في بلاط صاحبة الجلالة - حديث الذكريات
كتبها محمد عبد المنعم إبراهيم ، في 26
ديسمبر 2011 الساعة: 12:43 م
حديث الذكريات 8
في بلاط صاحبة الجلالة
سألني فوزي سراج في حواره معي علي الفيس
بوك بصفحة المسرح في دمياط : اختياركم وحبكم
لمهنة الصحافة في بداية حياتك ….. بل وعملك فعلا كصحفي في جريدة الجمهورية … هل كان
له جذور في نشأتكم وطفولتكم وصباكم. كاهتمام مثلا أو محاولات منذ الصغر ؟
كنت وأنا طالب في مدرسة فارسكور الثانوية
محب للأدب والفلسفة وأبرز حدثين لي في هذا المجال أن طلب إلي مدرس اللغة العربية في
الصف الثاني وكان اسمه الأستاذ أمين برغش كتابة بحث عن إيليا أبو ماضي فقد كنا ندرس
شعره وكان البحث جيد لدرجة أن المدرس طلب إلي إدارة المدرسة أن ألقي هذا البحث في سابقة
لم تحدث في مدرج المدرسة في الفسحة الكبيرة ويحضره جميع الطلبة وقد حضر ناظر المدرسة
وكان اسمه وديع توما هذا الحدث مع المدرسين وجمع كبير من طلبة المدرسة وفي نهاية العرض
أهداني قلمه الحبر ( كاديلاك ) وبعض الكتب من المكتبة وفي الصف الثالث كنا وبعض الزملاء
نكتب صحيفة حائط بالمدرسة وكنت شديد التأثر بكتابات العقاد ومدرسة ديكارت المبنية علي
عقيدة ( الشك ) وصولا للحقيقة وكتبت مقالا في صحيفتنا بعنوان ( أين الله ) أحدثت دويا
شديدا حتى أن ضابط الفتوة بالمدرسة قرر رفع الصحيفة ووقفها وكنت متفوقا في دراستي وكان
هناك تنافس شديد بيني وبين صديق وزميل عزيز علي رحمه الله المستشار محمد يوسف عبد الباري
من شرباص وكان شديد الذكاء فكان ترتيبه الأول في الثانوية العامة بمجموع 71% وكنت الثاني
بمجموع 69% سنة 1960 وكان المجموع يؤهلنا لدخول كلية التجارة أو كلية الاقتصاد والعلوم
السياسية في أول سنة لها ولكنه فضل دخول الحقوق وفضلت دخول الآداب لكي التحق بقسم الصحافة
وتفوقت في دراستي بقسم الصحافة ابتداء من الصف الثاني وحتي التخرج وكان علينا بتوجيه
من الكلية أن نتدرب في الصحف خلال الصيف وكان نصيبي ان أوزع في التدريب علي جريدة المساء
التي التحقت بها في الصف الثاني عام 1961 وان رئيس تحريرها عملاق صحفي هو الأستاذ مصطفي
المستكاوي شقيق نجيب المستكاوي الناقد الرياضي المعروف وكان من أبرز من علمت معهم كمال
الجويلي الفنان التشكيلي الذي كان يحرر ركنا اسمه كل الناس علي نمط حديث المدينة ومن
غير عنوان ونشرت لي موضوعات باسمي في ذلك العام وكان إلي جوارنا الصحفي الدمياطي الراحل
عبد الفتاح الجمل الذي كان معنيا بتتبع أخبار الفن والفنانين في ذلك الوقت والراحل
الفارسكوري عبد الوهاب دنيا الذي كان يكتب ركنا عن الفلاح وفي العام التالي وأنا في
الصف الثالث كان يدرس لنا تمرينات عملية الراحل عبد الحميد سرايا وكان مدير تحرير الجمهورية
ورئيس قسم الترجمة بها فكان يدرس لنا الترجمة الفورية ومن فرط إعجابه بي طلب مني أن
أنتقل من المساء إلي الجمهورية للعمل معه في قسم التيكرز وهو القسم الذي يستقبل برقيات
وكالات الأنباء علي أجهزة معينة بالإنجليزية وكان علي مع كثير من الزملاء تحت إشرافه
أن نترجم هذه البرقيات ويراجعها ويدفع بها إلي التحرير ثم دفعني بعد ذلك للعمل مع عبود
فوده في ركن حديث المدينة وكان شبيها بباب كل الناس في المساء وكانت فترة أتاحت لي
التعرف علي نجوم الفن والصحافة في المجتمع،
ثم دفع بي عبد الحميد سرايا لكي أعمل الماكيت الخاص بركن الرياضة وكان ربع صفحة
فقط في الجمهورية حيث كان عبد الرحمن فهمي المسئول عن هذا القسم قد استبعد بسبب قريب
له هاجم عبد الناصر في مؤتمر شتورة بلبنان بعد الانفصال وانهيار الوحدة مع سوريا وكان
هذا الرجل يعمل ملحقا عسكريا لمصر في سفارتنا بلبنان واسمه زغلول عبد الرحمن وكان قريبا
أيضا لثروت عكاشة فأضير الجميع بسببه وأسند ركن الرياضة لناصف سليم وكان يعمل مصححا
في المطبعة ولأنه كان يلعب كرة طائرة في الزمالك فقد تم الاستعانة به ليشرف علي قسم
الرياضة وكان يعاونه في الكتابة به بالقطعة نور الدالي والديبة والجندي وكلهم رياضيون
قدامي بالإضافة إلي فاروق يوسف وقدري الطحاوي ولم يكن للجميع دراية بمسألة تبويب وإخراج
الصفحة مما دفع سرايا يومها لأن يبعث بي معهم لأقوم بتوضيب الصفحة وأعمل الماكيت لها
بالموضوعات وأنا في الصف الرابع وعلي وشك التخرج ومسألة تثبيتي كانت متوقعة بعد التخرج
بعد العمل عامين متواليين في الجمهورية في فترة من أعظم فترات حياتها الصحفية فقد كان
يكتب بها كوكبة من الكتاب منهم سعد وهبة وإسماعيل الحبروك ومحمد الحيوان وإبراهيم نوار
وغيرهم ومع بداية امتحانات نهاية العام وقعت مذبحة الصحفيين فقد أطاح النظام يومها
برئيس التحرير وكل الكتاب الذين أحسوا أنهم ليسوا موالين تماما للنظام وعين حلمي سلام
رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا للتحرير وكان ناصف سليم غير مرتاح لوجودي معه ويحس مني
بالخطر عليه بحكم مساندة ودعم عبد الحميد سرايا فعندما حدثت مذبحة الصحفيين تلك أطيح
بسعد وهبة إلي وزارة الثقافة وعبد الحميد سرايا إلي نقابة الصحفيين ومنهم من نقل إلي
شركة باتا والجمعيات الاستهلاكية وكانت فرصة لناصف سليم أن يتخلص مني بالإيعاز إلي
حلمي سلام بأنني من رجال عبد الحميد سرايا وهو شرف لا أنكره حتى يومنا هذا فكان أن
تم توزيعي علي مصلحة الاستعلامات بالقاهرة في عهد يحي أبو بكر ولم أحتمل الاستمرار
فيها طويلا فطلبت نقلي إلي فرعها في دميا ط ومن الجدير بالذكر أن عبد الحميد سرايا
عندما عاد مرة أخرى في عهد السادات إلي الصحافة عاد إلي الأهرام وكانت لي زميلة نقلت
معي إلي الاستعلامات اسمها مني سليمان عوني ولما رجع سرايا أعادها إلي وكالة أنباء
الشرق الأوسط وطلب منها أن تتصل بي لمقابلته في الأهرام وعندما قابلته كنت قد تزوجت
وتوفي والدي وأصبحت مسئولا عن عائلتين كاملتين فاعتذرت له شاكرا عن العودة إلي الصحافة
مرة أخري مضحيا بهوايتي القديمة ومستقبلي في سبيل الالتزام العائلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق