تلك المسابقة علي فرق كبيرة كانت تشارك في تلك المسابقة ومنها فرقة البحيرة الأقدم والأشهر وفرقة الشرقية التي ذاع صيتها فيما بعد وكانت هناك محاولات جادة من بعض الفنانين في دمياط لتقديم أعمال مسرحية بجهودهم الذاتية وكان علي رأسها فرقة المسرح العمالي بقيادة حلمي سراج والتي كانت تقدم عروضها علي مسرح مدرسة الزراعة في غيط النصاري وفرقة الإستاد الرياضي بقيادة أحمد جبر وفرقة أخرى في الساحة الشعبية ومعها رضا حسني وسارعت فرقة المسرح العمالي الأكثر إنتاجا ونضجا بالعمل في إطار قصر الثقافة سعيا للعثور علي كيان رسمي يقدمها ويحتضن أعمالها واستطاعت هذه الفرقة أن تقدم كثيرا من العروض المسرحية في مختلف المواقع بالقرى والمدن برعاية قصر الثقافة.
 مما سبق يتضح أن المسرح في الثقافة الجماهيرية في السبعينيات لعب دورا مهما في ريف ومدن مصر كلها ويتضح أيضا أن البداية انطلقت من هواية محببة لبعض الشباب حتى أن الفرقة كانت تحمل الديكور فوق سيارة نقل أو جرار زراعي معار من أي جهة حكومية ثم يركبون فوق الديكور ويذهبون إلي قرية وينصبون ديكوراتهم ويقدمون عرضهم ويعودون في ساعة متأخرة من الليل إلي بيوتهم بكل الحب والترابط وكان الرابطة بين أعضاء الفرقة رابطة صداقة متينة ومحببة فكانوا يحتفلون بأعياد ميلاد بعضهم البعض علي خشبة المسرح ويقفون إلي جانب بعضهم في الملمات والأفراح وعرف الناس في بلدنا يعني إيه مسرح لأول مرة فماذا نريد من المسرح غير ذلك علاوة علي ذلك لم يكن يكلف ميزانية الدولة شيئا يذكر ولعب المسرح دورا تنويريا مهما اعتبارا من نكسة 67 إلي أواخر الثمانينيات بتقديم عروض متفاعلة مع الواقع المعاش ومع القضايا الوطنية المثارة علي الساحة فلا زلت أذكر الدور الذي لعبته مسرحية أغنية علي الممر بعد النكسة في العروض التي قدمتها الفرق لفترة طويلة وفي حرب الاستنزاف ، لم تكن الحركة والحياة وردية علي طول الخط بل كانت هناك معوقات ومنغصات اعترضت الطريق كثيرا ولاقينا فيها الكثير من المعاناة ولكن بالترابط الذي كنا نحرص عليه وروح الأسرة التي كانت تضم الجميع لعبت دورا مهما في الاستمرار والاستقرار وكانت قهوة العزوني الملاذ الهام الذي يجمع الجميع في نهاية الليل بعد كل عرض لتستمر الحوارات حول العمل الذي قدم نقدا وتحليلا بسيطا دون تراكيب أو تقعير بينما كانت الحركة الأدبية هي الأخرى تلعب نفس الدور وبعد نشاطها يجتمع الكثيرين في صالون النبوي سلامة وهكذا إلا أن أهم المواقف التي يجب الإشارة إليها موقف أجهزة الدولة من هذا النشاط الذي كان يزعج البعض أحيانا كثيرة فحدث مثلا وبعد افتتاح القصر أن تصادف إعجاب حلمي سراج والجميع معه بكتابات علي سالم المسرحية فظل لفترة طويلة يخرج أعمالا له ومن باب المصادفة الغريبة أن أغلب مسرحيات علي سالم وغيره تحمل أسماء تثير الاعتراض دينيا لأول وهلة من أول مسرحية زيارة عزرائيل ثم الناس اللي في السما الثامنة والراجل اللي ضحك علي الملائكة وقد أثار ذلك حنق وغضب بعض التيارات الدينية وكان منهم فضيلة الشيخ البواب حفظه الله فكانت معظم خطبه في الجمعة بمسجد المعيني القريب من قصر الثقافة وكان هذا كافيا علي إثارة الرأي العام ضد الثقافة فظهر اتجاه قوي مضاد لحركة الثقافة في دمياط فكان لابد أن نتجه إليه ونحاوره في مسجد المعيني حيث كان الرجل يتمتع بشعبية كبيرة وحب كبير من المواطنين وأنا منهم ودعوته إلي القصر ليلقي فيه محاضرة أو يجري حوارا ولكنه أبي في حين نجحت بعد ذلك في عقد علاقة ورابطة مع أنصار السنة بدمياط ونجحنا في إقامة سلسلة من المحاضرات الدينية بمسرح القصر الذي لم يكن قد اكتمل وبأجهزة إذاعة بدائية فأذكر محاضرات ناجحة لفضيلة الشيخ الراحل عبد الحميد عرنسة ومصطفي برهام والدكتور السيد رزق الطويل وغيرهم وقد لعب ذلك دورا كبيرا في تحسين صورة الثقافة أمام الرأي العام وكان ذلك ردا علي ما أثارته بعض أجهزة الدولة ومنها أمن الدولة أن قصور الثقافة قد تحولت إلي خلايا شيوعية بعد ذلك نجحنا في اعتماد فرقة قصر الثقافة كفرقة قومية واستقدمنا لها مخرجين كبار كان لهم فضل كبير في التثقيف المسرحي مثل عباس أحمد وحافظ أحمد حافظ وماهر عبد الحميد ومحمد توفيق وسعد أردش وغيرهم واستضفنا كثيرا من العروض الهامة بدءا من مسرحية بيومي أفندي ليوسف وهبي وأمينة رزق ومحمد صبحي وسعيد صالح ونجوم ا لمسرح القومي والطليعة في عصرهم الذهبي وتصاعد نجم المسرح في مصر من خلال الثقافة الجماهيرية في عهد سعد وهبة وازداد تألقا في عهد سمير سرحان عندما تولي رئاسة الثقافة الجماهيرية ، وفي تلك البداية الصعبة كانت هناك جهود كبيرة قد بدأت وقبل أن يكتمل بناء القصر حيث سار العمل علي عدة محاور تنشيط الحركة الثقافية ، الانتهاء من تشطيب المبني ، الحيلولة دون استيلاء المجلس الشعبي علي واجهة القصر وقد تم بحمد الله وتوفيقه ومعاونة رواد القصر في ذلك الوقت تنشيط الحركة الثقافية بإنشاء فرقة للسمسمية علي مستوي رائع جابت المحافظة كلها وخارج المحافظة تنشد عن بطولات القناة وحرب الاستنزاف وتم اعتماد فرقة المسرح بقصر ثقافة دمياط كفرقة قومية بعد أن كانت الفرقة المعتمدة هي فرقة بالسرو يقودها أحمد عبد الغني العاصمي وكان دعم الثقافة الجماهيرية المالي والفني يوجه في الأغلب لفرقة المحافظة وكان مقرها مسرح دمياط القومي وبعد اعتماد فرقة قصر ثقافة دمياط أمكننا في البداية الحصول علي بعض الدعم حتي تم في نهاية المطاف اعتمادها كفرقة قومية للمحافظة خاصة بعد توقف فرقة المحافظة في تلك الفترة بعد آخر عمل قدمته وكان بنسيون الأحلام إحراج محمود شركس وأغلقت الفرقة نهائيا وتم إنتاج عدد كبير من المسرحيات بلا أي ميزانيات لفرقة قصر الثقافة المسرحية التي كانت فرقة المسرح العمالي من قبل بقيادة الفنان المخلص حلمي سراج ومن هذه المسرحيات التي تكلف بعضها 9 جنيه ميزانية للديكور مثل مسرحية القفل والزوبعة وأبو زيد في بلدنا وغيرها وكانت الفرقة تنتج من مسرحيتان إلي ثلاثة في العام الواحد وكانت تقدم عروضها علي المسرح وهو غير مكتمل بلا إضاءة وبلا كراسي وبلا ستائر بعد أن قدمت عروضها علي مسرح مجلس المدينة وأحيانا علي مسرح مدرسة الزراعة في بداية غيط النصارى وفي كثير من أفنية المدارس والأجران وملاعب مراكز الشباب بالقرى والمدن المختلفة بالمحافظة وكان من نجوم الفرقة في ذلك الوقت مجموعة كبيرة من الحرفيين منهم رضا عثمان وزغلول البابلي  وعبده الجنتيري والسيد العناني والسيد ألفناجيلي وأخيه صلاح ومن شباب المثقفين كان أحمد عجيبة وشوقي بكر وفوزي سراج وغيرهم وفي مجال الأدب نشأت بدايات الحركة الأدبية الأولي بالتعاون مع الشاعر الراحل محمد النبوي سلامة حثي اندمجت بعد ذلك جمعية الرواد الأدبية في جمعية رواد قصر وبيوت الثقافة بمحافظة دمياط وتبلور عنها بعد ذلك حركة أدبية كبيرة ذات صوت مسموع علي مستوى مصر كلها من خلال المطبوعات التي صدرت عنها مطبوعة علي الماستر أو من خلال المؤتمرات التي بدأت تنطلق من دمياط في أعقاب المؤتمر القومي الأول بالمنيا للأدباء في الأقاليم ولنا بقية










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق