الفريق طيار مدكور أبو العز
7-أعلام دمياط
7-أعلام دمياط
ولد الفريق مدكور أبو العز في 13 مارس عام 1918 بقرية ميت أبو غالب التابعة لمحافظة الدقهلية وقت ميلاده، وحالياً تابعة لمحافظة دمياط.. التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام1937 وعمره وقتها 17 عاماً فقط جعلته أصغر ضابط بين خريجي الكلية ثم تدرج في مناصب القوات الجوية حتى وصل إلي منصب مدير الكلية الجوية في الفترة من عام 1956 حني عام 1963 وعلي يديه تخرج في الكلية نخبة من أفضل طياري القوات الجوية، تشكلت منهم بعد ذلك القوة الضاربة لسلاح الجو المصري.ورغم نجاح الفريق مدكور أبو العز في منصبه فإن الخلافات التي نشبت بينه وبين الفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية ووشايات بعض الحاقدين علي نجاحه، لدي جمال عبدا لناصر وزعمهم أن الفريق مدكور أبو العز تخرج من تحت يديه عشر دفع من الطيارين كلهم يحبونه ويأتمرون بأمره، ومن الخطر عليه – أي علي جمال عبد الناصر – بقاء مدكور أبو العز مديراً للكلية الجوية.نجحت الوشاية في التأثير علي عبد الناصر وخرج الفريق مدكور أبو العز من الكلية الحربية، ولكن عبد الناصر أراد أن يعبر له عن اعتزازه به فقام بتعيينه محافظاً لأسوان أثناء سنوات إنشاء السد العالي منذ عام 1964 حتى عام 1967. لم يسعد الخبر الفريق مدكور أبو العز فهو لا يتصور نفسه سوي قائد عسكري ولم يكن يدري أن ما جري ليس سوي منحة من الله في صورة محنة حتى لا يكون بعد ذلك كبش فداء لهزيمة 67 لو بقي مديراً للكلية الجوية. ذهب الفريق أبو العز إلي أسوان محافظاً وهو لا يجهل أسوان فحسب، وإنما يجهل الحياة المدنية بالكامل.. لم يستسلم للأمر وقام بجمع المعلومات، واستعان بأهل العلم، ولم تمر سوي شهور قليلة ليلمع الفريق مدكور محافظاً بعد أن لمع كقائد عسكري، وقام بمجرد معرفته بالتفاصيل بإنشاء كورنيش أسوان الذي يعد علامة بارزة بأسوان حتى هذه اللحظة. واستمر الفريق مدكور أبو العز محافظاً لأسوان، وفي احدي زيارات عبد الناصر خطب مدكور أبو العز بالأرقام متحدثاً عن إنجازاته في أسوان، وبعد الحفل سأله عبد الناصر وقد فاجأته الإنجازات، هل هذه الأرقام حقيقية أم أنها للاستهلاك المحلي؟ فرد الفريق مدكور أنها أرقام حقيقية لا أعرف غيرها وليس لي دراية بلغة الاستهلاك المحلي. وهكذا انتقل الفري أبو العز من ميدان إلي ميدان لا يعرف غير العمل الجاد، وشاءت الأقدار بعد ثلاث سنوات من خروجه من ميدانه الأساسي »الجيش« أن يعود إليه مرة ثانية، وفي لحظات حالكة من تاريخ مصر عقب نكسة 1967. فبعد خطاب التنحي الذي ألقاه عبد الناصر بعد النكسة وإصرار الشعب علي بقائه كان أول قرار يصدره عبد الناصر هو قرار عودة الفريق مدكور أبو العز للقوات المسلحة قائداً للقوات الجوية، وصدر القرار تحديداً يوم 10 يونيو في نفس يوم خطاب التنحي، وقام الرئيس عبد الناصر بعد ذلك بإرسال طائرة خاصة حملت الفريق أبو العز من مطار أسوان إلي القاعدة الجوية بألماظة، وفي ألماظة استقبل تلاميذ الفريق مدكور أبو العز أستاذهم بحفاوة بالغة أسعدته ولكنه قال لهم مباشرة: إن هذا الوقت ليس وقت الاحتفالات وإنما وقت العمل لحين استعادة الكرامة. توجه الفريق أبو العز بعد ذلك مباشرة إلي منزل الرئيس عبد الناصر في منشية البكري، ويروي تفاصيل هذا اللقاء اللواء طيار مدحت سامي أبو العز ابن شقيقة الفريق الراحل قائلاً: وجد الفريق أبو العز الرئيس عبد الناصر منكس الرأس، أسود الوجه، وعندما رآه استقبله بالترحاب وقال: لقد أرسلت الحرس الجمهوري بالكامل إلي الجبهة، وليس أمامي الآن سوي »طبنجتي« ولا أعلم ماذا سيفعلون معي الآن.وفي هذا اللقاء طلب الفريق مدكور من الرئيس عبد الناصر عدة مطالب من بينها مطالب كان قد طلبها بعد حرب عام 1956 مثل إنشاء »دشم« ومخابئ للطائرات بالمطارات المصرية تحت الأرض، وحماية سماء مصر بالمدافع المضادة للطائرات.ويقول اللواء مدحت أبو العز ابن شقيقة الفريق الراحل: إن هذه المطالب طلبها الفريق أبو العز بعدما رأي الطائرات المصرية تضرب علي الأرض بعد عام 56 ولم يستحب الفريق صدقي محمود قائد القوات الجوية، ومعه المشير عبد الحكيم عامر له، وصدق حدس الفريق أبو العز بعد ذلك وكان ما كان في نكسة 67 عندما كانت الطائرة الإسرائيلية تدمر 50 طائرة مصرية دفعة واحدة وهي واقفة علي الأرض.ويضيف ابن شقيقة الفريق الراحل: لقد كان الفريق مدكور أبو العز يؤمن بأن البداية لأي جيش قوي هي القوات الجوية، وكان يري أنه من الشرف لسلاح الجو المصري أن يفقد احدي طائراته في معركة مع طائرات العدو في الجو، ولكن من العار فقد طائرة وهي واقفة علي الأرض لذلك أخذ علي نفسه عهداً بألا تضرب طائرة مصرية علي الأرض بعد 67 وقام علي الفور وخلال ثلاثة أيام من توليه قيادة القوات الجوية بالمرور علي المطارات المصرية بالكامل، وحدد احتياجات كل مطار، ثم بدأ بعد ذلك في تجهيز المطارات الأمامية في طنطا وإنشاص بالدشم!!أما أهم حدث قام به الفريق مدكور أبو العز ومازال الشعب المصري يذكره له، فهو قيامه بعد 40 يوماً فقط من نكسة 67 بتوجيه ضربة جوية للعدو الإسرائيلي بسيناء نجح خلالها في إصابة مطارات العدو ومراكز القيادة، وتشكيلاته علي مدار يومين هما 14 و15 يوليو عام1967 دون أن يفقد طائرة واحدة بعد أن نجح في تجميع 250 طائرة هي كل ما تبقي من سلاح الجو المصري بعد هزيمة 67 وأعاد تأهيلها وقام بالطلعتين رداً علي الغطرسة الإسرائيلية علي الجبهة، واستفزاز الإسرائيليين للجنود المصريين علي الجبهة بحركات وأفعال تنال من كرامة العسكرية المصرية فأقدم علي المغامرة ونجح لدرجة أن إسرائيل وهي لا تفرق بين الدفاع عن الوطن، والإجرام في حق البشرية بالمطالبة برأس الفريق مدكور أبو العز، وبعدها يطلب موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الرئيس عبد الناصر بعد أن رجع في الأمر للفريق أبو العز.ويروي اللواء مدحت أبو العز ابن شقيقة الفريق مدكور أبو العز هذه اللحظات قائلاً: لقد كنت أحد الطيارين الموجودين بغرفة العمليات عندما أبلغ الرئيس جمال عبد الناصر بطلب موشي ديان وقف إطلاق النار، وكان رد الرئيس عبد الناصر وقتها اسألوا: مدكور أبو العز.
ويضيف: عندما نقل إلي الفريق مدكور ما قاله الرئيس عبد الناصر مال إلي الوراء في اعتزاز المنتصر وتنهد تنهيدة الثائر للكرامة المصرية، وقال: الآن يمكن إيقاف إطلاق النار.
ويشير اللواء مدحت إلي أن الفريق مدكور أبو العز استخدم في هاتين الطلعتين تكنيك الطيران المنخفض، وكان ممنوعاً علي الطيارين المصريين استخدامه قبل هذه الضربة، واستمر بعد ذلك حتي عام 1973 عندما قامت القوات الجوية بتوجيه الضربة الأولي بنفس الأسلوب.. أسلوب الطيران المنخفض وتحقق بعدها نصر أكتوبر.
وكما يقولون فإن للنجاح أعداء لم يستمر الفريق مدكور أبو العز في القوات الجوية سوي 4 أشهر قام خلالها بإعادة بنائها، واستكمال إنشاء مخابئ الطائرات ومهد لحرب أكتوبر بالضربة الجوية التي قام بها يومي 14 و15 يوليو وكان لخروج الفريق مدكور الثاني من القوات المسلحة سببان هما:
- أولاً زيادة شعبيته بشكل لافت للنظر بعد الضربة الجوية حتي إنه في احدي زيارته لقاعدة طنطا الجوية، وكان ذلك في يوم جمعة فخرج من القاعدة للصلاة بمسجد السيد البدوي، فإذا بالخبر ينتشر بين الناس فتهب جموع الشعب في طنطا إليه حتي أنه وصل إلي سيارته في ساعتين، وقام أهالي طنطا برفع سيارته من فوق الأرض، ونقل هذا المشهد بالكامل لعبد الناصر ويبدو أن الأمر لاقي ضيقاً شديداً من عبد الناصر، خاصة أنه الوحيد الذي رفعت الجماهير سيارته من قبل في سوريا والسودان فكيف يشاركه في الأمر آخرون.
أما السبب الثاني فهو الخبراء الروس الذين استقدمهم عبد الناصر للقوات المسلحة المصرية، وكان الفريق مدكور أبو العز قد لفت انتباهه جملة قالها له عبد الناصر في أحد اللقاءات عندما قال له ماذا أفعل »يعني أجيب الروس يمسكوا الجيش« هذه الجملة لا يكون لها معني في وقتها ولا يفهم منها سوي أنها تعبير عن ضيق الرئيس ببعض الأمور بالجيش ولكنها كانت مقدمة لاستقدام الخبراء الروس بعد ذلك، وكان الفريق مدكور أبو العز لا يرتاح لذلك منذ أن التقي برئيس الأركان الروسي المارشال زخاروف، وبعض القيادات الروسية بعد توليه قيادة القوات الجوية، ووجد فيهم غطرسة ويتعاملون مع القادة المصريين بتعال.ولم يقبل الفريق أبو العز هذا الوضع واشتبك مع قائد الأركان الروسي، وتراشقا بالكلمات مما دفع الروس إلي الشكوى لعبد الناصر من الفريق أبو العز، كانت هذه المقدمات كفيلة بالتأكيد للروس أن أبو العز سوف يكون عقبة أمام أغراضهم بالسيطرة علي الجيش المصري، وبالفعل عندما قرر الرئيس جمال عبد الناصر الاستعانة بالكامل بالخبراء الروس كان أول مطلب لهم هو إقصاء الفريق أبو العز من الجيش.وقد روي الفريق أحمد نوح وزير الطيران المدني في ذلك الوقت، وكان أحد الأصدقاء المقربين للفريق مدكور أنه كان في زيارة لروسيا، وكان الفريق مدكور وقتها لا يزال قائداً للقوات الجوية أن الروس سألوه سؤالاً غريباً عندما قالوا: هل الفريق أبو العز مازال قائداً للقوات الجوية؟ حتي أنه أصابه القلق فقام بالاتصال بمصر وكان الفريق مدكور لا يزال قائداً للقوات الجوية، ولكنه عندما عاد لم يجد الفريق مدكور في مكانه بالقوات الجوية.وبنهاية خدمة الفريق مدكور أبو العز بدأ دخول السوفييت للقوات المسلحة وعلي وجه الخصوص القوات الجوية.
وصدر قرار إحالة الفريق مدكور أبو العز إلي التقاعد في نوفمبر عام 1967 بعد 4 أشهر فقط من توليه المسئولية ولم يستطع عبد الناصر مواجهة الشعب، الذي أعجب بالقائد الذي ضرب إسرائيل بعد 40 يوماً فقط، وبسلاح الطيران الذي تفوقت به علي مصر بحجة تعيينه مستشاراً، وعندما أراد الفريق مدكور تقديم استقالته رفضها عبد الناصر ولكنه عاد وقبلها بعد أن قضي الفريق مدكور عدة أشهر كمستشار اكتشف خلالها أن الأمر ليس سوي ( ركنه ) وأنه بلا عمل ظناً منه أن الرأي العام قد نسي الفريق مدكور أبو العز.
بعد الخروج الثاني آثر الفريق أبو العز الابتعاد وعاد إلي قريته ميت أبو غالب وعندما جاء موعد انتخابات مجلس الشعب فوجئ الفريق مدكور أبو العز بالناس أثناء قيامه بجولة استطلاعية تطالبه بدخول الانتخابات وبالفعل قام بترشيح نفسه في دائرة كفر سعد ونجح باكتساح ليدخل برلمان عام 77 وكان عضواً بارزاً وعندما قام السادات بحل المجلس رفض العودة إليه مرة أخري قائلاً: لقد تعرضت للحل مرة ولن أترك لأحد أن يقرر أن يحلني مرة أخري في إشارة منه إلي قرار حل المجلس.
وأمضي ما تبقي من عمره هادئاً ساكناً حتى وافته المنية في ليلة القدر 1427 الموافق 19 أكتوبر 2006 عن عمر يناهز الـ88 عاماً والـ7 أشهر رحل الفريق مدكور أبو العز وهو يصلي الفجر في ليلة القدر.. فارق الحياة بعد أن فرغ من صلاته ومات جالساً وهو يرفع كفيه بالدعاء.
أما أهم حدث قام به الفريق مدكور أبو العز ومازال الشعب المصري يذكره . ويروي اللواء مدحت أبو العز ابن شقيقة الفريق مدكور أبو العز هذه اللحظات قائلاً: لقد كنت أحد الطيارين الموجودين بغرفة العمليات عندما أبلغ الرئيس جمال عبد الناصر بطلب موشي ديان وقف إطلاق النار، وكان رد الرئيس عبد الناصر وقتها اسألوا: مدكور أبو العز.ويضيف: عندما نقل إلي الفريق مدكور ما قاله الرئيس عبد الناصر مال إلي الوراء في اعتزاز المنتصر وتنهد تنهيدة الثائر للكرامة المصرية، وقال: الآن يمكن إيقاف إطلاق النار.ويشير اللواء مدحت إلي أن الفريق مدكور أبو العز استخدم في هاتين الطلعتين تكنيك الطيران المنخفض، وكان ممنوعاً علي الطيارين المصريين استخدامه قبل هذه الضربة، واستمر بعد ذلك حتي عام 1973 عندما قامت القوات الجوية بتوجيه الضربة الأولي بنفس الأسلوب.. أسلوب الطيران المنخفض وتحقق بعدها نصر أكتوبر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق