الاثنين، 4 فبراير 2013

د. محمد فتحي البرادعي - شخصيات في حياتي


شخصيات في حياتي

د. محمد فتحي البرادعي  ( 3 )

( محافظ دمياط يوليو 2004 - فبراير 2011 ) 
كتبها محمد عبد المنعم إبراهيم ، في 6 يوليو 2011 الساعة: 08:01 ص















في آخر لقاء لي بالدكتور محمد فتحي البرادعي محافظ دمياط في مكتبه بعد انقطاع دام لأكثر من شهر وكان حاضرا أحمد حشمت سكرتير عام المحافظة واستمع إلي الحوار مهندس شاب في حجرة الكمبيوتر الخاصة بالمحافظ  وكان الحوار من طرف واحد من المحافظ طبعا تجاهي حيث انطلق بدون مقدمات يقول بعض الكلمات الغير مترابطة مفادها أنني أتحدث كثيرا عن أعماله بما يسئ إليه خاصة لأصدقائي من الصحفيين فهمت بعد ذلك أنه يقصد ماجدي البسيوني الصحفي بجريدة العربي الذي يهاجمه كل أسبوع في عموده وكانت نصيحة المحافظ  ( أن أعيد حساباتي لأنه احتملني كثيرا وعيب أن أعض اليد التي تأكلني ) حسب قوله . ولم أعمل بنصيحته ولكنني خرجت من عنده لأكتب ورقة اعتذار عن الاستمرار في العمل معه في هذا الجو الخانق الذي لم أعد أحتمله ولكن وبعد ثلاثة أيام قضيتها بالمنزل واتصالات تليفونية أغربها كان من أحمد حشمت نفسه والدكتور مجدي إبراهيم رضخت وعدت إلي العمل مرة أخرى ولكن بشكل غير مباشر مع البرادعي من خلال أحمد حشمت أو السكرتير المساعد أو مدير مكتبه واستمر الحال علي هذا المنوال حتى ترك المحافظة بعد أحداث يناير وتركت المحافظة أيضا أثناء الوقفات الاحتجاجية الثائرة والمنفلتة حول مبني المحافظة أول مارس 2011   . 

 وكان يمكن أن يكون حديثي عن البرادعي هو نهاية هذه السلسلة من المقالات   ( شخصيات في حياتي )    بحكم الترتيب الزمني إلا أنه قد فرض نفسه علي  لأكتب عنه كما يقال الطرق علي الحديد وهو ساخن . وهو بالفعل شخصية جديرة بالدراسة والبحث سيكولوجيا وإنسانيا لأنه في نهاية الأمر تركيبة غريبة من المشاعر المتناقضة ؛  فهو طيب وشرس ووديع وسريع الانفعال وحليم وشديد الغضب وشديد الدقة في ترتيب الأمور وكثيرا ما تفلت منه الأخطاء وهكذا في كثير من الصفات التي أترفع عن ذكر بعضها الآن ،  ومن الأخطاء القاتلة التي عانيت منها معه أنني كثيرا ما تعاملت معه من منطلق الصفات الحميدة التي يتمتع بها في حالة كونه يمر بالمعاناة من الصفات الأخرى المتناقضة معها فكثيرا ما نالني من جراء ذلك إما استنكار ما أقول أو استهجانه أو رفضه أو ربما التأنيب وهناك بعض الشخصيات التي أدركت ذلك واستوعبته جيدا فاستطاعت بمهارة أن تكتسب ثقته المطلقة وبالتالي التأثير في قراراته حسب أهوائهم وكان علي رأسهم أحمد حشمت السكرتير العام ذلك الداهية الذي نجح في تغيير موقف البرادعي منه تغييرا كاملا فبعد أن كان اللقاء الأول معه مبشرا بقرب رحيله كما رحل السكرتير العام السابق له عثمان محمد عثمان الذي نقل بعد أيام قليلة إلي محافظة الفيوم لأن حشمت كانت قد سبقته حملة صحفية من محافظته من أعدائه السياسيين تنسب إليه كثير من الخطايا منها سرقة سجاد المساجد بالمنوفية وتركت هذه الحملة انطباعا سريعا وسيئا لدي البرادعي ضد حشمت وتأثر بها جدا لولا تدخل كمال الشاذلي في ذلك الوقت لمنحه فرصة ليثبت فيها عدم صدق هذه الادعاءات ورغم تدهور صحة الشاذلي بعد ذلك وسفره في رحلة طويلة للعلاج بأمريكا وافتقاد أحمد حشمت للغطاء والحماية التي كان يوفرها له مع البرادعي وكثير من ا لأجهزة الرقابية التي كانت تتعقبه إلا أن حشمت استطاع وفي فترة وجيزة أن يعتمد علي نفسه ويحقق انتصارات شخصية أكبر بكثير من تلك التي حققتها في حماية الشاذلي له ، وبالتالي استطاع حشمت أن يكون المفتاح الأول والمؤثر لشخصية البرادعي حتى بعد تركه دمياط      
ولأن تركيبة حشمت الشخصية نرجسية بشكل حاد فلم يكن يقبل أن يكون هناك من هو أقرب منه إلي قلب البرادعي وعقله فبدأ يتخلص من المقربين منه وأصحاب التأثير في قراره وكنت أولهم لأنني بطبيعة الحال ترفض تركيبتي الشخصية الانصياع لقيادة آخر مشكوك في نزاهته وكان ذلك مسببا لكثير من المشاكل لي في حياتي الوظيفية قبل ذلك ، وكان الدكتور مجدي إبراهيم مدير مكتبة مبارك العامة بدمياط في ذلك الوقت قد استطاع هو الآخر أن يكتسب ثقة البرادعي المطلقة وبالتالي استطاع أن يكون من أوائل المقربين له وكان ذلك أيضا مثار إزعاج لأحمد حشمت إلا أنه لم يستطع أن يفعل معه ما فعله معي لأن مجدي بطبيعته متفان في عمله بعيد عن دوائر الصراع لم يعط لأحد الفرصة للدخول قيد أنملة في دائرة العلاقة الحميمة بينه وبين البرادعي والمستمرة حثي الآن فكان بلا شك أشد المخلصين له وإن لم يكن ذا تأثير في مقاومة الذين انقلبوا علي البرادعي فيما بعد تركه لدمياط
ورغم أنني أبعدت لفترة طويلة عن دائرة التشاور والتفاهم مع البرادعي بعد نجاح أحمد حشمت وآخرين من أبناء دمياط الذين تعاونوا معه علي النيل من العناصر التي رأوا فيها إخلاصا غير مرغوب منهم للبرادعي وكان منهم للأسف بعض ممن ظننت أنهم أصدقاء أعمتهم المصالح الشخصية والأحقاد النفسية ودفعتهم للتحالف مع الشيطان للنيل مني ومن كل من ظنوه مخلصا للبرادعي والعجيب أن البرادعي كان مستجيبا لإرادتهم بفعل السحر الذي صنعه بنجاح أحمد حشمت للسيطرة عليه وإبعاد الجميع من حوله ففكروا كثيرا في التخلص مني ولكنهم في كل مرة كانوا يحجمون عن ذلك خوفا مما تحت يدي من معلومات قد تضرهم لو أبحت بها وقد خانهم ذكاءهم في ذلك لأني لست من هؤلاء فرغم إساءة البرادعي لي في مقولته التي افتتحت بها هذا الموضوع إلا أنني علي المستوي الشخصي أحبه لما قدمه لدمياط من جهود وتفان ومشروعات لم ولن يقدمها غيره  في التاريخ الحديث لدمياط ، ومع ذلك فقد كان البعض يتصور أنني بعد رحيله سأنقلب عليه وأكشف مكنون الأسرار التي يظنون أنها قد تدينه وهو ما لم يحدث علي الإطلاق بل العكس هو الصحيح كنت وما زلت من أشد المدافعين عن البرادعي المحافظ صاحب الإنجازات وإن كانت هناك بعض الأخطاء فقد دافعت عنها لأنها لم تكن متعمدة ولم يكن وراءها سوء نية ، ورغم أنني من ناحية السن أكبر من البرادعي وحشمت ومن ناحية الوظيفة أقدم من حشمت فيما حصل عليه من درجات في دمياط فلم أكن باحثا عن وجاهة وظيفية ولكني كنت أبحث عن الاستمرار في العمل بصورة أو بأخرى لحبي للعمل وكراهيتي الشديدة لأن أصبح يوما ما من أصحاب التزام البيوت أو المقاهي من أصحاب المعاشات لأن ذلك يعني بالنسبة لي المرض والموت فقد احتملت في مقابل ذلك كثيرا من السخافات منهما لا عن ضعف أو خوف منهما ولكن خوفا من المصير الذي كنت أحشي منه دوما .

وقد تنبه حشمت إلي ذلك فاستغله أكبر استغلال حتى أنه أوحي إلي المهندس أحمد قدري الذي ما زال يرأس جهاز الامتداد العمراني برأس البر رغم أنه يقترب من الثمانين إلي رفض التجديد لي أو صرف مكافأتي عن العمل بالمحافظة التي كانت تصرف من هذا الجهاز بزعم أن هناك تعليمات حكومية بمنع مد خدمة المستشارين بعد سن الخامسة والستين وهو ما لم يحدث مع غيري من المستشارين الذين ما زالوا في العمل حتى الآن ومنهم الصديق مختار شبكة والمستشار محمد ضيف الذي قيل أنه يقاضي 16 ألف جنيه في الشهر ،  فنقل جهة الصرف لي من جهاز الامتداد العمراني برأس البر إلي  صندوق مسجد عمرو بن العاص من حصيلة الأفراح وهو صندوق مفلس يشرف عليه محمد الزيتي رئيس الغرفة التجارية ولهذا لم أتقاضي مليما عن عملي في الإشراف علي المسجد ولا في المحافظة خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من عمل البرادعي كمحافظ لدمياط ومع ذلك لم أتبرم ولم أترك العمل إلا بعد رحيله وظهر هناك من يزعم أن بالمحافظة 17 مستشارا يتقاضي كل منهم 7 آلاف جنيه والحقيقة عن نفسي أن كل ما كنت أتقاضاه لم يتجاوز 600 جنيه شهريا إلا بعد نقلي إلي صندوق المسجد فرفع المبلغ إلي 900 جنيه في الشهر نظير العملين في المسجد والمحافظة وهو لم يستمر إلا لمدة خمسة أشهر فقط في حين أن باقي المستشارين المزعومين يصرفون من صناديق غنية لأنهم قبلوا أن يكونوا من رجال أحمد حشمت وأصبح بعضهم يقوم بالتجسس علي المحافظ لحساب أحمد حشمت فينقل له سكناته وحركاته وأسرار مكتبه ومكاتباته .  حتى أصبح أحمد حشمت في العامين الأخيرين هو الذي يحكم المحافظة باسم البرادعي بل بنسبة كثير من التعليمات والرغبات إلي مديري المصالح علي انها توجيهات المحافظ شخصيا ولم يترك وراءه ما يدينه علي الأوراق حتي ما نسب إليه من تربح لم تستطع الأجهزة الرقابية أن تحكم محاصرته بالأدلة لأنه كان أكثر منها ذكاء في إخفاء كل بصماته من مسارح كل الجرائم التي ارتكبها في حق دمياط .  والعجيب والغريب أن البرادعي نفسه قد سمع في أواخر الأيام بكل ذلك ولم يحرك ساكنا بل الأدهى أنه وقف إلي جواره حاميا ومدافعا وأنقذ رقبته من حبال المحاسبة الإدارية . وقد يحتاج الموضوع إلي تفصيلات أكثر إلا أن هذا أعتبره مقدمة قد  طالت للدخول في الموضوع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق