الأحد، 17 فبراير 2013

قصة مصنع أجريوم


قصة مصنع أجريوم 
 كتبها محمد عبد المنعم إبراهيم ، في 21 أبريل 2009 الساعة: 10:27 ص




مدخل لابد منه   :
  توقعت دراسة علمية تحول مصر إلى دولة مستوردة للبترول بحلول عام 2017، خاصة في ظل سياستها الرامية لإصلاح الهيكل الاقتصادي، والانطلاق على طريق النمو الاقتصادي لرفع مستوى المعيشة والدخل، ومواجهة الزيادة السكانية المطردة.وأشارت الدراسة التي أعدها الدكتور حسين عبد الله رئيس جهاز تخطيط الطاقة ووكيل وزارة البترول السابق بعنوان «أزمة نضوب البترول والغاز في مصر» إلى أن قطاع البترول يمثل نحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري وأضافت أن مصر استوردت خلال عامي 1974 و1975 بترولا قيمته 300 مليون دولار، ثم تحولت إلى دولة مصدرة منذ عام 1976 بحصيلة صافية من العملة الأجنبية تصاعدت حتى بلغت ذروتها 2.5 مليار دولار سنويا في الفترة من 1980 ـ 1985 ثم انخفضت هذه الحصيلة إلى 700 مليون دولار فقط عام 1986 إلا أنها عادت مرة أخرى للنمو التدريجي حتى وصلت إلى 1.3 مليار دولار سنويا في الفترة 1996 ـ 1999 فإذا أضيفت إلى هذه الحصيلة قيمة الاستهلاك المحلي من البترول فإنها تصل إلى 5.3 مليار دولار سنويا، ويساهم قطاع البترول في الوقت الحاضر بنحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بــ 16 في المائة لكل من قطاع الزراعة والصناعة والتجارة وتوضح الدراسة أن مصر نجحت في تغطية احتياجاتها المحلية من البترول حيث زاد إنتاجها من 7.5 مليون طن في عام 1975 إلى 34 مليون طن في عام 1997 ومع حالة الكساد التي صاحب السنوات الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة من1990 ـ 1993 توقف استهلاك الطاقة عند 28.4 مليون طن في حين ارتفع استهلاك البترول في الفترة من1994 ـ 1997 من 29.3 إلى 34 مليون طن أي بمعدل زيادة 5 في المائة سنويا، وتتوقع الدراسة زيادة استهلاك البترول والغاز الطبيعي بمعدل 3 في المائة سنويا في الفترة من 1997 إلى 2017 وبذلك سترتفع احتياجات مصر من البترول والغاز الطبيعي من 34 مليون طن عام 1997 إلى 50 مليون طن في عام 2010 والى 61.4 مليون طن في عام 2017 وتؤكد الدراسة انه وفقا لتقدير احتياجات مصر من الطاقة على أساس معدل نمو 3 في المائة سنويا فان نصيبها من الاحتياطيات والذي يقدر بنحو 830 مليون طن بترول بخلاف حصة الشركاء الأجانب، يمكن أن ينضب في عام 2015، بافتراض التوقف عن تصدير البترول السائل من الآن والامتناع عن تصدير الغاز مستقبلا.

وترى الدراسة انه إذا استمرت مصر في تصدير البترول للحصول على 1.3 مليار دولار سنويا كما الحال الآن فان نصيبها من الاحتياطيات المؤكدة سوف ينضب في عام 2012.

وكشفت الدراسة عن خطورة الاتفاقيات التي عقدت مع الشركاء الأجانب في حقول الغاز الطبيعي والتي يحصلون بمقتضاها على نسبة تتراوح بين 20 في المائة و40 في المائة من الإنتاج، بالإضافة إلى التوسع في تقديم حوافز جديدة للشريك الأجنبي عن طريق زيادة سعر شراء نصيبه من الغاز، وطالبت الدراسة بعدم تصدير الغاز الطبيعي إلى أن يصبح الاحتياطي 40 تريليون قدم مكعب موضحة انه إذا استمرت مصر في تصدير الغاز قبل تحقيق هذا الاحتياطي فإنها تعجل بنفاده وستضطر إلى استيراده من الخارج بأسعار مرتفعة تصل إلى 38 دولارا عام 2010 و55 دولارا عام 2017 ويضرب المؤلف مثالا على ذلك انه إذا قامت مصر بتصدير الغاز إلى تركيا كما أعلن عن ذلك وهو ما يقتضي تخصيص نحو 808 تريليونات قدم مكعب من إجمالي الاحتياطيات الغازية لمواجهة هذا الالتزام، وإذا ما استمرت أيضا في تصدير البترول فان نصيبها من احتياطيات البترول والغاز يمكن أن ينخفض إلى نحو 678 مليون طن بترول معادن وهو ما يؤدي إلى استنفاد ذلك النصيب بحلول عام 2009م.

وتدعو الدراسة إلى إعادة حساب احتياجات مصر من الغاز في ضوء الخطط التي وضعتها مؤخرا لمشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية حتى عام 2017.

وإذا ثبت من تلك التقديرات أن ما تحقق من احتياطيات للغاز لا يكفي لمواجهة الاحتياجات المحلية حتى عام 2020 على الأقل خاصة مع ما يشهده إنتاج الزيت من انخفاض مستمر خلال السنوات الأخيرة، فمن الواجب أن يعاد تقدير رقم الاحتياطي القومي والالتزام بعدم تصدير الغاز قبل بلوغ الهدف الجديد إذا ما شرعت مصر في تصدير الغاز قبل أن تحقق الاحتياطي القومي المناسب، فان ذلك سوف يعجل بنفاده أيضا بنقطة التحول إلى استيراد الطاقة التي تعتبر من أهم عناصر النمو الاقتصادي، وهذا يهدد بوقوع أزمة خطيرة خاصة في ظل ارتفاع البترول وأشارت الدراسة إلى أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة والتي أنشئت لاستغلال المصادر غير البترولية لم تحقق الآمال المنشودة، إذ لم تتجاوز مساهمة المصادر الشمسية والرياح والكتلة الحيوية 0.46 في المائة من الاحتياجات المحلية من الطاقة عام 1995 وتدعو الدراسة إلى تذليل العقبات التي تحول دون الانتشار السريع لاستخدام تلك الطاقات، وان كان من المعروف انه حتى على المستوى العالمي إن تلك الطاقات أمامها وقت طويل قبل أن تحتل مكانة مهمة على قائمة الاستهلاك العالمي للطاقة لان تكنولوجيتها مازالت في المراحل الأولى من التطوير، وفي مصر تقدر هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة مساهمتها في تغطية الاحتياجات المحلية بما لا يتجاوز 4.2 في المائة من تلك الاحتياجات بحلول عام 205، وتؤكد الدراسة أن الرؤية المستقبلية للحفاظ على احتياطي كبير من الغاز للاستهلاك المحلي وترشيد طاقة التكرير بما بلائم نمط الاستهلاك المحلي دون الوقوع في فخ انتاج كميات متزايدة من المازوت الملوث للبيئة والذي يصعب تسويقه مستقبلا تقتضي التوسع في تزويد معامل التكرير بطاقة للتكسير بحيث يتحول الفائض من المازوت الى منتجات خفيفة كالبنزين والسولار وهو ما يفي باحتياجات المواصلات وفيما عدا ذلك ينبغي ان يحل الغاز كوقود محل السوائل في كل الاستخدامات ويمكن أيضا التوسع في استخدامه في السيارات وبذلك يمكن أن تنخفض طاقة التكرير اللازمة لمواجهة الاحتياجات المحلية إلى النصف والتخلص من المازوت الفائض الملوث للبيئة وتفادي الصعوبات المتزايدة في تصديره فضلا عن تحسين مستوى البيئة في مصر نتيجة للتوسع في إحلال الغاز محل المازوت. فإذا كانت هذه الثروة الطبيعية التي اكتشفت عبر السنوات القليلة الماضية أصبحت تمثل موردا هاما من موارد الدولة الاقتصادية إلا أنها في ضوء الدراسات السابقة تمثل خطرا كبيرا علي الدولة في المدي الزمني القريب بعد نفاذ هذا الاحتياطي ونضوبه نتيجة لاستنزافه السريع وبيعه بعقود سرية لأكثر من طرف منهم الصديق ومنهم العدو ندعم التنمية في بلادهم ونهدرها في بلادنا بزعم تحقيق عائدات سريعة وكبيرة نسبيا من العملة الصعبة فهل يحق للأب أن يبدد ثروته التي هي ملك لكل أسرته الأبناء والأحفاد لقاء مبالغ كبيرة نسبيا اليوم ولكنها مستقبلا تعتبر إهدارا لأصحاب المستقبل لن يفلت جيلنا من المحاسبة تاريخيا في ذلك المستقبل جراء ما يتم . فلا نفرح بعائدات سريعة اليوم سنندم ويندم الجيل القادم علي خسائرها المستقبلية .

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن دراسة جيولوجية أثبتت أن استنزاف الغاز الطبيعي في مصر وفي الدلتا علي وجه الخصوص بهذه الشراهة وبسرعة غير طبيعية سيؤدي إلي فراغ في طبقات الأرض العميقة لن تستطيع سرعة تعويضه بالمياه وإن استطاعت فهناك فارق في الكثافة والحجم سيؤديان حتما في يوم من الأيام إلي تخلخل في طبقات الأرض السفلي مما سيترتب عليه انهيارات أرضية جيولوجية أشبه بالهزات الأرضية والزلازل وقد بدأت ملامح هذه التوقعات تظهر في كثير من البلدان سواء في مدينة دمياط القديمة أو ميت أبو غالب أو شرمساح مؤخرا حيث انهارت التربة أو انزلقت فتصدعت المنازل والطرق .

هذا المدخل للرد علي بعض الذين يتناولون موضوع مصنع أجريوم من زاوية أنه استثمار ضخم ستخسره مصر بسبب رعونة بعض أبناء دمياط فهذه مغالطة كبرى فلا هو استثمار بالمعني الذى يخدم التنمية في مصر حيث أن كل ما كان مقدرا أن ينتجه ذلك المصنع هو للتصدير بالكامل ولم يكن مقدرا أن تدخل عبوة واحدة من السماد المنتج منه إلي أراضي مصر أي أن خير مصر كان للتصدير بأقل تكلفة من حيث سعر الغاز وسعر المياه وأجر الأرض والعمالة ويبقي لنا فقط مخلفات المصنع من النفايات التي أسماها الدكتور مصطفي كمال طلبة في تقريره المواد الحفازة كناية عن النفايات الخطرة التي أوجب ضرورة تصديرها للخارج وهو أمر معجز دوليا بحكم توقيع مصر علي اتفاقيات دولية تمنع هذا التصدير لتلك النفايات ومن ثم كان من المقدر أن تدفن في أرض مصر وما يترتب علي ذلك من مصائب كبيرة .
بداية المشكلة كانت في عهد الدكتور عبد العظيم وزير عندما كتب خطابا إلي وزير التنمية المحلية يزكي الموافقة علي إقامة مصنع أجريوم علي أرض المنطقة الصناعية في أرض الرحاب وكان ذلك في عام 2003 فما هي أرض الرحاب وما قصتها وهل هي منطقة صناعية بالفعل ؟ وهل كان يملك الدكتور عبد العظيم وزير كمحافظ أن يعطي مجرد موافقة أو تزكية علي إقامة هذا المصنع في تلك المنطقة ؟

عندما كان المهندس حسب الله الكفراوي مسئولا عن وزارة التعمير خصص مساحة تزيد علي 600 فدان شرق الميناء لشركة الرحاب السعودية لتنشئ عليها مطاحن تأخذ الذرة من الميناء وتطحنها وتعيدها إلي المنطقة الجمركية داخل الميناء مطحونة وكان نقل الأذرة بين الميناء والمطحن يتم عبر سيور علي حوامل مرتفعة وعندما أقيمت القناة الملاحية أزيلت هذه السيور وتحول نشاط المصنع إلي تعبئة الزيوت أي أن الصناعة في كلتا الحالتين كانتا صناعة غذائية تعود علي شعب مصر ولا تلوث البيئة إلا أن الشركة التي كانت قد بدأت تتعثر ماليا وحدث خلاف بين الشركاء أدي إلي بيعها فقام المشتري الجديد بالتنازل عن 426 فدانا كانت مخصصة للشركة لإقامة منطقة سكنية عمرانية واشترتها الشركة القابضة للبتروكيماويات بثمن بخس وقامت هي بالتالي ببيع حق الانتفاع لمساحة 170 فدانا منها لشركة أجريوم لبناء مصنع الأسمدة النتروجينية ( اليوريا والأمونيا ) بسعر المتر 39 جنيه وينص قانون التعمير أن الشركة المشترية بالتنازل وهي القابضة للبتروكيماويات لا يحق لها التصرف في تلك الأرض بالبيع أو التنازل أو الإيجار ما لم تسدد كافة مستحقات جهاز التعمير عن قيمة بيع هذه الأرض وهو ما لم يحدث حتي الآن في حين أن مالك أي شقة لا تزيد مساحتها عن 60 مترا مربعا في دمياط الجديدة لا يستطيع أن يتصرف فيها بالبيع مالم يسدد للجهاز ثمنها بالكامل فكيف تخرق شركة تملكها وزارة البترول تلك القواعد ولمصلحة من هل لمصلحة الاستثمار أم لمصلحة المستثمر ؟ وعلي الفور قامت الشركة بالبناء علي تلك الأرض بدون ترخيص من جهاز التعمير أو الأجهزة المحلية المختصة وهذه مخالفة أخرى للقانون الذى منح أجازة من أجل عيون المستثمر الكندي الذى يتبجح ليل نهار بأنه لن يترك هذه الأرض وكأنه ورثها عن السيد والده ونقلها من كندا إلي أرض مصر المحروسة .
وفي 22/ 11 /2007 كتب السفير عبد الرءوف الريدي مقالا في الأهرام هذا نصه "


**************

قضايا وآراء
يوم الخميس العدد 44180 ‏السنة 132-في 22 نوفمبر سنة 2007 الموافق ‏12 من ذي القعدة 1428 هـ بعنوان :
إنقاذ رأس البر ومستقبل البيئة في مصر

بقلم : عبد الرءوف الريدي
نحمد الله الذي هيأ لرأس البر من أنقذها من أخطار تلوث خطير للبيئة كان يتهددها‏,‏ وكان كفيلا بالقضاء علي هذا المصيف الفريد ذي الموقع الاستراتيجي علي رأس بر مصر‏,‏ ولقد جاء الإنقاذ علي يد القوات المسلحة حارسة الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل حسبما يعرف الآن في أدبيات الدراسات الإستراتيجية‏.‏
لم أعلم نبأ إنشاء مصنع لسماد اليوريا ـ الذي كان يراد إقامته في رأس البر أو علي الأرض الملاصقة لها بجوار ميناء دمياط   الجديدة مباشرة ـ إلا من مقال بعنوان رأس البر في خطر للشاعر الكبير فاروق جويدة بجريدة العالم اليوم الصادرة يوم‏31‏ يوليو‏.‏ وذكر المقال أيضا انه من المزمع ان يقام هذا المصنع علي مساحة أربعين فدانا علي شاطئ البحر المتوسط وأنه سيؤدي إلي تلوث هواء هذه البقعة وإلي تلوث مياه البحر وشواطيء رأس البر والثروة السمكية التي يعتمد عليها أهل عزبة البرج‏,‏ ويشتهر بها مصيف رأس البر‏,‏ كما سيؤثر بالضرورة علي واحدة من أكثر غابات النخيل في مصر بمنطقة السنانية‏,‏ كما سيؤثر علي مدينة دمياط الجديدة وهي التجمع السكني والجامعي القريب من رأس البر وميناء دمياط والتي هاجر إليها عدد كبير من سكان مدينة طلخا فرارا من مصنع سماد اليوريا الذي انشيء بها‏,‏ كما سيشكل هذا المصنع‏,‏ حسبما ذكره لي واحد من أهم خبراء الإسكان في مصر‏,‏ خطرا علي ميناء دمياط الجديدة والمنطقة السكانية لما يحمله من إمكانات الاشتعال‏.‏بعد أن قرأت هذا المقال أخذت أستفسر عن الموضوع وتبين لي أن إنشاء هذا المصنع هو بالفعل أمر مقرر علي مستوي الجهاز البيروقراطي‏,‏ وان الذريعة التي تساق لإقامته هي نفس الذريعة التي سيقت لتبرير إنشاء مصانع الاسمنت في حلوان‏,‏ اي إيجاد فرص عمل‏,‏ فكانت النتيجة هي تحويل هذا المشتي العالمي بعيونه الكبريتية الفريدة وحدائقه اليابانية الجميلة والذي كان يقصده الناس للاستشفاء من جميع أنحاء العالم‏,‏ وتحويله إلي بقعة من أكثر بقاع العالم تلوثا‏..‏ وكأن فرص العمل لا تأتي إلا من خلال تلويث البيئة‏..‏ فلقد كان يمكن لحلوان ان تتطور في مجال صناعة السياحة الصحية لتدر علي الدخل القومي ولتتيح من فرص العمل أضعاف ما كان تحقق من مصانع الاسمنت التي لا يسدد فاتورتها إلا أهل حلوان من صحتهم إن لم يكن من حياتهم‏.‏
بعد نشر مقال رأس البر في خطر ظللت أنتظر ان يصدر بيان أو رد من أية جهة معنية مسئولة عن إقامة هذا المصنع‏,‏ أو أن تصدر بيانات عن هذا المصنع‏,‏ وما إذا كانت قد شكلت لجنة مستقلة غير تابعة للأجهزة البيروقراطية لدراسة آثاره البيئية‏,‏ إلا أننا لم نقرأ أو نسمع عن أية بيانات نشرت في هذا الشأن‏.‏
دفعني ذلك إلي أن اكتب مقالا نشر بجريدة الأهرام في آخر شهر أغسطس الماضي دعوت فيه إلي أن تصبح رأس البر محمية طبيعية باعتبار ما لها من موقع عبقري فريد اختصه الله في كتابه العزيز بقوله الكريم مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان وكان هدفي من هذا المقال هو التنبيه إلي ما قد يقام في هذه البقعة من مصانع ملوثة للبيئة‏..‏ واستغلال ما حبا به الله هذه المنطقة من مصادر ثروة جديدة تتمثل في اكتشافات الغاز وإقامة الميناء وان إقامة مصانع ملوثة للبيئة كفيلة بالقضاء عليه كبقعة فريدة جديرة بأن تكون محمية طبيعية‏.‏ 
كان هدفي من هذا المقال هو التنبيه بأسلوب دبلوماسي هادئ إلي مصنع سماد اليوريا الذي كان يراد إنشاؤه ومخاطره‏,‏ إلا أنني لم اسمع ردا أو تعليقا وبدا أن الأمر وكأنه قد حسم علي مستوي البيروقراطية لمصلحة التلوث‏,‏ وان مصير رأس البر سيكون هو مصير حلوان‏..‏ رغم ما حدث طوال نصف القرن الماضي من ظهور حركة حماية البيئة وتبيان أهميتها وأهمية الحفاظ عليها علي مستوي العالم كله بما فيه مصر وهو ما دفع الدولة إلي إنشاء وزارة للبيئة وإصدار قانون للبيئة‏,‏ بل وإصدار خطط عمل من عام 2002 - 2017 تتحدث بالتفصيل عن حماية البيئة في مجالاتها الثلاثة‏:‏ البر والبحر والهواء‏.‏ وبينما أتدبر مع أهلي وأصدقائي في رأس البر ودمياط ما يجب علينا ان نفعله مثل اللجوء إلي القضاء لإيقاف إنشاء هذا المصنع في هذا الموقع‏,‏ ونتحسر علي ما سيجري لرأس البر وكأن مصر ذات المليون كيلو متر مربع لم يجد المسئولون فيها سوي هذه البقعة لإقامة مصنع ملوث للبيئة ـبينما نحن نتدبر ذلك كله ـ فإذا بالله عز وجل يدبر أمرا آخر‏,‏ كانت هناك القوات المسلحة المصرية التي كانت لديها الرؤية الثاقبة‏,‏ فرأت ما يشكله هذا المصنع من إخطار في هذا الموقع الاستراتيجي‏,‏ ووسط مجتمعات سكانية وعلي حافة ميناء دمياط الجديدة فكان قرارها الذي رفض إقامة هذا المصنع وهكذا هيأ الله لرأس البر من ينقذها‏,‏ واذ نحمد الله علي ذلك إلا أن ما حدث إنما يشكل قضية أوسع وأكبر لانها تمس مستقبل البيئة في مصر‏.‏ 
فالدول الصناعية الآن تحت ضغط شعوبها ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن البيئة والتي بدأت تعمل علي ابعاد المصانع الملوثة للبيئة لديها وتحيلها إلي بلدان العالم الثالث‏,‏ والتي تقبل اقامة هذه المصانع لديها إما لغياب الوعي أو تحت اغراء إيجاد فرص عمل لابنائها‏,‏ ويشار هنا إلي مصانع الاسمنت ومصانع البتروكيماويات التي لم تعد تقام في بلدان العالم المتقدم واذا اقيمت فإنها تقام في مناطق نائية وتحت معايير صارمة للحفاظ علي البيئة‏,‏ ولكن هذه المصانع اصبحت تقام بكثرة في بلدان العالم الثالث‏.‏
يفرض علينا هذا التطور ان نكون علي حذر من انشاء مثل هذه المصانع لدينا‏,‏ وأن تكون لدينا المعايير الصارمة التي تحظر اقامتها في اماكن تجمع السكان العمراني‏,‏ وما يتطلبه ذلك من وجود جهات محايدة وغير حكومية لدراسة الآثار البيئية لأي مشروع يقام‏..‏ ليس هذا فقط بل يجب أن تكون هناك شفافية تامة لما يراد اقامته من مشروعات‏..‏ التي يجب طرحها للنقاش العام قبل ان يتخذ قرار بشأنها‏..‏ وتعرض بوجه خاص علي أهل المنطقة التي يراد اقامة هذه المشروعات في وسطهم‏.‏
فنحن في غمرة الحماسة لاقامة المصانع من أجل إيجاد فرص عمل للشباب ـ وهو امر مطلوب وبالغ الأهمية لابد ان نتكاتف جميعا لتحقيقه‏!‏ ـ قد ننجرف‏,‏ كما كاد يحدث بالنسبة لاقامة هذا المصنع في رأس البر‏,‏ لولا يقظة القوات المسلحة المصرية‏..‏ حتي لاتقام هذه المصانع الخطرة علي الانسان وعلي البيئة في مواقع مثل حلوان ورأس البر فتلوث البيئة بل وتدمرها‏,‏ فضلا عن تعريض حياة الناس والعمران للخطر‏.‏ نحن نحمد الله ونشكر القوات المسلحة المصرية لفكرها الثاقب ورؤيتها الاستراتيجية بمفهومها الشامل عندما رفضت اقامة مصنع لاسمدة اليوريا في رأس البر‏,‏ وارجو ان يكون ذلك دافعا لنا لايقاظ روح جديدة في مصر دفاعا عن البيئة التي هي في الواقع دفاع عن الشعب وأرضه وتراثه‏.‏
تصادف ان اتصل بي بعد ان كتبت هذا المقال بعض أهلي واصدقائي من رأس البر وابلغوني ان خمس جمعيات أهلية في رأس البر قد اقامت تحالفا فيما بينها لمعارضة اقامة هذا المصنع الملوث للبيئة في رأس البر وأنهم كانوا يعدون انفسهم للجوء إلي القضاء من أجل ايقاف اقامته استنادا إلي القوانين والاتفاقات الدولية التي انضمت إليها مصر للحفاظ علي البيئة‏,‏ إلا انهم قد علموا بالموقف الرائع الذي اخذته القوات المسلحة برفض اقامة المصنع‏,‏ حمدت الله لهذه الروح التي اعهدها في ابناء بلدي والتي تعطي المثل علي ما يجب أن يتسم به مسلك كل فئات المجتمع في مصر دفاعا عن البيئة‏,‏ بل ودفاعا عن حق الانسان المصري في حياته ومستقبله‏.‏



********

ومن هذا المقال نفاجأ أن أول من كتب في هذا الموضوع ونبه إلي مخاطره الشاعر الكبير فاروق جويدة في جريدة العالم اليوم بتاريخ 31 يوليو 2007 بعنوان " رأس البر في خطر " وهو ليس من أبناء دمياط وليس متخصصا في السياحة وليس من أصحاب العشش في رأس البر ورغم ذلك استشعر الخطر كمواطن مصري مثقف شديد الانتماء والحب لبلده وترابها . وتلقف محافظ دمياط الدكتور محمد فتحي البرادعي هذا الإحساس وتدارسه وقرأ الخطر في ثنايا هذا المشروع من بداياته الأولي عندما وجهت الشركة الدعوة إلي بعض القيادات التنفيذية والمحلية والشعبية والجمعيات والإعلاميين إلي حفل غذاء في الباخرة خلود النيل برأس البر ولكن المحافظ أحس أن الغذاء وراءه كمين خطر فاعتذر عن قبول الدعوة ونصح معاونيه بعدم الحضور فلم يحض أحد من قيادات المحافظة باستثناء بعض رؤساء المصالح الذين لم تصلهم هذه النصيحة وكانت الخديعة الكبرى عندما طلب إلي الحضور أن يوقعوا علي كشف في مدخل الباخرة بما يفيد الحضور لنكتشف فيما بعد أن قائمة التوقيع بالحضور قد حولتها الشركة إلي إقرار بالموافقة من الحاضرين الموقعين علي إقامة المصنع في تلك المنطقة ، وقد استغلت الشركة هذا الكشف في التدليس علي البنوك المانحة للقروض والوزارات المعنية علي اعتبار أن الحاضرين وهم من قيادات المجتمع تنفيذيا وشعبيا ومدنيا موافقون علي إقامة المصنع وهو الأمر الذي لم يحدث علي الإطلاق حيث أن جميع الحاضرين في حفل الغذاء هذا قد رفضوا إقامة المصنع باستثناء اثنين فقط كان أحدهما مشاركا علي المنصة مع ممثلي الشركة ووزارة البترول وهو النائب سمير موسي عضو مجلس الشعب والمهندس جمال مارية رئيس جمعية حماية المستهلك بدمياط واللذان قد غيرا موقفهما فيما بعد انسياقا وراء الرفض الجماهيري الكاسح .

وظل الشد والجذب بين المصنع ووزارة البترول من جهة والمحافظة بأجهزتها التنفيذية في الديوان والبيئة والمجلس المحلي الشعبي للمحافظة من جهة أخرى حيث أجمع المجلس الشعبي المحلي في أكثر من جلسة علي رفض مصنع أجريوم الكندي ومصنع إندوراما الهندي المهجر من أمريكا وسرت عدم الموافقة علي المصنع الهندي بكل سهولة ويسر إلا أن المصنع الكندي اتخذ التعامل معه شكلا مختلفا . ففوجئ الجميع بإعلان مدفوع الأجر علي صفحة كاملة صبيحة يوم الجمعة 11 يناير 2008 بجريدة المصري اليوم وبعدها بيوم بجريدة الأهرام فكان أن اتفقت القوي السياسية والتنفيذية بالمحافظة علي ضرورة الرد علي الإعلانين بنفس المساحة لتوضيح الحقائق التي تم مغالطتها في الإعلانين وتحمل رجال الأعمال والمجتمع المدني تكاليف الرد الإعلاني الكبيرة في كلا الجريدتين والغريب في الأمر أن جريدة المصري اليوم تبيع حق الإعلان علي صفحاتها لشركة إعلانات متخصصة فحاولت تلك الشركة في بادئ الأمر عدم نشر إعلان الرد من جانب المجتمع المدني الدمياطي بتعليلات مختلفة كان آخرها أن تصميم الإعلان المرسل للشركة ليس بصيغة البي دي إف وكان علي المختصين سرعة تحويل صيغة التصميم التي تم تنفيذها محليا بإمكانيات متواضعة وبجهود غير متخصصة في تصميم الإعلانات ومع هذا أمكن التغلب علي كل الصعاب وتم نشر الرد بإعلان علي صفحة كاملة وجاء الرد مفحما للشركة والجهات المساندة لها حيث كشف الإعلان عن عدد من المغالطات التي ساقتها الشركة في إعلانها وكان هذا دافعا لأحد المثقفين من أبناء دمياط أن كتب أول رد فعل منشور علي هذا الإعلان يصدر عن دمياط في جريدة الوفد بتاريخ 21 يناير 2008 علي النحو التالي :
ناقوس للخطر .. من دمياط 
بقلم: محمد عبدالمنعم إبراهيم 
يوم الجمعة 11 يناير 2008 أعلنت شركة أجر يوم الكندية لإنتاج النتروجين عن بداية إنشاء مصنعها في دمياط داخل جزيرة رأس البر شرق القناة الملاحية، وأكدت نفس الإعلان في اليوم التالي بصحيفة أخري، وتضمن الإعلان أنها ستقام علي مساحة 170 فداناً من الأرض المملوكة للشركة القابضة للبتروكيماويات والتي تبلغ مساحتها 426 فداناً شرق القناة الملاحية وأنها ستقيم خطين لإنتاج سماد اليوريا بطاقة إجمالية 3800 طن في اليوم وعنبر تخزين اليوريا بطاقة 140 ألف طن وخط مياه بطول 13 كم من النيل بقطر 600 مم وخط إمداد غاز طبيعي قطر 500مم وخط طرد مياه التبريد علي البحر بقطر 400مم وطول 3كم.
وقالت الشركة في إعلانها إنها تدير خمسة مصانع مماثلة في الأمريكتين ولم تذكر في أي دول علي سبيل التحديد.
وللتدليل علي مخاطر الأمونيا البيئية أذكر أنه في المملكة العربية السعودية منحت الحكومة السعودية شركة الأسمدة العربية السعودية »سافكو« خمسة أعوام لإغلاق مصنعها في مدينة الدمام »شرق البلاد« لوجوده داخل حي سكني لما يمثله من مخاطر علي البيئة. وجاء القرار بعد أن قررت لجان حكومية بينها مصلحة الأرصاد وحماية البيئة عدم ملاءمة هذا المصنع للمعايير البيئية، حيث رفعت المصلحة في وقت سابق طلباً بذلك تطالب فيه بإغلاق المصنع المتخصص في الأمونيا ـ يوريا.
نفس الحال حدث في حمص بسوريا بالنسبة لمصنع هناك لإنتاج الأمونيا وما سببه من تلوث بيئى أثر علي كل شيء الإنسان والنبات والأبنية والأسماك.
وفي المنوفية لا تنتهي مشاكل الصيادين، فأهالي قري المنوفية المطلة علي فرع رشيد والذين أكثرهم من الصيادين اكتشفوا تسمم مياه النهر ونفوق الأسماك والأكثر من ذلك ظهرت حالات تسمم وانتشار الأمراض بين الأطفال والكبار، بعد أن فقد الصيادين مصدر رزقهم وساءت حالتهم الصحية وانتشرت الأوبئة والأمراض بينهم، حدث هذا بسبب مخلفات مصرف الرهاوي الصحي التابع لمحافظة الجيزة التي تصب يومياً 5.1 مليون متر مكعب من المخلفات في النهر، مما أدي إلي تسمم المياه وإهدار الموارد الطبيعية وانتشار البطالة بين الصيادين، وتفشي أمراض الفشل الكلوي والبلهارسيا بين حوالي خمسة آلاف صياد في قري المنوفية التي تطل علي فرع رشيد. ويزيد من حجم الكارثة أن نسبة الأمونيا »النتروجين« الموجودة في هذا المصرف فاقت الحد الأقصي لأجهزة القياس المستخدمة حسبما أثبتت التحليلات المبدئية التي أخذت من الإدارة العامة للبحوث بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، مما يدل علي شدة التلوث التي أدت إلي نفوق وضياع الثروة السمكية، القري المنكوبة تعيش كارثة حقيقية بعد أن فقد أكثر من 2500 شخص يعملون في مهنة الصيد مصدر رزقهم، هذا بحسب ما جاء في تقرير لمركز حابي المهتم بالدراسات البيئية.


ويجب أن ندرك أن أخطار ظاهرة التلوث البيئى من هواء، وماء، وتربة. هذه الظاهرة التي قلما نأخذها بجدية تامة وأعتقد أن الوقت قد حان للجميع للمحافظة علي البيئة التي نعيش في وسطها، ومطالبة الجهات المعنية ليس فقط بمراقبة تركيز الملوثات ووضعها في كتيبات تحفظ في الأدراج، بل تطبيق القوانين الرادعة لكل من يلوث البيئة ونشر الحقائق التي تسببها هذه الغازات ونشر الوعي البيئى بين المواطنين.وقد دعت شركة أجر يوم في بادئ الأمر لاجتماع موسع بمشاركة المعنيين بوزارة البترول حضره ممثلون للمجتمع المدني بدمياط والإعلاميون وقالوا إن من شروط إقامة المصنع موافقة المجتمع المدني والمجالس الشعبية المحلية للمحافظة وجهاز البيئة بالمحافظة، وقد أجمع كل هؤلاء علي رفض إقامة المشروع في هذه المنطقة، ورغم ذلك ضرب برأيهم عرض الحائط واستمروا في تنفيذ المشروع علي أرض كانت مخصصة لشركة الرحاب لإقامة قرية سياحية وتم تسقيع الأرض وبيعت من الباطن للشركة القابضة للبتروكيماويات التي باعتها من الباطن لشركة أجر يوم.
ونحن هنا نتمسك بما أعلنه الرئيس مبارك خلال زيارته الأخيرة للصعيد برفض شراء الأرض للتسقيع وضرورة استرداد هذه الأرض من المشترين الذين يتلاعبون بالأراضي ونطالب بسحب أرض المشروع لتغيير الغرض من التخصيص الأصلي وهو إقامة قرية سياحية ولبيع الأرض ممن لا يملك لمن لا يستحق رغم أنف أصحاب المصلحة الحقيقيين

ومن الإعلانات المنشورة نكتشف أن المصنع يشغل مساحة 170 فدانا من أرض في منطقة الرحاب الواقعة علي قاعدة مثلث جزيرة رأس البر بزعم أنها منطقة صناعية وأن هذا المصنع سينتج 3800 طن يوريا في اليوم و2300 طن أمونيا في اليوم بطاقة تخزينية تبلغ 40 ألف طن يلزمه خط إمداد مياه من النيل بطول 13 كم من أمام هاويس دمياط بالقرب من مأخذ مياه محطة العدلية ليمد المصنع بمقدار 1200 م مكعب من المياه يوميا وخط إمداد غاز بقطر 00 ملم لاستنزاف مياه النيل والغاز الطبيعي بشكل كبير ومكثف ولنا أن نتصور مقدار ما ينبعث عن هذه الكمية الضخمة من اليوريا والأمونيا وأين تذهب وماذا ينجم عنها ولماذا لم تقم الشركة بإحداث هذه التنمية في بلادها بل نفاجأ فيما بعد أن هذه الصناعات كما جاء في مقال جويدة والسفير الريدي يتم تهجيرها من بلادها إلي دول العالم الثالث لتنظيف بلادها وتصدير التلوث إلي تلك الدول وجني الثمار نظيفة لأنفسهم وليس حبا في سواد عيون تلك الدول .
في تلك الأثناء كانت المحافظة من جانبها ووفقا لتوصية المجلس المحلي الشعبي للمحافظة قد خاطبت وزارة البيئة بطلب لتحويل جزيرة رأس البر إلي محمية طبيعية وعززت طلبها بدراسة علمية قام بها أساتذة متخصصون ورد السيد الوزير علي المحافظة وعلي وزير الزراعة متحمسا للفكرة ومعددا مزايا الموقع وتفرده في النباتات الكائنة به والمناخ الفريد وكيف أنه موقع الجزيرة يمثل محطة للطيور والأسماك المهاجرة ومن عجب أنه في ذات الوقت وافق علي الدراسة البيئية التي قدمها مصنع أجريوم والتي أجراها لحسابه شركة أجنبية متخصصة واعتمدها مركز الدراسات البيئية بجامعة القاهرة كدراسة نظرية ولكن المركز أضاف عليها بعض الملاحظات التي تعتبر مستحيلة التنفيذ منها أن يعيد المصنع صرف المياه المستخدمة في التصنيع بعد المعالجة إلي مصدرها الأصلي في نهر النيل وفقا لقانون البيئة وكان المصنع في دراسته قد أقر بصرف المياه في البحر الأبيض المتوسط بالمخالفة للقانون ومع هذا قالوا أن الموافقات سليمة قانونا والملا حظة الثانية أشد صعوبة وهي إعادة تصدير المواد الحفازة المتخلفة عن التصنيع وهي مواد ونفايات خطرة إلي الخارج وهو أمر مخالف للقانون الدولي حيث أن مصر موقعة علي اتفاقات دولية تحظر تصدير النفايات إلي خارج حدودها ومع هذا أيضا قالوا أن الموافقات سليمة قانونا . هذه الملاحظات وردت بشكل مختلف في تقرير الدكتور مصطفي كمال طلبه الذي انتدبته لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب حيث اشترط إقامة سور كثيف من الأشجار بعرض 1.5 كم حول المصنع كله لكي تقوم هذه الأشجار بامتصاص ما يتسرب من انبعاثات غازية فأين للمصنع بتلك المساحة بعرض 1.5 كم حول المصنع كله ومتى يمكن لهذه الأشجار أن تنمو وتصبح قادرة علي هذا الامتصاص وهل ينتظر المصنع عشر سنوات علي الأقل ريثما تنمو تلك الأشجار وإذا كان ذلك الشرط واجب التنفيذ أليس هذا تكذيب ضمني لما يزعمه البعض من أن المصنع غير ملوث للبيئة والشرط الثاني للدكتور مصطفي طلبه هو دفن النفايات في مدافن صحية وهي غير متوافرة حاليا في أي مكان بمصر .

وفي الخامس من أغسطس 2008 قرر المجلس الأعلي للطاقة ـ في اجتماعه أمس برئاسة الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء ـ إلغاء إقامة مشروع شركة أجريوم المصرية ـ الكندية‏,‏ الذي كان من المزمع إقامته بمنطقة رأس البر‏,‏ مع عدم السماح بإقامة أي مشروعات صناعية بالمنطقة التي سبق تخصيصها للمشروع‏.‏ ، وتقرر إعطاء الأولوية للمشروعات السياحية التي تتلائم طبيعة جزيرة رأس البر‏,‏ باعتبارها تحتل موقعا فريدا في منطقة التقاء نهر النيل مع البحر المتوسط‏.‏

وأصدرت رئاسة مجلس الوزراء بيانا عقب الاجتماع أوضحت فيه أنه تنفيذا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية بدراسة وجهة نظر أهالي دمياط في شأن مشروع إقامة مصنع لإنتاج الأسمدة النيتروجينية بالمحافظة‏,‏ ومراعاة عدم إقامة هذا المصنع إلا بعد التوافق مع المجتمع المدني بالمحافظة‏,‏ واستجابة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب‏,‏ وأوصت بنقل المشروع إلي منطقة صناعية‏,‏ واستجابة للرغبة الشعبية لأهالي دمياط بنقل المشروع خارج مدينة رأس البر‏,‏ وبعد استعراض توصيات مجموعات العمل الفنية والاقتصادية والاجتماعية التي كلفت بمناقشة إبقاء هذا الموضوع وجوانبه المختلفة‏,‏ فقد تقرر إلغاء إقامة المشروع بدمياط‏,‏ وقيام شركة موبكو المصرية بإتمام الاتفاق الذي جري التفاوض عليه مع شركة أجريوم المصرية للاستحواذ علي أسهم شركة أجريوم‏,‏ وتنفيذ الخطط الخاصة بالشركة علي الأرض المخصصة لها بالمنطقة الصناعية العامة‏,‏ غرب القناة الملاحية‏,‏ بما يحقق مزايا فنية واقتصادية كبيرة‏.‏ ، كما تقرر إقامة محطة رصد بيئي علي أحدث النظم العالمية بمنطقة ميناء دمياط‏,‏ علي أن تراقب من خلال وزارة البيئة وإدارة البيئة بمحافظة دمياط‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق